الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية اللغز

رياض ممدوح جمال

2024 / 1 / 5
الادب والفن


تأليف: فلويد ديل
ترجمة : رياض ممدوح جمال

الأشخاص: هو، هي
رجل وامرأة يجلسان على منضدة، يتكلمان بمرارة

هي: هذا هو ما تعتقده.
هو: نعم. لأجل ان نعيش سوية لفترة طويلة ممكن ان يكون ذلك نكته بذيئة. لننهي علاقتنا ونحن بكامل قوانا العقلية والحشمة.
هي: أهذا أفضل ما يمكنك فعله وأنت بكامل قواك العقلية.. ان تتكلم هكذا؟
هو: أنت تحبين ان تغطي الأمر بالكلمات الجميلة، أليس كذلك؟ حسنا، يكفي ما تحملناه. اشعر كما لو ان وجهي غطي بشبكات العنكبوت. أريد تنظيفه وإعادته على ما كان عليه.
هي: ليس ذنبي انك تملك أعصاباَ ضعيفة. لماذا لا تحاول التصرف كرجل محترم، بدلا من التصرف كشاعر بسيط وهستيري؟
هو: اي رجل محترم، ياهيلين، كان سيخنقك منذ زمان. ان اي رجل يعتنق الأفكار المجنونة للحرية والسخاء سيكون مجنونا كما كنت انا.
هي: اعتقد انك تلومني على أفكارك تلك!
هو: أنا قد تجاوزت ان ألوم اي شخص، حتى نفسي ياهيلين، هل تدركين بأن هذا قد توقف؟ نحن نقطع بعضنا البعض بالسكاكين الى قطع صغيرة؟
هي: تريدني ان اذهب...
هو: او انا سأذهب.. لا فرق في ذلك. المهم انه يجب ان ننفصل، تماماً والى الأبد.
هي: الا تعتقد حقا انه لا يوجد احتمال ان نجد طريقة ما؟ ربما يمكننا إيجاد طريقة ما.
هو: لقد حاولنا سابقاً مرتين، هيلين. ووصلنا الى ما وصلنا إليه ألان... هناك حدود لقدرتي على خداع الذات. هذه هي النهاية.
هي: نعم. ولكن..
هو: ولكن ماذا؟
هي: انها.. انها تبدو... مثل الشفقة...
هو: شفقه! هذه هي الشفقة.. بأن نجلس هنا ونساوم على كراهيتنا. ذلك كل ما بقي بيننا.
هي: (تنهض) انا لا أساوم، يا باول. إذا تعتقد بانه يجب ان نفترق، فنحن سنفترق هذه الليلة بالذات. لكن لا أريد ان نفترق بهذه الطريقة، يا باول انا اعلم أذيتك. أريد ان تسامحني قبل ان اذهب.
هو: (ينهض لمواجهتها) الا يمكننا ان ننهي ذلك بدون كذب عاطفي؟ ليس لدي المزاج لتمثيل مشهد جميل معك.
هي: هذا ظلم، يا باول أنت تعرف اني لم اقصد ذلك. ما أريده هو ان تعلم، إني لا أريدك ان تكرهني.
هو: وبكلمات أوضح. اعتقدت بأن كلانا قد تعبنا. انا معتاد على التفكير بأنه محتمل للكلمات ان تشفي الجروح. لكننا يجب ان نعرف أفضل. وان الكلمات كانت الحامض على الجروح.
هي: كلا، رجاءً، يا باول.. أنها أخر مرة نؤذي فيها أحدنا الأخر. الا تريد ان تصغي لي؟
هو: استمري. (يجلس بملل)
هي: اعرف بانك تكرهني. معك حق. ليس فقط لأنني كنت عديمة الايمان.. بل لأنني كنت قاسية. انا لا اريد ان اعذر نفسي.. لكني لم أكن أدرك ماذا كنت افعل. انا لم أكن أدرك اني كنت اذيك.
هو: سبق ان تحدثنا بهذا الامر ألف مرة.
هي: نعم. انا قلت هذا الكلام سابقاَ. وانت اجبتني بأن الذنب يغفر في المرة الاولى، ليس في المرة الثانية ولا الثالثة. واذنتني على وحشيتي المعتمدة في ذلك. وانا لم أكن أستطع قول اي شيء. لم يكن لدي ما اقوله، لان كانت حقيقة غير معقولة جدا. لم يكن من المجدي اخبارك بها من قبل. لكن الان اريدك ان تعرف السبب الحقيقي.
هو: سبب جديد، ها؟
هي: نعم، وهو سبب لم اعترف به سابقاَ. انا حقيقة كنت قاسية معك.. وبتعمد. انا اردت ايذاءك وهل تعرف لماذا؟ اردت ان أحطم الصفاء الالمبي الذي لديك. انت كنت قوياَ جداَ، واثق من نفسك جداَ. كنت كالهواء لا يمكن لأي شيء ان يؤذيك كنت كالآلهة.
هو: كان ذلك منذ زمن بعيد. هل كنت مثل الالهة؟ لقد نسيت ذلك. لقد نجحت بشكل جيد.. في تحطيم ذلك عندي.
هي: ما زالت صفة السكون الإلهي فيك وانا لهذا ما زلت اكرهك الان اتمنى ان اجعلك تعاني. لكني فقدت قدرتي على تلك الاعمال.
هو: الم تقتنعي بما فعلت؟ يبدو لي بأنني عانيت مؤخراَ بما فيه الكفاية حتى لإرضاء طموحاتك.
هي: كلا.. او لا يمكنك الحديث عن ذلك. انت تجلس هناك.. وتخرج العبارات، اوه، اذيتك قليلاً، لكنك ستتعافى. دائماً تتعافى بسرعة. انت لست من البشر. لو كنت من البشر، لتذكرت بأننا كنا مرة سعداء وانتهينا الى حالة مؤسفة. لكنك لم تأسف. قررت، ان لا تفكر بذلك ابداً.
هو: ذلك هو اهتمام.. ورواية.. تفسير.
هي: انا اتساءل إذا كان بإمكاني ان اجعلك تفهم يا باول.. هل تتذكر متى وقعنا في الحب.
هو: لابد ان حدث لنا شيء من هذا القبيل.
هي: كلا. انه حدث لي انا. لم يحدث لك. انت تقرر بعقلك ثم تهتدي به، وانا من يسقط، يتهور، يدوخ، يعمى. انا لم أكن اريد حبك. انه كان قوة قوية لي. جذبني الى ذراعيك صليت ضد حبك. كنت اعطي نفسي اليك. بالرغم من انني اعرف انك بالكاد مت تهتم بذلك. قلبي لم يكن في صدري. انه كان بين يديك، لتفعل به ما تشاء كان بإمكانك ان ترميه الى التراب.
هو: هذا رومنسي جداً ومثير، لكن هل رميته الى التراب؟
هي: يسعدك انك لم تفعل ذلك. انت وضعته في جيبك. لكن الا تدرك مع معنى ان شخصاَ اخر يمتلك السلطة المطلقة عليك؟ كلا.. ليس لديك الاحساس بهذا ابداَ. انت لا تعتمد على الاخرين في سعادتك. انا كنت معتمدة عليك كليا. انك اذليتني، اغضبتني. انا ثرت ضد هذا، لكن بلا جدوى. تعلم ياعزيزي، انا كنت عاشقة لك. وانت كنت حراَ وقلبك كان ملكك ولا أحد يمكنه ان يؤذيك.
هو: رائع جداً.. لكنه غير صحيح الذي قلتيه الان واكتشفتيه.
هي: عندما اكتشفته وقلته، لم اعتقد به تماماَ. انه غير محتمل لماذا، انت قلت ألف مرة بانك لن تكون غيوراَ لو انا كنت عاشقة لاحد غيرك. انت من كان يضع هذه الفكرة في راسي انه يبدو جزء من إنسانيتك الرائعة.
هو: انا تحدثت بهذه الطرية. لكني لم أكن سوبرمان انا كنت فقط أحمق ملعوناَ.
هي: ويا باول عندما أدركت للمرة الاولى بأن ذلك يمكن ان يؤذيك.. بانك كنت بشر قبل كل شيء.. انا توقفت. انت تعرف اني توقفت.
هو: نعم.. في تلك الفترة.
هي: هل يمكنك ان تفهم؟ توقفت لأنني كنت اعتقد انك شخص تشبهني، تعاني مثلي. لم يكن التوقف سهلاَ. انه مزقني اربا اربا. لكتني عانيت بدلا من ان اتركك تعاني. لكني عندما رايتك تستعيد الصفاء والسكون خلال يوم واحد بينما الحب الذي ضرب اعماق قلبي عانى صرخات الموت لشهور وشعرت ثانية بانك انسان فائق، فكرهتك لذلك السبب.
هو: وهل كنت اخدعك بذلك؟
هي: وفي المرة الثانية اردت رؤية هذا الصفاء الالهي ان كان حقيقيا لديك اردت ان أمزق القناع. اردت ان اراك تعاني كما كنت اعاني وهذا كان السبب في اني كنت قاسية عليك في المرة الثانية.
هو: وفي المرة الثالثة.. ماذا كان السبب؟
(تنفجر باكية، وتنهار على الأرض واضعة رأسها ويديها على الكرسي ثم تنظر للأعلى)
هي: آوه، لا يمكنني الحديث عن ذلك.. لا يمكنني. انها كانت قريبة جدا.
هو: عفوا. أنا لا أريد ان أتطفل على شؤونك الخاصة.
هي: ان كنت من البشر، عليك ان نعرف بأن هناك فرق بين الحب الاخير وكل ما سبقه. يمكنني ان اتحدث عن كل شيء الا الحب الاخير فما زال يؤلمني.
هو: انا اعرف. ستتاح لنا فرصة اللقاء في السنة القادمة وستحدثيني عن بهجة الحب الجديد التي تشفي الم الحب القديم.
هي: سوف لن تكون بهجة ولا آلام من الحب بالنسبة لي. انت لا تصدق ذلك. لكن ذلك الجزء مني والذي هو الحب قد مات. هل تعتقد باني مررت بكل هذه ولم أصاب بجروح؟ كلا. لا اتمنى أكثر. لا يمكنني أن أصدق لم يبق لي شيء. كل الذي بقي لي هو الندم على ما جرى وأفسد بيننا... أوه، يا باول، لماذا كنت تعلمني دائماً فلسفتك الالهية؟ لماذا جعلتني اعتقد بأننا كنا كالآلهة ويمكننا أن نفعل كل ما نختاره؟ لو كنا ندرك بأننا بشر ضعفاء، لربما أمكننا ان نحافظ على سعادتنا!
هو: (بانفعال) حاولنا أن نواجه الحقائق بواقعية.. لا أستطيع أن ألوم نفسي على ذلك. انها الطبيعة البشرية: الناس لديهم علاقات حب ضمن علاقة حب. انا لم أكن مخلص لكِ...
هي: (تقف على قدميها) لكن لديك الادب والحشمة لأن تخفي ذلك. ولم تكن تخبرني الحقيقة، بالرغم من كل نظرياتك. أنا لم أكتشف ذلك أبداً. أنت أدركت أنه من الأفضل لي أن لا يتزحزح اعتقادي في حبنا. لكني وثقت في فلسفتك، وتباهيت بمحبيني السابقين أمامك. ما عرفت..
هو: كوني حذرة، ياعزيزتي. أنت تناقضين نفسك!
هي: اعرف. لا يهمني. أنا لن أعرف ما الحقيقة اعرف فقط باني مملوءة بالندم على ما حدث. لماذا حدث؟ لماذا تركناه يحدث؟ لماذا لم توقفني؟ اريد استعادة ذلك.
هو: لكن، ياهيلين.
هي: نعم.. سعادتنا القديمة... الا تتذكر، يا باول، كم كان كل شيء جميل..؟ (تغطي وجهها بيديها، ثم تنظر للأعلى ثانية) أعدها لي، يا باول!
هو: (ممزق برغبات متناقضة) هل تعتقدين بذلك حقاً، يا هيلين؟
هي: أعرف بأننا يمكن ان نكون سعداء ثانية. انها كانت كل ما لدينا، ويجب أن نمتلك السعادة مرة أخرى، بالضبط كما كان. (تمد يديها) باول! باول!
هو: (بيأس) دعيني أفكر!
هي: (بتهكم) أوه، تفكيرك! اعرف! تفكر، ثم.. تفكر بكل الأوقات التي كنت أنا قاسية فيها عليك. تفكر في عبثي وفسوقي... ونذالتي. وليس في محاولاتي المعذبة البائسة في السعادة. محبيني، نعم! تفكير قاسي، وأنقذ نفسك من أي مضايقة... لكن لا.. أنت لست في خطر...
هو: ماذا تقصدين؟
هي: (تضحك بشكل هستيري) انت لم تصدق كل الذي كنت أقول، أليس كذلك؟
هو: تقريباً.
هي: اذن لا تصدق. أنا كنت أكذب.
هو: مرة أخرى؟
هي: مرة أخرى، نعم.
هو: أنا توقعت ذلك.
هي: (باستهزاء) رجل حكيم!
هو: اذن انت لا تحبيني؟
هي: لماذا يجب أن أحبك؟ وهل تريدني أنت؟
هو: أنا لم أحمّلكِ فوق طاقتك. أنت تعرفين ذلك.
هي: هل يمكنك أن تتقدم من دوني؟
هو: (ببرود) لم لا؟
هي: جيد. اذن سأقول لك الحقيقة!
هو: ممكن أن يكون ذلك مثير!
هي: كنت أخشى أنك لاتزال تريدني! و.. أنا كنت اسفة عليك، يا باول.. فكرت لو أنك تريدني، لأختلقت لك أشياء، لنبدأ ثانية.. ان كنت تريد ذلك.
هو: هكذا اذن.
هي: نعم، هكذا.
هو: (بقسوة) يجب ان تكفّي عن الكلام. هل ستذهبين، أم أذهب أنا؟
هي: أنا ذاهبة، يا باول. لكني أعتقد.. اننا قد لا نجتمع في مثل هذا الوقت من السنة القادمة.. فأفضل أن أخبرك سر تلك المرة الثالثة. عندما سألتني في الفترة السابقة، أنا بكيت، وقلت انه لايمكنني الحديث عن ذلك. لكني قادرة الان.
هو: تقصدين.
هي: نعم، قسوتي الاخيرة. كان لدي سبب خاص أن أقسوا عليك. هلا أخبرك به؟
هو: فقط كما أنت رجاءً.
هي: سببي كان هذا: تعلمت ما معنى أن تحب.. وعرفت بأنني لم يسبق لي أن أحببت يوماً أبداً.. أبداً. فأردت ايذاءك لعلك تتركني. أردت ايذاءك بطريقة تمنعك من الاقتراب مني ثانية أبداً. أنا كنت أخشى أن تغفر لي وتأخذني بين ذراعيك، فتحس بأني أرتجف، وترى الرعب البغضاء في عيني. أردت أن أوفر عليك ذلك.
هو: (يتكلم بصعوبة) هل أنت ذاهبة؟
هي: (رفعت تقويم كان موجوداَ على المنضدة وقطعت ورقة منه، ووضعتها أمامه. صوتها يوحي بالأسف) هل لاحظت التاريخ؟ انه الثامن من حزيران. أتتذكر هذا اليوم؟ اعتدنا على الاحتفال به في كل سنة. هو اليوم.. (تصفق الورقة على المنضدة أمامه) يوم قبلتنا الأولى...
(يجلس ناظراً اليها. في هذه اللحظة بدا لهم واضحاً أنهما لا يزالان يحبان بعضهما البعض، وبأن كلمة واحدة منه، مجرد بادرة منه، مد ذراعيه اليها، سيعيدهم لبعضهم. واذن هو يشك... هي تراقبه، تلتفت أخيراً نحو الباب، تتردد، ثم تسير ببطء خارجة. وبعد أن هبت أخذ الورقة المقتطعة من التقويم وحملها بيديه، ينظر اليها بروحيه رجل واجه لغز مستحيل الحل).

ستار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا