الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرفيق الأسود (القسم الثاني)

ريم حزان

2024 / 1 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



الرفيق الأسود (القسم الثاني)| ترجمة خاصة بـ"الاتحاد": ريم حزان

نتابع في "ملحق الاتحاد" نشر ترجمة خاصة لكتاب "رفاق - مقالة عن الانتماء السياسي" للمفكرة الماركسية المعاصرة جول دين، أستاذة العلوم السياسية في كلية هوبرت ويليام سميث في نيويورك

بالنسبة للنشطاء السود في التشكيلات السياسية الماركسية اللينينية، كان الرفيق مصطلحا للمخاطبة يصاحب أحيانا اللغة العائلية للقومية السوداء (black nationalism) والكنيسة السوداء ويحل محلها أحيانا. في إنكوغنيغرو، يصف فرانك ويلدرسون التأثير المدمر لمقتل كريس هاني، رئيس أركان أومخونتو ويسويزوي (MK- uMkhonto weSizwe- الذراع العسكري للمؤتمر الوطني الإفريقي، ر.ح.) وزعيم الحزب الشيوعي الجنوب أفريقي، على فرع MK الذي يتبع له، وخاصة تأثيره على جابو موساندو، الذي لم يتقبل بسهولة التحول بعيدا عن حركة الوعي الأسود لستيف بيكو إلى "اللاعنصرية البائسة" لميثاق الحرية.54 بعد وقت قصير من مقتل هاني، كان هناك اجتماع ضم الرفاق السود جابو وستيميلا ورفيق أبيض، تريفور. يكتب ويلدرسون:

أنهى ستيميلا الإحاطة وسأل جابو عما إذا كان ما قاله واضحا. نعم، قال جابو. ذهب ستيميلا إلى الباب وفحص الردهة. أشار إلى جابو. "حظا سعيدا أيها الرفيق". "أخي"، صححه جابو. "جابو، أعرف كيف تشعر." "هل بالفعل؟" "أشعر نفس الشيء." "ما هو ذاك الشيء؟" "اذهب يا جابو بسرعة."55

يرتبط ألم هذه الحادثة بالشك في أن السود لا يمكن أن يكونوا رفاقا مع البيض: الرفاقية هي حيلة، خدعة، لعبة قذرة تُخضع مصالح السود لمصالح البيض.56 يقدم ويلدرسون مثالا يكذّب هذا الاستنتاج. يصف زيارة إلى الاتحاد السوفيتي في سبعينيات القرن العشرين حيث قام رجل روسي كان يمشي معه بمدّ يدِه ليمسك يدَه:

كانت لدي رغبة ملحة في القول إنني ظهير (في الفوتبول الأمريكي، بمعنى "مستقيم جنسيًا"، ر.ح.) ولست مثليّا جنسيا؛ ثم نظرت في عيني الرجل وأدركت أن هذه لم تكن محاولة مغازلة. لقد كانت ببساطة لفتة خالصة من الرفاقية الحميمة. وأردت أن أنتحب. لأنه في تلك اللحظة، كان هناك ذلك الرجل، الذي كان على استعداد لنسج كلماته القليلة من اللغة الإنجليزية بكلماتي القليلة بالروسية، وفيما كنت أصعد الدرج إلى السينما، فكرت في الأطفال البائسين في مدرسة كينوود للقواعد الذين اختاروا، قبل أحد عشر عاما، أن يؤخروا الاستراحة حتى يتجمد الجحيم بدلا من تشكيل طابور يتعين فيه على أحدهم أن يمسك بيدي. إذا كانت الشيوعية ستطهر يديّ، قلت في نفسي، فأنا شيوعي.57

لوهلة، وفّرت الرفاقية مهربا من العنصرية. لفترة وجيزة، تم تحرير الرفاق من عالم الكراهية والتعصب المدمر.

وتعكس قصة ويلدرسون قصة رواها منظم العمال الشيوعي الأسود إرنست رايس ماكيني لإضفاء طابع درامي على تأثير الحزب الشيوعي بين الأميركيين الأفارقة خلال فترة الكساد. يصف ماكيني مغادرته اجتماعا لحزب العمال الأمريكي في بيتسبرغ:

كنا نسير في الشارع، سود وبيض معا، وكان هناك بعض الرجال السود يسيرون مع نساء بيض. كنا في منطقة صعبة للطبقة العاملة وعندما مررنا بمجموعة من الشباب البيض، قالوا لنا، "مرحبا أيها الرفاق". كانت لهجتهم ساخرة، لكن ليست عدائية. لقد افترضوا أننا شيوعيون، لأن الشيوعيين تركوا انطباعا كهذا من خلال ممارسة المساواة الاجتماعية.58

لم يكن الشيوعيون الأمريكيون ناجحين دومًا في ممارسة المساواة الاجتماعية. في عام 1949، انتقدت كلوديا جونز، قيادية في الحزب، الرفاق من الرجال والنساء البيض والرجال السود لفشلهم في "أخذ النساء الزنجيات بعين الاعتبار ودمج لنساء الزنجيات في القيادة التنظيمية".59 يجب أن يتوقع من الشيوعيين بشكل خاص أن يدركوا أن "مسألة العلاقات الاجتماعية مع الرجال والنساء الزنوج هي قبل كل شيء مسألة التمسك بالمساواة الاجتماعية".60 أن تكون رفيقا يعني ممارسة المساواة الاجتماعية في الحياة اليومية وكذلك في العمل الحزبي. كانت توقعات الرفاق، التي يحملها حتى أولئك الذين لم يكونوا رفاقا أنفسهم والتي لم تتحقق دائما، مساواة جذرية. لم يكن الرفاق هم أولئك الذين يتمتعون بالشجاعة الكافية لممارسة نمط من الانتماء يتعارض بشدة مع الثقافة السائدة فحسب، بل كانوا مكرسين بما يكفي لإدراك كيف تساعد العلاقات الشخصية في إنتاج السلطة السياسية. كان لا بد من فهم قيادة النساء السود على أن لا غنى عنها للنضال الثوري.

هذه القصص وحدها ليست كافية لتخفيف المخاوف بشأن تأثير اشتراكي وشيوعي يُخضع مصالح السود لمصالح البيض. قد يكون الاهتمام المتعمّق بالمناقشات داخل الأوساط الشيوعية مفيدا بعض الشيء هنا. مرة أخرى، أستمد من التجارب في الحزب الشيوعي الأمريكي في العشرينيات والثلاثينيات مع بريجز كمرشد لا غنى عنه. في عام 1921، انضم بريجز إلى حزب العمال، أحد الحزبين اللذين سيندمجان ليصبحا الحزب الشيوعي، مع الاستمرار في العمل من خلال أخوية الدم الإفريقي (ABB) ونشر كروسيدر. التزم حزب العمال بتدمير التحيز العرقي وربط العمال السود والبيض في اتحاد القوى الثورية.61 تضمن برنامج الحزب رؤى بريجز حول "دور العبودية وجرائم اللينش في تراكم رأس المال في البلاد" و "استخدام التحيز العنصري لإخضاع السود للاستغلال الشديد وتقسيم الطبقة العاملة".62 في الوقت نفسه، تناول بريجز مسألة "الصداقة البيضاء" في كروسيدر. ولاحظ أن السود قد "خُدعوا بشكل خطير" من خلال إعلانات الصداقة البيضاء السابقة التي انتهى بها الأمر إلى "تحقيق مكاسب شخصية أو كبح جماح "راديكالية الزنوج".63 كانت هناك أسباب وجيهة لدى العمال السود للشك. ومع ذلك، يجادل بريجز بأن العمال السود يجب أن يدركوا كيف يحتاج العمال البيض بالفعل إلى مساعدة السود لتحقيق أهدافهم. ويصف هذه الحاجة بأنها مفيدة سياسيا للسود: "هناك انشقاقات في العرق الأبيض والتي، من خلال تشجيعها، يمكننا في النهاية أن نفيد أنفسنا".64 يجب على العمال السود ألا يدعوا حقيقة الانتهازية البيضاء والخوف منها يعيقان التحليل الذي يمكن أن يعزز قضية السود.

هناك المزيد. اعتقد بريجز أن العمال السود والبيض يمكن أن يكونوا رفاقا. ويشير إلى ما يلي:

لقد قاتل الرجال البيض بالفعل مع الزنوج دفاعا عن مصالحهم المشتركة، ورفضوا بشدة قبول الانقسامات في صفوفهم وخيانة رفاقهم الزنوج، على الرغم من أن أرباب العمل البيض عرضوا الاعتراف بمطالب العمال في حالة العمال البيض إذا كان الأخيرون سيخونون رفاقهم الزنوج.65

وهكذا يقترح بريجز "اختبارا حمضيا" (الاختبار الفاصل، ر.ح.): هل الشخص الأبيض "على استعداد لرؤية الزنجي يدافع عن نفسه بالسلاح ضد العدوان، ومستعد حتى لرؤية الزنوج يقتلون شعبه (الأبيض) دفاعا عن حقوق الزنوج؟"66

أخذ الشيوعيون الأمريكيون في أوائل ثلاثينيات القرن العشرين هذا الاختبار على محمل الجد. يعطي مارك سولومون مثالا على التعليمات التي قدمها منظم في الحزب في عام 1932. ففي زيارة لقطاع للحزب، أخبر المنظم المجموعة أن الزنوج تعرضوا للخيانة الدائمة من قبل البيض الذين يسعون للحصول على دعمهم: "ما يجب على كل شيوعي فعله هو أن يكون على استعداد للموت دفاعا عن حقوق أي زنجي، ولا يجب أن يكون لشيء باهر أو مهم للغاية – فمع أي إهانة، وهناك الكثير منها، يوجهها شخص أبيض ضد زنجي، ذاك سبب كاف للشيوعي للرد، لصفع وجهه أو وجهها، والضرب بقوة، وإذا قُتلت، فلا بأس بذلك أيضا، لأنه... من دون الزنوج فإننا نخطو في مكاننا وحسب بما يتعلق بصنع الثورة في الولايات المتحدة ".67

تبنى الحزب الشيوعي وجهة النظر القائلة بأن الرفاقية السوداء-البيضاء تعتمد على استعداد البيض للموت من أجل رفاقهم السود. إذا أرادوا بناء وحدة طبقية، كان على الشيوعيين البيض أن يثبتوا للسود أنهم سيدافعون عن الالتزام بتحرير السود - "حقوق الزنوج" بلغة منظم الحزب في الثلاثينيات - حتى الموت. أي شيء أقل من ذلك من شأنه أن يضعهم في جانب العنصرية، ارتكاب اللينش، و(قوانين، ر.ح.) "جيم كرو" للإقصاء من الوظائف ذات الأجور اللائقة. في الواقع، سيتعين على الشيوعيين البيض التخلي عن ممتلكاتهم في البياض (whiteness)، وإلغاء جهلهم العنصري وامتيازاتهم، إذا أرادوا تهيئة الظروف الممكنة لتوحيد الطبقة العاملة. لا يمكن أن يأتي تقدم الطبقة العاملة البيضاء على حساب حياة السود. الفشل في الدفاع عن تحرير السود سيهزم جميع العمال.

كشف مؤرخو الراديكالية السوداء في الولايات المتحدة عن الكذبة الكامنة وراء الادعاءات القائلة بأن الحزب الشيوعي انخرط في نضالات تحرير السود فقط لتحقيق أهدافه الخاصة. يقدم روبن دي جي كيلي ومارك نايسون ومارك سولومون وآخرون وجهة نظر للأمريكيين الأفارقة والشيوعية التي ترفض مشهد "التلاعب وخيبة الأمل والخيانة" الذي يحرك كتابات ريتشارد رايت ورالف إليسون وهارولد كروز.68 لبعض الوقت، كان الحزب الشيوعي المنظمة مشتركة-الأعراق الرائدة في الكفاح ضد فوقية البيض في الولايات المتحدة.

إن أي قلق بشأن الخضوع للبيض وخيانة مصالح السود سيكون غير مكتمل في غياب الاعتراف بقلق ثان: أن البرجوازية السوداء - النخب السوداء من الطبقة الوسطى - تعزّز مصالحها الطبقية المحددة من خلال تقديم طبقة دنيا سوداء هادئة ومتعاونة إلى النظام الأبيض. هذا القلق، بشأن استتباع واحتواء (co-optation) راديكالية الطبقة العاملة السوداء، بالطبع لا يتعلق بالرفاقية. إنه قلق يحيط بالسعي لتلقي الاحترام والنهوض بالعرق من خلال الاندماج في المجتمع الأبيض. إنه قلق بشأن قبول قيم الطبقة الوسطى والعمل داخل النظام. قدم لوفيت فورت وايتمان، أحد أعضاء الحزب الشيوعي الأمريكيين الأفارقة الأوائل، تحليلا مقنعا للوضع السياسي الذي يواجه السود في منتصف عشرينيات القرن الماضي: عارض "القادة الزنوج" المدافعين السود عن الاتجاه السياسي الراديكالي لأن غالبية هؤلاء القادة يعتمدون "على فضل الطبقة الرأسمالية البيضاء"، على العمل الخيري الأبيض، على التبرعات لكلياتهم ومؤسساتهم. هذه الخيانات العنصرية "لا تجرؤ على دعم النقابات العمالية بين الزنوج، ولا يجرؤون على دعم إلا تذكرة رأسمالية في السياسة".69



//هوامش



54. Wilderson, Incognegro, 383.

55. Ibid.

56. See Foley, Radical Representations, 170–1.

57. Wilderson, Incognegro, 132–3.

58. Mark Naison, “Historical Notes on Blacks and American Communism: The Harlem Experience,” Science & Society 42: 3, fall 1970, 324–43; the story appears on 324.

59. Claudia Jones, “An End to the Neglect of the Problems of the Negro Woman!,” Words of Fire: An Anthology of African-American Feminist Thought, ed. Beverly Guy-Sheftal, New York: New Press, 1995, 108–23, at 117.

60. Ibid.

61. Solomon, The Cry Was Unity, 21.

62. Ibid., 20.

63. Cyril V. Briggs, “Acid Test of White Friendship,” in Heideman, Class Struggle and the Color Line, 263–4, at 263.

64. Ibid., 264.

65. Ibid., 263–4.

66. Ibid., 264.

67. Solomon, The Cry Was Unity, 135.

68. Mark Naison, Communists in Harlem during the Depression, New York: Grove Press, 1983, xv. Nikhil Pal Singh likewise complicates the view that black people are opposed to communism, emphasizing instead the efforts of black intellectuals “to articulate an independent and indigenous black radicalism.” Nikhil Pal Singh, Black Is a Country: Race and the Unfinished Struggle for Democracy, Cambridge, MA: Harvard University Press, 2004, 122.

69. Lovett Fort-Whiteman, “The Negro in Politics,” in Heideman, Class Struggle and the Color Line, 334.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي