الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال بحجم الوطن العربي

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


سؤال بحجم
الوطن العربي!

عندما اجتاحت دبابات ألمانيا النازية حدود الإتحاد السوفييتي صباح 22 حزيران 1941، كان وقع الصدمة كبيرًا. ألمانيا آنذاك، قوة عسكرية ضاربة ومتحفزة للهجوم والإنقضاض، ومزهوة باحتلال الكثير من دول أوروبا، كأنها في نزهة. تعامل الألمان بمنتهى القسوة والوحشية في الأراضي السوفييتية التي احتلوها، فكانوا يبيدون كل شيء حي، كما هدموا وأحرقوا مئات المدن والقرى. انعكست المفاجأة الصاعقة على القيادة في تلك الاونة، فخشي جوزيف ستالين على الدولة السوفييتية. لكن الروس صمدوا للهجوم الهتلري المباغت واستوعبوه، بما عُرف ويُعرف عنهم من طاقات هائلة على الصبر والتحمل. وأخذوا يعدون العدة ليس لصده فحسب، بل لتحطيمه وتخليص الإنسانية من خطره. فبالإضافة إلى الصمود الأسطوري في ميادين القتال، ضاعفوا التصنيع العسكري كمًّا ونوعًا. بالتماسك، والتخطيط السليم، وبالمصنع، قرروا مواجهة التحدي النازي. وصل زحف جيوش هتلر تخوم العاصمة موسكو، حيث كان الضباط والجنود الألمان يشاهدون قباب الكرملين بالعين المجردة. كانت معركة موسكو أول ضربة قاسية يتلقاها الألمان، الذين لم يجربوا طعم الهزيمة منذ نشوب الحرب العالمية الثانية سنة 1939. وتلتها هزيمتهم الأقسى في مدينة ستالينغراد آنذاك (فولغاغراد اليوم). في هذه المعركة تكبد كل من الطرفين خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، وأسر الألمان ابن ستالين الذي كان عسكريًّا في صفوف الجيش الأحمر. أما الروس، فقد أسروا عددًا من أهم جنرالات الجيش النازي وكسبوا المعركة. بعد هزيمتهم في ستالينغراد، بدأ الألمان يتقهقرون والروس يلاحقونهم حتى رفعوا علم بلادهم فوق الرايخستاغ (مقر هتلر في برلين)، ووقعت ألمانيا وثيقة استسلامها بتاريخ 9/5/1945.
في حدث تاريخي آخر يُحسب للأمة الألمانية وليس للنظام النازي. نستحضر هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، سنة 1918. وقعت ألمانيا استسلامها في إحدى ضواحي باريس المعروفة بإسم فرساي، في عربة قطار. احتفظ الألمان بالأقلام، التي وقعوا بها. وبعد 23 عامًا، أي بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، بسط الألمان سيطرتهم على فرنسا خلال أقل من شهر، ووقعت فرنسا استسلامها في المكان ذاته، الذي وقعت فيه ألمانيا استسلامها عام 1918، وبالأقلام ذاتها.
حدث تاريخي آخر، ننتقل به من ميادين القتال إلى العلم وابداعاته الكبرى. عندما سبق الروس الأميركيين في غزو الفضاء عام 1957، لم يستكن الأخيرون ويندبوا حظهم، بل باشروا بعقد مؤتمرات وورش عمل علمية في طول بلادهم وعرضها، وتوصلوا إلى ضرورة تغيير المناهج العلمية في المدارس، الرياضيات خاصة. فتوصلوا في زمن قياسي الى الرد على التحدي بتحدٍّ مماثل.
أما نحن العرب، فالتحدي الصهيوني قائم منذ 75 سنة، احتلال وعدوان وتهجير وقتل. 22 دولة عربية، تتفرج بلا حول ولا قوة على الالة العسكرية الصهيونية أميركية الصنع، تقتل عشرات الأطفال والنساء الفلسطينيين يوميا في غزة. خسرت الأنظمة العربية حروبها كلها مع العدو، ف"جنح" بعضها إلى "سلام" هو في حقيقته اتفاقيات إذعان واستسلام. وبعض الأنظمة التي لم توقع اتفاقيات كهذه، تقيم علاقات زنى سياسي مع الكيان اللقيط من تحت الطاولة. صحيح أن العدو لم ينتصر وإنما كسب الحروب مع الأنظمة، والأمة لم تستسلم بدليل استمرار المقاومة الشعبية، لكن الرد على التحدي الصهيوني أقل بكثير من المستوى المطلوب أو حتى المأمول بحدوده الدنيا. ونضيف في السياق، ظاهرة يطيب لنا تسميتها بالشذوذ الفكري. فبعضنا من الطارئين على إدِّعاء العالمانية والديمقراطية، يعتقدون مخطئين بالطبع ومتوهمين، أن الإعجاب بالكيان اللقيط وربما حتى "التأسرُل"، شرط لا بد منه لكي يكون المرء عالمانيًّا وديمقراطيًّا. وبهذا فقد أساؤوا للعالمانية والديمقراطية أبلغ الإساءات بربطهما باحتلال بغيض، والاحتلال، أي احتلال، قمة الاستبداد وظلم الإنسان وقهره. العالمانية والديمقراطية، قيم إنسانية عظيمة من أرقى ما توصل اليه العقل في إدارة شؤون الاجتماع الإنساني. وعليه، فإن ربطهما بالنظام الصهيوني العنصري اللقيط، يصم كل من يعشش في رأسه وهم كهذا بالجهل وقصر النظر.
بالعودة إلى ما نحن بصدده، يطفر سؤال لا بد أن القارئ الطُّلعة قد التقطه: لماذا أخفقت 22 دولة عربية في الرد على التحدي الصهيوني المتواصل والمهدد لنا كلنا من دون استثناء، كما يعلن الصهاينة أنفسهم ولا يخفون، منذ 75 سنة؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرشحون لخلافة نصرالله | الأخبار


.. -مقتل حسن نصر الله لن يوقف مشروع الحزب وسيستمرفي المواجهة -




.. الشارع الإيراني يعيش صدمة اغتيال حسن نصر الله


.. لبنان: مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلي




.. المنطقة لن تذهب إلى تصعيد شامل بعد مقتل حسن نصر الله