الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلول الهمجية

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2024 / 1 / 6
القضية الفلسطينية



ينبئنا المؤرخون أن الأديان التوحيدية ظهرت في مجتمعات تشكلت في بلاد ما بين النهرين وعلى ضفاف النيل ، أو لدى أقوام كانت مجاورة لهذه الأخيرة ،فنشأت علاقة فيما بينهم ،و أن هذه الأديان توالدت على التوالي بعضها من بعض كما نستنج من الكتب المقدسة ، حيث كانت الديانة الجديدة تجتذب دائما أعداد من أتباع التي سبقتها . مجمل القول أن هذه الديانات لا تصلح ، إذا جاز التعبير ، لأن تكون أداة للتمييز العرقي ، بالضد بل بالرغم من محاولات المستعمرين تخصيص " وطن " لكل ديانة وأتباعها .يحسن التذكير في هذا السياق ، على سبيل المثال ، بان اليهود كانوا يسكنون بلدان شمال إفريقيا قبل دخول المستعمرين المستوطنين إليها ، و أن الأخيرين ساووهم بأنفسهم ، فاضطر اليهود الأصليون إلى الرحيل عن بلادهم عندما رحل المستعمرون ، المستوطنون عنها ، علما أن هؤلاء اليهود لم يكون أصلا مستعمرين و مستوطنين و إنما صاروا بالوكالة .
يقول في هذا السياق ، المؤرخ و عالم اللسانيات ماكسيم رودنسون في مؤلف له عنوانه ، إسرائيل ظاهرة استعمارية ، ان دم السكان العرب في فلسطين يحتوي بالقطع جينات مشتركة مع قدماء العبرانيين اكثر مما لدى يهود الشتات ، تأكيدا على ان الديانة ليست مبدئيا ، رابطة عرقية أساسية ، هنا لا بد أن نلفت النظر أيضا إلى أن الإشكال في هذا كله هو عندما تتقمص السياسة الديانة ، كما يتجسد ذلك في الأصوليات الدينية ، حيث نجد و راءها ، دائما ، ديناميات من أجل التوسع و الهيمنة و مراكمة الربح . فمن البديهي أنه لولا إنكلترا لما قويت الحركة الصهيونية إلى حد ارتكاب تصفية ضد السكان الأصليين في فلسطين و إقامة كيان استيطاني في موطن الأخيرين ، و لولا الولايات المتحدة الأميركية "وأصدقائها" لما ظهر تنظيم داعش الأصولي في العراق و سورية .
لننتقل بعد هذه التوطئة إلى القضية المركزية التي تهمنا في الواقع ، منذ أفول الدولة العثمانية إلى اليوم ، في بلاد الشام ، و ما بين النهرين ، ومصر . تحسن الإشارة هنا إلى أنها ليست دينية كما أنها ليست قومية فنحن ننحي جانبا مسألتي القومية العربية و الأمة الإسلامية . من البديهي أن المجال لا يتسع لتناول هذا الموضوع ، لذا نقتضب لنقول أن الرأي عندنا هو أن القضية الفلسطينية هي مثل أية قضية وطنية ، أساسا قضية مواطن ، و بالتالي لا نرى مسربا للخروج منها إلا بالمساواة بين المواطنين و إلا غرق الجميع .
و حتى لا نطيل الكلام ، نعترف بأن محاولة تصفية السكان الأصليين في قطاع غزة خصوصا و في الضفة الغربية عموما ، جعلتنا نرتجع ما علق في الذاكرة من خلاصات و ملحوظات عن الحربين العالميتين اللتين اشتعلتا في القارة الأوروبية 1914ـ1918 و 1939 ـ 1945 ، كون هذه التصفية التي تفتق عنها ذهن الحركة الصهيونية و السلطات في الدول الغربية المنضوية في حلف الناتو، جميعا ، كحل لأزمات النظام العالمي التي تتفاقم بوتيرة متصاعدة منذ سنوات 1980 و انهيار الإتحاد السوفياتي ، تحاكي في جوهرها الحلول التي انقادت إليها نظم الحكم الفاشية و النازية التي و فرت لها الأزمات المالية و الاجتماعية شروط الانقضاض على السلطة في الدول المذكورة .
من البديهي أن المجال لا يتسع لنرسم معالم فترة ما بين الحربين العالميتين ، و لكن نكتفي بالتذكير بأن السلطة النازية في المانيا اعتمدت حلا يقضي بتصفية اليهود في كل المناطق التي تقع تحت سلطتها ، و أن الدول الغربية ، لم تعترض على ذلك ، و تحديدا إنكلترا و فرنسا اللتان توافقتا في نهاية 1938 مع المانيا على حل الخلافات فيما بينهم بالأساليب السياسية .
مجمل القول اننا نجد تطابقا إلى درجة عالية بين النهج التي تتبعه السلطة الفاشية في إسرائيل في البحث عن حلول للأزمة التي وصل إليها النظام من جهة و بين السلطة النازية في ألمانيا في سنوت 1930 من جهة ثانية ، و في الحالتين نلاحظ أن الدول الغربية تلتزم موقفا مؤيدا لتمرير التصفية العرقية ، فعلى الأرجح أنها تأمل في الراهن بأن نجاح إسرائيل في حل أزمتها ، السكانية ، عن طريق التخلص من السكان الأصليين ، كما لو كانوا " مهاجرين " و ليسوا أصليين ، سوف يساعد هذه الدول على تسليط النظر على "مشكلة المهاجرين " في مجتمعاتها و على اجتراح الحل المناسب لها .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مين اعترف بالحب قبل.. بيسان أو محمود؟ ????


.. العراق.. اهتمام شعبي لافت بالجرحى الفلسطينيين القادمين من غز




.. الانتخابات الأوروبية: انتكاسة مريرة للخضر بعد معجزة 2019.. م


.. أغذية فاسدة أو ملوثة، سلع مستوردة مجهولة المصدر.. كيف نضمن ج




.. هنا تم احتجازهم وهكذا تم تحريرهم.. مراسل سكاي نيوز عربية من