الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقعية في العلاقات الدولية. الكسندر دوغين 4/5

نورالدين علاك الاسفي

2024 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


الكسندر دوغين
Alexander Dugin

ترجمة : نورالدين علاك الأسفي
[email protected]

المثالية في نظرية عالم متعدد الأقطاب

لكن؛ في ذات الآن، نرى هنا مثالية واضحة. هذه ليست مثالية لوك أو كانط/ Locke´-or-Kant، حيث لا توجد عالمية، ولا فكرة عن القيم الإنسانية العالمية الإلزامية؛ والتي يجب من أجلها التضحية بالسيادة. هذه المثالية الحضارية ليست إطلاقا ليبرالية، بل وأكثر من ذلك؛ غير ليبرالية. كل حضارة تؤمن بقيمها التقليدية المطلقة، وكلها تختلف اختلافا كبيرا عما يقدمه الغرب العالمي المعاصر. فالأديان متعددة، والأنثروبولوجيا متباينة، والأنطولوجيا متفاوتة. و العلوم السياسية، التي تتلخص في العلوم السياسية الأمريكية، حيث كل شيء يبنى على معارضة الديمقراطيات و الأنظمة الاستبدادية ، يتم إبطالها تماما. هناك المثالية، ولكن ليس لصالح الديمقراطية الليبرالية "كهدف وقمة التقدم". لكل حضارة مثلها العليا. في بعض الأحيان لا تشبه على الإطلاق لتلك للغرب. و تكون مشابهة أحيانا أخرى ولكن جزئيا فقط. هذا هو جوهر اللاليبرالية- أطروحات الحضارة الليبرالية الغربية المعاصرة كنموذج عالمي مرفوضة. وفي مكانها، كل حضارة تقدم نظام قيمها التقليدية- الروسية والصينية والإسلامية والهندية، إلخ.

في حالة دولة الحضارات، تقترن المثالية بفكرة محددة؛ تعكس أهداف هذه الحضارة وأسسها وتوجهاتها. لا يرتبط الأمر بالاعتماد على التاريخ و الماضي فقط، بل يتعلق بمشروع يتطلب تركيز الجهود والإرادة وأفق فكري كبير. هذه الفكرة لها طبيعة مختلفة عن الحساب البسيط للمصالح الوطنية، مما يحد من الواقعية. إن وجود هدف أعلى (متعالي/ transcendental بمعنى ما) يحدد متجه المستقبل، ومسار التطور وفقا لما تعتبره كل حضارة جيدا ودليل وجودها التاريخي. كماالحال في المثالية الليبرالية، الأمر يتعلق بالسعي من أجل ما يجب أن يكون، والذي يحدد أهداف ووسائل الانتقال إلى المستقبل. لكن المثل الأعلى نفسه هنا يختلف اختلافا جوهريا: فبدلا من الفردية المطلقة والمادية وكمال الجوانب التقنية البحتة للمجتمع، والتي يسعى الغرب الليبرالي إلى تأكيدها كمعيار إنساني عالمي، تعكس فقط الاتجاه التاريخي والثقافي للغرب في عصر ما بعد الحداثة، كل حضارة غير غربية تضع شكلها الخاص. هذا الشكل يمكن أن يحتوي بوجه جيد على الادعاء بأنه أصبح عالميا بدوره، ولكن على عكس الغرب، تعترف دولة الحضارات بشرعية الأشكال الأخرى وتأخذها في الاعتبار. العالم المتعدد الأقطاب مبني بطبيعته على الاعتراف بالآخر، القريب منه، وقد لا يتطابق مع المصالح أو القيم. وهكذا، فإن التعددية القطبية تعترف بتعددية الأفكار والمثل العليا، و تأخذها في الاعتبار، ولا تحرم الآخر من الحق في الوجود والاختلاف. هذا هو الفرق الرئيس بين أحادية القطب وتعدد الأقطاب.

الغرب الليبرالي يفترض أن البشرية جمعاء ليس لديها سوى نموذج واحد و ناقل واحد للتنمية: و هو الغرب. و أي شيء يتعلق بالآخر لا يتطابق مع الهوية ونظام القيم في الغرب نفسه؛ ينظر إليه على أنه عدائي و سلطوي و غير شرعي . و في أحسن الأحوال، ينظر إليه على أنه متخلف عن الغرب ، وفي حاجة إلى تصحيح. لذا، تتطابق المثالية الليبرالية في تعبيرها العالمي في الممارسة مع العنصرية الثقافية والإمبريالية والهيمنة. دولة الحضارات في النموذج المتعدد الأقطاب تتصدى لهذا " المثل الأعلى " بمفاهيمه وتوجهاته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليأتونا بالروسي‎ لم يكفينا الفكر العفلقي العربي
د. لبيب سلطان ( 2024 / 1 / 7 - 03:57 )
دوغين وامثاله في اوربا واميركا هم حثالة الفكر القومي اليميني المتطرف وكما اتوا لنا مفكري القومية الفاشية الاوربية في الثلاثينات بعفلق عربي ترجم افكارهم البالية واطلق عليها انبعاث الامة (البعث ) حتى يأتينا من يترجم لهم في عصر نبذت كل الشعوب بما فيها شعوبنا العربية هذا الفكر الرجعي التعصبي
العالم يعيش اليوم عصر الانفتاح وعصراستفاد من التجارب القاسية السابقة سواء للنازية او البعثية اوالترامبوية والبوتينية اليوم، جميعها علمت الشعوب ان هذا الفكر متعصب ولايؤدي لغير الحروب والدمارو تجد له عند ماركسيينا العرب مرتعا لا لغرض مفيد بل ان دوغين وبوتين يقفان ضد الغرب الليبرالي الحضارة..اما ما مقدار الاذى والخراب له كالذي لحق بشعوبنا من القومجية الناصرية اوالصدامية او الاسدية ، وهؤلاء جميعا نسخا من ودوغين وبوتين فهذه لا تهم ..المهم معاداة حضارة العالم اليوم وجعل العرب بعيدين عنها وهذا مايجمع التيارات السلفية المؤدلجة الثلاثة.. ومنه يصفقون لبوتين واية الله وتشينغ وجينغ وبينغ ومن هالشكولات..كأنما لم يكفينا مارأيناه فامطرنا المترجم بدوغين وبوتين ..تبت يد المؤدلجين كما يد ابو لهب حمالي حطب دوغيني


2 - من ياترى الآن في هذه الحال, الرجعي المتعصب ؟
حميد فكري ( 2024 / 1 / 7 - 14:17 )
كتب صاحب التعليق 1(حتى يأتينا من يترجم لهم في عصر نبذت كل الشعوب بما فيها شعوبنا العربية هذا الفكر الرجعي التعصبي)

المصيبة والمهزلة ,أن صاحب التعليق 1, يهاجم ظاهريا , فكر القومية باعتباره فكرا رجعيا ,لكنه عمليا يمارسه وينتصر له!!!!!
من قال لك إن شعوبنا عربية ؟
أين اختفى الأكراد , والأمازيغ ؟؟
كيف صيرت هؤلاء شعوبا عربية ضدا على إرادتها وتاريخها ؟؟؟
من ياترى الآن في هذه الحال, الرجعي المتعصب ؟

صاحب التعليق القومجي الرجعي المتعصب 1 , يعترض على الكسندر دوغين,لا لشيئ سوى لأن هذا المسكين روسيا .مع أن فكر دوغين, مقبول جزئيا , لأنه يعترف بالإختلاف القومي للشعوب. وهذه فكرة واقعية وفي جوهرها ليبرالية .
معنى هذا , أن صاحب التعليق 1 , جاهز ومعبئ أيديولوجيا , كعادته لتسفيه غيره, فقط لتتبيث هيمنة أيديولوجية غربه الإمبريالي.


اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات