الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى والدي مع الحب

جواد الديوان

2024 / 1 / 7
سيرة ذاتية


يوم الجمعة من كل اسبوع زيارة الوالد العزيز وتناول الغذاء معه. ولم اتخلف عن ذلك الا مرتين، وكنت في سفر. زيارة والدي العزيز تسعدني، وتزيل عني هموم اسبوع كامل (هم وتعب وغضب ...)، رغم انه يتعرف علي بصعوبة، واحيانا يفشل في ذلك بسبب المرض (الخرف)، وحصل ذلك بعد اصابته بكورونا.
تعودت عليه في كل حياتي متحدثا لبقا، ويخوض في تفاصيل الحياة السياسية والاجتماعية والتفاصيل الدقيقة لحياة اخوتي جميعا، فانا ابنه البكر. وبعد اصابته بالمرض وتقدمه، الصمت سمة واضحة عليه وعدم الاكتراث بما يجري حوله وعدم مشاركته بالحوارات والنزاعات بين الحاضرين. يهزني ذلك من الاعماق، وتتعبني في طريق العودة، وتنزل الدموع بصمت، فاتنحى جانبا عن الطريق بسيارتي لفترة استجمع فيها قواي، واستحضر صور لبطولاته في مواقف عديدة، فاستعيد توازني.
ذو شخصية قوية، لم ترهبه الحياة او ينحني امام الدنيا، وقدم عائلة من من ستة اولاد وفتاة (استاذ في كلية الطب، وطبيب بيطري ومدرسة وضابط) ونجح الباقيين في الحياة خبير اعلانات وشيخ عشيرة يقود رهطا في المجتمع) وابنه الثاني استشهد في الحرب العراقية الايرانية، حذفت الحكومات الوافدة للعراق صفة شهيد لديه وابقت على ضباط خدموا نظام البعث!
زجه البعث بعد شباط الاسود في 1963 في نقرة السلمان (سجن صحراوي مخيف). وارتبط سجن نقرة السلمان بسحق الانسان طيلة سنوات الملكية والجمهورية (قاسم والعارفين والبكر وصدام)، لغاية اسقاط الامريكان الدولة العراقية. وكانت سنوات وجوده في نقرة السلمان الاشد قسوة على العائلة (الام وخمسة ابناء)
حَشدوا عليه الجُوعَ يَنْشِبُ نابَهُ
في جلدِ " أرقطِ " لا يُبالي ناشبا !
وعلى شُبولِ اللَّيثِ خرقُ نعالِهم!
أزكى من المُترهِّلين حقائبا
وزاد قرقوش قرن العشرين (الحاكم العسكري العام رشيد مصلح) من صعوبات الحياة بقرار الفصل من الوظيفة بعد بيان 13 الشهير في دعوة للقتل!
وانتهت مدة محكوميته، التي قررتها محكمة عسكرية (المجلس العرفي)، وسمع بحادثة طريفة حصلت وانا في الصف الرابع الابتدائية، رغبت بقلم جاف، وترفض امي ذلك لضيق ذات اليد. ومع الحاح وبكاء انبرى جدي لامي (جبار سلطان) صارخا "انت ابن الجلبي تكتب بقلم جاف". فكان يجلب لي اقلام الحبر والجاف بكل ما يستطيع الى ذلك بعد تجاوز المحنة، ومنها تعلقت بهذه الاقلام واقتني منها الاجود.
لم اجرؤ يوما معاتبته على الطريق الذي سلكه، ينزل نقرة السلمان. فكان ذلك المكان الرفيع للاهتمام بالانسان. ومرة عاتبت ابنة احمد فؤاد نجم (شاعر مصري شهير) والدها على حياته واهماله لها، وكان الجواب قصيدة، بل اغنية في مقدمة لمسلسل! وكان اعتذاره:
"انصفني يا ولدي واصبر على الايام"
قدم لي والدي قدوة افتخر بها، وشخصية متميزة، وحبي للقراءة. اقبل الارض بين يديك يا والدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ...
جوان علي ( 2024 / 1 / 7 - 12:58 )
سيرة مؤثرة .. تعيش وتزوره .. تحياتي

اخر الافلام

.. مكتب نتنياهو يبتز ضابطاً في الجيش بصور محرجة.. ماذا حدث؟


.. مظاهرة في إسطنبول تنديدا بالجرائم الإسرائيلية في غزة والضفة




.. سياقات عودة أهالي المحتجزين الإسرائيليين إلى التصعيد والتظاه


.. بايدن: سأستقبل ترمب في البيت الأبيض الأربعاء




.. بسبب -مخاوف من خططه-.. تظاهرات في نيويورك وواشنطن بعد فوز تر