الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صندوق العجائب

خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)

2024 / 1 / 7
الادب والفن


صندوالدنيا
مر صندوق العجائب أو صندوق الدنيا آخر مرة من حارتنا عام 1966 ولم أعد أراه في طفولتي. فقد بدأ يظهر التلفاز في البيوت والمقاهي، واختفت مهنة هامة من تاريخ سوريا بشكل عام وتاريخ حمص بشكل خاص، وأختفت معه مهنة الحكواتي في المقاهي. وصل قبله صندوق عجيب أيضاً كان أسمه البيانولا، وكان هذا عبارة عن صندوق خشبي وفي قمته مكبر يحرك صاحبه ذراعاً فيطلق أصواتاً موسيقية جميلة بشكل أوتوماتيكي، ولمن يريد رؤيته فباستطاعته مشاهدة فيلم لشارلي شابلن " أضواء المدينة".
أما صندوق العجائب: فكان أيضاً مؤلف من الخشب وله فتحات من بلور يقفلها صاحبه ويفتحها حين يبدأ بالعرض للأطفال.وله في الأعلى أو الجانب ذراعين يحرك بهما صاحبه الصور من خلاله ويشرح بطريقة استعراضية دون أن ينظر لأنه حفظ المحتوى عن ظهر قلب.
أما هذا الصندوق فقد وفد إلينا لايقل عن 150 سنة مضت وانتشر في الأقطار العربية، وخاصة في سوريا ومصر. وكان لونه مزركشاً بألوان مختلطة مابين الأخضر والأحمر للفت الإنتباه. يتنقل صاحبه في الحارات كي يعرض هذا الفن على الأطفال الذين كانوا فرحين بهذا المنظر والألوان. فيدفع الولد نصف فرنك أو فرنك كي يتفرج. والفرنك في تلك الأيام له قيمة ، فباستطاعتك شراء بيضة أو أكثر به. والفرنك والليرة هو نقد أدخلته فرنسا إلى سوريا ولبنان، وبالرجوع إلى التاريخ نعرف أن فرنسا دخلت سوريا أصلاً متذرعة بأن حكومة الملك فيصل رفضت طلب فرنسا بالتعامل بالفرنك الفرنسي.
بدأ هذا الصندوق في أوروبا في القرن الثامن عشر بعروض وموسيقى ترافقه وكان أكثر تعقيداً، فقد كان أشبه برسوم أفلام الكرتون. وتطور عندهم مع عروض ورقصات في الساحات، وكانت هذه النواة التي أثمرت فيما بعد وتطورت لتصبح السينما الحالية. كانوا يسمونه ب (bioscope)، وكما هو معروف بأن السينما عندهم بدأت عام 1874 إذ أنها ترافقت مع ظهور الكاميرا، فكانوا يصورون رجلاً يركب على حصان في مواضع مختلفة ويعرضونها بسرعة 15 صورة أو أقل في الثانية فتظهر بأنها متحركة. ذلك كان مجرد خدعة بصرية.
ومن أجل الإبهار، يلصق صاحب الصندوق صوراً لعنتر وعبلة على أطرافه، وعندما يبدأ العرض، يضع الأولاد وجوههم على فتحات الزجاج وتكون في الغالب عبارة عن مكبرات ، ثم يبدأ بتحريك الصور والكلام عنها، ثم يخترع من عنده قصصاً وروايات لزيادة الإبهار، فيقول مثلا: هذا عنتر بن شداد ابو الفوارس .. شجاع ومقدام وعلى قبيلته حارس.
أخيراً أصبحت كل هذه الوسائل المسلية من التاريخ لأن وسائل أخرى أكثر تعقيداً وأكثر إبهاراً استبدلتها وأصبحت من مسلتزمات البشر في كل مكان. وكي لانعمم، فإن بلاداً مثل الهند وجوارها مازالوا يشاهدون صندوق الدنيا أو العجائب لأن التلفاز لم يصل لكل المناطق النائية في هذه البلدان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا