الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيانة غزة: لماذا على اليساريين المناهضين للإمبريالية في ألمانيا مغادرة حزب اليسار

كارل ناوجوكس

2024 / 1 / 7
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


كارل ناوجوكس من منظمة اليسار الثوري في ألمانيا

يشكل يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر نقطة إنهيار بالنسبة لليسار في ألمانيا. في هذا اليوم، وافقت الكتلة البرلمانية في حزب اليسار الإصلاحي، إلى جانب حزب البديل الفاشي، على قرار قدمته أحزاب الحكومة وهم حزب الاشتراكيين الديمقراطيين، والخضر، والليبراليون، مع المحافظين استجابة لإعلان حكومة المستشار [أولاف] شولتز.

ويدعو هذا الاقتراح الحكومة الاتحادية إلى “منح التضامن الكامل والدعم لـ”إسرائيل”” في ضوء العدوان على غزة. إضافة إلى ذلك، “ضمان توضيح ومتابعة الوقائع التي حصلت مساء 7 تشرين الأول/أكتوبر عام 2023 في شوارع نيوكلن في برلين وسواها. وينبغي استنفاد كل الوسائل الدستورية، بما فيها [إلغاء] إجراءات الإقامة.

باختصار، لقد صدر شيك سياسي على بياض لكل من القصف المستمر وهجوم جيش الاحتلال البري ضد قطاع غزة، إضافة للقمع البوليسي للتظاهرات والنشاطات المؤيدة للفلسطينيين في ألمانيا. وقد وصل الأمر إلى حد أن المهاجرين الذين لا يحملون جواز سفر ألماني يتعرضون للتهديد بالترحيل في حال اتخذوا موقفاً نقدياً علنياً ضد سلوك الاحتلال الصهيوني في العدوان.

ألقى زعيم كتلة حزب اليسار البرلمانية، ديتمار بارتش، كلمة الكتلة في الجلسة العامة بعنوان “مصممون ضد الإرهاب وأعداء “إسرائيل””. ورحب صراحة بإعلان الحكومة الذي أصدره المستشار الاشتراكي الديمقراطي شولتز. وأدان بارتش في خطابه كل مظاهر التضامن مع فلسطين. وقد تحدث حرفياً عن “مظاهر احتفالية في سونينالي” في برلين-نيوكولن التي “أيدت إرهاب حماس” ووصفها بأنها “أمثلة مروعة عن هذه الكراهية ضد اليهود”.

لم يقل بارتش كلمة واحدة عن واقع أن سكان قطاع غزة محتجزون في أكبر سجن مفتوح في العالم منذ عقود وأن كل احتجاج، حتى تلك غير العنيفة مثل [مسيرات العودة] التي حصلت على حدود قطاع غزة والاحتلال عام 2018، قد قمعها الاحتلال بعنف قاتل. في ذلك الوقت، وخلال الاحتجاجات السلمية التي نظمت عام 2017، وبحسب الأمم المتحدة، قتل الاحتلال أكثر من 180 غزاوياً وجرح 6100 بالرصاص الحي، كانوا يعبرون عن غضبهم خلف الأسلاك الشائكة.

ومن خلال الموافقة على سياسة الحكومة تجاه الاحتلال الإسرائيلي يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر، انضم حزب اليسار إلى جبهة أولئك الذين ينكرون على الفلسطينيين حقهم في الاحتجاج ومقاومة القمع الكولونيالي. لقد بات [الحزب] تابعاً للإمبريالية الألمانية، التي تقيم منذ عقود علاقات عسكرية مع الاحتلال، وتدير الكثير من صفقات الأسلحة التي تقدر بملايين الدولارات.

تداعيات قرار الحزب بعد 30 يوماً من الحرب

بعد أسابيع على صدور قرار البوندستاغ، بات واضحاً ما الذي تضامن معه حزب اليسار: في الأيام الثلاثين الأولى من العدوان: أسقط جيش الاحتلال 18 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة. وبحسب جيش الاحتلال، “استهدفت هذه الهجمات 14 ألف هدف إرهابي”. في الحقيقة، وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، استشهد أكثر من 20 ألف مواطن في قطاع غزة بفعل هذه الصواريخ وجرح أكثر من 53 ألف [يوم ترجمة النص باتت الأرقام أعلى بكثير]. وكل يوم يرتفع أعداد الشهداء. ثلثا الشهداء من الأطفال والنساء وكبار السن. قطع الاحتلال إمدادات المياه والغذاء والكهرباء عن القطاع. في الضفة الغربية، شن جيش الاحتلال والمستوطنون المتطرفون تطهيراً عرقياً استهدف 4 قرى فلسطينية وقتل نحو 140 شخصاً تحت مرأى العالم خلال الأسابيع الأربعة الأولى من العدوان على غزة.

وفي الوقت عينه، تتباهى وزيرة الداخلية الإشتراكية الديمقراطية [نانسي] فايزر بأن رابع مظاهرة مسجلة مؤيدة للفلسطينيين قد منعتها. وحظرت الجمعيات والنشاطات المناهضة لإرهاب الاحتلال الإسرائيلي، بغض النظر إذا كانت منظمة من جانب تحالفات فلسطينية أو مجموعات يسارية أو من جانب الفرع الألماني لمنظمة الصوت اليهودي من أجل السلام العادل.

منذ الموافقة على قرار الحكومة من جانب المحافظين، إلى جانب حزب البديل من أجل ألمانيا الفاشي، تألقت كتلة حزب اليسار في البرلمان من خلال التقاعس عن العمل. لم يصدر أي إقتراح أو بيان من شأنه خرق صمت [إقرأ/ي تواطؤ وشراكة] الأحزاب الإمبريالية. وفي وقت خرجت تظاهرات تضامنية عديدة مع الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة في العديد من المدن حول العالم، لم يصدر أي دعوة من جانب الحزب أو الكتلة البرلمانية للمشاركة.



إنما على العكس تماماً، ففي 9 تشرين الثاني/نوفمبر، وبعد أربعة أسابيع من القصف المتواصل على القطاع، فضلت مؤسسة [المعفشة لاسم] روزا لوكسمبورغ التابعة للحزب حرمان القائد السابق لحزب العمال البريطاني جيرمي كوربين من المشاركة في نشاط نظم في برلين بسبب موقفه المؤيد للفلسطينيين في مواجهة الاحتلال، ولا يبدو أن الضغوط السياسية الداخلية كانت مناسبة.

4 آب/أغسطس جديد

تأسس حزب اليسار منذ 15 سنة. في ذلك الوقت، أثار آمال الملايين في التغيير الاجتماعي، مدافعاً في الوقت عينه عن سياسة خارجية سلمية، ضد كل التدخلات العسكرية الألمانية وتصدير الأسلحة. ولكن إصلاحية الحزب وانتهازيته إزاء الطبقة الحاكمة، إلى جانب تبني وجهة نظر الحكومة، جعلت منه حزباً من التيار المهيمن. ولم يعد يشكل الأساس الذي يمكن من خلاله العمل من أجل سياسة متسقة ومعادية للإمبريالية.

بطبيعة الحال، لا يزال هناك أعضاء داخل حزب اليسار حتى اليوم يدعون إلى اتباع سياسة مختلفة معادية للإمبريالية ومتضامنة مع الشعب الفلسطيني. ولكن موقفهم بات غير معقول منذ أن أعلنت سارة فاغنكخت رحيلها من الحزب. سيؤدي ذلك إلى تعزيز أولئك الذين يدعمون بشكل علني مسار الحرب المؤيد للاحتلال الذي تتخذه الحكومة، مثل ديتمار بارتش وكلاوس ليدرير وبودو راميلو. كل من يتعاطف مع حزب اليسار في هذه الحالة يضع نفسه بعيداً عن حركة التضامن المؤيدة للفلسطينيين، ويساهم في طمس الجبهات ويضيع مجهوده في حرب خنادق لا طائل منها داخل الحزب. في أفضل الأحوال، ستخرج للعلن تسويات فارغة في مؤتمرات الحزب لإخفاء خيانة كتلة الحزب البرلمانية.

يجب ألا نتوهم بشأن طبيعة حزب اليسار الإصلاحي. تشير موافقة كتلة الحزب على سياسة الحكومة إزاء الاحتلال في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى انتقال مباشر إلى صفوف معسكر الإمبريالية الألمانية. لم نشهد سوى 4 آب/أغسطس جديد. في 4 آب/أغسطس 1914، صوتت الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في الرايخستاغ لصالح تمويل الحرب، والذي كان شرطاً أساسياً لدخول الإمبراطورية الألمانية في الحرب العالمية الأولى.

وقد برر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الماركسي وقتها هذا الاستسلام بكونه عملا من أعمال الدفاع عن النفس ضد الاستبداد الروسي وإرهاب القوميين الصرب. وقال زعيم الكتلة البرلمانية هوغو هاسة، موضحاً قرار الاشتراكيين الديمقراطيين: “لن نتخلى عن وطننا في ساعة الخطر”، مضيفاً “إننا نشعر بأننا متناغمون مع الأممية التي اعترفت بحق كل شعب في الاستقلال الوطني والدفاع عن النفس في كل الأوقات، كما أننا باتفاقنا معها، ندين أي غزو”.

كانت نتيجة هذا القرار معروفة. لمدة 4 سنوات برر الحزب الاشتراكي الديمقراطي حمام الدم الذي نتج عن الحرب العالمية الأولى إلى جانب القيصر الألماني. وكانت النتيجة المهمة لهذه الخيانة هي القطيعة بين الأمميين روزا لوكسمبورغ وكارل ليبكنخت والحزب الاشتراكي الديمقراطي. وصفت روزا الحزب بأنه “جثة نتنة” ودعت ختاماً إلى إنشاء حزب ثوري مستقل، الحزب الشيوعي الألماني.



بعد مئة سنة، تتكرر نفس العملية ضمن سياق تاريخي مختلف. ففقدان التضامن مع المقاومة الفلسطينية، ودعم الحكومة الألمانية وحكومة الاحتلال اليمينية، إضافة إلى تبرير هذه الخيانة بالإشارة إلى الالتزام التاريخي بعد الإبادة النازية لليهود في أوروبا، كل ذلك يشكل ضربة لكل مناهض للإمبريالية والفاشية، ولكل أممي في ألمانيا.

لقد بات حزب اليسار عقبة في طريق النضال ضد الطبقة الحاكمة والحرب. ومن المهم استنتاج العواقب وبناء يسار ثوري جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | تعطل حركة الطيران في مطار ميونخ، والسبب: محتجون في


.. إسبانيا: آلاف المتظاهرين ينزلون إلى شوارع مدريد للدفاع عن ال




.. لماذا تتبع دول قانون السير على اليمين وأخرى على اليسار؟ | عا


.. مظاهرات في القدس تطالب بانتخابات مبكرة وصفقة تبادل والشرطة ا




.. Boycotting - To Your Left: Palestine | المقاطعة - على شمالَِ