الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(1)

عبد الله خطوري

2024 / 1 / 8
الادب والفن


يسبح في العرق مُحيَّاه قفاه رقبتُه والقذالُ .. يأخذ حماما ساخنا تتقاطر شظاياه من السماء مباشرة على قنة آلرأس .. يهبط المنحدر .. الساعة الثالثة إلا ربعا بعد الزوال أو قُبيل ذلك بقليل أو بُعيده .. ما الأصعب .. الصعود إلى الجبل أم الهبوط منه إلى المنحدرات إلى قعر قيعان المنحدرات .. الحركة أم التلبد والانكفاء في زاوية واحدة لا يتململ متاعها القليل القابع في أماكنه مذ أودِعَ فيها راسيا ساكنا داخل حقائب منضود بعضها فوق بعض كأنهن في محطة على سفر ينتظرن أو لا ينتظرن .. مَنْ يدري .. في تلك الساعة من ذلك الوقت الذي يحتدم فيه فحيحُ الأوام وسُعار الهجير في البلد الداخلي القصي البعيد عن المرتفعات والبحار والظلال، تظل جميع الاحتمالات واردة صعبة ممكنة الحدوث مستحيلة التوقع .. ذائب في خموله لا يقدر فعل أي شيء مثله مثل ما تبقى له من أشيائه الصغيرة التي خلفوها وراءهم بعد أن زهدوا فيها لم يجدوا ضالتهم قلبوا نبشوا رَوَّنُوا بحثوا حللوا سألتْ خبرتُهم خبرة آخرين داخل وخارج البلاد صادروا كل شيء في البداية، ومع توالي التحريات والتحقيقات آحتفظوا بما رأوه صالحا يفيد عملهم ورموا بالباقي في حفرته المعتمة وآنصرفوا .. ظلت كما كانت قابعة حقائبُه، تمر الفصول والأوقات بتعاقبها وتباينها وهي جامدة لا تنبس .. آه لا تحتج .. أوووف .. لا تتذمر لا تُظهر إرادة ما من أي نوع من الإرادات أو ردود الأفعال ...

وَهِنٌ هو الآن وأمْسِ وقبل أمسِ الأمسِ .. بالكاد تتشبت قدماه بأرضية الزفت التي يَنُوسُ فيها نعلاه آلزَّرْقَوانِ .. ينظر إلى سمائه التي تركها صافية _ ذات مصيف _ تتناغى في ليلها صراصيرُ المروج وشراغيف البِرَك وطَبْطَبَات طُوَيْرِ طابْ، تشقشق في بلاسمها فراخ حديثة الميلاد تخضب أعشاشها قطيرات رذاذ ليس يهْمي إلا وشفافية لازوردية تحف به تتخلل عُريشاتِ داليات أزيلي وغصينات جوز تستوي ثماره على مهل .. كان على عجل، حاموا حوله من كل جانب، شرع يتعثر في عثراته المتكررة وهو يتردد في توديعهم جميعا في رحلة طالما آنتظرها آملا تحقيق ما لا يمكن تحقيقه .. عليه إذن، أن لا يرفض عرض السفر المغري، كان لا بد من ما ليس له بد .. ابتسمَ آبتسموا رغم دموع لوعة مدَّثَرَة بأنفة غنضرة مازيغية مثقلة بعواطف متناقضة تأبى الاعتراف بالضعف والتراجع عن ما يجب أنْ يُفْعَلَ .. عليه أن يتثبت يتجلد أمامهم أمام نفسه .. إيرڭازن لَبْدا دِيرْڭازن آمْ لجدود آمْ إيتَراسَنْ آم طَارْوَى نْسَنْ يمشيوْ يجيبو المُوزيطْ أو يَتْجَابُو فْ صْنَادقْ لْموتْ أو تاكلهمْ لَطْيارْ فْ خلاها ما عندنا مانديرو حْنا بَقْبُورْ نَتْخَزْنُو فْ تْرَاها حْسَنْ نعيشو فْ عيشات خْرينْ بْعادْ أو قْرابْ ما نَفْنَاوْ ما نتقضاوْ وأرض الميتين شْعَاعْ فْ سْمَاهَا .. هذا ما كان آيَنْدَا ڭيلّانْ .. ولولا هالة من خيوط بيضاء شرعت شمس ذاك الصباح ترسلها على آستحياء لآستغرق مُوَدِعوه في أماكنهم لا يبرحونها لا هم يشيعونه ولا هم يرافقونه أو يشجعونه على المضي في المغادرة .. كانت حنونة مشفقة شمس الوداع ... أما الآن، بعد كل ما وقع، فهي صفراء شديدة الوهج كأنَّ بها وقرا أو خللا أو خطلا، لا يستطيع مجابهة حَمَّارَتها الفاقعة، فينكس محجريْه يُنْكسان بُؤبؤيْه مخافة ما لا تحمد عقباه ... حيَّى المشيعين بنظرة خاطفة من فوق التلة عند مفترق طرق من تراب تحيطها أشجار عتيدة لا تغادر المكان .. استقل بيكوب 404 أو ما شابه عامرة الأحشاء والظهور والبطون والرؤوس تزدرد عجلاتها كل الأحجام لا تئن لا تتأوه، تشهق تزفر تضرط تخرج غازاتها المضغوطة بأناة لا تتأفف، تراوغ حجارة كخوازيق المتاريس في طريق ليس في أحشائها طريق .. أحس قلبَه يُخطف منه يَذهب بعيدا يعود القهقرى يتراجع .. ما يَمُّوتْ بَابشْ تَوَسَّدْ الركابْ ماتموتْ يماشْ تْوَسَّدْ لَعْتابْ .. لم يبق له أحد بعد رحيلهما معا .. ليُلق الأشياء كلها وراء ظهره مرة واحدة .. لا تلتفت انظر خلفك في رصانة تعقلْ كن جادا حازما وعواطفَك .. لا تنظر وراءك البتة غير مأسوف على زمن .. لا تودعْ أحدا لا تفرق لفراق أحد تَجَهَّمْ ليتخلصْ رأسك من كل الأطياف العالقة حدقْ أمامك لا وقت للحنين لا وقت لآستعادة ما لا يُعادُ لا أمل في عيشة غير راضية لن يتبدل أهلوها يولدون يعملون يموتون بين شعاب ومسالك غير مستوية ومنعرجات ليس يعيش في ثنايها غير زواحف عرجاء وبوم عمياء ومعالم حياة شوهاء، يُلقَى بهم راضين في شفير جُرُفٍ هارٍ ينهار بمصائرهم .. صامتين كانوا سيبقون .. تقدمْ .. زيدْ لْڭُودَّامْ ... يقصد ما صادف من الدكاكين ناشرا خدمته للتالفين المارين .. يستظل بسقيفة قصدير عامرة بخطوط ورسوم تُشهرُ سلعا عابرة للقارات .. يتجرع "كولا" كما آتفق .. آخْخْ .. أجهزَ على المحتوى في لحظتين أو ثلاثة .. باردةً كانت كعواطفه في تلك الساعة الفارقة من حياته المنحوسة .. أحس مذاقها يفرك وسط حَنجرته مخلفا خدشا خفيفا غير مرغوب فيه يشبه صوت نبر قلم رصاص عنيد يصدم طبلة الأذن وَقْعُه النشازُ .. بلا آكتراث غادر الدكان متثاقلا .. يحس خدرا يتسلل في المفاصل وبين ثنايا العظام، وشَقيقة شَقية تشق شقاوتُها قنة القحف تضرب فوق في الوسط وعلى الجنبات ينزل سياطُها تحفر لا تبالي .. لا بد أن أذهب لا بد أن أغادر .. أوووف .. تحركْ .. طريقك أمامك انظر وراءك في حنق ...


يُتبع ...

إشارات :
_إيرڭازن لَبْدا دِيرْڭازن : الرجال هم الرجال
_آمْ لجدود آمْ إيتَراسَنْ آم طَارْوَى نْسَنْ:
الفتيان مثل الجدود مثل الأحفاد
_يمشيوْ يجيبو المُوزيطْ : ليهاجروا ويغنموا الاموال
_ أو يَتْجَابُو فْ صْنَادقْ لْموتْ : أو يموتوا يؤوبون الى بلداتهم مكفنين في صناديق
الموت
_أو تاكلهمْ لَطْيارْ فْ خلاها : أو تهنش لحمهم الجوارح
_ما عندنا مانديرو حْنا بَقْبُورْ نَتْخَزْنُو فْ تْرَاها : لسنا بحلحة الى لحود
_حْسَنْ نعيشو فْ عيشات خْرينْ : الانسب لنا أن نعيش حيوات أخر
_بْعادْ أو قْرابْ ما نَفْنَاوْ ما نتقضاوْ : سيان لدينا البعد والقرب نحن لا نفنى
_وأرض الميتين شْعَاعْ فْ سْمَاهَا : أرض الميتين شعاع في علاها
_هذا ما كان آيَنْدَا ڭيلّانْ : هذه خلاصة حياتنا
_ما يَمُّوتْ بَابشْ تَوَسَّدْ الركابْ ماتموتْ يماشْ تْوَسَّدْ لَعْتابْ : إذا مات والدك استند علر ركبة والدتك واذا ماتت والدتك اعتمد العتبات
_زيدْ لْگدَّامْ : تقدمْ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع