الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الانسايوان- و-الانسان- لماذا وجدت المجتمعات؟(1/2)

عبدالامير الركابي

2024 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


يظل الكائن البشري بحاله جهل قصوى بالظاهرة المجتمعية، نمطيتها ومامودع بين تضاعيفها من حقيقة، والاهم مايكمن خلف وجودها من آليات وقوانين ناظمه، متفقه مع الهدف الاساس الذي هي موجودة لكي تبلغه، مايضفي حكما على توزعاتها وانماطها، واجمالي حركتها عبر التاريخ، نسقا تشكليا متفاعلا، وموكولا لادوار وفعاليات مختلفه نوعا، حسب النمطية وعلاقتها بالبيئة الكوكبيه.
وقد تكون المسالة الاهم من بين القصوات التي يظل العقل يعانيها في علاقته بالظاهرة مدار البحث، قصوره قبل ذلك ازاء التعرف على ذاته مع الجزم البداهي بانه كائن مكتمل، وانه هو "الانسان" العاقل، مع نفي اية احتمالية نشوئية ارتقائية تخصه، فكانه هو الغاية الوجودية، في حين انه بالاحرى كائن انتقالي وسيط بين "الحيوان" و"الانسان"، الاحرى ان يطلق عليه توصيف "الانسايوان" الكائن المزدوج كينونه، جسدو/عقليا، لم يمض الكثير على قفزته الازدواجيه بعد طول زمن مديد من طغيان الحيوانيه، وغلبتها الكاسحه على تكوينه، تنقل خلالها بين اشكال حيوانيه متعاقبه، قبل ان يقف على قدمين ويصير يستعمل يديه، مع ظهور العقل وبلوغه ترقيا درجه من الحضور، غيرت تماما نوع الكائن الحي، واخرجته من عالم الحيوان.
والواضح في المسار الترقوي المذكور ان العنصرالاساس، وموضوع العملية الترقوية هو العقل، وهو الغاية من عملية النشوء، لاكما اشيع على يد دارون من تركيز على الجسدية كمحور وحيد لعملية الارتقاء، المنتهية عند نقطة الازدواج، حين يبلغ العضو الجسدي وقتها نهاية وقمه تطورة الذي لاتطور بعده الا الميكانيكي المتاتي من زيادة او قلة الاستعمال، كما الحال مستقبلا مع اليدين والدماغ، مايعني ان اجمالي التفاعلية اللاحقة على "الانسايوان"، هي بالاحرى، استكمال للنشوئيةالترقوية التي لن تتوقف، بل تغيرت اشتراطاتها بالقياس لتلك التي كانت قائمه في الطور الحيواني الاول، بمعنى ان ماقد اكتشفه دارون على اهميته، ناقص على اكثر من صعيد ففي الطور الترقوي الاول، العملية تنشا وتستمر بالتفاعل بين عنصرين هما الكائن الحي والبيئة، وهي عملية فردية، الكائن الحي ابانها متفاعل ذاتيا مع البيئه، بينما تتغير التفاعلية في الطور الثاني اللاحق على ظهور الانسايوان، لتصبح عملية تفاعلية بيئية مجتمعية، الكائن البشري فيها ليس فردا بذاته.
وليست المسارات الذاهبه من بدايات حضور العقل وتحقق الازدواج الى مرحلة الصيد واللقاط، ومن ثم التبلور المجتمعي، سوى فترة ذهاب نحو مايحقق اكتمال اسباب التفاعلية الثانيه المجتمعية البيئية، حيث يصير العقل وقتها هو محور العملية التشكلية، ذهابا الى التشكل العقلي الارتقائي الثاني، بعد الاول المحكوم لحضور الجسدية والحاجاتيه، وليست الجغرافيا او المناخ خارج التاريخ والعملية المجتمعية والياتها المحركة، فالانهار والصحراء في الشرق المتوسطي بطبيعة فعلها التوافقية الانتاجية النيلية، مقابل الثنائية النهرية الرافدينيه المجافية للنهرين التدميريين العاتيين مع مخالفتهما للدورة الزراعية، والانفتاح على الاقوامية الهابطة سيولا على ارض الخصب من الجبال الجرداء والصحاري شمالا وشرقا وغربا، ونوع الاحترابية الاستثنائية للجزيرة العربية، التي يولدها اقتصاد الغزو الذي يحتقر العمل في الارض، منحت هذه النقطة من العالم علوا في مستوى الاليات، ميزتها، وجعلت منها بؤرة كونيه على صعيد البنى المجتمعية الاحادية غربا وشرقا، بحكم الانصبابات الامبراطورية الاحادية الاوربيةالرزمانية والشرقية الفارسية، ومايولدانه من ديناميات الرد اللاارضوي الاختراقي، الذي يحولهما الى الازدواج الضروري لاكتمال بناهما المجتمعية، ويلعب المناخ والطبيعة دورا اساسا في تكريس الاحادية في المجتمعات المذكورة شرقا وغربا، ابتداء بمايجعلها ناقصة تكوينا وبنية بمايفترض ان يطابق مادتها البشرية المزدوجه تكوينا.
وهنا يظهر بقوة دور الطبيعة والكوكب الارضي الاساسي في التشكل والسيرورة الحياتيه، فالارض كائن حي، ايقاعية ومتغيرات حياته منذ ان يكون كتلة ملتهبه، وصولا لابترادها وتوفر اسباب الحياة علىى ظهرها، الى مابعد ذلك من تبدلات وصيرورة محايثة للحياة بمراحلها الحيوانيه، وصولا الى الازدواج العقلي الجسدي، بما يجعل من الحياة والوجود البشري وحدة بيئية حياتيه، سائرة الى مابعد مجتمعية ارضوية جسدية، حين تنتهي صلاحية هذا الشكل من المجتمعية، ولاتعود التفاعلية البيئية المجتمعية قائمه، من جهه بفعل الاله ودخولها التحويري على الثنائية البيئية البشرية، ومن جهه اخرى بفعل التطور البيئي نفسه بالتفاعل مع الاصطراعية المجتمعية البيئية والالة، الامر الذي يولد اشتراطات مجتمعية كونية ليست نافية للاحادية وحسب، بل وللنوع المجتمعي الارضوي، بحيث تعم المعمورة اشتراطات "اللاارضوية" التي كانت وظلت عند الابتداء مقتصرة على نقطة بمنتهى الصغر في ارض الرافدين جنوبا، وظلت حية وحاضرة تستند وجودا خارج ارضها، لاالى الارض، بل الى الكينونه الازدواجية البشرية.
وتنطوي المجتمعية الارضوية باعلى اشكالها واكثرها دينامية، الطبقية الاوربية على الاسباب المفضية الى انتهاء مفعولها وفقدانها الصلاحية والاستمرارية، ونحن هنا بالطبع لسنا تحت طائلة توهمات مايسمى "علم الاجتماع" الغربي الحداثي، والماركسية في مقدمته، فالمجتمعية الطبقية تلد من بين تضاعيفها الالة، منهية الطور اليدوي الانتاجي، ومدمرة متبقياتها البيئية، اذ تاتي الاله كوسيلة من خارج الكينونة البيئية، ومنها وفي مقدمها الطبقية نفسها، لسبب اساس هو كون الاصطراعية الطبقية مغلقة النهايات، ولايمكن ان تتحقق في مرحلتها الاخيرة الاقطاعية البرجوازية، الا بظهور عنصر ثالث من خارج الطبقتين المتصاعتين، ينهي المجتمعيةالطبقية، بعكس مايتصور التوهميون، الذين يعتقدون ان الاله تسهم في حسم الصراع لصالح الطبقة البرجوازية، ومع دخول العنصر الثالث على (البيئة/ الكائن البشري) لاتعود المجتمعية ماكانته قبلها، فتدخل طورا من الاصطراعية الالية المجتمعية البيئية، تنتهي بولادة وسيلة الانتاج العقلية، وبتراجع، وصولا لتوقف الاليات المجتمعية الارضوية.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا