الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يعني استبدال شعار (وحدة الساحات) بشعار (الصبر الاستراتيجي)؟

ضيا اسكندر

2024 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


ثلاثة أشهر بالتمام والكمال، مضت على الحرب الدائرة بين حركة حماس وإسرائيل، سقط خلالها عشرات الآلاف من الضحايا، بين قتيل وجريح ومفقود مع نزوح مئات الآلاف.. ودمار فظيع للبنية التحتية في قطاع غزة؛ إثر العملية المباغتة التي شنّتها حماس في 7 تشرين أول من العام الفائت، وأطلقت عليها اسم "معركة طوفان الأقصى"، شملت مواقع عديدة في الجانب الإسرائيلي، ونجم عنها مقتل نحو 1200 إسرائيلي وأسر عشرات الجنود برتب عسكرية مختلفة، بالإضافة إلى عددٍ من المستوطنين.
وقد انضم بعض أطراف ما يسمى «محور المقاومة» إلى جانب حماس في الحرب، مؤازرةً ونصرةً للشعب الفلسطيني ولتخفيف الضغط عن المقاومة في غزة، ولكن بأحجام مختلفة ومدروسة بعناية، مع حرصها على عدم توسيع رقعة المعارك والانزلاق إلى حرب شاملة، لا سيما بعد أن هرعت أمريكا بأساطيلها وسياسييها إلى المنطقة، مع تهافت العديد من المسؤولين الأوروبيين دفاعاً عن إسرائيل، وتبريراً لردة فعلها التي لم تكن مفاجئة لأحد على وحشيتها التي فاقت التصور.
في غضون ذلك، تساءل الكثير من المراقبين عن سبب إحجام أطراف «محور المقاومة» عن تفعيل شعار (وحدة الساحات) والذي يعني تحريك كافة الجبهات في الوقت نفسه ضد إسرائيل، حتى لو بدأت المعركةَ إحدى حركات المقاومة لأسباب معينة. وهذه الساحات تشمل قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان والجولان السوري وإيران والعراق واليمن. هذا الشعار الذي صدّع مستخدموه رؤوسنا في السنتين الأخيرتين، حتى بتنا نتلهف إلى خوض حرب أخيرة مع إسرائيل، نسترجع فيها الحقوق المشروعة والمغتصبة منذ عشرات السنين. فما يملكه حلف المقاومة من مقاتلين أشدّاء وأسلحة فتّاكة ومعدّات.. كفيل بتحقيق النصر المؤزّر؛ فإسرائيل ليس بمقدورها تحمّل انهمار عشرات آلاف الصواريخ الدقيقة والمسيّرات في حال انطلاقها دفعةً واحدة ومن جميع الجهات.
إلا أن توقعاتنا باءت بالخيبة والحسرة. فقد اقتصر اشتراك أطراف الحلف في الحرب على ما يسمى الالتزام بقواعد الاشتباك وفق قاعدة كرة الطاولة: ضربة مقابل ضربة، وتوخّي الحذر من عدم رفع درجة تسخين الميدان العسكري إلى ما يؤدي إلى حرب شاملة.
والسؤال: هل يعود السبب في ذلك إلى أن حركة حماس قد باغتت حلفاءها بقرار الحرب، دون تشاور أو تنسيق معهم كما صرّح بذلك جميعهم، وبالتالي فهم غير مستعدين لمواجهة إسرائيل في الوقت الذي حددته حماس؛ لأن خوض الحرب يتطلب إلى جانب الاستعداد العسكري، الاستعداد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وقراءة الظرف الإقليمي والدولي فيما إذا كان مساعداً وملائماً لخوض تلك الحرب.. وغير ذلك من الاعتبارات.
أم أن لكل طرف حساباته الخاصة التي ليست بالضرورة متوافقة مع باقي أطراف الحلف؟
أم أن حجم العداء لإسرائيل يختلف في حدته من طرف إلى آخر؟
أيّاً يكن السبب، فقد استفردت إسرائيل بحركة حماس وكبّدت الشعب الفلسطيني خسائر جسيمة في البشر والحجر كما أسلفنا. وطبعاً إسرائيل بدورها، لحقت بها هزيمة كبرى قلَّ نظيرها في حروبها السابقة جميعها وعلى الصعد كافة. وخاصة في قطاع غزة، فقد أخفقت حتى الآن في تحقيق أيّ من أهدافها المتمثلة بالقضاء على حركة حماس، وتدمير الأنفاق، واستعادة الأسرى دون شرط، وتهجير الشعب الفلسطيني إلى خارج أرضه. وقامت- لاستعادة الهيبة وحفظ ماء الوجه- بخوض هجمات عدة على جميع الأطراف التي ساندت حماس في حربها. فقد استمرت في عدوانها شبه اليومي على مواقع في سوريا دون أن تلقى أي ردّ، واغتالت القيادي البارز في «فيلق القدس» رضي الموسوي بدمشق، وقصفت مواقع الفصائل الموالية لإيران على الحدود السورية مع العراق بالتعاون مع حليفتها أمريكا، التي أغرقت بدورها ثلاثة زوارق يمنية في البحر الأحمر كان على متنها 10 يمنيين قُتِلوا جميعهم، واستهدفت الجنوب اللبناني ردّاً على عمليات حزب الله وقتلت العشرات من عناصره، وصولاً إلى اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري ورفاقه في الضاحية الجنوبية في بيروت.
هذا الرد الإسرائيلي ليس "تأديباً" لما يسمى حلف المقاومة، كما يحلو للبعض تسميته، بل الغاية منه، جرّ المنطقة إلى حرب شاملة تنتقم فيه من خصومها وتردعهم من مغبّة التفكير في هجومهم عليها لسنوات طويلة قادمة، مستغلةً عدم وحدة الصف الفلسطيني وتراخي أغلب الدول العربية والإسلامية في دعمها للقضية الفلسطينية، وغياب الردع الدولي بسبب المصالح، لا سيما تلك الدول التي تُظهر مناصرتها للقضية الفلسطينية سياسياً وإعلامياً وفي المحافل الدولية، وأعني بها في المقام الأول روسيا والصين وكوريا الشمالية والهند وغيرها من البلدان.
في خلاصة المشهد الميداني، يمكن القول إننا شهدنا العديد من التحركات لتثبيت منطق "وحدة الساحات"، لكنها لم تصل إلى مستوى إطلاق الحرب الشاملة والمشتركة. وحرص جميع أطراف ما يسمى "حلف المقاومة" على ترديد شعار (الصبر الاستراتيجي) تحضيراً للمنازلة الكبرى كما يزعم أطراف الحلف المذكور؛ لأن بدء حرب شاملة في هذه الظروف، قد يؤدي إلى حرب دولية كبرى في المنطقة، وخصوصاً في ظل التهديدات الأميركية لإيران وحزب الله بأن توسعة الجبهة ستؤدي إلى ردود قاسية عليهما غير جاهزين حالياً لمواجهتها. مع الإشارة أخيراً، إلى أن توسعة الجبهة وتحولها إلى حرب شاملة، سيظلان احتمالاً قائماً في حال لم تتوقف الحرب على غزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة