الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة والمسارات: محور المقاومة وسؤال اللحظة الاستراتيجية

حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)

2024 / 1 / 8
القضية الفلسطينية


مع نهايات عام 2023م ومطلع شهر ديسمبر من العام نفسه؛ كانت معظم المعطيات تفيد بأن الوضع الجيواستراتيجي الدولي قد حسم الطريقة التي ستنتهي بها حرب غزة، بالنظر إلى موقف المحور الغربي العتيد الذي يمثله الأطالسة بقيادة أمريكا، وموقف محور الشرق الجديد الذي يمثله "الأوراس الجدد" بقيادة روسيا والصين.
لم يكن الجميع يتحمل تكلفة توسعة الحرب وتحولها إلى حرب إقليمية؛ لا أمريكا المستنزفة في إمدادات حرب أوكرانيا أو توقعات تسخينها للملف التايواني، وخطورة أن تتعرض لضربة نوعية واحدة تصيبها بـ"اهتزاز المكانة" وتضعها في الموقف الحرج نفسه الذي وُضِعَ فيه جيش الاحتلال "الإسرائيلي" مع عملية "طوفان الأقصى"، وفي الوقت ذاته الصين وروسيا حرصتا على الحضور في الملف من خلال تصريحات واضحة تدعم محور المقاومة الذي تقوده إيران، وترفض استمرار الضرب المساحي للفلسطينيين.
وكان التوازن الجيواستراتيجي الدولي قد فرض نفسه على الوضع الجيوبولتيكي الإقليمي في البحر الحمر ومضيق باب المندب، بحيث تستمر مناوشات الحوثيين في استهداف السفن المتوجهة أو المرتبطة بإسرائيل لكن دون فرض هيمنة كاملة بالتفتيش أو الاحتجاز، وأن تجاوز هذه القاعدة سيعني ضرب الحوثيين كما حدث مع السفينة التابعة لخط ميرسك وإغراق الزوارق اليمنية التابعة للحوثيين.
وكان الضامن الأمريكي للعدوان "الصهيوني" على حرب غزة قد أرسل الرسالة واضحة لجيش الاحتلال، عندما سحب حاملة الطائرات جيرارد فورد من المنطقة وعندما قيد إمدادات السلاح له ومع التصريحات المتوالية بضرورة إيقاف الضرب المساحي والانتقال للمرحلة التالية التي تعتمد على عمليات انتقائية ونوعية.
لكن دولة الاحتلال بقيادة نتنياهو اتخذت مسارا تكتيكا فرض على أمريكا تغيير موقفها الاستراتيجي؛ عندما اغتالت مسئول الاتصال الإيراني مع محور المقاومة في سوريا، ثم عندما اغتالت العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، حيث نجحت في فرض وجهة نظرها على أمريكا، وفرضت بعملياتها التكتيكية ضرورة عودة الغطاء الاستراتيجي للمظلة العسكرية الأمريكية، المتمثل في إرسال حاملة الطائرات أيزنهاور للمنطقة مجددا لكي تغطي العمليات "الإسرائيلية" استراتيجيا في مواجهة محور المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران نفسها.
والدرس في التدافع الاستراتيجي والتكتيكي كان أن غياب الرؤية التكتيكية الضاغطة من الدول العربية والإسلامية وعدم استغلال الظرف الاستراتيجي الذي كان مهيأ، وبالتالي عدم التحرك في الوقت المناسب وغياب الحلول والبدائل، منح الفرصة لدولة الاحتلال لفرض وجهة نظرها مجددا في العام الجديد حيث استمرت عمليات جيش الاحتلال، وتكررت نغمة التهجير مجددا إلى دول أفريقية، وصرح نتنياهو بضرورة سيطرة الاحتلال على محور صلاح الدين/ فيلادلفيا الفاصل بين حدود مصر والقطاع، وتصاعدت نبرة العداء تجاه مصر في المنابر الإعلامية الإسرائيلية.
وفي الوقت نفسه بادرت جنوب إفريقيا بخطوة تكتيكية شديدة الأهمية؛ عندما تقدمت بدعوى قضائية ضد دولة الاحتلال في محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، بما لها من سلطة أممية تتجاوز "الفيتو" الأمريكي في مجلس الأمن، وتملك حق إصدار قرار بالإدانة ووقف الحرب ذاتها.
لكن إجمالا تطور مجريات الأحداث منذ نهاية شهر ديسمبر والأيام الأولى من العام الجديد 2024م؛ وضعت محور المقاومة وعلى رأسه إيران في مأزق شديد لعدة أسباب تصب كلها في اتجاه استمرار الحرب بعدما كانت كل المؤشرات تقول انها في نهايتها، وهذا وضع خطير لأن إمدادات المقاومة الفلسطينية الداخلية لابد قد وصلت لمستويات حرجة على مستوى المخزون (ونحن اليوم 8يناير 2024م في الشهر الرابع للحرب)، كما أن "المكانة المعنوية" بدأت في الاهتزاز باغتيال مسئول الاتصال الإيراني مع المقاومة في سوريا والعاروري في لبنان.
بما يطرح الآن سؤالا مهما؛ هل سيكتفي محور المقاومة باستراتيجية الصمود وضبط النفس التي سار عليها طوال الفترة الماضية، أم أن تطور الأحداث تستدعي القيام بضربة نوعية ما تدفع الصهاينة إلى الجلوس لطاولة المفاوضات بضغط جيواستراتيجي من أمريكا..!
ونحن نتحدث عن عملية تكسر الثبات الراهن في التوازن التكتيكي والغطاء الاستراتيجي المرتبط به؛ أي عملية نوعية تزعج الضامن أو الراعي الأمريكي لدولة الاحتلال، بما يجعله يضغط على "إسرائيل" لإنهاء الحرب والجلوس على طاولة المفاوضات.
وفي واقع الأمر الصمود والضبط الاستراتيجي والتكتيكي الذي يقوم به محور المقاومة؛ أصبح في موقف حرج وتقول المعطيات العامة بضرورة قيام محور المقاومة بضربة نوعية تجبر الاحتلال والضامن الدولي الجيواستراتيجي له لإنهاء العدوان.. ضربة تجعل الجميع يضغط على دولة الاحتلال ويجبرها على وقف الحرب.
ومن زاوية أخرى هذا موضوع في حاجة إلى دراسة وبحث مستفيضين؛ أي دراسة تنظر في كيفية نجاح "إسرائيل" في تغيير الموقف الجيواستراتيجي الدولي من حرب غزة بالاستناد إلى عمليات تكتيكية! وفي مواجهة الأطراف العربية والإسلامية والدولية معا، دراسة يمكن تكون تحت اسم: "الإشغال التكتيكي في الحروب الجيوثقافية ودوره.. حرب غزة أنموذجا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام لطلاب جامعة غنت غربي بلجيكا لمطالبة إدارة الجامعة بقط


.. كسيوس عن مصدرين: الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على معبر رفح




.. أهالي غزة ومسلسل النزوح المستمر


.. كاملا هاريس تتجاهل أسئلة الصحفيين حول قبول حماس لاتفاق وقف إ




.. قاض في نيويورك يحذر ترمب بحبسه إذا كرر انتقاداته العلنية للش