الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب غزة وتوازن الردع

محمد لفته محل

2024 / 1 / 8
الارهاب, الحرب والسلام


ان الذين يقفون ضد حماس بسبب الدعم الايراني لها سواء بدوافع ايديولوجية او مذهبية فانهم بذلك يخلطون بين الاهداف والوسائل. وباعتقدي ان الاختلاف بين ايران والعرب في القضية الفلسطينية هو ان ايران ترى فلسطين كجزء من الصراع مع امريكا في المنطقة، بينما العرب يرون فلسطين من منظور حقوقي كاستعادة الاراضي وحل الدولتين. ومن الممكن التحالف مع ايران في اطار وحدة العدو وتبادل المصالح مع اختلاف الاهداف. بالضبط مثلما تتحالف ايران مع تركيا وحماس والحوثيون برغم الاختلاف المذهبي.
تصور البعض ان حماس راهنت على تدخل ايران وحزب الله في الحرب على اسرائيل، وخسارة هذا الرهان مؤشر على تخلي ايران عن حلفائها وتوريطهم في حرب خاسرة المستفيد الاول منها هو ايران، وذلك بإشغال عدوتها الاولى اسرائيل في حرب بعيدة عن ارضها او حدودها.
ان من يمتلك حدا ادنى من المعرفة السياسية يستطيع بسهولة ان يعرف ان استراتيجية ايران في صراعها مع امريكا هي الحرب بالوكالة، وانها لن ترد بالحرب الا اذا تم الاعتداء على اراضيها. وعلى فرض تدخل ايران في الحرب مساندة لغزة، فانها ستكون امام القانون الدولي والرأي العام، دولة معتدية هي من بدأت الحرب بدون وجود حلف دفاعي رسمي مع حماس التي هي ليست دولة بالقانون الدولي. بالتالي ليس لدى ايران اي حجة قانونية او تبرير اخلاقي في حربها على اسرائيل، بالعكس ان هذا التدخل الايراني المباشر بالحرب سيعطي اسرائيل الحجة لكي تجر امريكا معها لكي تشارك مباشرة في الحرب، عندئذ ستتحول الانظار من غزة الى ايران وستركز ايران جهدها في الدفاع عن نفسها وليس الدفاع عن غزة، ومن جانب اسرائيل فهي فرصة للاستفراد بغزة. بالتالي فان تدخل ايران العسكري المباشر سيأتي بنتائج عكسية على غزة.
كذلك الحال مع حزب الله في لبنان مع اختلاف الظروف. لقد عاب البعض على عدم اشتراك حزب الله في حرب طوفان الاقصى، وعدوا تدخله في اطار قواعد الاشتباك حفظ لماء الوجه.
والغريب ان هذا الرأي يتضمن فصل حزب الله عن لبنان، وانه حزب تسيره العواطف وردود الافعال، او انه يأتمر من ايران دون اعتبار للبنان. بالتالي ان هذا الرأي ضد لبنان ككل. وبالعكس من هذا الرأي فاني ارى ان تدخل حزب الله كان محسوبا في صالح لبنان وفلسطين، فانا اعتقد ان تدخل حزب الله خارج قواعد الاشتباك لن يخفف الضغط عن غزة بسبب السيادة الجوية والدعم الامريكي والبريطاني، ولنا في محاولة مصر الفاشلة لتخفيف الضغط عن سوريا في حرب اكتوبر مثال على ذلك. كذلك ان تدخل حزب الله في الحرب مرتبط بلبنان ككل و لايمكن ان يرهن الحزب الدولة بقراراته منفرداً، مع ذلك ان تدخل حزب الله وفق قواعد الاشتباك يساهم في استكمال توازن الردع، من هنا نفهم توعد اسرائيل في قصف لبنان بعد الانتهاء من حرب غزة، لأنها ترفض وجود اي توازن للردع في المنطقة، فما بالك اذا كان هذا التوازن على حدودها.
بعد الفشل العسكري لمدة ثلاثة اشهر على غزة بدأ الجيش الاسرائيلي يبحث عن نصر اعلامي، وذلك عبر التركيز على تصوير تدمير الانفاق بطريقة سينمائية بتصوريها بالطائرات المسيرة واظهار عصف الرماد والدخان والتراب، لكي يقولوا للعالم اننا ندمر حماس، مع كل هذا بدأ القادة الاسرائيليون يتحدثون عن مدد طويلة للحرب!. ويبدوا ان عمليات الاغتيال التي نفذت في لبنان هي مؤشر على المرحلة الثالثة في الخطة الاسرائيلية ونقل الحرب الى ارض العدو.
لفت انتباهي صدمة مدح بعض الاسرى الاسرائيليون لسجانيهم من حماس او الجهاد الاسلامي، لكن ما صدمني هو التبرير الاعلامي الناطق بالعربية لهذه المواقف، فقد فسر الاعلام هذا السلوك على انه "متلازمة ستوكهولم"، وهم بذلك قاموا بإخراج الاسرى من البشر الاسوياء وادخالهم في قائمة المرضى النفسيين حتى لا تتغير صورة حماس الشيطانية اعلاميا.
ولقد استثمر نتنياهو هذا السلوك لصالحه حين سمح لهؤلاء الاسرى المحررون بالكلام حتى يخفف ضغط العوائل عليه التي لازالت لديها اسرى لدى حماس، في رسالة فحواها ان ابنائكم بخير لدى حماس فلا تخافوا عليهم ولا تضغطوا علي (اي نتنياهو) لكي ابرم صفقة تبادل اسرى.
والحقيقة ان نتنياهو قرر التضحية بالأسرى ليحقق نصرا سريعا يحميه من الادانة، لكن الوقت بدأ ينفذ والفشل العسكري متواصل والاهداف العسكرية لم يحقق منها غير تدمير غزة وقتل الالاف المدنيين. بينما ظلت مقاومة حماس قوية، والاسرى لازالت بحوزة المقاومة.
سمعت من الكثير بعد حرب غزة، هجوم على الغرب يتهمه بالكذب والزيف في الادعاء بحقوق الانسان بل انه بالعكس راح يصادر حرية الرأي في وسائل التواصل الاجتماعي.
ان المشكلة في هذا الطرح انه يضع اسرائيل والغرب في جهة العدو الواحد، يقابله العرب والاسلام في الجانب الآخر. وهذا بتصوري ما تريده اسرائيل، اذ لطالما ادعت انها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وانها تدافع عن قيم الحرية بوجه الارهاب، وعليه فان هذا الموقف يجعل اسرائيل في حلف لا تنتمي له، ولأن اسرائيل لاتنتمي للقيم الاوربية، لأنها دولة مصطنعة، قائمة على التمييز عنصري، واحتلال الاراضي، ولا تلتزم بالقانون الدولي الذي صاغته الدول الاوربية.
والحقيقة كما اراها ان الدول الاوربية تمارس ازدواجية المعايير على مستوى النخبة لأسباب سياسية او مصالح او تحت الضغط الامريكي، اما شعوبها فرغم التظليل الاعلامي بادرت بإدانة الجرائم الاسرائيلية عبر المظاهرات المنددة والشاجبة لقتل المدنيين، ناهيك عن بعض المواقف الرسمية المنددة ضد جرائم اسرائيل مثل اسبانيا وفرنسا.
ان هذه القيم التي تحترم الانسان وكرامته ليست حكرا للغرب انما نادت بها حضارات سابقة بطرق مختلفة، ويحظى بها المهاجرون العرب في اوربا، ولكي يحظى بها الفلسطينيون ليس من الصحيح مهاجمتها، انما مهاجمة اسرائيل وعزلها عن قيم اوربا بالدعاية الاعلامية وبتوازن الردع. ولايمكن تحميل اوربا وحدها جرائم اسرائيل (رغم محدودية هذا الدور تاريخيا) ضد العرب، لان الاخطاء العربية في التعامل مع اسرائيل هي السبب الاساس فيما تفعله اسرائيل، واول هذه الاخطاء وضع امريكا حكما وحيدا في الصراع العربي الاسرائيلي، والخصم لايمكن ان يكون حكم ابدا، وآخر هذه الاخطاء هي التطبيع المجاني مقابل السلام الوهمي (السلام مقابل السلام، وليس الارض مقابل السلام!!)، وتحويل بوصلة الامن القومي العربي من اسرائيل الى ايران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا