الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقوق تنتزع ولا تعطى

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2024 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يلاحظ كل من يتابع ما ينشر ويذاع في وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الإجتماعي , عما ما يحدث من فضائع ومجازر ترتكبها القوات الصهيونية بحق الفلسطينيين المدنيين العزل الآمنين في منازلهم , بدعوى حق إسرائيل بالدفاع عن النفس, بينما ترتكب كل هذه المجازر التي يندى لها ضمير ألإنسانية ,إن تبقى ثمة ضمير لدى هؤلاء الذين يرون في الضحايا الفلسطينيين , ثمة مخلوقات لا تسنحق الحياة , بينما أقاموا الدنيا ولم يقعدوها لسقوط بضعة ضحايا في الحرب الأوكرانية التي أشعلوا فتيلها ضمن لعبة الأمم . كان الأجدر بهم السعي لإخماد هذه الحرب المجنونة وتهدئة مخاوف روسيا الأمنية المشروعة ,بدلا من ضم أوكرانيا لحلف شمالي الأطلسي الذي لم يعد هناك مبرر لبقائه أصلا , ناهيك لتوسيع عضويته بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي ومنظمة دول حلف وارشو .
لم يعد هناك مبرر على الإطلاق لوجود أحلاف عسكرية تهدد أمن العالم وإستقراره وتستنزف موارد البلدان التي يفترض توجيهها لمعالجة التهديدات الخطيرة التي تواجهها البشرية الناجمة عن تحديات التغيرات المناخية الناجمة عن التلوث الكبير الذي لحق بالبيئة نتيجة أنشطتها الصناعية دون مراعاة لشروط خفض إنبعاثاتها الملوثة للبيئة . أدت هذه التغيرات المناخية إلى التصحر ونقص الموارد المائية في بعض المناطق وتناقص المساحات الصالحة للزراعة , وسيول وفياضانات وعواصف عارمة لأوبئة وامراض في دول أخرى ,وتوسيع رقعة الفقر في دول كثيرة . أما كان أولى بحكومات هذه البلدان توجيه قدراتها العلمية والتكنولوجية ومواردها الإقتصادية الهائلة لحل هذه المعضلات البشرية والسعي لبناء عالم أكثر عدلا وإستقرارا ورفاهية , بدلا من خلق النزاعات بين الدول وصب الزيت فوق سعيرها الملتهب , ليجني منها تجار الحروب أمولا طائلة ملطخة بدماء البشر دون أي إكترث , وما يحصل الإن في قطاع غزة إنموذجا صارخا يهز كل ضمير إنساني منصف .
روجت وسائل الإعلام الغربية بعامة ووسائل الإعلام الأمريكية بخاصة في مطلع الألفية الثالثة , بإنبثاق نظام دولي جديد سيسود العالم أكثر عدلا وإنصافا وأمنا وآمانا لجميع دول العالم صغيرها وكبيرها دون تهميش لأي منها , وستفض النزاعات والصراعات بين الدول على وفق مبادئ القانون الدولي وشرعية قرارات هيئة الأمم المتحدة , وستنتفي الحاجة إلى الأحلاف العسكرية والقواعد الأجنبية في دول الغير , والحد من إنتشار الإسلحة النووية والسعي لتقليص ما هو مخزون منها , وتدمير جميع أسلحة الدمار الشامل بأنواعها المختلفة الكيمياوية والبيولوجية , ليعيش العالم بأسره بأمن وآمان . ولكن سرعان ما تبين زيف تلك الإدعاءات , إذ أصبح العالم أكثر رعبا وأكثر ظلما , بعد أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية القطب الدولي الأوحد الذي يتحكم بالعالم كيفما يشاء على وفق أهوائه ومصالحه . وأصبح واضحا للقاصي والداني أن النظام الدولي الجدييد ما هو إلاّ فرية أريد منها خداع الشعوب , لتمرير مشاريعها العدوانية بغطاء زائف من الشرعية الدولية وشعارات جوفاء من الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان, بينما باتت تنتهك حقوق الإنسان في كل مكان جهارا نهارا دون حياء .
سادت العالم شريعة الغاب حيث يفترس الوحش القوي الحمل الضعيف , وهذا ما بات واضحا جليا للعيان بغزو العراق وتدمير دولته عام 2003 , بفرية إمتلاكه أسلحة دمار شامل مزعومة على الرغم من وجود فرق التفتيش الدولية سيئة الصيت على مدى عقد من الزمان جابت فيه جميع أرجاء العراق دون قيود , دون أن تثبت وجود هذه الأسلحة المزعومة , كما لم تثبت الولايات المتحدة التي إحتلت العراق عام 2003وجود أي أثر أسلحة دمار شامل التي فبركتها لغزو العراق وإحتلاله . ولأنها القطب الأول في العالم المدجج بشتى أسلحة الدمار الشامل لإفناء الكون بأسره وليس العراق فحسب , فإنها خارج نطاق العدالة والمساءلة القانونية.
واليوم ينطبق الأمر نفسه بالنسبة للصهاينة ودولتهم إسرائيل ,مدللة الولايات المتحدة الأمريكية وحاميتها , فهي الأخرى حرة بإرتكاب الفضائع والمجازر بحق الفلسطينيين على مدى أكثر من قرن من الزمان , لا لذنب إرتكبوه سوى مطالبتهم بحقهم بالعيش الكريم في وطنهم فلسطين بدولة فلسطينية حرة ومسقلة شأنهم شأن الشعوب الأخرى . فدولة إسرائيل تمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل بأنواعها المختلفة دون سواها من دول الشرق الأوسط , دون رقيب أو حسيب أو أية مساءلة من أية جهة دولية إطلاقا . ولا تكترث إسرائيل لأية قرارات دولية صادرة بحقها وكأنها غير معنية بذلك وفوق سلطة القانون . ولإ تعير إهماما لتلك القرارات وهي تعلم جيدا أنها محمية من الولايات المتحدة والغربية من أية مساءلة , إذ سرعان ما توجيه نيرانها الحارقة بوجه منتقديها بفرية معاداة السامية .
والأهم من ذلك إستهانتها بالبلدان العربية والإسلامية التي لا ترى فيها أي أهمية , سوى الثرثرة وإلقاء الخطب الرنانة وعقد المؤتمرات وإصدار البيانات التي تدين الممارسات الصهيونية التي لا تقدم ولا تؤخر , ومناشدة العالم لنصرة الشعب الفلسطيني بعد أن تخلت هي عن نصرته , بل ذهب بعضها أبعد من ذلك بالتواطؤ معها في السر والعلن , والشماتة بما يتعرض له بعض قادة الفصائل الفلسطينية المقاومة للإحتلال , من إغتيالات وتصفيات حسدية من قبل القوات الصهيونية , تلك هي مأساة الشعب الفلسطيني الصابر المرابط في أرضه وهو يلعق جراحه دون ناصر أو نصير , وينهض كل مرة كالعنفاءمن الرماد , بكل عنفوان يحدوه الأمل بنصر قادم لا محالة طال الزمن أم قصر .
وهنا نقول أن النصر لا يتحقق بالتمنى , إنما بالإدراك الواعي لطبيعة الصراع وتقدير قدرات طرفي الصراع في كل مرحلة ,وحشد القدرات الوطنية وتعبئة جماهير الشعب تعبئة صحيحة وليس شحن عواطف فقط , وبرمجة عمليات النضال الوطني في إطار ستراتيجيات النضال الفلسطيني وتوقيتاتها الصحيحة , لتفادي الخسائر الفادحة لتحرير الأرض من مغتصبيها الصهاينة ,في إطار بناء الدولة الفلسطينية الشاملة لجميع الفلسطينيين أينما كانوا في الوطن أو المهاجر . والأهم من كل ذلك إبقاف تداعي المنظمات الفلسطينية ووقف التناحر فيما بينها , لتكون كالبنيان المرصوص صفا واحدا بوجه العدو الصهيوني الذي يستهدفها جميعا إن عاجلا أو آجلا , وليكن شعارها لا شيئ يعلو فوق معركة فلسطين العادلة وقضية شعبه المجاهد . وهنا نستذكر قول الشاعر أبو تمام :
السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ
ونختم بقول الشاعر أحمد شوقي :
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غلابا
وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا

المجد والخلود لشهداء فلسطين الأبرار والخزي والعار لمدعي حقوق الإنسان زورا وبهتانا , والنصر قادم بإذن الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس يضاعف التمويل المخصص لقذائف المدفعية عيار 155 ملم|


.. كيف يبدو الوضع النفسي للأهالي في رفح مع استمرار القصف الإسرا




.. المستشفى العائم الإماراتي يجري أكثر من300 عملية جراحية حرجة


.. شهداء وجرحى بقصف منزل عائلة شاهين شمال رفح




.. يحيى سريع: نعلن تنفيذ المرحلة الرابعة من التصعيد باستهداف ال