الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكلبون داود السلمان والنجاة من الحرب بأعحوبة

داود السلمان

2024 / 1 / 9
الادب والفن


مُكبلون داود السلمان.. والنجاة من الحرب بأعجوبة
جلال حسن
سألت الشاعر داود السلمان وهو يوقع ديوانه " للآن نحن مكبلون" الصادر عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، سألته: عن جدوى إصدار ديوان شعر في زمن جدبتْ القراءة فيه، وأصبح الشعر لا يعنى سوى ناظمه؟
أجابني بالقول: أني أجد نفسي في قلمي، وقلمي هو المعبر والكشاف الحقيقي لهواجسي وتطلعاتي ونظرتي للحياة، بما يميز مساحة واتجاه وقوفي في المكان المناسب، وأضاف: ان الكتابة هي التدوين اليومي من خلال رحلتي للأماكن التي أجد نفسي فيها رغم خرائط المتاعب اليومية، لذا أكتب لكي أختلف عن الآخرين أولئك الذين لا يقدرون معنى الكتابة وبالتالي لا يفقهون معنى الحياة، وعليه فان الكتابة هي التجسيد للبقاء الذي يمثلني مضمونا، وهي بلا شك تمثل الأثر الإنساني من خلال المنجز.
ان رأي السلمان يقترب من رأي الشاعر عبد الوهاب البياتي حين قال: أكتب كي لا أموت. أكتب كي أستطيع مقاومة الموت. وهذا يعني الكثير، فما قلته هو جوهر الموضوع وخلاصته.
لذلك نرى ان بعض المشتغلين في حقل الأدب يكون متزنا مع نفسه ورافضا قوالب البيئة التي لا تتوافق مع طبيعته الاجتماعية، ويمتلك من الجدية ما يؤهله للدفاع عن منجزه حتى بصيغة التمرد. فيعتقد ان نجاحه يكمن في ثراء نتاجه الأدبي والفكري والفلسفي وشتى المجالات. بمعنى ان ثراء قيمة منجزه يمثل كيانه وأفكاره ومواقفه.
تضمن ديوان الشاعر داود السلمان "للآن نحن مكبلون" 21 قصيدة تشكلت في بعض عناوينها أسئلة مستفزة من يوميات الحياة التي تحمل كل المتناقضات والتباينات المكانية في مناطق البتاوين وشارع أبي نؤاس ونهر دجلة، لكنه يجيب عن ذلك في قصيدة أسئلة الوجع بقوله: سأحطم قمقم صمتي
وأخرج للناس
بعكاز الكلام!
يبدو ان قراءات السلمان وتحديدا الفلسفية وانشغاله في أعداد سير الفلاسفة، والبحث في المدارس الفكرية والمعرفية والفنية أثرتْ بشكل مباشر على كتابة القصيدة، وتحديدا في القصيدة التي حملتْ عنوان الديوان، حيث انفردت عن طقس القصائد الباقية وطافتْ في عالم آخر يتوزع في تساؤلات وإشارات أخرى،
تساؤلات كثيرة تحتاج الى من يجيب عليها، أسئلة تبدأ من عنوان الديوان، هل يعقل نحن للآن مكبلون؟ ماذا جرى؟ ماذا حدث؟ في عالم يصفه بأنه أتعبته الماورائيات والغلبة؟ ولماذا نكون دائما من حصة الشطار. ولكن من هم الشطار؟ هل هم تجار أم غالبون؟ لذا يصفهم السلمان بأصحاب الفيوضات غير المنتجة! وأنهم هكذا في تشخيص دقيق.
لكن كيف يمكن فهم الزمن اذا كان المقصود بالزمن "الآن" هو اللحظة التي لا تمسكها عقارب الساعة، والوقفة التي لا تتكرر سوى مرة واحدة وتختفي، فكلمة الآن تموت بعد النطق بها، والوقت يسير بانتظام وعجلة، وفيه لحظة تعقب لحظة ثم أخرى وهكذا دواليك.
تبدأ قصيدة " للآن نحن مكبلون "بمصادرة الأحجية ولا تنتهي عند الساحر الأبله الذي يروي للمصابين بالقرف! ولكن ما تزال الأحجية رابضة فوق دفة التفكير، لم تجد حلا ولا فسحة هروب في عالم لا يدرك سر الحكايات.
أذن لماذا أتخذ الشاعر من التغريب مسكنا؟ هل هو عمق الجراحات أم الابتهالات كانت مصدر قلق مضاف لهمومه وتطلعاته، وهل سأم رسم الملامح على وجه الماء؟ لكنه يعود ثانية ليسأل: من يعيد لنا الذاكرة؟ وهنا يشتد تواتر القصيدة لتجيب بألم بعد ان تصف صورتها بكلمة :
نحن مكبلون
نبحث عن منافذ
بعيدة عن تجار الشعارات المستهلكة.
يستمر السلمان في مغامرته الشعرية مستثمرا أدواته الثقافية وبلغة شعرية مكثفة وحادة أحيانا تسكن في مستودع من ذكريات ما تزال عالقة ولا تغادر كأنها حكمة متأخرة على لسان شيخ جليل
وهذا يتجسد في قصيدة " أنها الحرب يا صديقي" عنوان يترك التشظي مخلفا أطنانا من المحن. فهو يستذكر الحرب بمسميات الأمكنة كما في أرض الحرام، وبحيرة الأسماك، وشرق البصرة ،ونهر جاسم، وأم الرصاص تلك الأماكن المخيفة والحزينة التي فقدنا أعز الأحبة والأصدقاء فيها بعد ان ألتهمتهم المدافع والنيران،
لكن الشاعر داود السلمان يقف عند جملة يقول: أنها الحرب! والحرب تعني الموت، الحرب هي فقدان يتشظى في ذكريات مرعبة، لكنه يقف على الناصية ويصيح بصوت عال:
أنها الحرب!
هي الحرب يا صديقي
ووحدي أنا
الذي نجوت منها بأعجوبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع