الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الحوار لا ثقافة الذراع

أحمد السعد

2006 / 12 / 9
ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن


عرف اليساريون والديمقراطيون قبل غيرهم وعلى أمتداد تاريخهم النضالى الطويل بانهم الأكثر تقبلا للرأى الآخر والأكثر استعدادا للحوار – حوار الأفكار – لأنهم لم ولن يؤمنوا بحوار البنادق كسبيل للوصول الى التفاهمات والحلول
ولكن لا بد من الخطوة الأولى وهى التى تمهد لخلق الأرضيه الصلبه لليساريين والديمقراطيين ليفتحوا حوارات مع القوى الأخرى . الأرضيه التى ينبغى تمهيدها هى الأرضيه المشتركه لقوى اليسار من خلال تحالف عريض لا يستثنى طرفا من الأطراف أو جهة محسوبة على اليسار الا ويشركها لكى يتمكن وعلى قاعدة صلدة ان يتحاور مع الآخرين من خلال ثقله وتأثيره على الشارع ولكن لماذا يتعطل هذا المشروع الهام فى العراق اليوم ؟ ولماذا تتهرب قوى اليسار من التقارب وتميل الى تبادل الأتهامات ؟ ، ولعل السؤال المهم الذى يمكن ان يثيره اى شخص عادى وهو لماذا تختلف قوى اليسار فى نظرتها وتحليلها لما يجرى ولماذا تختلف فى توجهاتها وتحليلاتها وتشخيصها لأشكاليات العمل السياسى والجماهيرى ولماذا لاتوحد خطابها السياسى وتوجهها الى الناس بدلا من التقوقع على نفسها وسط حلقات ضيقة من المثقفين ؟ أحزاب اليسار بطبيعتها الماركسيه وغير الماركسيه تدعى تمثيها لطبقات الشعب المسحوقة من عمال وفلاحين وكسبه ومن أبناء الطبقة الوسطى المسحوقين فلماذا تبتعد فى خطابها السياسى عن هذه الجماهير وتخشى النزول الى الشوارع والى التجمعات الشعبية والجماهيرية التى زاحمتهم عليها قوى الأسلام السياسى مستغلة غياب الوجود الفعلى لليسار ومستغلة الجهل والامية والعاطفة الدينية لدى البسطاء لتجرهم بالتالى ليكونوا صوتها ويدها
وقاعدتها الأنتخابية بينما تتطلع الفئات الواعيه من ابناء شعبنا الى قوى شجاعة ذات نظريه ثوريه وعلمية تتصدى للضحالة والسطحية التى غلبت على الشارع العراقى ودفعته بأتجاه الاحتراب والتصادم الطائفى بعد ان نجحت قوى الأسلام السياسى فى تجريد المواطن من وطنيته وأنتماءه للعراق لتدفعه بأتجاه الصدام ليحقق لها مكاسب على الأرض استفادت منها قوى الأسلام السياسى فى تثبيت مواقعها السياسيه والسلطوية ونجحت فى السيطره على مواقع السلطه والأعلام والقوة فى البلد وصارت تتحكم فى الشارع العراقى توجهه حيثما شاءت .
لابد من تطوير ثقافة الحوار وعبر كل الوسائل لتصل الحقيقة الى المواطن كاملة واضحة المعالم ليستطيع الشعب ان يحكم بمنطق الخبير العارف والمجرب وليس بمنطق المظلل المخدوع على هذه القوى جميعا وليكتشف الحقيقة والمعرفة ويتلمس بعد ذلك السبل الفعليه التى تمكنه كشعب ان يحدد ويختار ممثليه . أن من يرفض الحوار ويلجأ الى العنف والأقصاء ويحاول الاستحواذ على الشارع بشعارات وطروحات لا تمت لمستقبل الشعب وحياته وحريته وكرامته وبناء دولته العصرية هو وحده من يعطل اى مشروع للحوار ويقطع بالتالى الجسور التى يجب ان تمتد لتوحد الخطاب الوطنى فى مرحلة الأنتقال الخطيره التى يشهدها الوطن ، الأنتقال من مرحلة الدكتاتورية والشموليه التى فرضها ومارسها حكم البعث الى حكم الشعب بواسطة ممثليه وللوصول الى دولة المؤسسات وسيادة القانون 0
لغة الحوار والمكاشفة والوضوح يجب ان تسود لكى توضع النقاط على الحروف ولكى يتضح للناس من يريد الحوار ومن يرفضه ، من يقبل به منهجا وسبيلا ومن يرفضه ويتجنبه ويقطع الطريق امام اى محاولة للحوار لأنه لا يؤمن الا بحوار الأذرع وحوار الرصاص . هذه للأسف بعض معالم الساحة العربية 0
جمعنى أحد الأيام فى الكويت -وكنت وقتها ضمن وفد عراقى رسمى – لقاء مع صحفى دنماركى وكنا وقتها نهىء لأنتخابات الجمعية الوطنيه ومجالس المحافظات 0 قال لى أنكم فى الشرق تعتقدون جميعا انكم وحدكم على حق والآخر على خطأ ولذلك ترفضون الأصغاء اليه وقبول رايه ، بينما نحن فى اوربا نشعر اننا على حق والآخر يعتقد مثلنا انه على حق فأذا اقصيناه نحن سيفعل هو الشىء ذاته لذلك نحن نقبل ببعضنا ونتعايش معا ويعتبر كل من الآخر كأمر واقع عليه التعايش معه وقبوله والتحاور معه والتعاطى مع طروحاته بأيجابيه ، وعندما نمارس النقد نمارسه بموضوعية ودون المساس بالجوانب الشخصيه ودون كيل للأتهامات 0 بهذه العقليه نمت وتطورت الروح الديمقراطيه لدى الأوربيين وتكرست خلال فترة طويله وجذرت قواعد وأصول وتقاليد بينما لا زالت مجتمعاتنا العربية تتعامل بأسلوب
( كل الآخرين مخطئين سواى) 0
ثقافة الأقصاء ورفض الآخر روجت لها الكثير من الوسائل الأعلامية وغير الأعلامية وتبنتها مؤسسات دينية ومؤسسات السلطه وشخصيات متنفذه حولت العمل السياسى الى عمل عصابات ومافيات تتصارع على السلطه وتتقاتل على المصالح والمنافع والمناصب والسرقة والنهب وتمارس الاغتيالات والتفجير والتهجير وتستهين بحرية الناس وحقوقهم الدستوريه 0 لقد وضعت خطوط حمراء لايمكن تجاوزها او المساس بها او حتى مناقشتها وصارت بعض الرموز والشخصيات بمثابة الآ لهه التى يقدس كل ما يصدر عنها ويرفض ويحارب كل ما يعارضها او يختلف معها فكيف السبيل لترويج ثقافة الحوار فى ظل الحصار المفروض على الرأى الآخر؟
ولكن بقدر ما يبدو الأفق قاتما بقدر ما نزداد يقينا بأن حوار الأفكار وأعترافنا بالآخرين والتحاور معهم وقبولهم والتعاطى معهم كحقيقة واقعة مادام يجمعنا هدف واحد وخيمة واحدة هى العمل الوطنى وأعادة بناء وطن أنهكه التخريب وشعب طال صبره وأنتظاره فمن يجد ان هدفه يجعله يلتقى بالآخرين وينفتح عليهم ويتقبل رأيهم سيكون مدعوا بل وطرفا فاعلا فى الحوار البناء الفاعل وليس تبادل الأتهامات والتشنيع ، الحوار المستند الى بديهية أن الوطن للجميع وأن أبناءه هم احق أن يكونوا حماته والأوصياء عليه من الدخيل والأجنبى والمنتفع والمرتزق والأنتهازى وكل ما افرزته عملية التغيير السياسى التى جرت وتجرى فى العراق اليوم والتى افرزت آلاف الظواهر الغريبه والتى اوصلت البلاد الى مفترقات خطيرة يمكن ان تودى بمستقبله ووحدته ووحدة شعبه .
أعتقد ان موقع الحوار المتمدن قد فتح الآفاق عريضة أمام الديمقراطيين والتقدميين العراقيين والعرب ليقولوا كلمتهم ويسهموا كل من وجة نظره فى تعميق مفهوم الحوار وتكريسه كثقافة وتقليد لا ينفرد به الا المؤمنين حقا بمستقبل العراق الديمقراطى التعددى الحر عراق الأنسان والحرية والتقدم والعراقة والصالة والفن والحب والحياة 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين