الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل أصغر حجما من دورها

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2024 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن لها من الوجاهة ما يبررها العودة إلى دعوة كروبسي والتي لم تكن هي الأولى من نوعها ولكنها ربما هي الأكثر صراحة على الاقل منذ السابع من أكتوبر الماضي تلك الدعوة التي توجه بها للإدارة الأمريكية من أجل صياغة إستراتيجية ما في الشرق الأوسط تقوم بشكل أساسي على احتواء محاولات مد النفوذ الايراني لكسر إحدى اهم حلقات مسار سلسلة السيطرة على منطقة اوراسيا التي تقف وراءها روسيا.
وان أكد سيث كروبسي في دعوته تلك في وول ستريت جورنال التي جاءت تحت عنوان حاجة أمريكا لاستراتيحية في الشرق الاوسط على الدور الاسرائيلي فيها وأهمية ذلك بالنسبة لواشنطن في صراعها للسيطرة على المنطقة والذي من المرجَّح وفقا له أن يتصاعد مستقبلا، باعتباره جزء من الصراع الأوسع من أجل السيطرة على منطقة أوراسيا، وهو ايضا الذي يضع الولايات المتحدة وحلفائها في مواجهة الصين وروسيا وإيران الساعية للتغيير، فإنه دعا إلى ضرورة تعزيز التحالف مع عرب الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
للوهلة الأولى قد يبدو أنه لا يوجد في هذه المقالة-الدعوة ما يستحق التوقف أمامها خاصة وان الولايات المتحدة تقدم كل أشكال الدعم لإسرائيل في الوقت نفسه الذي تقوم به في ترميم ما اصاب علاقاتها مع السعودية من بعض الضبابية جراء الخدوش التي لحقت بها لأسباب شخصية تتعلق بالعلاقة بين ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي اكثر منها تتعلق بمقاربات واختيارات سياسية استراتيحية، والسؤال هنا ماذا أراد أن يقول سيث كروبسي؟؟؟.
في هذا الإطار لا يمكن لأي كان تجاوز قوانين الطبيعة التي تعمل بصورة اساسية وباستقلال تام عن كل الرغبويات والميولات والامنيات، وان هذا الانصياع من قبل كروبسي لعلوية هذا القانون هو ما دفعه لمثل هذا الطرح، إذ انه قبل أن يجازف بالدعوة إلى فك روابط التحالف بين الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل او التخفيف منها فإنه حاول أن يزاوج بين اهمية الدور الاسرائيلي -ولكن دون مبالغة بقدراته- وبين ضرورة عدم إهمال الجانب العربي الذي من شأن تعزيز العلاقة معه ان ينأى بالشرق الأوسط عن محاولات السيطرة عليه أو تقاسم النفوذ عليه مع الاخرين.
وربما يبدو الأمر اكثر وضوحا لضرورة واهمية التوقف أمام دعوة كروبسي، عند تفحص مدى الخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة على مستويي، طبيعة التعامل مع مخرجات الحرب على غزة وتوسيع نطاقها -رغم اوجه التطابق الكبيرة في موقف الطرفين في كثير من النقاط-، حث تسعى حكومة نتنياهو بكل قوة كخيار وحيد أمامها للاستمرار بها وتوسيع مجالاها الاقليمي، فيما ترفض واشنطن ذلك بشدة عبّر عنها قرارها بسحب قوتها البحرية من المنطقة الذي وصفه عاموس هاريل في هآرتس انه خفض ... لا يبشر بالخير لإسرائيل" وعدم الانخراط الفعال في مواجهة الحوثي باليمن رغم توصية لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس بالرد عليهم، وتفعيل الخيار الدبلوماسي عن طريق كل من مصر وقطر بديلا عن ذلك او من خلال ارسال وزيرها للخارجية بلينكن إلى المنطقة الذي يحمل رسالة سلام مع عدم إهمال احتمال الانزلاق إلى حرب إقليمية.
لا شك أن الديناميكية التي اتخذها الرد الاسرائيلي على هجوم السابع من أكتوبر واسلوب إدارة الحرب وانعدام القدرة على تحقيق اي من أهدافها التي أعلنها المستوى السياسي قد أظهر ضآلة حجم إسرائيل في التعامل مع مثل هذه الازمات مقارنة بالتصور الامريكي لحجم هذا الدور خاصة لجهة قيادة المنطقة والحيلولة دون اختراقها روسيا او صينيا عبر اذرعها الاقلينية، وأنها تبقى دولة صغيرة وضعيفة لن يكون بمقدورها استيعاب ملايين البشر الذين يقطنون هذه المنطقة بكل تلويناتهم السياسية والعرقية والايديولوحية والعقيدة، وأنه لابد من البحث أن لم بكن عن بديل لها، فعلى أقل تقدير عن قوى ارتكاز اساسية إلى جانبها.
في كل الحالات فإن المسار الذي اتخذته هذه الحرب يضعنا الان إزاء حقيقة ساطعة تتمثل في تنامي الوعي الأمريكي بعدم قدرة إسرائيل على حماية الدور الأمريكي على المستوى الدولي من خلال المحافظة على مصالحها ومصالح حلفائها الاوروبيين في الاقليم، ومنع اختراقاته من قبل القوى الأخرى التي تحاول خلق قيادة للنظام الدولي بديلة للانفراد الأمريكي بها بالإضافة إلى بناء سلم قيمي بديلا للقيم السائدة في النظام الحالي.
وهذا يحتم على قيادة النظام الاقليمي العربي ووحداته الأكثر تأثيرا في تفاعلاته ادراك أن الحاجة للانتصار الأمريكي في الشرق الأوسط اكثر اهمية من انتصارها في الحرب باوكرانيا ضد روسيا، وأن الشرق الأوسط أن لم يوازي فإنه يفوق جيوسياسيا اهمية اوكرانيا في تقرير مصير النظام الدولي وطبيعة قيادته المستقبلية.
ان التقاط لحظة الوعي الأمريكي هذه وتوسيع نطاقها من الجانب العربي والفلسطيني لا فقط من أجل تخفيف الرهان الأمريكي على الدور الإقليمي لإسرائيل بل للدفع بواشطن لفك عرى تحالفها مع إسرائيل كما أراد أن يقول ذلك كروبسي ولكنه احجم عن ذلك لأسباب مختلفة قد يكون مدخلا لتغيير الإدارة الأمريكية لاستراتيجتها الشرق اوسطية أن اتقنا قواعد الضغط والمساومة سواء مع امريكا او مع بقية أطراف الصراع في النظام الدولي.
هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة