الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط –16

حسام علي

2024 / 1 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


إن البحث عن منابع الطاقة كالنفط والغاز الطبيعي وبقية المعادن، إضافة الى البحث عن الأسواق التجارية لتصريف البضائع الفرنسية، كان من أهم وأبرز ما يحرك السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط بشكل عام وفي العراق بشكل خاص، خاصة في ظل وجود حزب البعث، ذلك أن فرنسا كانت ولا تزال دائمة القلق بالبحث عن أسواق تجارية لتثبيت أوضاعها في كافة الأوضاع. والعراق، زمن حزب البعث، كان يقوم بتأمين ثلث احتياجات فرنسا من النفط، مقابل تصريف سلعها الكمالية والاستهلاكية والاسلحة، لهذا فقد حظيت فرنسا بمكانة عالية في هذا المجال لدى العراق. والشيء بالشيء يذكر، أن فرنسا وشركاتها قد نالت استثناء خاصا من قرار التأميم الذي أصدره رئيس الجمهورية العراقية احمد حسن البكر وقتذاك أي عام 1972، حين أصدر قرارا بإعفاء الحصة الفرنسية من قرار التأميم.
فكان البحث عن مصادر الطاقة كالنفط والغاز، يمثل حجر الزاوية في السياسة الفرنسية مع العراق، حين كان الفرنسيون يصنعون من النفط، صناعات بتروكيمياوية وبقية النتاجات الدفاعية كالاسلحة وتصديرها الى العراق من جديد، ناهيك عن السلع الاستهلاكية الاخرى. ولكي تضمن فرنسا الاطراد في نموها كان يجب عليها أن تبحث عن مصادر جديدة تؤمن لها استمرار سد احتياجاتها الى الطاقة وبالاسعار المناسبة كالذي حصلت عليه من العراق.
ولقد منح العراق على هذا الاساس، ولأسباب سياسية، الأفضلية لفرنسا في ميدان النفط، عليه، قد أتاحت هذه الفرصة لفرنسا أن تصبح ثالث مورد للعراق والثاني من مشتري المواد الخام منه. فكانت سياسة البعثيين العفالقة في العراق، نفطيا، كانت بمثابة دعم واضح للاستكبار العالمي بأن يمارس سياساته في المنطقة ويفسح المجال له لغطرسته وتسلطاته، فأصبح النفط ومشتقاته إضافة الى اسواق العراق التجارية والعقود الخيالية المبرمة، أصبحت ركائز أولى أساسية، طالما حركت السياسة الفرنسية تجاه الشرق الأوسط عموما.
لم لا، وقد وجدت فرنسا في البعثيين آذانا صاغية وأجهزة منفذة لهذه السياسة، وذلك يعود الى رغبات البعثيين القديمة ومشاعر العرفان بالجميل لدى رأس الأفعى (ميشيل عفلق) تجاه فرنسا، باعتبارها البلد الذي احتضنه ورعاه وكونه كقائد أبرز لتحقيق المآرب، وفي المقدمة العمل ضد الاسلام. والدليل على ذلك، أنه لم يكن اعتباطا أن يصدر البعثيين أمرا وزاريا حينها، بجعل اللغة الفرنسية إحدى اللغات الاجنبية الاختيارية لتدريسها في المدارس العراقية إضافة الى اللغة الانكليزية، الاجبارية. بل وزيادة حجم البعثات العراقية الى فرنسا، وفتح أبواب العراق لجيوش من الفنيين والتقنيين العسكريين والمدنيين الفرنسيين للعمل في العراق. هذه كلها، كانت مصاديق لسياسة فرنسية استكبارية تجاه العراق والمنطقة.
من جانب آخر، كان لتواجد الفرنسيين في بغداد، سببا في تمويل الموساد الصهيوني بالمعلومات الكافية والدقيقة عما يجري في العراق، سياسيا وعسكريا على وجه التحديد. وأن الأمر الهام الذي كانت تقوم عليه السياسة الفرنسية تجاه العراق كما ذكرنا، هي مسألة مبيعات السلاح الفرنسي، فقد تحول العراق في عهد البعث العفلقي الى ترسانة فرنسية بل الى سوق لا تبور ابدا، وبذلك أمكن سحب جميع الموارد المالية العراقية، خصوصا البترولية. وقد شكلت صادرات السلاح الفرنسي للعراق بحوالي 40 بالمائة من جملة صادرات فرنسا خلال سني حرب الثمانينات، حتى وصلت قيمة الاسلحة الفرنسية المصدرة الى العراق عام 1983م بحوالي 41 بليون فرنك.
وقد أمكن هذا، لفرنسا، أن تشغل مصانعها وتبيع كل ما لديها من فائض الاسلحة، إضافة الى تمويل مشاريع انتاج اسلحة جديدة بأموال عراقية، فقد شارك العراق بتمويل انتاج طائرات الميراج 4000، وصفقات اسلحة مع شركة طومسون (س. اس. اف) التي بلغت قيمتها في ذلك الوقت، مليار ونصف المليار دولار تقريبا، وعقد البعثيون اتفاقا لنظام الانذار الالكتروني الذي كان الاتفاق بشأنه أن ينصب على الحدود العراقية.
بهذا شكلت الصفقات التسليحية والمعونات الفنية والعسكرية التي كانت تقدم لنظام البعث العفلقي، الصدامي فيما بعد، شكلت العمود الفقري للسياسة الفرنسية في العراق والمنطقة. وكان طارق عزيز وغيره من أركان نظام البعث في العراق، يقومون بزيارات دورية منتظمة الى فرنسا لتلقي الاوامر وتنفيذ الخطط.

// السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، من إصدارات المركز الاسلامي للأبحاث السياسية/1986م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران :ماذا بعد مقتل الرئيس ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيران تعيد ترتيب أوراقها بعد مصرع رئيسها | #التاسعة




.. إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة وتصر على اجتياح رفح


.. تداعيات مقتل رئيسي على الداخل الإيراني |#غرفة_الأخبار




.. مدير مكتب الجزيرة يروي تفاصيل مراسم تشييع الرئيس الإيراني وم