الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(4)

عبد الله خطوري

2024 / 1 / 11
الادب والفن


في الشارع، بدأ الحَر يخف هجيرُه شيئا فشيئا.دبت قشعريرة في جسمه لم يدر سببها .. هي ككل المرات تأتي تذهب لحالها دون يوليها كبير آهتمام .. لتفعلْ ما شاء لها أن تفعل، لن يهتم .. أسْلَمَ رجليْه لحركات ميكانيكية ساقته مباشرة إلى بيت آكتراه له بعضُ مَنْ تعاطف معه من الذين ساندوه في محنته إثر الأحداث السيئة الذكر التي وقعت بُعيد عودته مباشرة من بلاد ما وراء بحار الظلمات .. سحقا .. كم يلوم نفسه لسماجتها وبلاهة عقلها الذي يفكر بالمقلوب أحايين كثيرة أو لا يفكر بتاتا ... فور وصوله المطار أوقفوه .. فور رؤيته لها وقف .. ركن السيارة جنبا .. استجاب لإغراء الغجرية ذات شعر النحاس تحمل صاكا مما يتأبط الشبان على ظهورهم .. تمنحه ما لم يعهده من حبور الأحلام في شفق لا تغيب شمسه المدماة أبدا .. سُحنتها ذكرته تقاسيم غيد الجبال .. كَانَتِ آلْبَلاَشِينُ تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ شَفَتَيْهَا آلْقُرْمُزِيَيْنِ تَبْسِمَانِ فَيَضْحَكُ آلزُّمُرُّدُ وَيَسْتَلْقِي عَلَى قَفَاهُ آلْبَيْلَسَانُ .. لقد غاص في زرقة العينين، استسلم والسلام .. منذ الوهلة الأولى ساد الدنيا ظلام ..

_زيدْ معانا بلا هَدرة بلا كلام تْحَرَّكْ ..

لم يلج بوابة الدخول حتى كان قد دخل وخرج من بوابات أخَر من جهات مغايرة لم يدرك العدد ولا المسافات التي طويت وتطوى تحت هدير العجلات .. يعاود طقوسه بين شد وجذب لعضلات الوجه إذْ يرنو إلى المرآة ببله يكشر عن أسنان نبتت ذات صِبَى برعونة وفوضى كشمبازي يفتعل التثاؤب لا يبتسم لا يضحك يقهقه بجنون دون تظهر أضراسه المسوسة المدسوسة في مؤخرة فمه يخبئ بعضها بعضا في آنتظار معالجة كاد يستعجلها لإرضاء مَنْ ليس يَصدق أبدا .. في البداية، مر كل شيء على أحسن حال كما يتوقعه أي ولهان غرير يُصَدِّق كل ما يقدم له هنيئا مريئا.كل ما تخيله وآنتظره حصل، فلٍمَ الريبة، لِمَ الوجل، والفتاه ذكية تتكلم رموزه الخاصة بلا آلتواء .. عَقْل راجح وألسُنٌ وعواطف بعدد النجوم رحابتُها، مما جعله يغوص أكثر فأكثر في بحر علومها المتنوعة .. لم يكن يفكر بالعودة لولا حديثها المتشعب المتكرر عن البلاد وطيبوبة العباد وعن وعن .. والمرء في آخرالمطاف يحتاج لهدنة مع نفسه يرتاح فيها قليلا يحب يحن يشتاق يُعبِّر عن آدميته المسروقة يعيشها والأهل والعوائل والخلان .. هي عطلة قصيرة ليس إلا، هكذا أفحمته عيناها، هكذا أقنع نفسه، ورمى بحججه وتسويفاته عُرض الهواء وسافرا سوية بعد أن تسَنى له إقناع مديريه من رؤساء الوكالة الكبرى ... حتى ... وقع ما وقع ... تبا ...
فغاجيلُ يملك وجها ضخما مثبتا في واجهة رأس مفلطحة تنوء بحملها رقبته الداخلة بين كتفيه .. رأس كبيرة بزاف يكابد المشاق الجسام في جعلها مستقيمة .. يعمل جهده كي تنضبط في الوسط بين الكتف والكتف مباشرة فوق الرقبة اللينة المغلوبة على أمرها.يميلها يمينا يسارا بقدر يراه مضبوطا محسوبا حسابا طالما جربه في أبحاثه الدقيقة، لكنها تكمل سير الميلان لتهويَ مباشرة .. شُوووتْ .. ماسحة في طريقها هون المسافة التي تفصل الفوق عن ما دونه .. لا جدوى إذا، ستظل الهامة مائلة مُميلَة لوجهة ما دون تعرفَ للاعتدال سبيلا .. سحقا لهاته البطيخة آلدُبَّاء العَظْْمِيَّة البائرة التي لم تنفعه ساعةَ حصحص الحرج فَرَّت كأي كلبة تخون صاحبها مع أي مصادفة ترمي بها أقدار الطريق .. يقول ساخرا .. كذُبالة ذَابلة قَرْعة فَقَعَتْهَا آلْفَواقعُ معوجة ملفوفة حول نفسها لا تثبت على حال واحدة .. يعاود الحركة الميكانيكية نفسها .. لا جدوى .. تنحني في كل المحاولات على أحد الكتفين فيدعها لشأنها منزاحة عن الجادة منحرفة ممسوخة تختلف عن بقية رؤوس الأنام ..

_هاذ الراس قاسح عندكْ ..

قالت له أشباح عاودت زيارته ذات سَحَر .. أمسكتْ بأحلامه سارحة طوقتها كبلتْها بالأصفاد وألقتْ بها في أقباء تحرسها كلاب ذات أذناب مشوكة وهررة برؤوس كرؤوس الثعابين .. وقع كل شيء بسرعة مبرقة .. سألوا لما وصلوا بمعيته إلى مكتب التحقيقات عن كل التفاصيل عن التفاهات عن الجدي من الأشياء عن تخصصه هناك عن العام والخاص من العلاقات عن ما يعلم ولا يعلم عما تحوي رأسه من مشكلات تزعج أرض الظلمات .. قال لهم بنيته الفطرية ما أرادوا لكنهم آستمروا يلعنون يشتمون يهوون بخيزراناتهم يضربون يوقدون في خصيته الكهرباءة .. يدوخ .. ينام .. يرشون سوائل حارقة يفيق بلا صراخ أو مقاومة .. لقد قال كل شيء لكنهم لا يصدقون .. دقت ساعة في مكان ما .. منتصف الليل ربما .. جيييقْ .. فُتحت البويبة على مصراعيها .. دخل أناس عديدون يرتدون وزرات بيض تحسبهم ملائكة بآبتساماتهم آلغناء التي تثير شهية آلاستمرار في الحياة وكانت معهم نساء يبتسمن يحملن آلات غريبة .. يهمهمون يتهامسون بريبة وتواطؤ .. قصدوا أرضية الدص التي صُلبَ فيها بدنه عاريا وسط مستنقع مياه ذات رائحة زنخة .. أغمض عينيه يُدرب نفسه على الهروب إلى حيث لا يستطيع أحدٌ اللحاق به، ولم يكن يسعفه في مهربه غير صندل ميكا أزرق خُصص له ينتعله، كان مرميا قبالته يتأمله، فيَتيه يسيح يطير يسلم أمره لمقاديرهم تفعل به ما يشاؤون .. يخزون المفاصل بمُسننات كأسنان قرش هائج .. يغرسون مِسْحَلا في جبينه الناعس .. لا يبالي لا يحس .. كان البيت الجميل بين المروج برائحة الحطب المحروق إذْ تهيئ أميمتُه خبيز بغرير الأصيل تذكي النار تحت قِدر طعام بازين آلفوار يبلسمُ الجراح ينسيه ما يطرأ يتجدد من آلام تتتابع يقفو بعضها بعضا دون توقف أو هدنة أو لحظة تعب أو سِيرْ الله يسامح حتى لبلاتي آحنا راجعين .. كلما غاب فوج عنّ فوج من حيث لا يحتسب .. قطعوا ما قطعوا .. استعملوا مناشير تْرُونْسُونوزْ أجلسوه على شيء مثل أريكة تغور تغطس في آلأتربة والملوحة في المرارة والقذارة .. حلقوا ذقن جمجمته العظمية بفارة رابوخ النجارين .. أدخلوا مسنا داخل ثقب أذنه اليمنى أخرجوه من اليسرى .. نصبوا أسلاك نحاس مغلفة بألوان مختلفة ألصقوها في مواضع شتى من هيكله .. خيط أحمر جهة المؤخرة .. خيط أصفر يربط الجمجمة ببقية الأشلاء وأسياخ عارية طوقت أسفله وأعلاه .. و .. كانوا ينتظرون أن يبادر بالصراخ أو تبدوَ عليه علامات التأثر، لكنه لم يفعل ..

_آمالْ والدينْ بابكْ واش ماكتحسش واش ماشي بنادم آغَوّااات آلزْعَافْ غي غوتة واحدة نسرحوك يالله طْلَقْنَا نمشيو بحالنا كاملينْ واش عَنْدنا غير نْتَـا آسَرْبينا .. (1)

فعلوا ما فعلوا عنوة استأصلوا شوهوا قلعوا صلموا فقؤوا بتروا .. كانت الشاشة أمامه تعكس فرجة أريدَ له أن تكون صادمة مخيفة قاهرة تختصر المسافة إلى لسانه كي يبوح بما شهد ووعى .. عيناه مفتوحتان عن آخرهما بآلة تُبْقي الأهداب في وضعية ثابتة، لكنه لم يكن يبصر غير أمه في زرقتها البهية تُحَمِّمُهُ في عين بلدة الجبل تُحَيْتَ ردهة عتبة المُصَلى سْوَادَّا نتمزكيدا ..

_حْضا حضا إيتيشن آيُو قْبيحْ آسقَرْ سوسم حوما أورطاحكن خافش إيقرنن نش قَلْ بعدا غرديهات إي الواشون ماينْ غُودان إيليدْ آمْ شَكْ لبدا تْرَوَّانَتْ .. (2)

تهمس أمه مؤنبة ببحات خافتة .. كانت تعدو تلك القُمَيْلات الداكنة تالفة هاربة من رغوة هائلة أحسها تحرق عينيه ..

_آفيقْ الله يحرق والدين مُوك فيق شكون قالك نعاس مْعَا مَنْ تشاورتي آوَلْدْ ( ... )

نزعوا الفروة سلخوها شقوا ثقبا في الرأس أدخلوا إبرة سكبوا سوائلهم .. ذاك ما كان يراه أمامه على شاشة حائطهم العملاقة ..

_إيوَى نْعَاسْ دابا نْشُوفو .. حَلْ عينيك شوف لهيه مزيان .. (3)

ثبتوا الرأس أفقيا جهة شاشة تعرض ما يحدث له بصورة مباشرة حية .. سلطوا أشعة لايزر دقيقة ..فرموا الأرداف .. سحلوا الأحشاء المتداخلة، لم يفكوها عن بعضها، رموا بها كما وجدوها داخل حَمْأتها الفوّارة .. سَلُّوا النخاع .. حفروا وسط الصدر .. قلبُه ينبض لا يزال ... كان حيا مليئا بالحركة يَرى زُلال السحاب ولزوجة سلسبيل يخوض غماره لا يريد أن ينهي عومَه في نُهير وادي البلدة أغزر نتمورت .. استخرجوه من النهر شبه غريق، يَوييتْ وَغْزَرْ، وفور تنفسه شهقة البر الأولى فاق ..

_عَتقاتْ إيسُولْ يْعيشْ يْسُولْ يَطْنَفْرَاكْ آقَرْدُوزْ أوقبيحْ آرَاتْ تَابْصَالتْ .. (4)

_عَتْقُوهْ عَنْداكُمْ يْمُوتْ عنداكم يَنْعَسْ فَيْقُوهْ .. (5)

صرخ أشنبُهم .. استخرجوا قلبَه نابضا .. تبادلته الأيدي .. لم يك هناك دم .. وضعوه جانبا على مائدة مسلخة ثم بقروه .. ذلك ما أريد له أن يرى .. سقطت عقارب الساعة دنت نهاية العالم، أما مغناج الطريق فقد غابت تلاشت .. آه .. لغرارة هذا الرأس الذي فوق آلرقبة ..

_فَاكْ هَـيدْ ميييرْدْ

صرخ ..

_آفيقْ آسيدي سي فيني لُوسْبيكْتاكْلْ ..

قال الذي أعطى لنفسه الحق في الوقوف فوق رأسه ...
رموا بكتلة اللحم الضئيلة في فلاة في حفرة في جب في .. ما عاد يميز المعالم والأماكن والوجوه .. أهالوا عليها أتربة أو شيئا مثل ذلك ثم غادروا مخلفين وراءهم روائح عطنة أغرقوه وسطها مكبلا مخدرا لا يعي ما يقع ...

_يُتْبَعُ ...
☆ترجمات :
1_آمالْ والدينْ بابكْ : مالك لا تستجيب، ثم هناك سب للوالدين واضح في الصيغة المنطوقة
_واش ماكتحسش : ألا تحس
_واش ماشي بنادم : ألستَ إنسانا
_آغَوّااات آلزْعَافْ : اصرخ أيها الشقي _غي غوتة واحدة نسرحوك : صرخة واحدة نطلق سراحك
_يالله طْلَقْنَا نمشيو بحالنا كاملينْ : تململ انطق لكي نغادر هذا المكان جميعنا
_واشْ عَندنا غير نْتَـا آسربينا : هيا استجب عندنا مآرب أخرى غيرك يا هذا

2_حْضا حضا إيتيشنْ آيُو قْبيحْ : انظر انها قميلات بفروة رأسك يا قبيحُ
_آسْقَرْ سُوسَم : اصمت لا تصرخ
_حوما أورطاحكن خافش إيقرنن نش : كي لا يسخر منك أقرانك
_قَلْ بعدا غرديهات إي الواشون ماينْ غُودان : انظر هنااالك إليهم يلعبون ما أحلاهم
_إيليدْ آمْ شَكْ لبدا تْرَوَّانَتْ : ليسو مثلك أيها المشاكس العبثي

3_إيوَى نْعَاسْ دابا نْشُوفو : والآن نم إن آستطعت
_حَلْ عينيك شوف لهيه مزيان : افتح عينيك جيدا انظر هناك مليا
4_عَتقاتْ !! : انْقِذُوه !!
_إيسُولْ يْعيشْ : مازال حيا
_يْسُولْ يَطْنَفْرَاكْ : مازال ينتفض
_آقَرْدُوزْ أوقبيحْ : الغر القبيح
_آرَاتْ تَابْصَالتْ : هاتوا بصلة لإيقاظه
(يبدو أن الشخصية تعيش هنا لحظتين أو أكثر ماضي الطفولة وماضي التعذيب وحاضر يتذكر كل تلك التداعيات التي في ذهنه ملتبسة مشوشة ... )

5_عَتْقُوهْ عَنْداكُمْ يْمُوتْ عنداكم ينعاسْ فَيْقُوهْ : لا تدعوه يموت ابقوه حيا تحت التعذيب اياكم يهرب منكم إياكم ينام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??