الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تربيع السياسة العربية

محمد سيد رصاص

2006 / 11 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ترَكز الفكر السياسي العربي,في فترة الإستعمار الأوروبي,على الإجابة على سؤال:"لماذا تقدم الغرب وتأخر العرب والمسلمون؟",ماأدى إلى طغيانٍ للنزعة التحديثية-النهضوية ذات الطابع التغريبي فيما كانت النزعة الوطنية بتلك الفترة في حالة بعد عن الإتجاه التحديثي وإن وجدت حالات قليلة جمعت الإثنين(الليبرالي سعد زغلول الذي جمع في حالة عربية نادرة بين الليبرالية والوطنية),بينما حصل في فترة مابعد قيام دولة اسرائيل موجة من الفكر(القومي-الوطني) استمرت إلى عقد السبعينيات عندما حصل بداية استعادة لسؤال الديموقراطية,الذي فرض نفسه على الجميع طوال العقود الثلاثة الماضية بمافيهم الإسلاميين ,الذين كانوا في حالة من المد خلال الربع الأخير من القرن العشرين.
من الواضح ,الآن,أن هذه المراحل الثلاث قد وصلت إلى منتهى معين,لم يستطع معه العرب أن يحققوا جدول أعمال تلك المراحل,حيث من الجلي أن الأبعاد الثلاث:الوطنية-الديموقراطية-التحديث,مازالت راهنة وغير منجزة على الصعيد العربي,وخاصة مع عودة الاحتلال إلى المنطقة العربية من قبل القطب الواحد للعالم,في ظاهرة لانجد مثيلاً لها في مناطق أخرى من العالم,وهي الأولى من نوعها منذ انتهاء أشكال الاستعمار القديم,فيما من الواضح فشل عملية بناء الديموقراطية في البلدان العربية,أوانسداد أفقها,أووصولها إلى شكل من(الديموقراطية المحدودة),التي يحدِد فيها الحاكم الخطوط الخضر والصفر والحمر(=مصر),بينما نجد التأخر وعدم القدرة على الدخول في عمليتي التنمية والتحديث,بخلاف دول عاشت أوضاعاً شبيهة وانطلقت من نقطة مثيلة مع انتهاء عملية الاستعمار(=الهند).
منذ فترة,بدأ بعد رابع يطلُ برأسه على السياسة العربية,هو الاقتصاد,وخاصة في الدول التي تولى (اليسار القومي- الوطني) زمام الأمور فيها,حيث تحصل الآن عملية تشكُل للوحة اقتصادية-اجتماعية يبدو أنها تتجه إلى فرز طبقي حاد,وإلى انحسار وطحن للفئات الوسطى,فيما من الواضح نمو اتجاهات ليبرالية معارضة عند فئات التكنوقراط,والمتعلمين,والكثير من أفراد الفئات الوسطى ,بالتوازي مع ارهاصات أولية للإتجاه نحو ليبرالية اقتصادية"ما",يبديها الأغنياء الجدد الذين صعدوا اقتصادياً عبر سُلَم السلطة وتمَت عملية تراكمهم الرأسمالي من خلال سيطرتهم أوتحالفهم أوتعاونهم مع الممسكين بالقرار السياسي,باتجاه التخلي عن نمط (رأسمالية الدولة),أوتقييده,وإن كان ليس واضحاً بعد رؤيتهم السياسية لموضوع الحريات الديموقراطية أولموضوع التحديث,فيما ينوس هؤلاء الأخيرين بين البحث عن"شرعية دولية",عبر تلبية متطلبات(القطب الواحد),وبين مقاومته أوفرض شروط وأوضاع تضمن استقلالية"ما".
نجد,الآن,كيف تتوزع التيارات السياسية العربية على هذه الأبعاد الأربعة,ونادراً مانجد تياراً يجمعها معاً,فيما نرى كيف تركز تيارات على أحدها(الوطنية=القوميون,الإسلاميون),(الديموقراطية=الليبراليون),أوبعضها(الديموقراطية والتحديث=الليبرالية,اليسار),وكيف تستبعد أحدها(الوطنية=الليبرالية,التحديث=الإسلاميون),فيما يلاحظ عدم تركيز التيارات السياسية,ماعدا اليسار,على موضوع الاقتصاد,حيث يلمس حتى عند الليبراليين برنامجاً سياسياً للحريات واتجاهاً للتحديث من دون برنامج اقتصادي واضح المعالم.
يبرز الآن التداخل بين الأبعاد الأربعة التي أصبحت فارضةً لنفسها على مدارات السياسة العربية,وفي الوقت نفسه فإننا نجد العرب وقد عادوا,في الفترة الأخيرة مع سقوط بغداد بيد الاحتلال الأميركي,إلى المربع الأول(=الوطني),الذي يبدو أنه يحدِد التناقض(الطابع)الرئيس للمرحلة الراهنة,من دون امكانية لحصر المسألة في هذا البعد,كما حاول وطنيو مرحلة الإستعمار,بل هناك تداخل كبير للأبعاد الأربعة,وإن كان يمكن القول,في مجتمعات مازالت تعيش مرحلة(التحرر الوطني)ولم تتجاوزها أوتحققها بعد,بأن المهام الأخرى,أي الديموقراطية والتحديث والمنحى الاقتصادي,تتحدَد عبر دلالة(الوطني),وليس العكس.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف