الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعديل القوانين الاتحادية من قبل سلطات الاقليم تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا (178/اتحادية/2023)

عباس مجيد شبيب
باحث قانوني

(Abbas M. Alshemery)

2024 / 1 / 12
دراسات وابحاث قانونية


أصدرت المحكمة الاتحادية العليا القرار انفاً بتاريخ 15/10/2023 ، بمناسبة دعوى اقامها ( المدعي ) لغرض الحكم بعدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2004 الصادر من برلمان اقليم كوردستان المتضمن تعديل تطبيق قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 الذي تضمن (وقف نفاذ الفقرة ( ١ ) من المادة ( ٤٠٨ ) من قانون العقوبات رقم ( ١١١ ) لسنة ( ١٩٦٩ ) المعدل في اقليم كوردستان – العراق ويحل محلها ما يلي : -
١ ) – يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات من حرض شخصا او ساعده باية وسيلة على الانتحار او تسبب فيه اذا ما تم الانتحار بناءا على ذلك ، وتكون العقوبة الحبس في حالة الشروع . ) وتضمن قرار المحكمة الاتحادية العليا ما يأتي:
أولاً-الحكم بعدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2004 الصادر من برلمان كوردستان-العراق اعتباراً من تاريخ صدور هذا الحكم وليس من تأريخ نفاذ التعديل في الاقليم.
ثانياً-يسري الحكم بعدم الدستورية لعبارة (أو تسبب فيه) الواردة في المادة (1) من القانون رقم(42) لسنة 2004 الصادر عن برلمان إقليم كوردستان –العراق اعتباراً من تاريخ نفاذ التعديل في 28/11/2004، والعمل بأحكام النص الأصلي للمادة (408 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل).
وبشأن احكام القرار نسجل الاتي:
1.تضمنت احكام المادة ( 110) من دستور العراق لسنة 2005 ، تنظيم الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية ونصت على (تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الاتية :
اولا : - رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، والتفاوض بشان المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وابرامها، ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية .
ثانيا : - وضع سياسة الامن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك انشاء قوات مسلحة وادارتها، لتامين حماية وضمان امن حدود العراق، والدفاع عنه .
ثالثا : - رسم السياسة المالية، والكمركية، واصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الاقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة النقدية وانشاء البنك المركزي، وادارته .
رابعا : - تنظيم امور المقاييس والمكاييل والاوزان .
خامسا : - تنظيم امور الجنسية والتجنيس والاقامة وحق اللجوء السياسي .
سادسا : - تنظيم سياسة الترددات البثية والبريد .
سابعا : - وضع مشروع الموازنة العامة والاستثمارية .
ثامنا : - تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج العراق، وضمان مناسيب تدفق المياه .
تاسعا : - الاحصاء والتعداد العام للسكان .) ، اما الاختصاصات المشتركة فقد نظمتها احكام المادة (114) من الدستور بالنص على (تكون الاختصاصات الاتية مشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم :
اولا : - ادارة الكمارك بالتنسيق مع حكومات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، وينظم ذلك بقانون.
ثانيا : - تنظيم مصادر الطاقة الكهربائية الرئيسة وتوزيعها .
ثالثا : - رسم السياسة البيئية لضمان حماية البيئة من التلوث، والمحافظة على نظافتها، بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم .
رابعا : - رسم سياسات التنمية والتخطيط العام .
خامسا : - رسم السياسة الصحية العامة، بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم .
سادسا : - رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة بالتشاور مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم .
سابعا : - رسم سياسة الموارد المائية الداخلية، وتنظيمها بما يضمن توزيعا عادلا لها، وينظم ذلك بقانون) ، وفي حالة الخلاف بين القانون الاتحادي وبين قانون الإقليم فان الدستور بين باحكام المادة (115) الالية الواجب اتباعها بهذا الشان بالنص على (كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم، تكون الاولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، في حالة الخلاف بينهما ) .
2. ان تعديل القانون الاتحادي من قبل سلطات الاقاليم والمحافظات ورد باحكام المادة (121) من الدستور بالنص على (اولا : - لسلطات الاقاليم، الحق في ممارسة السطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفقا لاحكام هذه الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصات حصرية للسلطات الاتحادية .ثانيا : - يحق لسلطة الاقليم، تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم، بخصوص مسالة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية .ثالثا : - تخصص للاقاليم والمحافظات حصة عادلة من الايرادات المحصلة اتحاديا، تكفي للقيام باعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها .رابعا : - تؤسس مكاتب للاقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية . خامسا : - تختص حكومة الاقليم بكل ما تتطلبه ادارة الاقليم وبوجه خاص انشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي للاقليم كالشرطة والامن وحرس الاقليم ) عليه فان تعديل القانون الاتحادي يكون وفق احكام المادة انفاً.
3.بعد ان بينا الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم ، يبرز التساؤل الاتي ، هل يُشترط اصدار قانون بالاقليم لكي يجري تعديل تطبيق القانون الاتحادي ؟ وهل يجب ان يكون القانون في الاقليم صادر قبل القانون الاتحادي ام بعده لكي يجري التعديل ؟ وهل يشترط لتعديل القانون الاتحادي ان يكون بالاختصاصات المشتركة فقط ام ينصرف للاختصاصات التي لم تذكر في الاختصاصات الحصرية والمشتركة؟ وهو ما نحاول الاجابة عنه وفق الاتي:
أ.بالنسبة الى السؤال الاول فقد اجابت عنه المحكمة الاتحادية العليا ، بانه يشترط للركون لاحكام المادة(121/ثانيا) من الدستور ، ان يكون هناك قانون صادر من الاقليم يتضمن تعديل تطبيق القانون الاتحادي ، اي بمعنى ان يكون هناك قانون صادر من الاقليم يتضمن تنظيم الاوضاع القانونية التي ينظمها القانون الاتحاي ومن ثم يجري تعديل القانون الاتحادي ، من خلال هذا القانون اما اصدار قانون لتعديل القانون الاتحادي ، فانه لايمكن الركون اليه وهو مايحسب للمحكمة الاتحادية العليا ، من خلال تفسير النص تفسيراً دقيقاً وفق الصلاحيات الممنوحة لها اثناء نظر الدعوى الدستورية ، ولكن المحكمة لم تبين لنا هل يجب ان يصدر القانون لاحقاً للقانون الاتحادي وماهو الاجراء اذا كان قانون الاقليم صادر قبل اصدار القانون الاتحادي سيما مع الوضع القائم في اقليم كوردستان مشيرين الى ان النص لم يتضمن هذه التفاصيل باحكام الدستور مما يستلزم معه تبيان ذلك بصورة دقيقة ؟ اذ ان احكام المادة (141) من الدستور نصت على ( يستمر العمل بالقوانين التي تم تشريعها في اقليم كردستان منذ عام 1992 وتعد القرارات المتخذة من حكومة اقليم كوردستان ـ بما فيها قرارات المحاكم والعقود. نافذة المفعول ما لم يتم تعديلها أو الغاؤها حسب قوانين اقليم كوردستان من قبل الجهة المختصة فيها، وما لم تكن مخالفة لهذا الدستور) ، عليه فان القوانين الصادرة في الاقليم قبل نفاذ الدستور يجب ان لا يستمر العمل فيها استجابة للنص ويجب ان لا يصدر اي قانون بعد نفاذه يخالف احكام الدستور ، ومن ثم فان النص يشترط لتعديل القانون الاتحادي ان يصدر قانون بعد نفاذه ويجري بموجبه تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقيم بما لا يخالف الاختصاصات الحصرية الواردة باحكام الدستوركما بينا سابقاً.
ب.اما بالنسبة للسؤال الثاني بشان تعديل القانون الاتحادي كونه ينصرف الى الاختصاصات الحصرية ام المشتركة ام الاختصاصات التي لم يجر ذكرها بالدستور ، فقد بينت المحكمة الاتحادية العليا بان تعديل القانون الاتحادي يكون بالاختصاصات المشتركة من دون الاختصاصات الحصرية ، وهو امر واضح وجرى الاشارة اليه باحكام الدستور نفسه باحكام المادة (121/ثانيا) ، ولامجال قانوني للخوض فيه ، ولكن ما لم يجر الاشارة اليه ، ماهو الحكم في حال جرى اصدار قانون اتحادي بشان اختصاصات معينة لم يرد النص عليها بالاختصاصات الحصرية او بالاختصاصات المشتركة وهل يجر الحكم نفسه ام يكون الحكم مختلف ؟ نرى ان كل ما لم يرد النص عليه في الاختصاصات الحصرية او المشتركة يكون من اختصاصات الاقليم او المحافظات بستثناء مايرد من السياسة العامة ، وعليه فان الاقليم بامكانه اصدار قانون بشان الاختصاصات التي لم يرد ذكرها بالدستور وبامكانها تعديل اي قانون بشان هذه الاختصاصات وهو ماجرى توضيحه ببحث سابق بشان الاختصاصات الزراعية .
ج.تضمن القرار الاشارة بصورة دقيقية الى تاريخ سريان القرار بصورة واضحة ، سيما ان سريان قرارات المحكمة بشان النصوص الجزائية جرى تنظيمها باحكام المادة (37) من النظام الداخلي للمحكمة رقم (1) لسنة 2022، الذي نص على(اولاً:يسري اثر الحكم الصادر من المحكمة في غير النصوص الجزائية من تأريخ صدوره اذا نص الحكم على خلاف ذلك
ثانياً:يسري الحكم الصادر بعدم دستورية النصوص الجزائية من تاريخ نفاذ احكام النص موضع الحكم) ، ولذلك جرى الاشارة الى تاريخ نفاذ الحكم موضوع الدعوى اذ ان الطن يتعلق بالطعن بنص جزائي .
4.لقد اجادت المحكمة الاتحادية العليا بتسبيبها لاحكام القرار وقراءتها لاحكام الدستور والقانون ، وبما ينصرف الى جميع النصوص الدستورية ذات العلاقة والتي اشرنا لها بالبحث سابقاً ، وبصورة تفصيلية بشان موضوع الطعن والتي تستحق الثناء والتقدير عليه.
المستشار القانوني د.عباس مجيد الشمري
باحث قانوني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل بيني غانتس لإتمام صفقة تبادل ا


.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة




.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم


.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا




.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا