الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقايا جسد

احمد الحمد المندلاوي

2024 / 1 / 12
الادب والفن


وصلني من من / د. ضياء عبد الخالق المندلاوي

موسوعة مندلي: مشاركتي في مسابقة (الابداع الثقافي) التي اقامتها وزارة الثقافة - دار النشر والثقافة الكوردية بالتعاون مع رابطة مثقفي وفناني الكورد خارج الاقليم، وفوز قصتي (بقايا جسد) من ضمن افضل ثلاث نتاجات فنية وثقافية مقدمة للمسابقة..
و طياً نص القصة .. بقايا جسد:
لَمْ يَكُنْ لَدِيْها سِوَى مَكَانٌ وَاحِدً تَشْكُوْ لَهُ هَمُهَا، ذَلِكَ المَعْبَدُ الذِيْ تَتَعَبَدُ فِيْهِ.. تَتَأمَلُ رِسُوْمَاتٌ كَانَتْ مَنْقُوشًةُ عَلَى جُدْرَانِهَا .. إذْ كَانَ صَدْرٌ حَنُوْناً تَقُصُ إليْهِ حِكَايَاتُهَا الأليْمَةِ، حَتَى أتَى ذَلِكَ الغَرِيْبَ، لِيَقْتَرِبُ مَنْهَا بِنَظْرَاتِهِ الثَاقِبَةِ... وَكَلِمَاتِهِ التِيْ يُزَوِقُهَا بِالشِعْرِ... لِيُغَيْرَ كُلَ شَيٌء مِنْ حَوْلُهَا .. تَبَادَلَتْ مَعَهُ النَظَرَاتْ بِتَلْكَ عَيْنِيْهَا اللامِعَتِيْنِ.. مَسَكَ الغَرِيْبَ يَدَهَا وَهُوَ يَنْظُرُ لِعِيْنَيْهَا لِيُعَبِرَ عَنْ إعْجَابِهِ.. وَفَرِحَتْ كَثِيْرَاً بِبَعْضِ الأبِيَاتِ الشِعْرِيَةِ التِيْ قَالَهَا فِيْهَا ، لِيُنْسِهَا ظُلُمَاتِ الزَمَنِ .. فَدَخَلَ عَالمُهَا دُوْنَ أسْتِئْذَانِ .. فَأرْتُوَتْ الإزْهَارَ.. وَفَاحَ العَبِيْرُ وَغَرَدَتْ العَصَافِيْرُ فَأصْبَحَ كُلَّ شَيٌء جَمِيْلٌ يَنْبِضُ بَالحَيْاةِ .. إذْ أحَبَتْهُ بِكُلَّ ذَرَةً مَنْ كِيْانِهَا ، وأصْبَحَ الهَوَاءُ الذِيْ تَتَنَفَسَهُ .. فَتَنَحَىْ الحُزْنَ عَنْهَا ، وَشَعَرَتْ وَكَأنَّ الحَيَاةَ تَنْبُضْ مَنْ جَدِيْدٍ .. وَكَانَتْ عَلى اسْتِعْدَادٍ إنَّ تُحَارِبَ العَالَمُ كُلَّهُ مَنْ اجْلِهِ .. مَنْ اجْلِ أنَّ يَكُوْنَا مَعَاً وَيَظُلا مَعَاً للأبَدْ .. كَانَتْ تَتَطَلَعْ إلى أنْقِضَاءِ الأشْهُرِ القَلِيْلَةِ البَاقِيْةَ لِتَسْتَعِدَ لِحَفْلَ زَفَافِهَا وَتَرْتَدِيْ ذَلِكَ الثَوبَ الأبِيَضَ .. كَمَا اتَفَقَا ، لَكِنَّ القَدَرَ أبَىْ أن تتَحَقَقُ تِلْكَ الأُمْنِيَةَ .. مَرَتْ الرِيْاحُ بِجَانِبِهُمَا لِتَحْمَلَ مَنْ بَيْنِ يَدَيْهَا أوْرَاقٍ كَانَتْ مَكْتُوْبَةٌ تَتَسَاقَطُ عَلى صَفْحَاتِ المَاءِ لِتَصْدُرَ مَوْجَاتٌ دَائْرِيَةٌ فَاهْتَزَتْ أزْهَارَ اللُوْتَسَ .. كَانَ مَنْ وَرَاءِ الكَوَالِيْسِ رَجُلٌ يَرْتَدِيُ قُبَعَةٌ حَمْرَاءَ يُرَاقِبُ تَلْكَ الصُوْرَةُ الجَمِيْلَةُ وَهُمَا يَتَرَاقَصَانِ .. لمْ تَكُنْ تَعْلَمُ بِمَصِيْرَهَا المَجْهُوْلِ .. فَقَدْ انْحَدَرَتْ نَجْمَةُ مُلْتَهِبَةً ، لِتَح0ح0ُ0طَ فِيْ وَادِيْهَا الأخْضَرِ ، فَتَعَرَتْ أوَرَاقُ أشْجَارَهَا فَجْأةً ، وَتَيْبَسَ العِيْدَانَ ، وَمَاتَتْ الأغَانِيَ التَيْ كَانَتْ تَمْلأ السَمَاءُ .. وَانْقَلَبَ المَعْبَدَ إلى صَحْرَاءٍ مُنْعَزِلَةِ، تَلتَهِبُ رِمَالهَا بِشَمْسٍ قَاسِيْةٍ شَرِسَةٍ .. لِيَعْلُنَ الغَدْرَ رَايَتِهِ .. لَحَظَاتٌ وَانْتَهَى كُلَّ شِيٍء... وَصَاحِبَ القُبَعَةَ يُرَدِدُ.. هَذَا أنَّا مَا كُنْتُ أرْنُوْ إليْهِ ..هُنَا تَجَمَدَتْ اللَحَظَاتَ وَأخَذَتْ الأنْفُسُ تَسْتَغْفِرُ للرُوْحِ عَنْدَ مَسَامِعُ الجَسَدَ.. فَسَنَدَتْ نَفْسَهَا عَلى حَائْطِ المَعْبَدِ تَتَلَمْسُ رِسُوْمَاتُ المَاضِيَ ، لأوْلِ مَرَةٍ شَعَرَتْ بَالهَوَاءِ الثَقِيْلِ ، بَالفَرَاغِ يُغْلُقُ وَقْتَهَا .. رَغْمَ إنَّ التَارِيْخَ يُصَرِخُ حَوْلَهَا مَنْ دَاخِلِ تَوَابِيْتِ المِلُوْكِ وَتَمَاثِيْلُ الإلِهَةِ .. فَأنَّ صَدَى صَرْخَتِهَا ظَلَتْ مَكْتُوْبَةٌ دَاخِلَ إحْدَى غُرَفَ المَعْبدَ الرَطِبَةِ البَارِدَةِ لِتَغْمُضُ عَيْنَيْهَا وَتُتَمْتَمَ بِرُؤيْةِ أحْبَبْتُكَ مَنْ كُلِّ زَوَايَا جَسَدِيْ كَانَتْ تَنْطُقُ اسْمَهُ بِبُطءْ لِتُوَدِعَ كُلَّ حَرْفٍ مَنْهُ .. وَتَمَنَتْ عَنْدَمَا لامَسَتْهَا الرِيْحَ أنْ لا تَرَى النُوْرَ مَرَةٌ أخْرَى فَتَكُوْنُ آخرتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس