الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقسام السودان بين البرهان وحميدتي

خالد حسن يوسف

2024 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


عرف السودان واقع الصراع السياسي بين قواه السياسية وتعدد حروبه الأهلية منذ عقد الستينيات، وتكلل ذلك بحدثين مفصليان هما وصول الجبهة الإسلامية القومية وانفصال جنوب البلاد عن الدولة، وخلال تلك المسيرة السياسية الشاقة، ظل الجيش السوداني صمام أمام الدولة، رغم كم العتراث التي واكبت التاريخ السياسي للبلاد.
ومن ضمن الاعباء التي ألقت بضلالها على السودان تأسيس نظام البشير لدولة موازية لسيادة الوطنية كان من اشكالياتها إيجاد ميليشيات الدفاع الشعبي، قوات التدخل السريع كقوى مسلحة موازية للجيش، هدفها حماية أمن النظام وقمع المعارضة والمؤسسة العسكرية ذاتها.

ومع تنحية البشير عن الحكم استفادت قيادة قوات الدعم السريع من اضطراب الواقع السياسي في البلاد وفرضت ذاتها كقوة سياسية وعسكرية وأصبحت بجزء رئيسي من مؤسسة صنع القرار ممثلة في المجلس السيادي الحاكم، ومن خلال ذلك الواقع أصبح لهذا المكون السلطوي في البلاد مريديه وبغض النظر عن طبيعة مشروعيته السياسية.

وكان من المفترض أن تقوم قيادة الجيش السوداني بإزاحة قيادة قوات الدعم السريع مبكرا من المشهد العام، الا ان انشغال جنرالات الحكم في الصراع السياسي مع القوى السياسية والمدنيين مكن لدعم السريع، وأصبح قائدهم الرجل الثاني في الحكم وممثلهم في السلطة.

وخلال السنوات الأخيرة أصبح لهم ارتباطتهم الخارجية وهو ما أسفر عن اختراق السودان والعبث بسيادته واضعاف القرار السياسي لدولة، وواقع المواجهة ما بين الفرقاء السودانيين أكد على مدى حجم الدعم الخارجي الذي يناله الدعم السريع.

في المحصلة بلغت الأمور منحى الحرب الأهلية في البلاد بحكم كون أطرافها سودانيين، وفي ظل تورط الكثير ممن يدفعون بالواقع نحو البعد العرقي والجهوي، معتقدين بأن اختزال الصراع في هذه الأبعاد سيحقق لهم مكاسب سياسية، وسيمكن من الحصول على حالة استقطاب سياسي كبير شعبيا.

وفي حال القضاء على الدعم السريع سياسيا وعسكريا سينتهي الأمر في إتجاه حدوث حالة ضرر بالغ في تصدع النسيج الاجتماعي السوداني، خاصة وأن حجم الفجوة في الاوساط السودانية أصبح بالغ الأثر، بينما سيخلق عدم تمكن الجيش من هزيمتهم وتعقد الصراع فيما لا يخدم مستقبل واستقرار السودان.

كما أن حجم الهجرة والنزوح الكبير لسودانيين والذي بلغت اعداده أكان في إطار الدولة ذاتها أو نحو الخارج يعد واسعا جدا، ويشمل مناطق لم تعهد ذلك من قبل خاصة العاصمة وجوارها، ناهيك عن الضرر البالغ للبنية التحتية، فالمناطق التي كانت تفيما مضى تستوعب الهجرات الخارجية من دول الجوار والنزوح الداخلي السوداني أصبحت تشهد واقع تحرك عكسي طارد.

أما دفع وتشجيع البرهان الشعب لحمل السلاح لمواجهة الدعم السريع، سيدفع البلاد للانزلاق في حرب أهلية، وهو مؤشر جدي على عدم قدرته على حسم الصراع مع خصومه سياسيا وعسكريا، وهو ما سيطيل الصراع، فالمراهنة على بعض الشرعية السياسية في زمن الحرب لن تحسم حالة الصراع بين الطرفين، وذلك في ظل امثلاك الدعم السريع لأدوات القوة.
ن وجود قوات الدعم السريع بحد ذاته ليس إشكالية بقدر ما أن المعضلة تكمن في تعدد مراكز قرار الدولة، والذي يعد بظاهرة لم يعهدها السودان المعاصر.

لدى يكمن طوق النجاة في عدم حرف الصراع عن بعده السياسي، وعدم تحميله ما لا يطاق من أبعاد عرقية وجهوية، فكيف سيتم إقناع قطاع عريض من جنود الجيش المنحدرين من غرب السودان، بموقف قيادة الجيش في ظل حالة اصطفاف على الهويات، كما أن الجيش ذاته في دارفور تعاطى تاريخيا نفس الممارسات والماخوذة على الجنجويد والذين أصبحوا رديفا لدعم السريع، والذي يشمل حاليا مكونات سودانية عديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز