الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستبداد والمظلومية

غالب المسعودي
(Galb Masudi)

2024 / 1 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الشعور بالمظلومية والرغبة في الاستبداد هما تحديان يمكن أن يؤثرا على الديمقراطية في اكثرالحالات. عندما يشعر الأفراد بالظلم أو التهميش أو عدم الحصول على فرص متساوية، قد ينشأ لديهم رغبة في تحقيق العدالة عن طريق الاستبداد أو تحقيق السلطة الشخصية.
مثل هذه المشاعر قد تنشأ نتيجة لعدة عوامل، بما في ذلك الفقر، والاضطهاد، والتمييز الاجتماعي، والانقسامات العرقية أو الدينية، وغيرها من الأحداث التاريخية القاسية. قد يكون لهذه العوامل تأثير سلبي على الديمقراطية ويمكن أن يدفع الأفراد إلى البحث عن حلول سريعة وقوية، وهو ما يفتح الباب أمام الانتقال إلى الاستبداد.اما إذا كان الشعور بالمظلومية مبنيًا على اعتقاد مزيف وطائفي المنشأ، فإن التعامل معه يتطلب معرفة عميقة بالاركيولوجيا والتاريخ الموثوق اكاديميا والابتعاد عن الروايات الشفاهية وتفعيل سيميولوجيا اللغة المقدسة.
ويكون من المفيد البحث عن المعرفة والمعلومات لفهم الحقائق والوقائع بشكل صحيح, استخدم مصادر متنوعة للحصول على وجهات نظر مختلفة وتفهم السياق التاريخي والثقافي المحيط بالموضوع. تحليل الاعتقادات الطائفية المزيفة بطريقة نقدية. قد نحتاج إلى استجواب المعتقدات السائدة والتحقق من صحتها ومصداقيتها.ان محاولة النظر إلى القضية بمنظور واسع ومتوازن و التواصل مع الآخرين الذين قد يكونون يمتلكون أفكارًا مختلفة أو خلفيات متنوعة,و إجراء حوار مفتوح ومتبادل والاستماع إلى وجهات نظر مختلفة, قد يساعد هذا في توسيع وجهة النظر وتعزيز الفهم المتبادل و توجيه الضوء نحو الاعتقاد وتحليله بشكل نقدي.. قد نكتشف أن الأفكار الطائفية المزيفة تأتي من مصادر غير موثوقة و أنها قد تأثرت بتجارب شخصية سلبية.
ان البحث والاستكشاف في الثقافات والديانات المختلفة, تعلم قيم ومعتقدات الآخرين وتكسب فهمًا أعمق لها. نجد أن هناك تنوعًا كبيرًا في العقائد والممارسات وأن الاعتقادات الطائفية المزيفة ليست مدعومة بالحقائق.
ان تحول الشعور بالمظلومية إلى رغبة في الانتقام وتأسيس سلطات ميليشياوية مجهزة بالسلاح، ذلك يمثل تحولًا خطيرًا ويشكل تهديدًا للسلم والاستقرار. من المهم أن نتذكر أن العنف والانتقام لا يحلان المشاكل، بل يزيدانها ويؤديان إلى حلقة من العنف والدمار.
عندما يشعر الأفراد بأنهم تعرضوا للظلم والقهر من قبل جهة ما، فقد ينشأ شعور بالغضب والرغبة في الانتقام. يعتقدون أن إقامة سلطة ميليشياوية ستمكنهم من تحقيق العدالة والانتقام من الأشخاص الذين يرونهم مسؤولين عن معاناتهم.
يمكن أن تتفاقم التوترات العرقية أو الطائفية وتؤدي إلى تصاعد العنف وظهور سلطات مسلحة ذات طابع عنصري. قد تكون هذه السلطات تسعى إلى حماية مجموعتهم العرقية أو الطائفية وتحقيق سيطرتها على المناطق المتنازع عليها. في بعض الحالات، قد يشعر الأفراد بعدم الرضا عن العمليات السياسية القائمة والنظام الحاكم، ويرغبون في تحقيق التغيير من خلال العنف والسلاح. يرون أن إقامة سلطة ميليشياوية ستمكنهم من تحقيق أهدافهم السياسية وفرض رؤيتهم على الآخرين.
الانتقام هو الرغبة في إلحاق الأذى بشخص آخر كرد فعل على إيذاء تعرض له المرء. على الرغم من أن الأسباب النفسية للانتقام يمكن أن تتفاوت من شخص لآخر، إلا أن هناك بعض الأسس النفسية المشتركة التي قد تدفع البعض للشعور بالرغبة في الانتقام. ومن هذه الأسس
يعتقد البعض أن الانتقام هو وسيلة لإعادة العدالة والتعويض عن الإيذاء الذي تعرضوا له. يرون أن الانتقام يساهم في إيجاد توازن وتحقيق العدالة الشخصية. قد يكون للانتقام دور في تعزيز الشعور بالسيطرة على الوضع. يمكن للشخص الذي يشعر بالضعف أو الإهانة أن يحاول استعادة السيطرة من خلال الانتقام وتوجيه الأذى للشخص الذي سبب له الأذى.
يشعر البعض بأن الانتقام يمكن أن يساعدهم على تخفيف الألم العاطفي الذي نتج عن الإيذاء الذي تعرضوا له. يرون أن الانتقام قد يوفر لهم شعورًا بالراحة أو الإرتياح النفسي.
مع ذلك، يجب أن نلاحظ أن الانتقام لا يعتبر استراتيجية صحية أو مفيدة لحل المشكلات أو التعامل مع الأذى الذي تعرض له الفرد. فعادةً ما يؤدي الانتقام إلى دائرة من العنف والأذى المتبادل، مما يزيد من التوتر والضرر النفسي والاجتماعي. يمكن أن يؤدي الانتقام إلى دوران دائرة لا نهائية من العنف والثأر. حيث يقوم الطرف الآخر بالرد بأفعال انتقامية، مما يؤدي إلى تصاعد الصراع وتكرار الأذى والانتقام بين الأطراف. يمكن أن يترتب على الانتقام آثار نفسية سلبية على الشخص الذي ينتقم. قد يشعر بالألم والغضب المستمر، ويعاني من التوتر والقلق المستمر، وقد يتأثر صحته العقلية والعاطفية بشكل عام. قد يكون للانتقام دور في تحقيق أهداف سياسية وجيوسياسية للحكومة. يمكن استخدام الانتقام كوسيلة للرد والردع على العمليات أو العدوان السابق الذي يعتبر خطرًا على مصالح الدولة.
قد تستخدم بعض الحكومات الانتقام كوسيلة للدفاع عن نفسها وتحصين نفسها ضد التهديدات الخارجية. يمكن أن يعتبر الانتقام رسالة قوية للتأكيد على قدرة الحكومة على الدفاع عن أمنها وسيادتها. يستخدم الانتقام كوسيلة للرد الرمزي وتأكيد القوة والنفوذ للحكومة. قد يسعى القادة السياسيون إلى إظهار قوتهم وعزمهم على حماية مصالح بلدهم وعدم التسامح مع أي تهديدات. ؤغم ذلك أن استخدام الانتقام كوسيلة سياسية يمكن أن يكون معقدًا ومحفوفًا بالمخاطر، وقد يؤدي إلى تصعيد الصراعات والتوترات الدولية.
شهد التاريخ العديد من الحالات حيث قامت حكومات بالانتقام من خصومها السياسيين من خلال اغتيالهم. على سبيل المثال، مقتل ليون تروتسكي، الثوري الروسي، في عام 1940 على يد وكيل ستالين. استخدمت بعض الحكومات العمليات السرية والتخريبية للانتقام من دول أخرى أو لتحقيق أهداف سياسية. على سبيل المثال، الهجوم الذي شنته إسرائيل على منشأة تطوير السلاح النووي العراقية في عام 1981 كان يعتبر ردًا على تهديد محتمل للأمن القومي الإسرائيلي.
بعض الحكومات قد تستخدم الانتقام كوسيلة لدعم جماعات متمردة أو إرهابية في الهجوم على دول أخرى. يمكن أن تكون هذه الجماعات تابعة للحكومة أو تتلقى دعمًا وتمويلًا منها.
في العصر الحديث، أصبحت الهجمات السيبرانية وسيلة شائعة للانتقام من قبل الحكومات. يمكن أن تستخدم هذه الحكومات الهجمات السيبرانية للتجسس على البلدان الأخرى، أو لتعطيل الأنظمة الحكومية أو البنية التحتية الحيوية.
في العصور القديمة، من الصعب العثور على أمثلة محددة للاستخدام السلبي للانتقام من قبل الحكومات ، نظرًا لقلة المصادر المتاحة والتوثيق المحدود. ومع ذلك، هناك بعض الأمثلة التي تشير إلى وجود تكتيكات الانتقام والتخريب التي انتهجتها الحضارات القديمة.
كانت الإمبراطورية الرومانية معروفة بتبنيها استراتيجيات الانتقام والتخريب ضد الأعداء الداخليين والخارجيين. على سبيل المثال، في العصور الوسطى، حاول الإمبراطور الملك الروماني نيرو استخدام الحرائق لتدمير روما واتهام المسيحيين بها لتبرير الاضطهاد المستقبلي لهم. في اليونان القديمة، كانت الانتقام جزءًا من الثقافة اليونانية والتراث الأدبي. تم تصوير الانتقام في الأساطير اليونانية، مثل النقمة الإلهية في مسرحيات إسخيلوس وثأتروس وأفيبيدس. في الصين القديمة، كانت الحروب والصراعات السياسية تشهد استخدامًا لاستراتيجيات الانتقام. على سبيل المثال، في عصور الدول المتحاربة (475-221 قبل الميلاد)، تنافست الدول المختلفة في استخدام الانتقام والتخريب لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية.
على الرغم من أن هذه الأمثلة ليست بالضرورة تعكس استخدام الانتقام من قبل حكومات في المفهوم الحديث، إلا أنها توضح وجود قواسم مشتركة مع مفهوم الانتقام في العصور القديمة.
قد يعتبر البعض في تلك الحقبة أن الانتقام كان وسيلة ضرورية للحفاظ على السلطة والدفاع عن المصالح الوطنية. وقد تكون بعض الصراعات والحروب في تلك الحقبة قد اندلعت نتيجة تصفية حسابات سابقة أو تحقيق العدالة الذاتية.
لكن لايمكنني تقديم مبرر لتخريب الوطن الأم اقتصاديا وحضاريا كوسيلة للانتقام من قبل الحكومات.ان تخريب البنية التحتية والاقتصاد الوطني يؤثر على حياة المدنيين ويسبب معاناة قاسية بشكل عام. ويعتبر عملاً غير أخلاقي وغير قانوني، ويتعارض مع القيم الأخلاقية والقانونية التي تنص على ضرورة احترام حقوق الإنسان والأعراف الدولية.



.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك