الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعتراف بالخطأ نصف الطريق للحل

ماجد فيادي

2024 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


كتب السيد محمد عبد الرحمن على الصفحة الثانية من جريدة طريق الشعب مقالا بعنوان "انتخابات مجالس المحافظات.. جدل 1" العدد 64 السنة 89 الاحد 7 كانون الثاني 2024. قبل الدخول في تحليل المقال، أتوجه برسالة تهنئة الى مختصة الاعلام، وهي تفتح أبواب جريدة طريق الشعب لتحليل نتائج انتخابات المجالس المحلية، كخطوة مهمة للبحث في الحلول، واسأل ماذا عنا نحن الذين نحمل وجهة نظر مختلفة عن قرار قيادة الحزب في المشاركة بالانتخابات، لماذا لا يحق لنا ان نكتب آرائنا المعارضة، لا في جريدة طريق الشعب ولا على موقع الحزب الالكتروني، هل السبب اننا بلا شرف نضالي ولا عوائل قدمت التضحيات على مدى تاريخ الحزب ولا ندفع الاشتراكات التي تمول تلك المنابر الاعلامية ولا نقوم بواجباتنا الحزبية، فسقطت عنا حقوقنا الحزبية، في التنعم بأجواء الحرية والديمقراطية التي ينص عليها النظام الداخلي للحزب، بالكتابة والنشر على منابره الإعلامية؟
لا يفوتني ان اشير الى مقال الرفيق فرحان قاسم بعنوان "ما العمل" لما فيه من رؤية جديرة بالقراءة، كتبها كوجهة نظر مغايرة لما نشره السيد محمد عبد الرحمن. في حين سأركز على ما بين السطور لمقال عبد الرحمن من مخاطر لا يجب علينا كشيوعيين ان نستخدمها في خطابنا السياسي.
ان الاستمرار بالتعكز على الأسباب الموضوعية في تراجع الحياة السياسية بالعراق، وتأثيرها السلبي على الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ما عاد فعالاً، وهو غير كافٍ للحصول على تأييد الجماهير وقيادتها نحو التغيير الشامل، خاصة في ظل غياب خطاب الحزب السياسي، المفعم بالمواقف المتراكمة والمنسجمة في رفض الاحتلال، وعدم التعامل معه، وعدم التصويت لدستور ترقيعي، ورفض الامتيازات القانونية التي تسيء للمناضلين، وعدم التحالف مع قوى فاعلة بفرض المحاصصة والفساد، وأخيرا التوقف عن الانغماس في عملية سياسية، لم تاتي بغير الويلات للشعب العراقي. اذا نحن بحاجة الى مراجعة شاملة لمواقف الحزب منذ احتلال العراق وسقوط الصنم في العام 2003، وان نمتلك الجرأة والشجاعة النضالية في ان نعترف بأخطائنا، ونعمل على تصحيحها، وصولا لإقناع الجماهير بأهمية التنظيمات الحزبية لقيادة حركة التغيير، بعد ان فقدت ثقتها بجميع الأحزاب وبكامل العملية السياسية.
من غير المفيد في مقال السيد محمد عبد الرحمن، ان يوجه انظار القراء من الرفيقات والرفاق، نحو نتائج الانتخابات ودور المحاصصة والفساد، متخطيا الأسباب الذاتية للحزب، التي اخذت صفة بنيوية، أدت الى تراجعه جماهيريا، ليس فقط بعدم الحصول على مقاعد في مجالس المحافظات، وانما الى تشتت الجسم الحزبي في اتجاهات مختلفة، نتيجة قرارات غير مدروسة بعمق. ومن غير المفيد ايضا ان يصف عبد الرحمن، موقف الجماهير من انتخابات المجالس المحلية انه "مقاطعة او عزوف" في حين وصفه الرفيق سكرتير اللجنة المركزية ابان الانتخابات البرلمانية 2021 انه "مقاطعة"، مستكملا لا يصح ان نصف تلك المقاطعة بالعزوف. في المعجم العربي تفسر كلمة عزوف انها "عدم الثبات على مودة حبيب او مصادقة صديق" أي ان الموقف يتغير لأسباب كثيرة ليس بالضرورة ان تكون موضوعية، في حين المقاطعة تعني "تعبير سلمي عن الغضب والاحتجاج".
يدخلنا السيد محمد عبد الرحمن على لسان الجمهور، في متاهة بين موقفين متضادين، ويختمها برأيه عندما يكتب "والشيء الذي يتردد ويجب التوقف عنده هو القول ان لا طريق سلميا للتغيير غير الانتخابات، فيما لا يرى الاخرون في الانتخابات الا تزكية للمنظومة الحاكمة، ومن حيث المبدأ لا اعتراضات على انتخابات ديمقراطية سواء للمجالس المحلية او لمجلس النواب، ولكن الانتخابات، كما نرى، لا يمكن التسليم بها بغض النظر عن ظروفها الملموسة، وما يتوفر لها من مقومات ومستلزمات، كما ان من الخطأ المبين عدم الاكتراث بها، وكأنه امر يهم الجماعات المهيمنة المتنفذة وحدها، وهي عند ذاك ستكون مطمئنة الى ادامة نفوذها وهيمنتها" (انتهى الاقتباس)، لا ادري وسط مقاطعة وصلت قرابة 78 بالمئة، ومشاركة قوى الامن تحت الضغوطات، ومشاركة كل المستفيدين مما يترتب من فساد على نتائج الانتخابات، ما هو حجم الجمهور المتبقي والذي يردد لا طريق سلميا للتغيير غير الانتخابات. الحقيقة نحن امام ثلاثة طرق للتغيير، الأول هو الكفاح المسلح، وهذا يتعارض مع العقل والمنطق في ان نمارسه اليوم، لما سيقع من تضحيات جسام، حتى نصل الى اقتلاع الأحزاب الحاكمة الفاسدة، ولا نعلم هل سيعترف المجتمع الدولي بنتائجه ام سيكون سببا لتدخلات جديدة. الثاني هو الحركة الجماهيرية المنظمة، بمشاركة مختلف منظمات المجتمع المدني، ترسم لنفسها طريقا وطنيا واضحاً، تمارس فيه مختلف اشكال العمل السياسي، بالتظاهرات والاعتصامات والاضرابات وقطع الطرق ومحاصرة رموز الفساد، بأدوات عصرية تتناسب وتوجهات واساليب الجيل الجديد. هذا الطريق لم يفعل من قبل الحزب بعد احتلال العراق وسقوط الصنم في العام 2003 الا في مناسبات متباعدة، لأننا انغمسنا في عملية سياسية فاشلة، استوجبت مواقفاً أدت الى ما نحن عليه اليوم. الثالث هو طريق الانتخابات، هذا الطريق له مستلزمات لا يمكن ولوجه بدونها، فهو يستدعي العمل المستمر والمتواصل والحثيث على مدى سنوات، حتى نتمكن من اقناع الناس بطروحاتنا وتحشيدهم للمشاركة بالانتخابات والحصول على أصواتهم، لنكون مؤثرين في البرلمان ومجالس المحافظات، اما ان نأتي قبل الانتخابات بأيام ونتوقع من الناس ان تستمع لطروحاتنا وتلتف حولها، في الوقت الذي أصبحت فيه المقاطعة تستند الى أسباب موضوعية، فهذا ضرب من الخيال. اذا نحن بحاجة الى تنظيم حزبي قوي، لديه تقاليد حزبية متوارثة وأخرى تنسجم مع العصر، تمكنه من التواصل مع الجماهير، لتفعيل هذا الطريق.
ليتسع صدر السيد عبد الرحمن عندما أقول، ان تكرار فكرة الانتخابات معركة نضالية لا يجب التخلي عنها، وهي تدريب ووسيلة للتقرب من الجماهير وتعريفها بسياسة الحزب، انما هي فكرة لن تصمد كثيراُ، لان مخاطر عدم اقناع الجماهير بالمشاركة، سينقلب الى قطيعة بينهم وبين الحزب، وبدل استيعاب سياساته، ستواجه بالرفض والابتعاد. هذا ما حصل على ارض الواقع، وفقا لما ذكرته الرفيقة بشرى أبو العيس، انها التقت بالكثير من المواطنين الرافضين للمشاركة بالانتخابات وعدم الرغبة بالنقاش، ولو درسنا عدد الأصوات التي حصل عليها الحزب مع نسبة المشاركة المنخفضة، سنجد ان مرشحي الحزب لم يتمكنوا من اقناع الجماهير بأهمية المشاركة في الانتخابات ولا ببرامجهم الانتخابية، لان فعلهم جاء مقتصرا على فترة الدعاية الانتخابية، بدعوة لقضية لم تعد مقنعة او مغرية.
مع استمرار السيد محمد عبد الرحمن، عرض أهمية المشاركة في الانتخابات وضرورة توفر أسباب نزاهتها، كاتبا "فلا يتوجب ان يوضع العمل الجماهيري والمطلبي والشعبي، وما يتخذه من اشكال عدة، من الابسط الى الارقى، في تقاطع مع المشاركة الفعالة في الانتخابات، التي يتوجب استمرار النضال من اجل ان تكون عادلة ونزيهة ومعبرة حقا عن إرادة المواطنين" (انتهى الاقتباس) في هذه الفقرة يتجنب طرح ان مقاطعة الانتخابات هي عملية نضالية، يمكن البناء عليها، بتفعيل الطريق الثاني للتغيير والمتمثل في العمل الجماهيري وصولا الى الانتفاضة او الثورة، كما حصل في انتفاضة تشرين، لان المقاطعة مع سوء الخدمات واستمرار الفساد وزيادة ثقل المليشيات الحزبية، سيكون المحفز لتلاقي مصالح الحجم الأكبر من الجماهير، وانخراطهم بالعمل النضالي.
ثم يعود الكاتب من جديد مشيرا "وبعد انتهاء جولة الانتخابات وكما كان متوقعا، بقى الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد والمال السياسي والسلاح المنفلت، على جدول العمل" (انتهى الاقتباس) هل نفهم من هذا ان نتائج الانتخابات كانت متوقعة، واذا كانت كذلك، لماذا المشاركة بها من البداية، اين استطلاعات الرأي والاحصائيات التي ترسم الصورة المتوقعة لحجم المشاركة ونتائج الانتخابات، ولماذا جوبهت الرفيقات والرفاق الداعين للمقاطعة، بإهمال طروحاتهم وتحذيراتهم.
المشكلة ليست فيما وصل اليه الحزب من عزلة عن الجماهير العراقية، صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير، انما في السياسات التي اتبعها الحزب منذ احتلال العراق وسقوط الصنم، حتى يومنا هذا، سياسات ما عادت مقنعة ولا مقبولة من العراقيين، وحتى نعيد الحزب الى حاضنته الشعبية، نحن بحاجة الى مراجعة شاملة، يقوم بها كامل الجسم الحزبي، بما فيهم الرفيقات والرفاق الذين تركوا التنظيم لأسباب شخصية او بسبب مواقف الحزب. مراجعة قادرة على إيقاف الفوضى الحاصلة داخل التنظيم، ورسم سياسات جديدة تتناسب وتطلعات الجيل الجديد، تؤهلنا لقيادة الجماهير من جديد نحو التغيير الشامل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس