الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى وائل الدحدوح

رياض رمزي

2024 / 1 / 12
الادب والفن


وائل الدحدوح أشبه بطمي بركاني يكنس كل دعي لا يرفع قلمه بكتابة كلام عن شجاعة تفوق الخيال، عن أفراد عائلة التهمت إسرائيل رغيف حياتهم، تمددوا لا ليموتوا ويلفهم العدم، بل كمرفوقين بروعة ندركها جيدا نحن الأحياء، فهم ليسوا نخلة قُطعت وباتت محرومة من الطلع والثمر. كنا في السابق نرفع رؤوسنا كي نرى ثمرها، الآن ننظر لرب العائلة رافعا رأسه لنرى فيه ذلك الشيء ذلك الثمر الذي تبقّى له في هذه الدنيا وهو ينجز عمله الشاق ملتزما بقضية كلّفته موت زوجته وابنته وابنه وحفيد، موتٌ ترسخٌ فيه كعلاقة رحم للفلسطيني مع الموت. يعمل بجرأة لم تدعه يلوّح بمنديل أبيض ما جعلنا ننظر إليه نظرة فيها تبجيل لمن لم يعطل الموت من قدراته. تُداخلنا ريبة ونتساءل كيف لهذا الذي ثكله الموت أن يقول ويطلق كلاما يشبه النبع لم تُدخل المصيبة شحا ولا عيّا في لسانه؟. يطالعنا كل يوم على الشاشة ما يجعلنا نندهش مُستخبرين عن حالة التبس علينا فهمها: رجلٌ تموت عائلته وهو يسير وجراحٌ تنزف منه؟. دمه النازف يجعلنا متعلقين بسائرٍ لم يبطل موت أحبته من تصميمه على السير، موتٌ منحه وجاهة. إن عدتَ إلى القواميس ستجد تحت كلمة "وجاهة" صورة رجل اسمه وائل الدحدوح وتحتها تعليق مكتوب: رجل فُنيت عائلته وهو يبالغ الالتزام بمهنته. يسأله القدر– يا وائل لماذا تبالغ الالتزام بمهنتك؟. – كي يتذكر الكل أهلي فلا يهيموا ويجرفهم تيار النسيان، كي يتذكروا تلك الحالة حين طُرد الرب آدم وحواء من الجنان فراحا يبكيان، ومن كثرة بكائهم تكوّنت بحيرة من ماءٍ مُر، كل من ورد من مائها تذكر ندم ابن الرب وزوجته. من يراني لن يبكي نادما بل سيتذكر ما أقول: ليس من يرد حياض الموت بميت، بل هو موتٌ يُفصح عن حياة.
نعم هناك من يقف قرب رأس التابوت ويبكي وآخر اسمه وائل الدحدوح لا ينتظر كلمة عزاء بل، صونا لكرامة عائلته، يجاهر مشتبكا بملاسنة مع القدر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل