الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من دون استراتيجية ، يستحيل تحقيق الأهداف الثورية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


في الثقافة السياسية
طبعا عندما نتحدث عن الاستراتيجية الثورية ، وعن الأهداف الثورية ، فالمقصود الأحزاب المعنية بهذه الاستراتيجية ، للنجاح في تحقيق الأهداف الثورية .
الساحة الوطنية اليوم ، تفتقر لهذا النوع من الأحزاب ، والتي لن تكون غير أحزاب ومنظمات تقدمية ، وقومية وثورية ، وحتى تلك التي تروج للإسلام التقدمي ، وتتملص من اية علاقة مع الإسلام الرجعي الفاشي ، الذي سيُفْشل أي محاولة لرأب الصدع ، وتحليف ( حلف ) القوى السياسية التي ستشتغل على انجاز التغيير ، طبعا ضمن جبهة تقدمية ديمقراطية ، او ضمن كتلة تاريخية ، تضم الراغبين في التغير ، خاصة حين تكون شروط التغيير متوافرة بالكمية الكبيرة ، وخاصة ان الجميع ، وضمن الجبهة او ضمن الكتلة ، يضعون فوق في رأسهم المغرب ، والشعب المغربي ضمن أولويات سياستهم .. للبلوغ الى مرحلة الاستراتيجية الثورية ، وحدها ستحقق المهام والانجازات الثورية ..
لكن عند تصفحنا للخريطة السياسية والحزبية ، سنخرج بحقيقة ، هي فراغ الساحة بالكامل من الأحزاب والتنظيمات التقدمية والقومية والثورية ، لان الدولة وبالضبط القصر ووزارة الداخلية ، اجتهدوا كثيرا في افراغ أحزاب البرجوازية ، والبرجوازية المتوسطة ، والصغيرة من حماستها ومن شعاراتها التي مثلت بديلا ، لكنه كان شكليا ، لانغماس قيادة تلك الأحزاب في فتاة الدولة ، ولينتهي بها المطاف ، الى العزلة الجماهيرية الشعبية ، وكانت اكبر عزلة عندما أصبحت جزءا من الدولة لا ضدها بالنسبة للبعض ، وضد السلطات والاختصاصات التي يعطيها الدستور الممنوح ، ويعطيها الدستور العرفي ( عقد البيعة ) لرئيس الدولة كدولة ، طبعا تجسيدا واحتفاظا بالطقوس ، التي تجعل من الجميع مجرد اتباع ، يتزاحمون للحصول على شرف تنزيل برنامج السلطان ، عوض برامج الأحزاب التي فازت في انتخابات الملك، ليصبح برنامج الدولة ، وهنا يتحول الوزراء الذين سيحضون بالتعيين ، والبرلمانيين الذي دخلوا برلمان الملك الأمير ، مجرد موظفين سامين تابعين للقصر ( الديوان الملكي ) ، ومنهم من يصبح تابعا لوزارة الداخلية التي لم تعد تسمى " بأم الوزارات " ، ولا " بالحزب السري " ..
فالمقصود بالأحزاب التقدمية والقومية والثورية ، الأحزاب التي يجب التفكير في انشاءها حالا ، عند حصول الفراغ القاتل في الدولة ، والفراغ موجود حتى قبل انتظار فراغ رحيل الملك ، ليصبح الوضع السياسي مفتوحا على جميع الواجهات ،وقابلا لجميع السينيوريهات ، حتى تتم الاستفادة من نواقص ومن اخطاء الماضي ، منذ يناير 1975 ، المؤتمر الاستثنائي الذي كان ضربة وُهت لوجه المعارضة ، التي ربطت مصيرها بالنظام المخزني المزاجي الارتجالي والبوليسي .. وليس مع الجماهير وبالشعب ..
فالوضع الغير مستقر ، يحمل مفاجئات انْ لم يتم استغلالها ، سنكون بمن يعيد الى الساحة " الفديك / FDIK " ،التي عطلت التغيير المنشود ، ولتحشر المغرب في قرارات المزاجية والارتجال ، والتذرع كثيرا في كل مرة تحرك الشارع للدفاع على المغرب الديمقراطي ، معارضته باسم الخصوصية التي لا علاقة لها بالتقاليد المرعية ، ولا بالطقوسية القروسطوية ، بقدر ما أسست للفاشية وللقمع بأشكاله المختلفة ..
فالمغرب اليوم ، وفي هذا الظرف العصيب الذي يمر به ومنه ، بسبب فساد الحكام ، وطغيانهم واستبدادهم ، هو في وضع طنجرة قد تنفجر في كل وقت وحين ، وبشكل مفاجئ ، دون ضبط التفجير حتى لا يتجاوز الوضع القانوني والسياسي لبناء الدولة الديمقراطية ، ويصبح الجميع اسير الأناركية التي ستحطم الجميع .
فالأحزاب المنتظرة ، في خضم الفراغ الحاصل اليوم ، والذي حاولت مافيا " البنية السرية " ملئه ، لضبط الدولة تحت نفوذها وسلطتها ، وقطع الطريق امام من يفكر باحقيته في " كورسي " العرش ، والاستئثار بالثروة ، لا يزال مقبلا على تطورات ، اكيد ستعطي معطيات ، ان تم استغلالها ، تكون الأحزاب المنتظرة قد خطت للطريق الصحيح ، المؤدي الى الدولة الديمقراطية .
اذن . عندما تتكون الأحزاب الديمقراطية التقدمية والقومية من ملء الفراغ المنتظر في كل وقت وحين ، وحتى تبادر الى تحديد استراتيجيتها ، والتي تعني تحديد مسار مرحلة ثورية كاملة ، كما تعمد الى صياغة برنامجها السياسي ، الذي يحدد الهدف الآني والقادم والبعيد ، والاهداف المرحلية القريبة ، إضافة طبعا إضافة الى معسكر الثورة ، ومعسكرا أعداء الثورة .
وفيما يختص بالبرنامج السياسي الصحيح ، فانه يوفر الوضوح الفكري للأحزاب الجماهيرية المنظمة الى جبهة تقدمية ديمقراطية قومية وثورية ، او المنظمة الى كتلة تاريخية ديمقراطية قومية وتقدمية ، فتسير بالجبهة او الكتلة في الطريق السليم نحو تحقيق الأهداف الثورية .
اذن ماذا تعني الاستراتيجية الثورية ؟ . انها تعني ثورية الخط السياسي العام ، واتجاه الضربة الرئيسية للجماهير الشعبية ، في مرحلة ثورية معينة ، وتحدد موقع الطبقات الأكثر ثورية بين مختلف الطبقات الاجتماعية المشاركة في الانتفاضة الثورية ، وتجري ترتيبا سليما للقوى الاحتياطية الرئيسية والثانوية ، والنضال في سبيل تحقيق البرنامج طوال تلك المرحلة الثورية . وترتكز استراتيجية الثورة للوصول الى الحكم ، على دراسة مهام الحركة الثورية في مجملها ،ومعالجتها ، مع توجيه الضربة الرئيسية للثورة ضد أسس المجتمع القديم وبنيته العليا .
والمسألة الاستراتيجية الأكثر أهمية ، هي جذب الجماهير العريضة الى الكفاح ، أولا بكسب الأغلبية الى صفها ، بواسطة احزاب الجبهة او الكتلة ، وثانيا ، بحشد الجماهير العاملة حول الطبقات او الطبقة الثورية . فأحزاب الجبهة او الكتلة ، خاصة الأكثر ثورية منها تمر في تاريخ تطورها ، بمرحلتين : الأولى ، تكوين الحزب وكسب الطبقات الثورية . والثانية ، تتضمن كسب جماهير الطبقات الثورية من عمال وفلاحين الفقراء ، الى صف أحزاب الجبهة او الكتلة ، مع اتخاذ السياسات الكفيلة بعدم فقدان الدور الطليعي للأحزاب الطليعية .
وفي الوقت الذي يضمن الوعي بالاتجاه الاستراتيجي ، تحقيق الهدف الثوري بمعاناة اقل ومدى زماني أقصر ، فان عدم الوعي بالاتجاه الاستراتيجي ، يورث البلبلة ، ويلحق خسائر فادحة بمعسكر الثورة ، بسبب سقوط هذا المعسكر في أي من الانحرافين : اليميني او اليساري .
والنضال الثوري عمل دائب ، بعيد النظر ، واسع الأفق ، طويل النفس ، يضع التكتيك في خدمة الاستراتيجية .
اما ثوريو البرجوازية الصغيرة ، فهم قصار النظر ، ضيقو الأفق ، متبرمون ، ساخطون ، وغالبا ما تكون مواقفهم مجرد ردود فعل لمواقف العدو ، وليست افعلا اصيلة . اما حماستهم فسطحية ، اقرب الى الغضب والحمق . لذلك فهم يلجؤون الى الاعمال الانتحارية ، دون مراعاة الظروف الموضوعية والذاتية ، معاً ، متوهمين بان هذه الاعمال قادرة على تغيير النظام العدو بالضربة القاضية .
وهؤلاء " الثوريون " شديدو الولع باللغط الثوري ، الذي لا يضع للظروف الموضوعية أي اعتبار ، ولا للتغييرات التي تستجد كل لحظة .
ان النضال يمكن ان يأخذ مجرى ثوريا ، ويكتسب طابعا جماهيريا ، فقط اذا ما حافظت الطبقات الثورية على دورها القيادي ، واستقلالها الطبقي ، وتحالفاتها العريضة الصحيحة .
ان الأحزاب الثورية مضطرة لخوض نضال أيديولوجي ، بلا هوادة ، ضد الاناركية ، والفوضوية والتطرف اليساري وضد اليسراوية ، والانتهازية اليمينية في آن .
وهذا كله يضع على عاتق الأحزاب الثورية مسؤولية تلخيص تجربة الثورات ونضالها الشعبي . وعلى الأحزاب الثورية ان تحدد بدقة ، عناصر قوتها ونقاط ضعفها ، وان تتعلم من خبرات الأصدقاء والاعداء ، على السواء .
وقيادات الأحزاب الثورية هي قيادات استراتيجية . ومهمة القيادة الاستراتيجية هي استخدام جميع القوى الاحتياطية ، المباشرة وغير المباشرة ، بشكل صحيح ، لتحقيق الهدف الأساسي من الثورة في المرحلة المعينة من تطورها . وتنحصر شروط الاستخدام الصحيح للقوى الاحتياطية فيما يلي :
--- أولا : مركزة القوى الرئيسية للثورة ، في اللحظة الحاسمة ، على اضعف نقطة لدى العدو ، عندما تكون الثورة قد نضجت ، والهجوم يسير على اشده ، والانتفاضة التي قد تتطور الى مسلحة ، عند انهيار الدولة الكامل تدق على الأبواب ، وعندما يكون انضمام الاحتياطي الى الطليعة ، هو الشرط الحاسم للنجاح .
--- عدم اللعب ابدا ، بالانتفاضات الثورية ، خاصة اذا تطورت لتصبح مقاومة مسلحة ، وعند البدء بها ، يجب السير بها الى النهاية .
--- حشد قوى متفوقة كثيرا على قوى العدو الطبقي ، في المكان الحاسم ، والزمان الحاسم .
--- حين تشتعل الثورة خاصة المسلحة ، ينبغي العمل بأشد عزيمة وحزم ، والانتقال الى الهجوم ، لان الدفاع هو موت الثورة المسلحة .
--- السعي لمفاجئة العدو ، واختيار اللحظة التي تكون فيها جيوشه مبعثرة ، او تواجه معركة او حربا ما ..
--- احراز نجاحات ، مهما كانت صغيرة ، كل يوم وكل ساعة ، والاحتفاظ ، مهما كان الثمن ، بالتفوق المعنوي.
--- ثانيا : اختيار اللحظة المناسبة للضربة الحاسمة ، اللحظة المناسبة للثورة المفتوحة والمباشرة . ونحن عندما ركزنا على اللحظة المناسبة ، فالثورة ستكون جماهيرية شعبية ، لا شيء يحول دون تحولها الى ثورة مسلحة .. لان طبيعة الثورة يحكمها عامل الزمان وعامل المكان .
ان اللحظة المناسبة للثورة ، خاصة جزؤها الثاني الثورة المسلحة ، هي اللحظة التي تكون فيها الازمة قد بلغت ذروتها ، وتكون الطليعة مستعدة للقتال حتى النهاية ، وتكون القوى الاحتياطية مستعدة لتأييد الطليعة ، ويكون الارتباك على اشده واقصاه في صفوف الخصم او العدو الطبقي .
--- ثالثا : بعد اتخاذ الاتجاه ، والسير فيه بلا ملل ولا وهن ، رغم الصعوبات والتعقيدات التي تبرز على الطريق المؤدية الى الهدف ، وذلك لكي لا تضيع الطليعة الهدف الأساسي للنضال ، ولا يغيب هذا الهدف عن ناظريها ، ولكي لا تتيه الجماهير الشعبية عن الطريق في سيرها نحو الهدف ، وفي سعيها للتجمع والالتفاف حول الطليعة .. فان اغفال هذا الشرط يؤدي الى خطأ كبير وخطير ، يعرفه البحارة باسم فقدان الاتجاه ..
رابعا : المناورة مع القوى الاحتياطية ، بشكل يمكن معه التراجع بالنظام ، عندما يكون العدو الطبقي قويا ، عندما يكون التراجع امراً لا مفر منه ، عندما يكون يكون من غير المفيد ، بشكل واضح ، قبول المعركة التي يريد الخصم ان يفرضها ، ويصبح التراجع ، نظرا لوضع ميزان القوى ، الوسيلة الوحيدة لتجنيب الطليعة الضربة التي تهددها ، وللاحتفاظ بالقوى الاحتياطية ، وابقاءها الى جانب الطليعة .
ان الغاية من استراتيجية كهذه ، هي كسب الوقت ، واضعاف معنويات العدو الطبقي ، وحشد القوى للانتقال ، بعد ذلك الى الهجوم .
اما القيادة التكتيكية ، فهي جزء من القيادة الاستراتيجية ، خاضعة لمهماتها ومقتضياتها . ومهمة القيادة التكتيكية ، هي هضم جميع اشكال نضال الطبقات الثورية والتقدمية ، واشكال تنظيمها ، وتأمين استخدامها الصحيح للحصول ، ضمن توازن معين للقوى ، على الحد الأقصى من النتائج ، الضروري لتهيئة النجاح الاستراتيجي ..
اما شروط الاستخدام الصحيح لأشكال نضال الطبقة الثورية ، واشكال تنظيمها فهي :
1 ) ان توضع في المقام الأول ، اشكال النضال والتنظيم التي من شأنها ، لكونها ملائمة اكثر من غيرها لشروط المد والجزر في الحركة ، ان تسهل وتؤمن تسيير الجماهير نحو المواقف الثورية ، تسيير الجماهير الغفيرة نحو جبهة الثورة ، وتوزيعها على هذه الجبهة .
فليست القضية ان تدرك الطليعة استحالة الاحتفاظ بالنظم القديمة ، وضرورة قلبها والقضاء عليها ، بل القضية ان تدرك الجماهير العريضة هذه الضرورة ، وان تبدي استعدادها لتأييد الطليعة في هذا المضمار . لكن ذلك لا يمكن ان تدركه الجماهير الا بتجربتها الخاصة . ان القضاء على السلطة القديمة امر لا مفر منه ، وتقديم أساليب نضال واشكال تنظيم تسمح للجماهير بان تدرك ، بصورة اسهل ، وبالتجربة ، صحة الشعارات الثورية .. تلك هي القضية .
2 ) الوعي ، في كل لحظة ، بأهمية العثور على سلسلة التطورات ، على الحلقة الرئيسية التي إن شددناها ، نشد السلسلة كلها ، ونقرب ساعة الصفر . فالمهم هو ان نجد بين مهام الطبقة الثورية ، وتنظيمها الثوري ، تلك المهمة الملحة التي يشكل حلها النقطة المركزية ، والتي يضمن إنجازها حل المهام المباشرة الأخرى ، حلا ناجحا .
ومعروف ان الاستراتيجية تتغير كلما انتقلت الثورة من مرحلة استراتيجية الى أخرى ، مع ثباتها طوال كل مرحلة من هذه المراحل .
ويمر الكفاح الطبقي المعاصر بثلاث مراحل استراتيجية ، لا بدمن مراعاة الخطوط الفاصلة بينها ، لتجنب مخاطر القفز ، بالمغامرة ، عن مراحل حتمية ، وهذه المراحل هي :
--- الأولى ، وفيها يجري الكفاح ضد الاقطاع والقهر الوطني ، من اجل إقامة الدولة الديمقراطية الجماهيرية الشعبية . والثورة هنا وطنية ديمقراطية ، معادية للإقطاع والامبريالية ، وتتطلب إقامة جبهة وطنية ديمقراطية او كتلة تاريخية شعبية جماهيرية .
-- الثانية ، وتبدأ مع تطور الطبقة الثورية ، ونمو قوتها وازدياد نفوذها ، وبعد ان تكسب الى صفها الجماهير شبه البروليتارية في المدينة كما في البادية . عندها يبدأ الكفاح من اجل تحقيق الثورة الطبقية ذات الأصل الاشتراكي ، بضرب الاحتكارات ، عن طريق تحالفات عريضة معادية للاحتكار .
-- والثالثة ، تبدأ مع انتصار الثورة الاشتراكية ، وتتضمن تحقيق تطوير سريع للاقتصاد ، والتفوق على الرأسمالية العالمية في المنافسة الاقتصادية . وهو امر من شأنه التعجيل في نهاية الرأسمالية في الأقطار المختلفة .
وتتميز كل مرحلة من المراحل الاستراتيجية بمحتواها السياسي ، وبتوازن خاص للقوى ، وبتطور معين لمستوى نضوج الوضع الثوري .
ان اذن لابد من تعريف المراحل الاستراتيجية ، كل على حدة ، وبوضوح . مع تمييز الأهداف المحددة لكل مرحلة ، وتحديد ايّ الطبقات مؤهلة للقتال من اجل هذه الأهداف ، وانتقاء الأساليب والاشكال النضالية التي يمكن ان توصل ، الى الأهداف العاجلة والآجلة للمرحلة .
وبمعنى آخر ، فان حزب واحزاب الطبقة الثورية مطالب ومطالبين يتعريف الخط السياسي لمرحلة استراتيجية كاملة ، والذي يؤسسه على تحليل عميق لعلاقات القوى الطبقية المحلية ، والعناية بحل المسائل الرئيسية لتلك المرحلة ..
اذن وحتى نتحكم في الموضوع نطرح السؤال ماهية المسائل الأساسية التي لابد من معالجتها ، في البرنامج السياسي العام لقوى التغيير ، جبهة او كتلة ، لتحقيق الأهداف السياسية للنضال :
- تحديد طبيعة المرحلة الاستراتيجية .
- تعريف الهدف الاستراتيجي ، الذي يتم السعي لتحقيقه
- ترتيب الأهداف المرحلية والعاجلة ، والتي من شأنها حشد المزيد من الجماهير حول الجبهة او الكتلة ، والبرنامج قبل الوصول الى الهدف النهائي ، كما ان تحقيق تلك الأهداف المرحلية ، من شأنه تقريب المسافة الى الهدف الاستراتيجي .
- تحديد قوى معسكر الثورة والقوى الحليفة ، وأسلوب حشدها حول الأحزاب التقدمية والثورية .
ويستحيل التحديد الصحيح للبرنامج السياسي للأحزاب الطبقية الثورية ، وكذا توجيه النضال الجماهيري بنجاح ، دون استيعاب كامل ، وفهم واضح لأسس ومبادئ النظرية الثورية ، ودون معرفة صحيحة بالقوانين الموضوعية للتطور الاجتماعي ، ودون استيعاب اتجاهات هذا التطور .
وسيسهل استيعاب وتمثل قوانين التطور الاجتماعي على الطبقة الثورية ، واحزابها الثورية ، إدارة الكفاح بفاعلية أشد ، والتنبؤ باحتمالات المستقبل ، وامتلاك الرؤية الواضحة . وبدون هذا الاستيعاب ، فان القوى الثورية ، ستنزلق الى المغامرة ، وتنعزل عن الجماهير ..
ان الشعب ، بل كل الشعب الذي تحول الى جماعات من المتسولين ، بسبب فساد النظام ، وخاصة الفلاحين الفقراء ، والحرفيين وصغار الملاك ، والبرجوازية ( الوطنية ) ، والبرجوازية المتوسطة والصغيرة بسبب الازمة العامة ، وهي ازمة بنيوية .. تقترب اكثر من أي وقت مضى بالحركات والأحزاب الثورية الجماهيرية الشعبية . ولا ينقصها غير التأسيس للشروع في العمل . مما يحتم على الحزب الثوري والأحزاب الثورية التي تناضل ضد الرأسمالية والامبريالية ، عند تحديد الاستراتيجية والتكتيكات طبعا ، معالجة مسألة أيّ الطبقات والفئات سوف تؤازر الطبقة الثورية في نضالها الذي هو نضال من اجل الوطن ومن اجل الشعب ..
الخلاصة :
-- توفر الاستراتيجية والبرنامج السياسي الصحيحين ، الوضوح الفكري لكل الأحزاب التقدمية والثورية ، سواء داخل جبهة تقدمية ديمقراطية وثورية ، او داخل كتلة تاريخية تقدمية وثورية .. فالوضوح الفكري ضروري قبل كل شيء وقبل كل عمل ، لأنه هو الذي سيصقل الصف الديمقراطي ..
-- الاستراتيجية هي تحديد مسار مرحلة ثورية كاملة ، هي الخطة ، هي الهدف البعيد ، هي الثابت ، هي لسياسة المدى الطويل .
-- ومن اجل امتلاك الأحزاب الثورية الديمقراطية والتقدمية ، برنامجا سياسيا صحيحا " جبهة او كتلة " ، فان على هذه الأحزاب وضع الأهداف المحددة نصب اعينها ، على أساس المرحلة الاستراتيجية التي التي تمر بها البلاد ومستوى تطورها الاقتصادي ، ومدى النضج الاجتماعي والسياسي والثقافي للشعب ، وميزان القوى الطبقية ، والتقاليد والطقوس السائدة في مجتمع متخلف ... وما الى ذلك .
-- لابد وان يسبق تحديد الاستراتيجية ، وصياغة البرنامج السياسي ، جمع المزيد من المعلومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في الدولة السائدة ، وتعزيزها بأكبر قدر ممكن من الأرقام والإحصاءات ، واستقراء هذه المعلومات والأرقام ، لاستخلاص النتائج والتي تمكن الأحزاب الطليعية الثورية ، من تحديد استراتيجية صحيحة ، وصيانة برنامج سياسي سليم .
-- اذا كانت المرونة مطلوبة في مجال التكتيك ، فان الحسم هو السلوك الثوري الوحيد إزاء الأمور الاستراتيجية ، والمرونة فيما يخص الأهداف الاستراتيجية هي التفريط بعينه .
-- يكتفي الانتهازي اليميني بتحقيق الأهداف التكتيكية ، ويسقط الهدف الاستراتيجي من حسابه ، تماما . في حين يستهين المتطرف اليساري بالأهداف المرحلية ، ويعمل لتخطيها والقفز فوقها ، مما يفقد الأحزاب الطبقية الثورية أي فرصة في التقدم ، ويسقطه شهيد شعار " كل شيء او لا شيء " .
اما المناضل الثوري ، فيرى في تحقيق الأهداف التكتيكية ، مجرد خطوات ضرورية تقربه من الهدف الاستراتيجي ، الذي يجب ألاّ تغفو العين عنه لحظة واحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح