الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صندلُ ميكا أزرقُ ينزلق من القدميْن(6)

عبد الله خطوري

2024 / 1 / 13
الادب والفن


يستفيقُ فراجيل يجد نفسه أمام قَتَمٍ ذي غبار كصُنان ذَفر .. يسعل .. يَصُوتُ .. آآآهًا مقتضبة .. يعيد .. أوووهًا .. بالطريقة نفسها .. يلف حول نفسه .. يضع يسراه فوق رقبته المختنقة .. يتحسس أشياءه هناك .. هي نفسها .. لا شيء تغير .. لا شيء فُقِدَ .. يرتاح قليلا .. يقعي كأي كلب عجوز لا يلهث .. يغلق فمه .. يشهق .. يصدر نفسا عميقا ثم ينام من جديد ... في المنام، رأى ما لا يرى الراؤون .. رأى نفسه ...
_ هيكلا نخرا كعمود كهرباء بلا ضياء ...
_ فتيلة تحترق في بطن مصباح معلق في عروض بيت صغير في آلبراري ...
_ سمكة عُلِّقَتْ في شص معقوف تجذب تجذب تجذب ...
_ غَيْلَمًا فَقَد غشاءه أمام مرأى غِيدٍ شقر زرق العيون يوشوش غنجهن لغوَ الكلام ...
_ حزمة حطب آهترت من شدة آنتظارها آحتراقا لا يأتي ...
_ كومة خرق بالية معقود بعضها ببعض معلقة في أسلاك تحيط قبر مجهول تؤمه عجائز عانسات يبحتن عن بخت لا يأتي أبدا ...
_ خنفساء قميئة همها تكوير ما لا يُكَوَّرُ من بقايا آلبقايا تصعد بِكُرُتها حتى تصل ما تخاله منتهى فإذا بها .. البقية .. كلها دماء كالحة الوجه واليد واللسان ...
_ فطيرة يابسة جَمَعَهَا كَسيحٌ من آخر صعلكة تَسَكَّعَ فيها وزمرة من القطط خرجت تباعا من إحدى دور سينما ما بعد منتصف الليل ...
_ ديكًـا هنديا تفاجأ بصياحه الملعلع يتحول ذاتَ سَحَر إلى قيق دجاجة عقيم لا تقدر حتى على تحمل سفاد صغار آلفراخ ...
_ ثورا بائسا يُساق صبيحة يوم جميل إلى مذبح قرية سعيدة ...
_ قرادا ثقيل الهمة بالكاد يلتصق بمؤخرة بغل هرم ...
_ فساء مصران نتن ...
_ بالونا هاريا عامرا بأدران المجاري ...
_ وبما أنه كان يحب الفقاقيع تصنعها يداه، فإنه عاين ظله يطير مثلها في فراغات لا حدود لها ثم في لحظة ما ينفجر .. بووووم .. ينفجر ...

إذا قدر له أن يختار من كل هذه الأحلام لَفَضَّل أن يظل منهمكا في مشروع هام لم يخطر على باله في كل الأبحاث التي قام بها في أراضي ما وراء البحار .. يصطاد ما يصادف من فئران من مطارح نفايات المُورُو مخافة أن ينتشر الطوفان. وعند كل صباح، يشنق فأرا أو فأرين، ومن الأفضل أن يكونا زوجيْن لينفس عن آنتكاسته، أو يخصص أويقات غير قليلة في شواء رؤوس أوام فاضت عن الحاجة يربح بها ما يسدد به فاتورة الهواء الذي تتنفسه إليتاه دون فائدة .. لا فائدة ...
يستفيق ظهرا فراجيل .. يرش رشاشا .. يصنع شيئا يشبه أطياف قزح .. ينفخ في دائرة صغيرة صنعَتْها سبابته وإبهامه، فتخرج فقاعات صغيرة ذكرته أنفاس الشراغيف المتلاحقة في البرك الضحلة .. يغتسل .. يصلي، ثم ينام من جديد .. وفي نومه أخذ نفسا عميييقا سرح فيه محلقا بعيدا هاربا من رأسه، فلحق به يتبعه أينما حل آرتحل ممعنا في مناوشته .. وقف .. تملاه .. مسح على الناصية .. خلل يديه في شعره الأغبر أحكم إمساكه من قصاصاته .. مفتوح الفم والعينين بدا مشدوها لدَهْشةٍ ما آعترته ليس يدرك ما سببها .. لم يبال .. أخذ مدية لا يدري أين وجدها، رآها في زمن غير محدد من أزمنته المتداخلة، فآلتقطها ثم بدأ يجز الرأس من الرقبة يذبحه فينفصل بسهولة بالغة .. أمعن في لملمة الشعَر على بعضه وطَيِه حول يمناه .. عَفَّرَ في العراء المنخارَ والجبهة والخدين المجدورين والأنف المعقوف واللحية المشاكسة وخيوط التجاعيد المتسلطة ثم على مهل وضع الكتلة وسط قدر مليئة بالقطران .. جعل القدر على لَمْنَاصَب الأثافي وأوقد النار بكل الخبرة التي راكمها طيلة سنين اليفاعة والطفولة المشاكسة .. ابتعد فراجيلُ عن .. طق طق طق .. أتونه المحترق محملقا في زرقة رأسه تتراقص تهتز .. تحدجه العينان .. يزداد الفم آنفتاحا .. تنبعث صرخة مدوية من حَنجرة تاهت معالمها أتاحت الخروج لآلاف الزواحف المرقطة ترفرف بأجنحة رعناء في الهواء ثم تغيب .. تهتز الشفتان .. تهمسان بخفوت فتنبعث ديدان صغيرة تقيئ ديدانا أصغر بلون أزرقَ فاحم ترتعد فرائصُها تميل مترنحة بأبدانها في كل آتجاه، بينما كانت النار تشتد تزداد زرقة لظاها في الموقد العملاق ...


_يُتْبَعُ ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كندة علوش ملهاش في الأكشن وبتمنتج معايا أفلامى .. عمرو يوسف


.. كيف برأ الباحث إسلام بحيري فراس السواح و يوسف زيدان من التط




.. -للحديث عن الغناء الكلاسيكي-.. صباح العربية يلتقي بالفنان ال


.. الفنان السعودي مشعل تمر يوصف شعوره في أسبوع الأزياء بباريس




.. الفنان السعودي مشعل تمر يتحدث عن حصوله على مليار مشاهدة على