الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاور : إسرائيل . محكمة العدل الدولية . مجلس حقوق الانسان

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


" منذ اشتغالي على هذه المادة ، وطيلة الاشتغال ، البوليس السياسي يطفئ صفحة Word ، حتى تتوقف الكتابة ، ويتوقف النشر ."
1 ) إسرائيل ومحكمة العدل الدولية :
بعد هجوم المنظمة الاخوانية " حماس " في السابع من أكتوبر الفائت ، وكان الهجوم انتحارا لحماس ، حتى لخيل للمرء ، ان حماس كانت مدفوعة من جهة ما ، او انها انتحرت عندما غاب عنها الرد الإسرائيلي الذي كان متوقعا ( لبنان 2006 ، وغزة 2009 ) ، تقدمت جنوب افريقيا بدعوى ضد اسرائيل ، موضوعها ممارسة إسرائيل للإبادة الجماعية للفلسطينيين ، وهي عند ثبوتها تصبح من اخطر الجرائم التي يباشرها القضاء الدولي الجنائي ، كالمحكمة الجنائية الدولية بمقرها الرئيسي ، او ان يتم انتقال هذه المحكمة الى البلد الذي تراه مناسبا .. كبلد الدولة المتهمة بالإبادة الجماعية ، او الدولة ضحية الإبادة الإنسانية الجماعية .. فمن المعروف ان الاحكام والقرارات التي تحكم بها المحكمة الجنائية الدولية ، تختلف من حيث القوة ، ومن حيث مسطرة تنزيل الاحكام او الحكم ، عن الاحكام والقرارات التي تخرج بها محكمة العدل الدولية .
ان من بين شروط اللجوء الى طرق أبواب المحكمة الجنائية الدولية ، ان يكون الطرف المدعي او المدعى عليه ينتمي الى المحكمة ، أي ان يكون قد بصم على القانون الأساسي لا نشاءها . اما اذا كان احد اطراف النزاع لا يعترف بالمحكمة الجنائية الدولية ، ولم يوقع ولا بصم على قانونها الأساسي ، فان إمكانية المحكمة في النظر في احد الدعاوى ، يكون احد أطرافها ليس عضوا بالمحكمة ، ولم يوقع على قانونها الأساسي ، تصبح مرفوضة ، وغير قابلة للاجتماع . وهنا ففي مثل هذه الحالة التي تنطبق على الدولة الإسرائيلية ، تصبح إسرائيل متحللة من سلطة المحكمة ، اللهم ان يقرر عكس ذلك مجلس الامن بقرار يقضي بعرض النزاع على انظار المحكمة الجنائية ، رغم عدم عضوية احد الأطراف ، او كل الأطراف في المحكمة . ولو كانت جنوب إفريقيا او اي دولة ، ترغب في فتح ملف الإبادة الجماعية ، امام انظار المحكمة الجنائية الدولية ، فإسرائيل مثل الولايات المتحدة الامريكية ، سترفض الاجراء ، لان المحكمة الجنائية الدولية لا تتوفر على اختصاص النظر في الدعاوى التي تطالهم ، لانهم ليسوا أطرافا فيها . فهل مجلس الامن ، وبالضبط باريس ، ولندن ، وواشنطن أصحاب الفيتو ، سيسمحون لمجلس الامن ، باتخاذ قرار يضر بإسرائيل ؟ .
لكن رغم القاعدة المتعارف عليها ، والتي لا تعطي للمحكمة الجنائية الدولية ، النظر في القضايا التي لا يكون احد اطرافها عضوا فيها ، فان المحكمة اجازت لنفسها النظر في قضايا أطرافها ، او احد أطرافها ليس عضوا بها ، لان الطرف المعني بالدعوى ، طرف ضعيف ، كدولة ضعيفة ، او حاكم ضعيف ، كالمسؤولون عن الإبادة الجماعية في " البوسنة والهرسك " ، ومحاكمة رئيس صريبا " سْلوبودان ميلوزوفيتش " ، الذي مات في السجن ، وكحالة دكتاتور السودان عمر البشير ..
لكن بخلاف قرارات واحكام المحكمة الجنائية الدولية ، ذات الطابع الالزامي ، والاجراء القهري ، فان هناك نوع ثاني من القضاء ، هو محكمة العدل الدولية ، ومحكمة العدل الاوربية . وما يفرق بين هذه المجموعة من المحاكم ، وبين المحكمة الجنائية الدولية ، هو شرط العضوية ، وطابع الالزام والتنزيل ، باستعمال سلطات مجلس الامن ، التي قد تصل استعمال البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة .. ففرق كبير بين القرارات الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ، وقرارات محكمة العدل الاوربية التي تفتقد لسلطة الضبط ، وقرارات المحكمة الجنائية الدولية التي تنتهي باستخدام مجلس الامن لسلطاته المختلفة لتنزيل حكم المحكمة الجنائية الدولية . وهنا يجب ان نشير ، ان قرارات محكمة العل الاوربية ، تكون استشارية في حالة واحدة ، ان يكون احد أطرافها ليس اوربيا ، في حين تصبح القرارات والاحكام التي تصدرها محكمة العدل الاوربية الزامية وملزمة عندما يكون اطرف الدعوى أوروبيين الجنسية ..
ان قبول دولة إسرائيل بالمثول امام محكمة العدل الدولية ، وتعيين محاميها المختلفين ، من جهة لإظهار إسرائيل امام العالم بالدولة الديمقراطية ، ودولة العدل وحقوق الانسان ، ومن جهة لإدراك إسرائيل بطابع قرارات محكمة العدل الدولية ، الاستشارية والغير ملزمة . فقوة هذه القرارات هي أخلاقية ، وديماغوجية . لان السؤال وفي غياب هيئة تتولى تنزيل احكام محكمة العدل الدولية ، فما الفائدة من كل مسطرة التقاضي ، اذا كان التنزيل للأحكام يعود الى مجلس الامن الذي به دول ترفض الرفض التام ، المساس بدولة إسرائيل ، حتى وان القرار مجرد حكم استشاري ، وليس الزامي ..
فالدعوى التي تقدمت بها جنوب افريقيا لمحكمة الدولية ،
سيكون الحكم الذي ستصدره ، غير محرج لدولة إسرائيل ماديا ، لكن يبقى له تأثير أخلاقي ، دون ان يتجاوزه .. ولنا ابسط مثل عن القرار الذي خرجت به محكمة العدل الدولية ، في نزاع الصحراء الغربية ، وهو القرار الصادر في 16 أكتوبر 1975 ، عندما نص على ان آلية الاستفتاء وتقرير المصير ، هي من ستحدد جنسية الأراضي المتنازع عليها . ورغم مرور تسعة وأربعين سنة والى اليوم ، لا يزال الاستفتاء معلقا ..
ونظرا لحجم الاتهام " الإبادة الجماعية " ، فإسرائيل رحبت بالدعوى ، طالما ان حكم محكمة العدل الدولية ، مجرد قرار استشاري وليس بالقرار الالزامي ..
فالدعوى امام المحكمة الدولية افاد إسرائيل كثيرا عالميا بانها دولة عدل ودولة الديمقراطية وحقوق الانسان .. فالعملية برمتها قد نعتبرها شطحة من الشطحات الدولية ، أي مسرحية من اخراج دول الفيتو بمجلس الامن .. والضحية دائما ، الطرف الصغير في معادلة الكبار الذين يتقنون ميكانزمات العلاقات الدولية ، ويتحكمون في صنع القرار الدولي ..
2 ) العلاقة بين ( الفوز ) برئاسة مجلس حقوق الانسان ، والتطبيع مع إسرائيل ، ودخول الجزائر مجلس الامن :
ما هي العلاقة ، وهي موجودة ، بين دولة إسرائيل ، وبين التطبيع مع إسرائيل ، ودخول الجزائر لمجلس الامن ، وجنوب افريقيا وموقفها من ما يجري منذ السابع من أكتوبر الفائت ،بين المنظمة " الاخوانية / حماس " وإسرائيل ؟
ما يجب فهمه والتأكد منه ، ان العلاقات الدولية مصالح بالأساس ، قبل ان تكون قوانينا ومبادئ عامة او خاصة . فترأس النظام المزاجي البوليسي عدو الديمقراطية وعدو حقوق الانسان ، لم يكن بريئا ، ودخول الجزائر الى مجلس الامن لم يكن كذلك بريئا ، والدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا ضد دولة إسرائيل ، لم يكن كذلك بريئا ..
ا – دخول الدولة المزاجية المخزنية عدوة الديمقراطية ( معركة ) ترأس مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة : كيف يمكن تصور ان تصبح دولة بوليسية عدوة الديمقراطية وحقوق الانسان ، رئيسة مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة ؟
الماضي وحاضر الدولة المزاجية البوليسية المخزنية في مجالات الديمقراطية وحقوق الانسان ، لم يكن يسمح ابدا تصور ان تصبح رئيسة مجلس حقوق الانسان . والاّ ، وهذا تساؤل مشروع . أين غاب تقرير البرلمان الأوربي حول الديمقراطية وحقوق الانسان بالدولة البوليسية ، وبالصحراء الغربية ؟ . مع العلم ان أصحاب التقرير هم من كان يقف وراء ( فوز ) النظام المزاجي البوليسي برئاسة ( مجلس حقوق الانسان .) ؟ .
اين غاب أصحاب التقرير الذي أعدته كتابة الدولة في الخارجية الامريكية ، حول الديمقراطية وحقوق الانسان بالدولة المزاجية البوليسية ، وحول الديمقراطية وحقوق الانسان بالصحراء الغربية ؟ .
فمن خلال المقارنة ، سنجد تناقضا صارخا بين التقريرين ، وبين التصويت لصالح النظام المزاجي البوليسي المخزني ؟ .
فهل النظام المزاجي البوليسي اصبح بين عشية وضحاها وكرا للديمقراطية ، ووكرا لحقوق الانسان ، حتى يصبح نظام بوليسي يده ملطخة بالجرائم السياسية ، رئيسا لمجلس حقوق الانسان ؟
وهل الدعوة التي رفعتها جنوب افريقيا ضد إسرائيل ، تتهمها فيها بالإبادة الجماعية ، كانت دعوة صادقة ، ام كانت لعوامل سياسية لتبريد بعض الجهات خاصة التي تدعو الى المحاكمة ، وخدمة مصالح بعض الجهات وعلى رأسها دولة إسرائيل التي ظهرت بقبول الدعوة ، لأنها تعرف مسبقا ان الحكم الذي ينتظرها ، مجرد حكم استشاري وليس بالحكم الجبري ؟ .
فما الفائدة من صدور حكم فارغ المحتوى اذا ظل حبيس الرفوف ، ولم ينزل الى الأرض ؟
كذلك ما الفائدة من التطبيل والتصفيق لدخول الجزائر الى مجلس الامن ، ودورها لن يكون غير تمثيليا ، رغم الظهور بمعارضة إسرائيل ؟
فلو كان تواجد الجزائر كعضو بمجلس الامن ، سيؤثر التأثير البليغ في دولة إسرائيل ، هل كان للنظام الدولي في صورته الغربية ، خاصة الولايات المتحدة الامريكية ، وإسرائيل ، وبريطانيا ، وباريس ، سيغمضون العين ، بل سيساهمون كل من موقعه بدخول الجزائر الى مجلس الامن ؟
والاهم . رغم وجود الجزائر عضوا بمجلس الامن ، وهي عضو غير دائم ، ماذا باستطاعتها ان تفعله داخل مجلس الامن ، من جهة ضد إسرائيل التي تبدو انها تعارضها ، ومن جهة لفائدة الفلسطينيين الذين لا يزالون لم يشربوا من قاع " الخابْية " ، حين ينظرون الى السراب ، في حين ان الواقع يشهد ان الكل داخل مجلس الامن ، أصحاب فيتو وغير الدائمين ، يركزون على امن وسلامة إسرائيل ، وطبعا الكل من موقعه ؟
ان العامل في دخول النظام المزاجي البوليسي المخزني حتى يترأس مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة ، وايديه غارقة في دماء الضحايا ، ومن اجل ( الانتصار ) على جنوب افريقيا ، كان بسبب موقف النظام المزاجي البوليسي ، من العلاقات مع دولة إسرائيل ، واستمراره في الوفاء لها ، رغم ما حصل بعد السابع من أكتوبر الفائت .. فكانت المكافئة الغربية للنظام المزاجي ، هي دخوله ليصبح يرأس مجلس حقوق الانسان ، رغم انه نظام مزاجي بوليسي مخزني ، نيوبتريمونيالي ، نبوبتريركي ، رعوي ، وثيوقراطي غارق في الأصول والطقوس الماضوية ، التي لا علاقة تجمعها بالديمقراطية وبحقوق الانسان .
ان دخول نظام مزاجي بوليسي ودموي ، ليرأس مجلس حقوق الانسان ، كان نكاية بموقف جنوب افريقيا مِمّا جرى بعد السابع من أكتوبر، وكان نكاية بالنظام الجزائري حليف جنوب افريقيا .. رغم ان موقف النكظامين لا يؤثر في شيء في الساحة الدولية . فلو لم تكن إسرائيل ، ما تم اسناد رئاسة مجلس حقوق الانسان ، لنظام مزاجي بوليسي دموي ..
ولو لم تكن بالمسرحية الدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا ، ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية ، ما استطاعت جنوب افريقيا الزام إسرائيل بالحضور ، وهي تدرك ان القرار المنتظر ، سيكون مجرد " رأي استشاري " ، لا بالقرار الجبري والانفرادي . ففي حالة الاحكام التي تصدرها محكمة العدل الدولية ، قد تصبح تنفيذية اجبارية رغم طابعها الاستشاري ، اذا أراد مجلس الامن ، بقرار خاص يصدره في الامر . ومرة أخرى هل ستوافق دول الفيتو بمجلس الامن على قرار تنزيل قرارا استشاري ليصبح تنفيذيا ضد دولة إسرائيل ؟ .
أكاد اشك ان ما قامت به جنوب افريقيا ، بطرق أبواب محكمة العدل الدولية ، كان مقصودا ، ولم يكن مجرد خطئ في الحساب .. كما أكاد اشك ان ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر الفائت ، لم يكن من وحي " حماس " ، فقد تكون جهة أخرى من يقف وراءه ..
الخلاصة : ان دخول الجزائر الى مجلس الامن ، كان مقصودا ، لان إسرائيل والغرب ، لم يعترضوا على ذلك ، سيما وان دور الجزائر سيكون بروتوكوليا ، وليس مؤثرا ، لان سلطة القرار بيد دول الفيتو بمجلس الامن ، لا بيد غيرها من الأعضاء الغير الدائمين ..
كما ان يصبح نظام مزاجي دموي مخزني ببوليسي ... يرأس مجلس حقوق الانسان ، كان بفضل إسرائيل ، وبفضل الغربيين ، الدول الغربية التي تساند شخص محمد السادس كشخص ، وليس مجرد كنظام ..
ولجوء جنوب افريقيا الى رفع دعوى امام محكمة العدل الدولية ، بدعوى الإبادة الجماعية ، كان مقصودا ومخدوما ، لان اختصاص النظر في هذا النوع من الدعاوى ، يكون من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ، وليس من اختصاص محكمة العدل الدولية التي تصدر مجرد " رأي استشاري " ، لن يعرف طريقه يوما الى التنفيذ ، مثل قرارات المحكمة الجنائية الدولية التي يتولى السهر على تنفيذها مجلس الامن بقرار يصدره في الامر ..
ان من ربح من هذه المسرحية الخطيرة ، التي تلعب من طرف الكبار بمجلس الامن ، تبقى وحدها دولة إسرائيل كدولة عدالة ، عندما رحبت بالتقاضي امام محكمة العدل الدولية ، وليس امام المحكمة الجنائية الدولية ، وفي نفس الوقت تكون إسرائيل قد طمأنت اصدقاءها ، كالنظام المزاجي البوليسي الفاشي ، بفضلها في ترأسه مجلس حقوق الانسان ، وحمايته من الجزائر ( عدوة ) إسرائيل ، وعدوة النظام المزاجي البوليسي ..
ومن جهة تكون الضحية ( مبادئ الأمم المتحدة ) ، والصغار المغلوب عن امرهم ، قردة الدول العظمى التي ترقص على سمفونية العواصم الغربية ..
ومرة أخرى . ماذا ستستفيد الجزائر من التطبيل لدخول مجلس الامن ؟ . وماذا سيستفيد النظام المزاجي البوليسي والدموي ، من ترأسه مجلس حقوق الانسان ؟
لكن إسرائيل ربحت جميع المعارك الصغيرة والكبيرة ، خاصة وان كل العالم العربي يهرول نحوها ، وبلا توقف ، بعدما كانت علاقاتها مقطوعة مع هذا العالم الذي يحتمي بها اليوم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل