الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسطينيون بين قنبلتين

رضي السماك

2024 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يُعد التهجير القسري لأي شعب شكلاً من أشكال إبادة هويته ومحاولة لاجتثاث جذوره من تراب وطنه، وهذا ما جربته إسرائيل في نكبة 48، لكنها فشلت في تهجير الشعب الفلسطيني برمته، ونجح جزء منه بالتشبث بوطنه( عرب 48)، وإن فُرض عليه العيش داخل الكيان الصهيوني .ولو كان بمقدورها حينئذ إبادة الشعب الفلسطيني بالأسلحة الفتاكة الحديثة التي تملكها الآن لما ترددت عن ذلك. لكن حُلم الإبادة ظل يُداعب مخيلة قادة الكيان ، سواء أمكن لهم تحقيقه بأسلوب التهجير القسري،أو بأسلوب المجازر الدموية البشعة المتتابعة، أو بالإسلوبين معاً، تماماً كما هو جارٍ الآن بحق الغزاويين منذ أزيد من ثلاثة شهور. ولأن الأسرائيليين وجودهم طاريء وكيانهم مصطنع ظلوا يكرهون بشدة وجود هذا الشعب على أرضه، وكل مايُمت بهُويته وتجذره فيها بصلة، ومارسوا عقوبة نسف المنازل،إن على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي، لأن هذه البيوت بتاريخها العريق شواهد تنقض سرديتهم الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب. وإذ اضطر الاحتلال الإسرائيلي الأنساب من قطاع غزة 2005 فلم يكن ذلك طواعية،فضلاً عن أن القطاع ظل محاصراً براً وجواً وبحراً منذ ذاك العام، وظلت هذه البقعة من الوطن الفلسطيني تشكل على الدوام عقبةً كأداء في وجه المخططات التوسعية الإسرائيلية؛ وذلك بفضل بسالة وصمود مقاومتها وأهاليها، لا بل كانت أشبه بالمرض السرطاني العضال في خاصرة الكيان الجنوبية. وإذا كان رئيس الوزراء الراحل إسحق رابين لم يتردد في الإعراب عن حُلمه بأن يصحو يوماً وقد ابتلعها البحر، فإن وزير التراث عميحاي إلياهو خلال حرب الإبادة الحالية كان أكثر صراحة في شغفه بتحقيق الإبادة الفورية من خلال إسقاط قنبلة نووية على القطاع!
وإذ تمكن الاحتلال من إبادة ما يقرب من 25 ألف فلسطيني حتى الآن من أهل القطاع،جلهم من الأطفال والنساء،وذلك من أصل مليوني ونيف من سكانه،فهل بوسعه تحقيق حلمه الجنوني بإبادة المليونين المتبقيين؟هنا يكمن الفرق بين قنبلة إسرائيل النووية وعجزها عن استخدامها لإبادة الشعب الفلسطيني برمته، أو في القطاع، وبين القنبلة الديموغرافية الفلسطينية النقيض المبطل للقنبلة النووية الإسرائيلية.
لقد أخذت القنبلة الديموغرافية الفلسطينية في التضخم لعقود طويلة ، في مختلف أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، سواءً على أرضه داخل الكيان، أو في الضفة والقطاع أو في الشتات، وظلت تشكل بعبعاً حقيقياً لقادة إسرائيل المتعاقبين، سيما في ظل العجز عن مضاهاتها في القوة، رغم كل السُبل التي لجأ إليها هؤلاء القادة للحد من تضخمها، إن في شن الحروب على الفلسطينيين، أوفي حرب الإبادة الحالية الأشرس والأطول التي تُشن على أهل القطاع.وزاد من هذا الفارق بين القنبلتين أن عدد اليهود الذين هاجروا من الكيان، وفق معطيات مركز الإحصاء الإسرائيلي نحو 17 ألفاً عام 2015، في حين أن انخفاض الهجرة اليهودية إلى إسرائيل بلغ العام الماضي 20% وسط تزايد ملحوظ في الطلب على الحصول على الجنسيات الأُوروبية، علماً بأن الزيادة السكانية في أعداد سكان إسرائيل كانت تتحقق بقفزات في معدلات الهجرة إليها أكثر من معدلات الزيادة السكانية.وليس غريباً لذلك أن تحرص على أن تكون من الدول الريادية لعلاج العقم وزيادة معدلات الخصوبة.
وأياً كان أسباب تذبذب معدلات الزيادة السكانية بين الطرفين بين الفينة والأُخرى ، فإن تمكن الفلسطينيين من المحافظة على الجسم الرئيسي من قوتهم الديموغرافية حقيقة لا يمكن لإسرائيل وحلفاؤها الدوليين، وعلى رأسها أميركا،،تجاهلها، فهي سر استمرار القضية الفلسطينية حية،كما هي سر استحالة شطبها مادام شعبها جيلاً إثر جيل لم يقنط من النضال من أجل انتزاع حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف دولياً، وبضمنها حقه تقرير المصير وحق العودة وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر من 50.000 لاجئ قاصر في عداد المفقودين في أوروبا | الأخب


.. مدينة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!! • فرانس 24 / FRANCE 2




.. نتنياهو يهدد باجتياح رفح حتى لو جرى اتفاق بشأن الرهائن والهد


.. رفعوا لافتة باسم الشهيدة هند.. الطلاب المعتصمون يقتحمون القا




.. لماذا علقت بوركينا فاسو عمل عدة وسائل أجنبية في البلاد؟