الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألأسس النفسية للأنتهازية التاريخية في الشرق الاوسط

غالب المسعودي
(Galb Masudi)

2024 / 1 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الشعوب في الشرق الأوسط قد تعرضت لظروف صعبة وصراعات مستمرة على مر العصور. وبالتالي، تنمو لديهم رغبة قوية في البقاء وتحقيق الأمان والاستقرار الشخصي، قد يلجأون إلى الانتهازية لضمان حياتهم ومصالحهم الشخصية. ان التاريخ الطويل للنزاعات والصراعات في المنطقة يؤدي إلى نقص الثقة وزيادة القلق لدى الناس.و يعتقد البعض أنه يجب عليهم استغلال الفرص بسرعة واستخدام الوسائل المتاحة لتحقيق مصالحهم الشخصية قبل أن يفعل غيرهم.
تلعب العوامل الاقتصادية دورًا هامًا في تشكيل الانتهازية. بسبب التحديات الاقتصادية ونقص الفرص في تشجيع الأفراد على تعزيز مصالحهم الشخصية قبل مصلحة المجتمع أو البلد بأكمله. على مر العصور، تعرضت العديد من البلدان في الشرق الأوسط للاستعمار والاستعباد، وهو ما أدى إلى تشوه هوية وثقافة هذه الشعوب. ويعتبر بعض الأشخاص أن استغلال الفرص والموارد بشكل فردي هو وسيلة لتعويض هذه الظلم التاريخي.
لفهم هذه القضية بشكل أكبر وأعمق، ينبغي أن ندرس التحليلات والبحوث الاجتماعية والنفسية التي تركز على الشرق الأوسط وتحليل الظواهر السلوكية اوالتاريخية في الشرق الأوسط. يُعتبر الفساد السياسي ظاهرة شائعة في بعض البلدان في الشرق الأوسط. يمكن أن يتمثل الفساد في استغلال المناصب الحكومية والموارد العامة لتحقيق مكاسب شخصية، مما يؤدي إلى تدهور الخدمات العامة وتهديد استقرار البلدان. في ظل الصراعات السياسية المستمرة في المنطقة، يمكن للأطراف المتحاربة أن تستغل الظروف لتحقيق مكاسب شخصية وزيادة نفوذها. يمكن أن ينتج ذلك عن الفساد السياسي والتعاون مع القوى الخارجية لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الشعوب والمصالح العامة. يتمتع الشرق الأوسط بثروات طبيعية هائلة مثل النفط والغاز والمعادن. ومع ذلك، يحدث استغلال غير عادل لهذه الموارد من قبل الشركات الدولية أو الحكومات المحلية لتحقيق مكاسب شخصية دون تحقيق التنمية المستدامة والاستفادة العادلة للشعوب. يمكن أن تتأثر الانتهازية التاريخية في الشرق الأوسط بالصراعات الطائفية والعرقية المستمرة في المنطقة. يمكن للأفراد والجماعات أن يستغلوا هذه الانقسامات لتحقيق أهدافهم الشخصية وزيادة نفوذهم. تشهد بعض الدول في الشرق الأوسط استغلالًا للسلطة السياسية لتعزيز مصالح فئة معينة على حساب المصلحة العامة. يمكن أن يتم ذلك من خلال التلاعب في الانتخابات، وقمع الحريات السياسية، وتضييق الخيارات الديمقراطية للمواطنين. يستغل البعض الدين في الشرق الأوسط لتحقيق مكاسب سياسية أو اجتماعية.و يمكن أن يتم ذلك من خلال استغلال الخطاب الديني لتبرير أعمال غير أخلاقية أو لتعزيز الانقسامات الطائفية. يعد الشرق الأوسط منطقة ذات أهمية جيوسياسية كبيرة، يشهد تدخلات خارجية متعددة. يمكن للقوى الكبرى أن تستغل الظروف السياسية والاقتصادية في المنطقة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية دون النظر إلى المصلحة العامة للشعوب المحلية.بالاضافة الى ذلك لدينا الانتهازية الدينية والتي تشير إلى استغلال الدين والمعتقدات الدينية لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية. يتم ذلك عن طريق تحويل الدين إلى أداة للسيطرة على الناس، وجمع التبرعات بشكل غير مشروع، والترويج للتطرف والعنف، واستغلال المعجبين والمؤمنين لتحقيق المصالح الشخصية.. يستخدمون الخطاب الديني لتحريض الناس على العنف والتحريض ضد فئات أخرى، ويروجون للأفكار المتطرفة بحجة الدين. تلك هي بعض الأمثلة على الانتهازية الدينية في الشرق الأوسط. يجب أن نلاحظ أن هذه السلوكيات لا تعكس الدين نفسه بل هي استغلال وتحريف للمعتقدات الدينية لتحقيق أهداف شخصية أو سياسية. يجب ممارسة الحذر والنقد الواعي عند التعامل مع الأشخاص أو المنظمات التي تستغل الدين بهذه الطريقة.
الانتهازية السياسية تشير إلى استغلال الوضع السياسي والسلطة لتحقيق مكاسب شخصية أو جماعية بدلاً من الاهتمام بالصالح العام ومصلحة المجتمع. تتضمن الانتهازية السياسية العديد من السلوكيات غير الأخلاقية والمشبوهة، ومن بينها
الانتهازية الانتخابية,و يتعلق بتحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأجل عن طريق الوعود الزائفة والتلاعب بالمشاعر والآمال للناخبين قبل الانتخابات، دون أن يتم الالتزام بتنفيذها بعد الفوز بالسلطة. يقوم بعض السياسيين بتحريض الصراعات والأزمات أو استغلالها لتعزيز مصالحهم الشخصية أو لتحقيق أهداف سياسية، حتى لو تسبب ذلك في المزيد من المعاناة والتوتر في المجتمع.
تأثرت شخصية الإنسان الشرق أوسطي نتيجة تاريخ المنطقة وتجاربها التاريخية كطريق الفتوحات والاضطرابات التي صاحبت هذه المرحلة. تشتهر المنطقة بأنها مهد للحضارات العديدة وشهدت تواجدًا كبيرًا للثقافات المختلفة عبر التاريخ. هذا التأثير التاريخي والثقافي يتجلى في عدة جوانب من شخصية الإنسان الشرق أوسطي، تاريخيًا، كان الدين له دورًا كبيرًا في الشرق الأوسط، وقد ترك ذلك أثرًا عميقًا على شخصية الإنسان الشرق أوسطي. يعتبر الدين عادة جزءًا مهمًا من هويته وقيمه، ويؤثر في مفهومه للأخلاق والحياة الروحية. هذه بعض العوامل الاجتماعية التي يمكن أن تؤثر في شخصية الإنسان الشرق أوسطي ,هناك العديد من العوامل الاجتماعية التي تؤثر في شخصية الإنسان الشرق أوسطي. مثل الاستعمار أثر في تشكيل بعض العوامل الاجتماعية والثقافية في الشرق الأوسط، بما في ذلك الشخصية الانتهازية. ومع ذلك، يجب ملاحظة أن تأثير الاستعمار على الشخصية الانتهازية يعتبر نتيجة لعوامل متعددة ومعقدة، ولا يمكن تخصيصها فقط للعوامل الاستعمارية. خلال الفترة الاستعمارية، تعرضت الشعوب الشرقية العربية والمسلمة لتدخلات سياسية واقتصادية وثقافية من الدول الأوروبية. وقد ترتب على ذلك تغيرات هامة في هيكل المجتمع والقيم والتصورات الثقافية.
تأثرت الهوية الوطنية والثقافية للشعوب الشرقية بسبب الاستعمار، حيث تم فرض نماذج ثقافية غربية وإشراف خارجي على المؤسسات التعليمية والاقتصادية والسياسية والدينية. تم تعزيز القيم الغربية والأنماط الاستهلاكية التي تشجع على الانتهازية والاهتمام الذاتي والاستفادة الشخصية. كما أن تقسيم المناطق وتحديد الحدود الاستعمارية قد أدى إلى تفكك الأراضي والمجتمعات، وتعزيز الانقسامات العرقية والدينية والقومية. وهذه الانقسامات قد أدت في بعض الأحيان إلى السعي المفرط للحصول على المزيد من الموارد والسلطة على حساب الآخرين، وهو سمة من سمات الشخصية الانتهازية.
بشكل عام، يمكن اعتبار الاستعمار والتدخل الخارجي والعمالة تؤثر في بعض الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في الشرق الأوسط، ومنه ضعف الحكومات المحلية وفرض نظم سياسية وإدارية تخدم مصالح القوى الاستعمارية. هذا الضعف والاستقلالية المحدودة للحكومات المحلية قد أدى إلى نشوء ثقافة الانتهازية والفساد ، حيث يسعى بعض الأفراد إلى الاستفادة الشخصية من المناصب الحكومية والممتلكات العامة. يجب التأكيد على أنه لا يمكن إلقاء جميع المسؤولية على الاستعمار وحده في تنمية الشخصية الانتهازية في الشرق الأوسط لوجود عوامل أخرى متداخلة تؤثر على تشكيل الشخصية الانتهازية في المجتمعات. ومع ذلك، فإن الاستعمار يعتبر عاملاً مهماً في فهم تأثير العوامل التاريخية والاجتماعية على تطور الشخصية في الشرق الأوسط. إنما الأمر يتعلق بتفاعل مجموعة متنوعة من العوامل المختلفة، بما في ذلك العوامل الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية والسياسية. ومن المهم أن نفهم هذه العوامل ونعمل على تعزيز القيم الإيجابية والحوكمة الرشيدة للتصدي للتحديات التي تنشأ نتيجة الشخصية الانتهازية في المجتمع. لقد تعرضت دول الشرق الأوسط للتدخل الاستعماري والتحكم الخارجي لفترة طويلة من التاريخ. خلال هذه الفترة و الفترة المنصرمة، فرضت القوى الاستعمارية نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المنطقة بطرق تؤثر في الثقافة والقيم والسلوكيات الشخصية.و قد يتبنى الأفراد سلوكيات الانتهازية للتعامل مع الظروف الصعبة ولتحقيق المكاسب الشخصية في ظل التواجد الاستعماري. شهد الشرق الأوسط تحولات اقتصادية واجتماعية هامة خلال القرن العشرين، بما في ذلك التحول من الاقتصاد الزراعي إلى الاقتصاد الصناعي والنفطي. هذه التحولات قد أدت إلى تغيرات هائلة في الهيكل الاجتماعي والاقتصادي وزيادة التنافس والرغبة في تحقيق النجاح الشخصي والثروة. قد يتبنى بعض الأفراد سلوكيات الانتهازية للاستفادة من فرص الثراء والنجاح الشخصي. يعاني العديد من البلدان في الشرق الأوسط من مستويات عالية من الفساد وقلة الشفافية في الحكم والإدارة. يؤدي هذا إلى تشجيع سلوكيات الانتهازية والسعي لتحقيق المكاسب الشخصية على حساب المصلحة العامة. هذه العوامل وغيرها تجعل الشخصية الانتهازية تتنامى في الشرق الأوسط مع مرور الزمن.
ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أنه من المهم عدم العمومية والتعميم، فالشرق الأوسط يضم مجتمعات وثقافات متنوعة، وليس جميع الأفراد هم من الشخصيات الانتهازية. هناك أيضًا العديد من الشخصيات النبيلة والملهمة التي نشأت في الشرق الأوسط وتعمل على تحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع ,الا ان فرصتها في التغيير تكالبت ضدها كل التيارات الرجعية المتشبثة بأهداب الدين والقوى الاستعمارية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق شبكتنا في


.. رغم تصنيفه إرهابيا.. أعلام -حزب الله - في مظاهرات أميركا.. ف




.. مراسل الجزيرة ينقل المشهد من محطة الشيخ رضوان لتحلية مياه ال


.. هل يكتب حراك طلاب الجامعات دعما لغزة فصلا جديدا في التاريخ ا




.. أهالي مدينة دير البلح يشيعون جثامين 9 شهداء من مستشفى شهداء