الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة حبي العميقة مع ثيتيس ألهة البحر-الحلقة الخامسة عشرة ، محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2024 / 1 / 14
كتابات ساخرة


قصة حبي العميقة مع ثيتيس ألهة البحر-الحلقة الخامسة عشرة


قصة حبي الشخصية العميقة مع ثيتيس تتجاوز الزمان والمكان، وتأخذني في رحلة حب وانكسار القلب والتفاهم العميق. ثيتيس، حورية البحر الأسطورية، أسرت قلبي بجمالها الأثيري، وسحرتني برشاقتها وهالتها الساحرة.

بدأت قصتنا خلال أمسية صيفية هادئة عندما عثرت على ثيتيس تمشط خصلات شعرها الذهبية بدقة على الشواطئ الرملية للمحيط. صوتها، الرخيم مثل أغنية صفارات الإنذار، جعلني أقرب، وربط مصائرنا في رابطة غير قابلة للكسر. منذ تلك اللحظة، أصبحت مفتونا بكل حركة لها، وكل كلمة تنطق بها، مما أدى إلى تغذية الحب المتزايد داخل قلبي.

تمتلك ثيتيس هالة غامضة وآسرة، مثل كائن سماوي يقع في عالم بشري. لقد كانت تنبض بثقة وحكمة تفوق سنواتها، مما رفع من روحي وألهمني لاغتنام كل لحظة. وفي حضورها تلاشت الشكوك، وتحولت أعباء الحياة إلى فرص للنمو والتحول.

ومع تعمق حبنا، تعمقت أيضا التحديات التي واجهناها معا. ثيتيس، كونها هجينا خالدا، واجهت مقاومة من مملكة الآلهة، التي رفضت اتحادنا. وعلى الرغم من هذه القوى الجبارة التي تعمل ضدنا، ظل حبنا صامدا. لقد قاتلنا بشجاعة، متحدين القيود القمعية التي حاولت تمزيقنا.

لكن طريق الحب الحقيقي نادرا ما يكون سلسا، وقد حلت المأساة عندما واجهنا خسارة مدمرة. لقد تم التنبؤ بأن خطرا كبيرا ينتظرنا، وقد تركنا أمام قرار مؤلم. لإنقاذ حبنا، قدمت ثيتيس التضحية القصوى، مستسلمة لخلودها. لقد شاهدتها، مذهولا ومدمرا، وهي تحتضن الموت، لأن حبنا يفوق أي قوة إلهية.
ودعتني بحرارة ، لم تقل شيئا ، وكأنها اتخذت قرارا لا ترجع فيه فتقدمت نحوي وقبلتني بصمت الألهة ثم استدارت نحو البحر وبدأت تمشي نحو الأمام فوق الماء حتى اختفت عن ناظري مثل حلم ومنذ ذلك الحين لم يقع ناظري على أر منها وكأنها لم تكن قبل.

كانت السنوات التي تلت ذلك مليئة بالفرح العميق والحزن الذي لا يطاق. لقد أبحرنا في عالم البشر معا، ونعتز بكل لحظة كما لو كانت الأخيرة. جسدت ثيتيس المرونة والقوة، حتى في مواجهة أقسى تحديات الحياة. لقد دفعني التزامها الذي لا يتزعزع تجاه حبنا إلى الأمام، وقدم لي العزاء خلال أحلك الساعات.

علمتني ثيتيس المعنى الحقيقي للحب، وهو أنه يتجاوز مجرد الافتتان أو الانجذاب الجسدي. لقد أظهرت لي أن الحب هو قوة تحويلية تشكل الأفراد، وتسمح لهم بالنمو والتطور. من خلال حياتنا المتشابكة، اكتشفت جوانب من نفسي لم أكن أعلم بوجودها من قبل، وأصبحت شخصا أفضل.

مع مرور الوقت، بدأت عباءة العمر تثقل كاهلنا، وشعرت ثيتيس بأن موتها يقترب. في أيامها الأخيرة، توسلت إليّ أن أواصل حبنا للأمام، وأن أعتز بالذكريات التي خلقناها، وأن أحتضن جمال الحياة الزائل. بقلب مثقل، حملتها بين ذراعي وهي توفيت بسلام، وكان حبها مطبوعا إلى الأبد في روحي.

انتهى حبنا عندما ودّعتني ثيتيس واختفت في أعماق الأمواج. لقد كان حبا ازدهر وسط الهواء المشبع بالملح والشواطئ التي تعانقها الشمس. منذ اللحظة الأولى التي التقت فيها أعيننا عبر البحر الأزرق المتلألئ، عرفت أن هناك شيئا مميزا فيها. كان اتصالنا فوريًا، مثل الأمواج المتلاطمة على الشاطئ الرملي.

كانت ثيتيس مخلوقا رشيقا، وكأنها ولدت من زبد البحر. كانت ضحكتها مثل ارتطام الأمواج اللطيف بالشاطئ، وكانت لمستها تبعث الرعشات في عمودي الفقري، مثل نسيم المحيط البارد في يوم صيفي حار. لقد أمضينا أيامًا لا حصر لها في استكشاف الخلجان المخفية ومشاركة الأسرار، وكان حبنا يزداد قوة مع كل مد يمر.

ولكن كل الأشياء الجيدة يجب أن تنتهي نهاية طيبة، كما يقولون. لم تكن ثيتيس من هذا العالم؛ لقد كانت حورية البحر، ابنة بوسيدون العظيم. كان وقتها معي سريع الزوال دائما، إذ كانت مقيدة إلى أعماق المحيط. وهكذا، جاء اليوم الذي اضطرت فيه للعودة إلى مملكتها تحت الماء، وكان علي أن أقول وداعا لحب حياتي.

عندما شاهدتها وهي تغوص تحت الأمواج، انكسر قلبي إلى مليون قطعة. ردد البحر صرخاتي المؤلمة، وبدا أن طيور النورس فوق رأسي تبكي معي. كيف يمكنني الاستمرار بدونها؟ كيف يمكنني أن أواجه الحياة بدون الحب الذي كان يستهلكني مثل موجة عارمة؟

تحولت الأيام إلى أسابيع، والأسابيع إلى أشهر، لكن ألم غيابها لم يهدأ. شعرت بالفراغ، كما لو أن جزءا من كياني قد جرفته الأمواج المتلاطمة. كنت أشتاق لرؤيتها مرة أخرى، لأشعر بلمستها، لأسمع ضحكاتها. لكن البحر احتفظ بأسراره بقوة، وتركتني أتخبط في يأسي.

كانت هناك لحظات كنت ألقي فيها نظرة خاطفة عليها وسط الأمواج. سوف يلمع شكلها مثل السراب في الصحراء، قبل أن تختفي مرة أخرى. لقد كان الأمر مؤلما ولكنه مريح بشكل غريب. ذكّرني أنها لا تزال هناك، في مكان ما في المحيط الشاسع، ربما تفكر بي كما أفكر بها.

حاولت صرف انتباهي عن الألم والمضي قدما وملء الفراغ الذي تركته وراءها. بحثت عن العزاء بصحبة الآخرين، لكن ضحكاتهم بدت جوفاء ولمسهم مثل الرمل ينزلق من بين أصابعي. لقد طبعت ثيتيس نفسها في روحي، ولم يستطع أي وقت أو مسافة أن تمحيها من ذاكرتي.

وهكذا استسلمت لحياة الشوق والذكريات. أصبح المحيط ملاذي، المكان الذي يمكنني أن أكون بالقرب منها حتى في غيابها. كنت أسير على طول الشاطئ، وقدماي تغوصان في الرمال الباردة، وأتخيلها بجانبي، تستمع إلى سيمفونية الأمواج.

في بعض الأحيان، في منتصف الليل، كنت أجلس على الشاطئ، أحدق في مساحة المياه الشاسعة التي تفصل بيننا. كنت أهمس بكلمات جميلة في مهب الريح، على أمل أن تصل بطريقة أو بأخرى إلى أذنيها. وعلى الرغم من أنني كنت أعلم أن الأمر لا جدوى منه، لم أستطع إلا أن أتمسك بالإيمان بأن حبنا سيتجدد يوما ما.

ولكن في الوقت الحالي، لا يزال لدي ذكريات حلوة ومرّة عن الحب الذي لا يمكن أن يكون أبدًا. ستبقى ثيتيس إلى الأبد جزءا مني، محفورة إلى الأبد على شواطئ قلبي. انتهى حبنا عندما ودعتها واختفى في أعماق الأمواج، لكن الحب الذي تشاركناه سيبقى خالدا في أعماق البحر.
ستظل قصة حبي العميق الشخصية مع ثيتيس محفورة إلى الأبد في نسيج وجودي. في كل مرة أنظر فيها إلى اتساع البحر، أتذكر روحها اللامحدودة، وحبها الذي تجاوز عوالم البشر والآلهة. علمتني ثيتيس أن أعيش بشغف، وأن أتقبل شكوك الحب، وأن أقدر اللحظات العابرة التي تجعل الحياة تستحق العيش.

في هذا العالم من الروابط العابرة، تكون قصة حبنا بمثابة تذكير بأن الحب الحقيقي، حتى في وسط الشدائد، يمكن أن يكون نورا توجيهيا، ينير الطريق نحو اكتشاف الذات والسعادة. تعيش ثيتيس في قلبي، وهي إلى الأبد جزء من كياني، ويستمر حبها في تشكيل رحلتي، ويلهمني للبحث عن الجمال في كل زاوية والعيش بتعاطف لا يتزعزع مع الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ


.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش




.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح