الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب تكسير الأساطير !

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 1 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


دأب الكيان الصهيوني اللقيط على نسج الأساطير وترويجها بخصوص قوته العسكرية والاستخبارية، لهدف رئيس مؤداه بث الخوف في نفوس العرب وتيئيسهم من امكانية الفوز في أية مواجهة معه. لعل في مقدمة هذه الأساطير صورة "الجيش الذي لا يُقهر"، وقد اكتسبها جيش الكيان في حروبه مع الجيوش النظامية العربية. انطبعت هذه الصورة في الأذهان، وكادت تتخطى احتمالات التشكيك والمنازعة، على أرضية هزائم الجيوش النظامية وجنوح أنظمة عربية إلى الاستسلام لإرادة العدو بإسم السلام والتطبيع معه، بل ولجوء بعضها إلى العدو التاريخي للأمة لحمايتها. لكن غرور الكيان وغطرسته قاداه إلى ما لم يكن في حسبانه، لجهة تلطيخ صورة "جيشه الذي لا يُقهر" خلال عدوانه على لبنان الشقيق وتصدي حزب الله لهذا العدوان في السادس من تموز 2006. أما في السابع من تشرين أول 2023، فقد تحطمت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر ودُفنت في رمال غزة إلى الأبد. في هذا اليوم التاريخي، حصل ما أصبح يخضع للتحليل في الكليات العسكرية العالمية. فكيف تَأتَّى لمقاومين بأسلحة فردية في فضاء محدود المساحة ومحاصر، هو قطاع غزة، أن يسددوا ضربة قاسية لكيان ذي قدرات عسكرية واستخبارية تُصنف على أنها الأفضل في منطقتنا ومن الأفضل في العالم؟!
لكنها الإرادة، وحسن التخطيط، والبراعة في التنفيذ. وكلها تتغذى من الإيمان بالحق المشروع في مقاومة العدو الغاصب، وتحرير الأرض. أصيب العدو بهستيريا جنونية، يوم الطوفان، إلا أن ردود فعله الهستيرية بعد أزيد من مئة يوم على العدوان الإجرامي أظهرت العالم على عجز جيشه عن خوض عملية عسكرية برية شاملة ضد المقاومة. لذا، لجأ مدفوعًا بعنجهيته وجنونه إلى قتل المدنيين وتدمير المدارس والمستشفيات وغيرها من المؤسسات المدنية، أي ما يعرف بحرب الجبناء. وعلى الرغم من فداحة الثمن من أرواح المدنيين العزَّل، دفع العدو أثمانًا باهظة في المواجهات على الأرض تفوق بكثير خسائره يوم الطوفان، ويتكبد خسائر كبيرة كل يوم.

أبت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر أن تدفن في رمال غزة لوحدها، بل حرصت على استصحاب شقيقة لها نبتت على أرضيتها أصلًا، ونعني "اسطورة عملية السلام". أكد الكيان اللقيط، منذ زرعه في فلسطين، أنه شاذ في سياساته وفي ممارساته، لأنه في الأصل نشأ خلافًا لمنطق التاريخ وعلى الضد من شروط الجغرافيا ونواميسها. فكلما "جنح" بعض النظام العربي للسلم معه، يزداد هو غطرسة ويبالغ في الاستيطان وتهويد الأرض، فضلًا عن النزوع الى التطرف والعنصرية والفاشية الدينية. أليس هذا ما حصل بعد انطلاق ما يُعرف ب"عملية السلام" في مؤتمر مدريد 1991؟!
وقد تأكد أن السلام مع عدو على هذه الشاكلة سراب لاحقته أنظمة عربية مأزومة على مدى 33 سنة، وما يزال بعضها يراهن عليه. لقد استغل العدو تلك السنوات لزرع الأرض بالمستوطنات والمستوطنين، للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية متصلة الأجزاء حتى على 22% من فلسطين المحتلة.
أما الأسطورة الثالثة، التي أغرقها الطوفان فنراها في لجوء أنظمة عربية إلى العدو التاريخي لأمتنا تنشد حمايته !
طاش سهم هذه النظم وخاب ظنها، بعد أن تأكدت ومعها العالم كله أن الكيان اللقيط نفسه بحاجة إلى من يحميه. ويكفي للتدليل على ما نقول قرار البنتاغون بإرسال حاملتي طائرات إلى شرق المتوسط، بعد الطوفان، للتدخل في حال نشوب حرب شاملة مع حزب الله واتساع رقعة المواجهة.
من جانبنا، نرجح أن منطقتنا على عتبة مرحلة مختلفة ذات أبعاد جيوسياسية هامة، على خلفية تحطم هذه الأساطير الثلاث. ونميل إلى الاعتقاد، في السياق ذاته، بأن الغرب الأنجلوسكسوني لم يعد واثقًا بقدرات الكيان اللقيط على حماية مصالحه القائمة على إبقاء العالم العربي في حالة فقدان وزن ومسرحًا للصراعات والفتن والاضطرابات. ولنا أن نتخيل في ضوء ذلك، كيف اصبحت النظرة إلى الأنظمة العربية الوظيفية، داخليًّا وخارجيًا، في مرحلة تشهد تنافسًا اقتصاديًّا وعسكريًا شديدًا بين أميركا وغربها الأطلسي من جهة، وروسيا والصين وحلفائهما في الجهة المقابلة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرشحون لخلافة نصرالله | الأخبار


.. -مقتل حسن نصر الله لن يوقف مشروع الحزب وسيستمرفي المواجهة -




.. الشارع الإيراني يعيش صدمة اغتيال حسن نصر الله


.. لبنان: مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلي




.. المنطقة لن تذهب إلى تصعيد شامل بعد مقتل حسن نصر الله