الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصداء الابتكار: صراع وجهات النظر

راقي نجم الدين

2024 / 1 / 15
الادب والفن


مرحباً بكم في مدينة الفن والثقافة! يُعد متحف (إلوميناريوم) الكبير، الذي يقع في قلب المدينة، بمثابة وجهة آسرة تجذب الفنانين من جميع أنحاء العالم. وبينما تتجول في ممراته الواسعة المزينة بإطارات مذهبة ولوحات جدارية مرسومة بدقة، استعد لتكون مفتوناً. في إحدى الأمسيات التي لا تُنسى، عُرضت أعمال (رفيق أناضول)، الفنان الرقمي الأمريكي التركي الشهير. استخدم رفيق الخوارزميات والشبكات العصبية لإنشاء تجارب عميقة. عُرضت اعماله على شاشة تزين الجدار المقابل، لقد صورت تدفقات غامضة، ومجرات تُولد وتنهار، وذكريات أثيرية من بنوك البيانات الضخمة للتاريخ البشري. لقد انبهر الجمهور من التألق المطلق لما حدث أمام أعينهم.
ولكن مع انتشار همسات التقدير في جميع أنحاء الصالة، كان هناك أيضاً فنان تشكيلي يتأبط مخطوطة محاكاة بالية، شكل ابداعاته بإلهام من السادة الأوروبيين، رسم لوحاته من شظايا تألقهم فقط، لكنه، ظل محصوراً في حدود اللوحات العادية. لقد سخر هذا الفنان مما شاهده.

أية حماقة هذه! هكذا صاح. هذا ليس فناً. إنه سراب، وهم، ووسيلة للتحايل! هناك مؤامرة شريرة تعمل هنا يا أصدقائي. إنهم يسعون إلى استبدال نسيج تراثنا الفني بـ… هذا!

كان فناننا المغطى بالحسد مثل الطاووس في المتحف، فخوراً ومشرقاً وواثقاً من نفسه، لقد أظهر جواً من التفوق الذي ظنه الكثيرون على أنه حكمة. كانت لوحاته النابضة بالحياة موجودة في المتحف أيضاً، نعم، لكنها كانت تفتقر إلى الصوت الأصلي. لقد كانت أصداء، أصداء للفن الذي كان ثورياً في يوم من الأيام.
لكن العالم يتغير، والناس يتوقون إلى الابتكار، ويتوقون إلى التجارب التي تتجاوز اللوحات القماشية. كان فن رفيق بمثابة النسيم المنعش، يوقظ الروح بطرق لا يمكن لتقليد فناننا أن يفعلها.
زادت هواجس فناننا. بدا كل بكسلٍ متلألئ على شاشة رفيق كإهانة شخصية له. حشد مؤيديه، مبشراً بقدسية الفن التقليدي وكيف يسعى العالم الرقمي إلى التغلب على حرفتهم التقليدية العزيزة ومحو تاريخهم المشترك.
في غرفة الصدى الخاصة بهم والمليئة بالخوف، صفقوا لبطلهم، وقبلوا فكرة أن عروض رفيق لم تكن إبداعات ذات مغزى. لقد أعمتهم مخاوفهم الخاصة، وتشبثوا بإحكام بما هو مألوف، غير مدركين لمدى الإمكانيات المتعددة التي تقع خارج نظرتهم الضيقة.
ولكن مع مرور الوقت، بدأ حتى أقوى حلفائه يرون الجمال في عمل رفيق. إذ لم يكن بديلاً لما جاء من قبل، بل كان تطوراً، وطريقة جديدة لتوصيل المشاعر والذكريات الإنسانية.
في النهاية، وقف فناننا وحيداً، بقايا من زمن كان فيه التقليد مقدساً. ذبل ريشه الطاووسي، وغُطي بظلال الأجرام المبهرة التي ابدعها فنانون تجرأوا على الحلم خارج حدود اللوحة القماشية.

لقد تنهد الكون لهذا القيد الذي فرضه فناننا على نفسه. رفضت الروح الهائمة لفناننا، والتي استهلكها الخوف، الاعتراف بالامتداد الشاسع للتعبير الفني. في هذه الحكاية المليئة بالولاء المضلل، يكون بمثابة تذكير لطيف بأن الإبداع لا يعرف حدوداً، وأن الفن الحقيقي يزدهر في أحضان الابتكار. فعلى الرغم من أن أعمال رفيق قد امتلكت جاذبية ساحرة، إلا أنها لم تسعى إلى إطفاء شعلة التقليد. بدلا من ذلك، رقصت بانسجام بجانبه، مما أثرى نسيج الخيال البشري. في سيمفونية الخلق الكبرى، هناك متسع لجميع الأصوات، وتطور الفن ليس مؤامرة عالمية، ولكنه احتفاء حيوي لوجهات نظر متنوعة.

أطيب التحيات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??


.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??




.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي


.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط




.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش