الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجواهــري -يُـطرطـرُ- مسؤولين وسياسيين عراقيين

رواء الجصاني

2024 / 1 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


* رواء الجصاني
--------------------------------------------------------------------------
ينشر الجواهري عام 1946 قصيدته الذائعة الصيت " طرطرا !" في أجواء تدهور واحتقان سياسي واجتماعي متعاظم في البلاد، قد يقارنه البعض بسوء، او بحسن نية، مع كثير من الوقائع التي يعيشها عراق اليوم... وكأن التاريخ يعيد نفسه بعد ثمانية وسبعين عاماً... وقد اختار، على ما نزعم، كلمة / اسم (طرطرا) تأنيثا لمدعي الفخر الذي لا صلة له بأي فخر، من فعل "طَرطرَ – يطرطرُ" واسم فاعله "طُرطور- وجمعه طرطير" .. وهكذا راح الجواهري ينال ويسخر من المعنيين، ومن اجوائهم، والمحيطين بهم، والمطبلين لهم، والراقصين حولهم، عراةً، او ملثمين، وجاء المطلع:
أي "طرطرا" تطرطري .. تقدمي ، تأخري/
تشيعي ، تسنني .. تهودي ، تنصّري/
تكردي ، تعربي .. تهاتري بالعنصر/
تعممي ، تبرنطي .. تعقلي ، تسدري/ ...
في زمن الـذرّ إلى بداوة تقهقري/
وان كان المقطع الاول تناول تورية ً ومباشرة ً شخصيات البلاد المؤثرة آنذاك، ونال منها في مناح سياسية معلومة، يعود الجواهري في سياق القصيدة ذات الأكثر من ثمانين بيتاً ، لينتقد الأوضاع الاجتماعية والمدنية وغيرها، وبشكل قاسٍ لحدود بعيدة... ولربما تسود هنا ومن جديد مقولة: ما أشبه الليلة بالبارحة في الكثير من الشجون، والشؤون العراقية:
أي طرطرا تطرطري .. وهللي ، وكبري/
وطبلي لكل من يخزي الفتى ، وزمري/
وعطري قاذورةً ، وبالمديح بخري/
والبسي الغبي والاحمق ، ثوب عبقر/
وافرغي على المخانيث دروع عنتر/
طولي على "كسرى" ولا تُعني بتاج "قيصر"/
شامخة شموخ قرن الثور بين البقر/
وبحسب ما نعرف، ومعنا غزير من المتابعين، فان تلك الرائية الجواهرية قد حظيت بشعبية لا حدود لها، وحتى عند النخب السياسية، المتناكدة، التي عنتها أبيات القصيد فراحت امثلة على ألسن الناس، وكأنها تنطق باسمهم، وتكشف احوالهم، وأوضاع البلاد السائدة حينئذٍ ، بكل التفاصيل والعناوين... ولم يضاهها في الشعبية والانتشار، كما نزعم ثانية، سوى تنويمة الجياع التي نظمها الشاعر الخالد عام 1951 والتي فيها الكثير من الموحيات والمتشابهات مع "طرطريته" الشهيرة:
نامي جياعَ الشَّعْـبِ نامي ، حَرَسَتْكِ آلِهـة ُالطَّعـامِ/
نامي فـإنْ لم تشبَعِـي مِنْ يَقْظـةٍ فمِنَ المنـامِ/
نامي على زُبَدِ الوعـود يُدَافُ في عَسَل ِ الكلامِ/
نامي تَزُرْكِ عرائسُ الأحلامِ فـي جُـنْحِ الظـلامِ/
تَتَنَوَّري قُـرْصَ الرغيـفِ كَـدَوْرةِ البدرِ التمـامِ/
نامي تَصِحّي! نِعْمَ نَـوْمُ المرءِ في الكُـرَبِ الجِسَامِ/
نامي إلى يَــوْمِ النشورِ ويـومَ يُـؤْذَنُ بالقِيَـامِ/
نامـي على المستنقعـاتِ تَمُوجُ باللُّجَج ِ الطَّوامِي/
نامي على نَغَمِ البَعُوضِ كـأنَّـهُ سَجْعُ الحَمَامِ/
وعلى ما نرى أيضاً فان ديوان الجواهري العامر لا يشمل كثيراً بمثل تيّنك الفريدتين، وان جاءت أبيات بعض القصائد الأخرى، حاملة بهذا القدر أو ذاك من السخرية الجادة الكثير والمؤثر... ومن بينها "عبادة الشر" عام 1933 ومطلعها: دعْ النبلَ للعاجز ِ القـُـعدد ، وما اسطعتَ من مغنم ٍ فازددِ ... أو تلكم الموجهة إلى الملاكم الدولي الأشهر في حينه، أواسط السبعينات، محمد علي كلاي وخاطبه فيها قائلاً: شِسْعٌ لنعلك كل مَوهبة، وفداء زندِك كل موهوبِ..
وللمزيد، نوثق هنا، ان رائية طرطرا الجواهرية قد جاءت على وزن القصيدة الدبدبية القديمة المعروفة "أي دبدبي، تدبدبى ... أنا عليّ المغربي"... كما نوثق ايضا ان ثمة أبيات عديدة أخرى في الـ "طرطرية " حُجبت عن النشر، في ديوانه على الأقل، لأنها شملت أسماء صريحة، لعدد من القادة والزعماء السياسيين آنذاك، وقد عرف بعضهم بها، فتوسط، وترجى، بعدم النشر... وقد استجاب الشاعر لذلك بعد مماطلات، مقصودة على ما نعتقد... ومن ابياتها ايضا:
اي طرطرا سيري على نهجهُم والاثرِ/
تقلبي تقلب الدهر، بشتى الغيرِ/
تصرفي كما تشائين ، ولا تعتذري/
لمن ؟! أ للناسِ !! وهم حثالة في سقر/
ام للقوانين؟ ... وما جاءت بغيّر الهذر/
ام للضمير، والضمير صنع هذا البشر/
لمن؟ أ للتاريخ؟ وهو في يـد المحبّر/
ام للمقاييس اقتضاهن اختلاف النظر؟/
أن اخا طرطر من كل المقاييس، بري..

****** اللوحة للفنان الباهر، الفقيد مؤيد نعمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب