الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن أن ترتقي نخب المعارضات إلى مستوى التفكير والعمل الوطني السوري ؟

نزار فجر بعريني

2024 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


صباح الخير ،
التعويل التاريخي على الدعم الخارجي ، السوفياتي والروسي والفرنسي والأمريكي ... ، وتصديق خطاب" البيت الأبيض "في خضمّ معارك الصراع السياسي على السلطة في ربيع ٢٠١١ حول " انتهاء الصلاحية "، وما واكبه من ترويج قطري أنّ السقوط" بات " مسألة أشهر "، دون إدراك حقيقة المصالح والسياسات المختلفة ، رسّخ لدى معظم شخصيات الصف الأوّل من "المعارضات اليسارية" التي جمعها حسن عبد العظيم في صيف حلبون ٢٠١١ تحت يافطة "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي" بالتنسيق مع العرّاب الإيراني ، فكرة أنّه " آيل للسقوط " ، وخلق حالة من "التصلّب" السياسي تجاه النظام، حالت دون اغتنام فرصة" ضعفه " أمام ضغط الشارع لتحقيق مكاسب وطنية وديمقراطية ، كان يمكن لها أن تمنع انزلاق الصراع على مسارات العسكرة الطائفية، وتقطع الطريق جهود قوى الخَيار العسكري، التي وجدت في " تشدّد" المعارضة عاملا مساعدا ومبررا لدفع الصراع خارج مسارات الحل السياسي، كما تقتضي مصالحها !
في ضوء رؤيتنا لهذا العامل في سلوك نخب المعارضات"، إضافة إلى سياسات أخرى أجادت قوى الخَيار العسكري، سوريّا وإقليميّا ودوليا، استخدامها لتجيير مواقف وسياسات نخب المعارضات المختلفة، ودفعها على صراعات تنافس على " إقتسام الدب قبل صيده"، تصبح التساؤلات المشروعة :
هل شكّلت أجندات قوى الخَيار العسكري وسياساتها العامل الرئيسي في تحديد وعي وسلوك نخب المعارضات التي تنافست على ركوب أجندات القوى الخارجية ؟ و هل أدركت النخب المعارضة لاحقا "طبيعة المطب" ، وقصور الوعي، أم حصل ما حصل عن سابق وعي وترصّد ؟
لماذا لم يقدّم احد، على مستوى الشخصيات والتجمّعات، توضيحا و اعتذارا ؟(١)
هل كان إعتذار "مانديلا سوريا "،( الذي خرج تنظيميا من "المدرسة البكداشية"، وثقافتها الستالينية في مطلع سبعينات القرن الماضي، وإيدولوجيا، من تأثير وعيه السياسي "الشيوعي" إلى رحاب "الديمقراطية" ٢٠٠٥ ، بعد خروجه جسديا من فترة اعتقال طويلة بدون محاكمة عادلة بتوصية خاصة من الرئيس الفرنسي الديمقراطي "جاك شيراك"؛ وقد عوّل في بداية رحلته السياسية على تفهّم النظام الرافض لكل أشكال العمل السياسي المستقل لطموحه الشخصي والسياسي ، قبل أن ينتقل إلى الخندق الأخواني، على أمل أن يكسب ما عجز عن تحصيله من " الديكتاتور" ...ليحّط رحاله عند الفرنسيين والأمريكان ، معتقدّا بأنه سيصل إلى بساط الريح " الديمقراطي...)، في ٢٠١٨ ، بعد أيام قليلة من وصوله إلى باريس سالما غانما، بعد رحلة لجوء طويلة ، ومحفوفة بأقل المخاطر التي واجهها ملايين السوريين، أكثر من" رفع عتب " بعد أن أصبح خارج دائرة التأثير حتى على الحلقة الضيقة من محازبيه ؟(٢).
إذا كانت النخب الوطنية لا تسعى إلى "الفتات"، و جادّة في استيعاب دروس الهزائم السياسية، وصادقة في العمل على طريق إطلاق مشروع سياسي وطني ديمقراطي، يتوافق مع مصالح السوريين المشتركة في صناعة مقوّمات الدولة السورية العادلة والمنيعة، فمن مصلحتها إدراك أنّ الخطوة الأولى على طريق تحقيق مصالح السوريين المشتركة في الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي، على طريق بناء مقوّمات الدولة الوطنية السورية، الموحّدة و الديمقراطية، هو الاعتراف أوّلّا بأنّ كلّ حزب يقوم على أساس ديني أو قومي أو إيدولوجي لم ينتج عمليا، ولن ينتج إلّا فكرا تسلطيّا، سلطويا، وثقافة ووعي وممارسة الارتهان لأجندات أصحاب المشاريع الخارجية، المعادية لمصالح السوريين المشتركة، ولايجوز تأسيس أحزاب إلّا على أساس الوطنية السورية، التي تقوم على قاعدة دستور علماني، ينظّم آليات الحكم الديمقراطية ومؤسسات الدولة العادلة، ويساوي بين السوريين على جميع الصعد والمستويات وفقا لحقوق المواطنة التي يضمنها الدستور، وتحميها مؤسسات الدولة الديمقراطية، وليس وفقا ل "حقوق المكوّنات" التي لاتنتج في أحسن الأحوال سوى نظام تحاصص وتفتيت، ولن تصنع دولة عادلة وموحدة وديمقراطية. ويؤكّد على سيادة الدولة الموحّدة، والتعامل مع القوى الخارجية وفقا لمقتضيات المصالح الوطنية السورية العليا .
من مصلحة السوريين، كردا وعرباً ومن جميع القوميات والإثنيات التي تشكّل الشعب السوري الذي تبلورت هويته السياسية بعد الاستقلال، في حدود سوريا المعترف بها، أن يدركوا أنّ الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي في سياق صيرورة بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الموحّدة هو قضية السوريين المركزية، وأنّ تقسيمها إلى قضايا فرعية، كالقضية الكردية، وقضية المرأة، وحقوق الأقليات أو الأكثرية، والصراع الطائفي، وما نتج عنه في سياق" الخَيار العسكري" من تبلور لسلطات أمر واقع، لم يكن سوى بعض أدوات مشروع "قوى الخَيار العسكري"، بأدواته السورية وشركائه الإقليميين وقيادته الدولية – الأمريكية والروسية - لمواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية شاملة، جعل من تحقيقها حراك ربيع ٢٠١١، السلمي والوطني، إمكانية، وقد تقاطعت مصالح وجهود جميع القوى التي تتناقض مصالحها مع صيرورة الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي في إطار "الخَيار العسكري" لقطع مسارات تحوّل الحراك السلمي إلى ثورة ديمقراطية وطنية ناجزة !!

---------------------------------
(١)
لنقرأ بعناية ما يقوله الدكتور اليان مسعد ، المنسق العام "للجبهة الديمقراطية العلمانية " -" جدع" - ورئيس وفد" معارضة الداخل " لمفاوضات جنيف ، وصاحب فكرة " منصّة معارضة الداخل في حميميم ":
" في بدايات " الأزمة "، ٢٠١٢ ٢٠١٣ ٢٠١٤ ، عبّرنا من خلال حواراتنا في لقاءات مع هيئة التنسيق"، او مع " ملتقى الحوار الوطني" الذي جرى في " الدام روز"،٢٤٢٥ ٢٦ ٣ ٢٠١٣، أنّ السلطة مستعدة تماما للحوار... . كانوا مستعدين لتنازلات جوهرية في موضوع الحريات وحقوق الإنسان ، لكن" هيئة التنسيق" ، بمختلف أطرافها، رفضت بشكل قاطع أي حوار مع السلطة أو مع الجبهة الوطنية التقدمية - الذين هم الشق التوأم لأحزابها، ناصرين وبعثيين وشيوعيين وقوميين. إذا، لقد كانت السلطة في البداية مستعدة للحوار وتقديم التنازلات، وهم لم ينتهزوا الفرصة. لم يتركونا ننتهز ضعف السلطة وأخْذ تنازلات للحريات، و قد دأب المتطرفون على ضفتي نهر السياسة السورية على مصادرة رأينا ، بدعمهم الخارجي وتخادمهم مع السلطة،... و على خطف مواقفنا ومواقف العلمانيين و المعتدلين وتجييرها لمصلحتهم ....
طبعا ، اختلف الوضع بعد ٢٠١٥، والتدخّل الروسي الذي قلب الموازين ، بات من الطبيعي أن ترفض السلطة حوار على نفس الأساس، وما تزال ترفض الحوار معنا او مع غيرنا ، بينما تقبل الحوار الملتبس مع الإئتلاف في جنيف".
(٢)-
في ٢ سيبتمبر ٢٠١٨، نشرت " القدس العربي " لقاءا شاملا مع الراحل رياض الترك بعد أسبوعين من وصوله إلى العاصمة الفرنسية، قادما من الداخل السوري، يعترف بواجب تقبّل النقد ومساءلة الناس، والحاجة إلى ضرورة أن تُدرك نخب العارضات الأسباب التي أدت إلى هذا الفشل، مؤكّدا أنّ المطلوب اليوم إعادة النظر في كثير من المسلّمات، وتجديد الأفكار والقوى والعلاقات ، "لأننا خسرنا جولة من جولات هذه المعركة التاريخية الكبرى، والمواجهة المتجددة مع المحتلين".

-------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يحاول تحقيق استراتيجية -النصر الشامل- ضد حم


.. شكري حذر خلال اتصال مع نظيره الأميركي من -مخاطر جسيمة- لهجوم




.. بلينكن: واشنطن تعارض معركة كبرى في رفح | #رادار


.. الجيش الإسرائيلي: طائرتان مسيّرتان أطلِقتا من لبنان تسقطان ف




.. حرب غزة.. مصدر فلسطيني مسؤول: السلطة الفلسطينية لن تدير معبر