الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقطاع المخزني

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


اقطاعية الدولة المزاجية ، المخزنية ، والبوليسية : اعتقد ان بحث المسألة الديمقراطية ، يعني طرح السؤال عن نوع الدولة المعني بالديمقراطية . ومن هنا درج أساتذة العلوم السياسية ، وعلم السياسة ، وأساتذة علم الاجتماع السياسي ، وأساتذة القانون الدستوري والأنظمة السياسية ، وكل المشتغلين بالشأن العام من داخل الدولة او من خارجها ، على الاعتماد على المعايير التي وحدها تعطي للكيان السياسي القائم ، صفة الدولة الديمقراطية ، او صفة شَبْه الدولة الديمقراطية ، او صفة الدولة الشِّبْه ديمقراطية ، وهناك فرق بين الشّبَه وبين الشّبْه ، كما ان هناك فرق ودرجات في الديمقراطية بالنسبة للدول الديمقراطية . فثلا ان ديمقراطية الولايات المتحدة الامريكية المعروفة بنظامها الرئاسي ، تختلف عن ديمقراطية فرنسا صاحبة النظام الشبه رئاسي ، وهناك فرق بين الديمقراطية الامريكية ، والديمقراطية الفرنسية ، مع الديمقراطية الإيطالية . وهو نفس الفرق نسجله عن الديمقراطيات الملكية ، بين ديمقراطية الملكية الاسبانية ، والملكية البريطانية ، خاصة مقارنتهما مع ديمقراطيات ملكيات بلجيكا ، وهولندا ، وملكيات الدول الاسكندنافية ..
وبما اننا بصدد تحليل النظام السياسي المغربي ، نطرح السؤال الذي يطرحه كل الديمقراطيون المغاربة ، وغير المغاربة ، الذين تخصصوا في معالجة النظام السياسي المغربي ، كملكية من نوع آخر . فرغم ادعائه بالنظام الديمقراطي ، فأصل المقارنة بينه وبين الأنظمة السياسية السائدة في العالم ، منعدم أصلا ، خاصة في جانب الخصوصية التي يتدرع بها النظام المغربي ، عند إعطائه تفسيرا لنوع النظام السياسي ، الذي " يُلْصق " الديمقراطية بأشخاص ، وليس ببناء مكتمل الأركان ، كالديمقراطية ( الحسنية ) ، و الديمقراطية ( المحمدية ) ، وغدا ستأتي الديمقراطية الحسنية ، بعنوان الحسن الثالث ، وفي حقيقتها ، ستكون نسخة للديمقراطية الحسنية الأولى ، وللديمقراطية المحمدية التي وهبت الدولة والمغرب ، الى الجماعة الحاكمة بأسماء مختلفة ، ك " الدولة العميقة " ، و " دولة الظل " ، و" التماسيح والعفاريت " ، و " البنية السرية " . فطالما ان النظام المبني على الطقوسية والتقليدانية المنزلة ، والغير دستورية ، التي نعتبرها مجسدة في عقد ( البيعة ) الذي يفوق من حيث امتلاك السلطة ، دستور الملك المُستفتي عليه ، يبقى اصل الحكم ، طبعا المزاجية والارتجال ، لان النظام يتصرف هنا كوريث لعرش اسلافه من سلالة النبي .. هو القمع المادي الجسدي ، والقمع الأيديولوجي ..
لذا فان أي تحليلي دقيق ، ودراسة سياسية دقيقة ، للنظام السياسي المغربي ، اذا ركز على دستور الملك الممنوح ، وتغاضى ادماج الدولة ، كدولة من نوع خاص ، أي دولة طقوسية ، تقليدانية ، نيوبتريركية ، نيوبتريمونيالية ، رعوية ، ثيوقراطية ، كمبرادورية ، مفترسة وناهبة للمال العام بنظام ضريبي يفقر الفقير ، ولا يغني الغني ، اللهم الأغنياء القريبين من القصر ، الذين يتناوبون تباعا في صناعة حاشية الأمير ، الراعي ، الامام ، والسلطان المقدس قدس الله روحه ، سيبقى بعيدا عن ملامسة جوهر النظام السياسي الطقوسي والقروسطوي ، كنظام فريد معادي ويعادي كل اشكال الديمقراطية ، ومطالب حقوق الانسان .. فحين يُغلّب النظام الممارسات ، بالقرارات المزاجية ، الارتجالية ، ويبتعد عن ممارسات دولة الحق والقانون ، طبعا المغلفين بالدستور الديمقراطي الذي يجب ان يكون بدستور الشعب ، يكون من اصعب الصعاب ، إيجاد نظام شبيه للنظام المزاجي المخزني والبوليسي ، وتبقى شروط المقارنة صعبة المنال ، وعديمة الجدوى السياسية ..
اذن هنا ، وكمحللين سياسيين ، وكمثقفين مهتمين بالشأن العام لبلدنا ، يصبح من حقنا طرح السؤال ، او نتساءل : هل بالمغرب ، النظام المسيطر عليه ، نظام ديمقراطي ، يجتهد في الممارسة الديمقراطية ، ويجتهد اكثر في مجال حقوق الانسان ؟ . هل النظام الذي يرأس اليوم مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة ، هو حقا نظام ديمقراطي ، نظام يحترم ، ومن اشد المدافعين عن مجالات حقوق الانسان ؟ .
وهنا . كيف لنظام خارج ورافض للديمقراطية ، ولو في حدها النسبي ، يداه ملطختين بدماء الأبرياء ، ولا يكترث ابدا لصرخات أمهات مناضلين سلميين ، رماهم في سجون الأمير السلطان ، طبعا المزاجي المخزني ، بملفات بوليسية مزورة ، كنت احد ضحاياها ، من طرف عصابة البوليس السياسي ، التي ستنتظر المحاكمات ، عندما يجد الجد ، ويصبح أي حل منعدم من دون زجر المتلاعبين ، من قبيل المستحيلات ، لان الناس لا تنتظر مرة ثانية تكوين ( لجنة ) لجبر الضرر . ومرة أخرى هل تلتقي المزاجية والبوليسية ، مع دولة الحق والقانون ، ومع الديمقراطية ولو في حدها النسبي ، وتلتقي مع مطالب حقوق الانسان ؟ . وهنا نتساءل . كيف تصبح دولة طقوسية بوليسية ، يدها ملطخة بدماء الأبرياء ، منذ 16 مايو 2003 ، ترأس مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة ، وحتى الآن تعتدي عليّ ، بقطع الكونكسيون عن منزلي ، حتى لا أكتب ، ولا انشر ، وتعرقل عبر عرقلة Word ، الكتابة والنشر ؟.
اذن يبقى التساؤل . هل النظام المزاجي التيوقراطي البوليسي ، هو نظام ديمقراطي ؟ . وهل من نظام شبيه له موجود ، حتى يمكن ان نقارن بينهما ؟ .
ان أي بحث تحليلي دقيق ، للنظام السياسي المزاجي ، البوليسي ، والمخزني ، ومن دون معالجة مسبقة ، لأصل القوة التي يتمتع بها النظام ، وهي القمع أولا ، وثانيا الامارة المغلفة بعقد البيعة ، وهو دستور عرفي ، مع الاخذ بعين الاعتبار ، بدستور الملك الممنوح الذي يركز الدولة في شخصه ، لا يمكنه معرفة الأسس الأيديولوجية للنظام ، الذي لا زال يواصل منذ اكثر من 350 سنة مضت من عمر الدولة العلوية ، ولا تزال الى الآن وحدها القوية المتحكمة في الساحة السياسية ، ووحدها صانعة القرار المزاجي ، الذي يتجاهل ولا يكترث ، بردة الفعل التي لا تكون سياسية ، ولا تؤثر في شيء في سلامته كنظام حكم .
اعتقد ان المسألة الديمقراطية كما يحاول تجسيدها ، النظام المزاجي البوليسي ، تطرح اول ما تطرح ، التساؤل الجذري حول مشروعية الملكية كنظام ، خاصة وانها تمتح تشريعاتها بالإضافة الى المزاج ، من الاقطاعية ذات الطقوس ( المحافظة ) ، المخزنية ، التي تشكل وحدها جوهر الحكم في المغرب . ف( الديمقراطية ) المخزنية ، تنفي من الأساس ، وتتعارض مع الديمقراطية الكونية في صور شتى ، من " الديمقراطية " الرئاسية الامريكية ، الى " الديمقراطية " الشبه رئاسية الفرنسية ، الى " الديمقراطية " التحتية الإيطالية والسويسرية ، إضافة الى " ديمقراطية " الملكية الاسبانية ، و" ديمقراطية " الملكية البريطانية ، والهولندية ، والبلجيكية ، و" ديمقراطيات " الملكيات الاسكندنافية ..ف ( الديمقراطية ) المخزنية ، تركز ، لتغليف ، وللتستر على الاستبداد ، والطغيان السياسي ، على ما تسميه ب ( الخصوصية ) الغارقة في الطقوس التي يسيرها المزاج ، ومن ثم تبقى ك ( ديمقراطية ) ، اقبح حتى من الأنظمة الرجعية المماثلة ، كملكيات الخليج والأردن .

اذن . ما هي آليات ( الديمقراطية ) المزاجية ، المخزنية ، والبوليسية ، التي تؤسس رهانها ، وتشهد على قوتها ونجاحها في القبض على كل المغرب الذي تم اختزاله في شخص الحاكم ، السلطان ، ولا يزال سلطانا ، والملك ولا يزال كذلك ، خاصة عند مخاطبته الأوروبيين والامريكان ، وأميرا ل" المؤمنين " وهو كذلك ، ثم كراعي في دولة رعوية ، مسؤول لوحده على الرعايا الذين يمثلهم لوحده ، دون غيره ، وحتى لو كانت الأحزاب المعنية ، أحزاب ديمقراطية ، تقدمية ، لها حظوة وتُعْنى بحماسة جماهيرية شعبية ، فهي لن تشارك الراعي الكبير ، في تمثيل الرعايا الذين يجب ان يكونوا تابعين وخاضعين للراعي الذي على رأس الدولة الرعوية .
1 ) الاستيلاء قوة وقهرا ، على كافة الاسلاك ( السلط )...( تشريعية ، تنفيذية ، و " قضائية " ) ، أي " أنا الدولة ، والدولة أنا " .. والغاية من ترأس السلطة القضائية ، هو ابراز الانتماء الى سلالة النبي ، والى روح الدولة " المحافظة " الثيوقراطية ، سيما وان الاحكام يصدرها قضاة الملك " المأمومون " لان القضاء في الدولة الطقوسية ، ليس بسلطة ، لكنه من وظائف الإمامة ، والامام الذي هو الأمير ، هو الرئيس الفعلي للجهاز ( السلطة ) القضائية ، الذي يعين ويرقي القضاة بظهائر ، ويعاقبهم كذلك بظهائر ..
2 ) عدم الاعتراف بالأحزاب السياسية ، ذات التمثيلية الحقيقية ، لجزء من المواطنين ، وليس الرعايا ، لان الممثل الاسمى ( للامة ) ، يبقى وحده السلطان امير المؤمنين . لان ( الامة ) تكون قد بايعته عند حفل الجلوس على كرسي الحكم ، وبايعته من خلال ممثليها في برلمان الأمير السلطان ، يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر . فعندما يفتتح رئيس الدولة دورة الخريف التشريعية ، فانه يفتتحه ليس كملك ، بل يفتتحه كأمير للمؤمنين ، سبط ( الرسول الكريم ) . والخطاب الذي يلقيه على برلماني السلطان ، يكون بمثابة الامر اليومي ، الموجه لعمل برلماني مولانا السلطان طيلة السنة التشريعية الجارية . فللخطاب في البرلمان ، ومن دون ان يتبع الخطاب شرحه وتفسيره ، قبوله او رفضه ، حيث يكتفي برلماني مولانا السلطان بالتصفيق ، يجعل من البرلمانيين ، كالوزراء موظفين سامين بالديوان الملكي . لان من يمثل ( الامة ) ، يبقى وحده السلطان دون غيره . وهنا نسجل الفرق بين الملكية المغربية ، والملكيات الاوربية ، ونسجل الفرق بين الملكية المغربية ، وأنظمة الحكم السياسي في اوربة وامريكا ..
فعلاقة الملك مع الرعية ، هي علاقة مباشرة ، من دون إنابة من احدى المؤسسات التي تعتبر بدورها تابعة للقصر او للديوان الملكي ..
3 ) فرض مبدأ قداسة النظام والحكم ، الذي لا يجب ، ولا يجوز معارضة سياسته ، او المس بأحد مجالاته السيادية ، او حتى التفكير في ذلك . فأيّ عمل سياسي ، يجب ان يندرج وفقا طقوس واعراف اقطاعية الحق الإلهي ، في اطار الركوع للقيم ( السياسية ) التقليدانية بشكلها القروسطوي الاقطاعي السائد ، حتى قبل تأسيس الدولة القبائلية العلوية . وفي أوضاع عرفية كهذه ،تسمو على القيم الحديثة الغير موجودة ، والمتعارفة من خلال الممارسة العرفية ، لتصبح الدولة التي امامنا ، فقط دولة مزاجية ، ارتجالية ، تكره المساطر والقوانين الدافعة نحو المجال الديمقراطي الغير موجود اطلاقا ، والممثلة لسلطة ونظام حكم غرق في الممارسة الفاشية باسم الدين ، وباسم الانتماء ( للنبي محمد ) .
ان العمل السياسي هنا ، يستمد مشروعيته ، من مشروعية النظام الطقوسي الثيوقراطي ، وليس من الدستور الذي رغم انه دستور الراعي ، الأمير ، والامام ، وفي تناقض مع الدستور العرفي ، يجسد التوتاليتارية بمفهومها الواسع ، لأنه حين يصبح القمع ، واسكات الكتاب والمثقفين ، من الدلو بدولهم في تحديد إشكالية غياب الديمقراطية بمفهومها الكوني النسبي ، في حالات معينة ، في نظام سلطاني كهنوتي وبوليسي ( خليفة الله في الأرض ) .. هنا تتجلى قوة النظام المزاجي ، بل ان من المشروعيات القوية التي يستند اليها الخبراء الطقوسيون ، لتأكيد نوع الدولة السائدة ، يبقى استعمال القوة ، وتغليب القبيلة ، والاستناد الى خرافات الدين . انّ أيّ خروج عن الدولة المزاجية ، فيه مساس بالأمير الذي سيصبح خاضعا للمسائلة عند ممارسة الحكم ، من قبل دعاة دولة الحق والقانون .
ان الخروج عن الدولة المزاجية ، الطقوسية ، التقليدانية ، السلطانية ، والبوليسية الفاشية ، هو خروج ، وقد يكون رفضا للسلطة المخزنية ، او على الأقل عقلنة ممارساتها في المجالات التي تؤثر في الوضع الاجتماعي للرعايا . ومن ثم فان أي خروج عن نظام الامارة الثيوقراطي ، يقابله الاتهام بالفسق ، والكفر ، والفجور ، والزندقة ،.أي الفسق ، والكفر ، والفجور ، والزندقة السياسية المُؤسسة للفاشية ، اكثر ما ستكون خروجا عن هذه الدولة ، التي كانت من زمان السلطنة القديمة ، الى السلطنة الحديثة التي كان وراءها الحسن الثاني ، الذي غير أساليب العمل باستعمال الديماغوجية ، لكنه حافظ على سلطات السلطنة العرفية ، والغير مكتوبة ، طبعا بالاجتهاد في المزاجية والارتجالية ، التي ظهرت في عدة مناسبات ، كالموقف من نزاع الصحراء الغربية ..
ان الأمير في شكل هذا النظام ، الطقوسي ، التقليداني ، القروسطوي ، والثيوقراطي ، هو امتداد للحكم العباسي ، عندما صرح الخليفة العباسي الذي أطاح بالحكم السني الجبري ، والقمعي الاموي . فبعد ان حافظ ، بل وتمسك بالسلطة الدينية ، خاطب الرعايا قائلا :
" أيها الناس لقد اصبحنا لكم قادة ، وعنكم ذادة ، نحكمكم بحق الله الذي أولانا ، وسلطته التي اعطانا .. إنما أنا سلطان الله في ارضه ، وحارسه على ماله ، جعلني عليه قفلا ، إن شاء يفتحني لإعطائكم ، وان شاء ان يقفلني .." .
ان هذا الخطاب يذكرني بخطاب امير المؤمنين ، الامام المعظم ، سبط الرسول ، عندما خاطب جهرا الرعايا اثناء ( الوحش كورونا ) قائلا لهم . عوّلوا على نفسكم ، فليس للدولة ما ستعطيه لكم . لكن امير المؤمنين ، حامي الملة والدين ، سبط الرسول الكريم ، الذي جمع صندوقه المسمى باسمه " صندوق محمد السادس " 34 مليار " درهما ، وجمع ملايين الدولارات واليورو ، لم يخجل عندما اشترى قصرا بالدائرة السابعة بباريس ب 120مليون يورو .. وبعدها اشترى جزيرة بالغابون ، هجرها عندما اصبح صديقه المفضل وراء القضبان ، وعندما اصبح غير مرغوب فيه بالغابون بسبب الاخطار ، مثلما هاجر باريس بعد قطع العلاقات بينه وبين الرئيس الفرنسي Emanuel Macron الى الغابون ، وليغادر الغابون نحو جزيرة " جنزبار " ، حيث يشرف اطال الله عمره ،على بناء قصر جديد ، بعد قصر باريس ، وجزيرة الغابون ، وقصر Betz .. والرعية تموت جوعا وتموت مرضا ..
ان سيطرة الملك محمد السادس على ثروة المغاربة بكل مفاصلها ، وفتح الحسابات البنكية بدول اوربة ، وبالملذات الآمنة ، والتهرب من الضرائب ، وتبييض الأموال ، واستعمال موارد الدولة من قروض من بنك المغرب ، لتمويل الضيعات الملكية ، والاحتفاظ بهذه القروض مع فوائدها بعد جني المحصول ... الخ ، يجب فهمه في هذا النص الذي القاه الحاكم العباسي ، بعد سقوط دولة الامويين القمعية والجبرية .
ان مسألة دولة الحكم الاثوقراطي الذي يركز على السلطة الدينية ،التي ليست بدستور ، لتبرير القداسة ، والحجب من اية متابعة . ولتبرير وشرعنة الاستفراد بالحكم السياسي ، والثروة والعملة الصعبة ، ليست لصيقة بالنظام ، المزاجي ، المخزني ، السلطاني ، والبوليسي . بل انّ هذا النظام ، هو امتداد فيزيولوجي وذهني ، لما ساد الأمم السابقة من علاقات العبودية ، والاذلال ، والقهر ، والبطش ، والقمع . فقد عرفت مصر مثلا ، السلطة الدينية ، ومارستها تحت ادعاء فراعنة مصر ، لممارسة الحكم باسم الحق الإلهي ، بدعوى انهم أبناء الله في الأرض ، وذلك لغرض السلطة المطلقة لحكم مطلق ، وتوحيد الأقاليم المصرية باسم الدين الذي يتخذونه مطية ، للنهب ، والسرقة ، ، والاختلاسات ، بطرق غاية في البشاعة .
كذلك بالنسبة للفرس وأكاسرتهم ، حيث كانت العلاقة بين كسرى وإلاه النور – أهور أمزاد – المبرر القانوني للتفرد بالحكم ، وطبعه بطابع القداسة المستمدة من الالاه . وفي الحضارة اليونانية ، أي – المدينة الدولة -- ، كان الخروج عن الاعتقاد بالاه المدينة ، خيانة وطنية تستدعي العقاب ، علما بانه من غير المهم ، ممارسة الشعائر الدينية في المدينة اليونانية .. ولعل ما شهدته اوربة القرون الوسطى ، التي نعيشها قرونها اليوم ، بدولة السلطان الأمير المفدى ، من مظالم واضطهاد ضد أي اجتهاد علمي عقلاني ، قد تم باسم الدين ، والحق الالاهي ، وسلطة البابا الدينية عندما كان يعزل الملوك، ويجرم الامراء ، ويفرض الضرائب المجحفة على الممالك ، ويضع لها القوانين الإلاهية ،لتبرير النهب ، ، والنهم ، والسرقة لثروة الشعب باسم الدين .
ان الادعاء بالسلطة الدينية الممنوحة من الله ، وايّ الاه ، سواء في القديم ،او في الزمن الراهن ، انما يتضمن في حقيقته ، اخفاءً وتدليسا لمصلحة الأقلية الناهبة المترفة ، السارقة لثروات الشعب ، والانفراد بالحكم ، والثروة ، والجاه ، والنفود .
هذا الحال والوضع ، هو جوهر النظام المزاجي ، السلطاني ، البوليسي ، الشمولي ، سواء عالجناه بدستوره الممنوح ، او عالجناه بالدستور العرفي المجسد في عقد البيعة . فجميع دساتير السلطان منذ الستينات من القرن الماضي ، حررها فرنسيون أمثال الأستاذ " Maurice Duverger " ، والتعديل الذي عرفه الدستور في 2011 ، يحوي بصمات فرنسيين في جلباب مغربي ، فكان الإعلان على الدستور ، ليس هو الدستور التي استفتى بشأنه الرعايا الجاهلة للدستور . فالدساتير الممنوحة التي عرفها المغرب منذ الستينات ، حملت تقنينا مغالى فيه ،لأوضاع النظام المزاجي الاستبدادي ، الذي لم يجعل من الديمقراطية في يوم من الأيام ، هدفا ، ولا طريقا في الحكم . بل عمل دوما على محاربتها ، والتحالف تاريخيا وحاليا ، مع القوى الاستعمارية ، وذيولها التي تنط بالساحة الوطنية ، لإحباط أي تطلع شعبي نحو التحرير ، والتحرر ، والديمقراطية . وهذه المعادلة العوجاء ، هي ما تدفع النظام المزاجي ، الى طرح فهمه السياسي الخاص للديمقراطية ، التي تأخذ كعنوان اسم السلطان حاكم البلاد " الديمقراطية الحسنية " ، و " الديمقراطية المحمدية " ، على انها مجرد صيغة للتساكن بين الأمير الراعي ، وبين الرعية التي تعيش حياة الرعية على شكل عبيد من دون حقوق ، وليس بين الحاكم والشعب الغير موجود .
هكذا حرص النظام المزاجي السلطاني في كل محاولاته ، وبمشاركة ( الأحزاب والنقابات ) الذيلية ، على افراغ الديمقراطية من مدلولها الحقيقي ، وتمييعها بجعلها لعبة تنافس سياسي ، يتصدر دفتها القصر الملكي من موقع الاب القديس الذي يمارس العشق للتقليدانية في شكلها الطقوسي القروسطوي ، البتريمونيالي ، البتريركي ، الثيوقراطي .. التي تتهافت عليه كل الأطراف السياسوية ، للتظلم والتباكي ، على الاعتاب الشريفة ، للاستفادة من ريعه وفتاته ، ومن ايراداته ، ولاستمداد مشروعيتها منه ، لا من الرعايا ، او من المؤسسات الحقيقية ، وذات المصداقية .
قد يبدو هذا التحليل مجرد تكرار للبديهيات . لكن ما الذي جعل بديهيات الامس ومسلماته ، تصبح اليوم مع محمد السادس طعن وتشكيك ، من طرف البعض الذي صام دهرا ، وفطر على ضفدعة ؟ . وما الذي تغير في جوهر النظام وطبيعته ، حتى يتسابق البعض للطلاق مع الإرث التقدمي للأحزاب التقدمية ، وينغمس في لعب دور " المعارضة البناءة " ، رافضا استخلاص الدروس ، ومتماديا في التحريفية والتزييف الخاص للديمقراطية . فما هي هذه الدروس أولا ، اذا كانت الاقطاعية السياسية للدولة المزاجية ، السلطانية ، المخزنية ، المجسدة للبتريركية في ابشع صورها .. ، هي جوهر النظام المزاجي الشمولي . لذا فالطابع المهيمن في الخطاب السياسي الأيديولوجي للنظام المزاجي ، يبقى هو الازدواجية ، حيث نجد من جهة ، المفاهيم الغارقة في الرجعية بشكلها الماضوي ، والتخلف المخزني اللاهوتي المزيف ، ومن جهة أخرى نجد التهافت الليبرالي المشوه في الشكل وفي اللهجة والخطاب . وهذا يطرح المعادلة القائمة على الصعيد الاجتماعي ، بين الأصول الاقطاعية الفاشية للدولة المزاجية الثيوقراطية المزيفة ، وبين التطلع نحو (الليبرالية) ، و(العصرنة ) ، و(الحداثة) المشوهة مثل تشويهات " الاصالة " و ( المعاصرة ) ، فأصبحت المعاصرة ليس بمعاصرة ، واضحت الاصالة ليس بأصالة كذلك . ومن خلال ذلك ، نجد ان النظام المزاجي القروسطوي ، والعبودي ، و البطريركي ، قد نجح في اخضاع ما يسمى ب " البرجوازية الوطنية " ، حين ركع قادتها بالسلطة وبالدرهم . ودون ان ننسى سجنه للفئة العليا من البرجوازية الصغيرة ، في دور لا يمس الهياكل الأساسية لإقطاعية الحق الإلاهي . بل سعى فقط الى ترميمها ، واصلاحها ، ومعارضتها معارضة بناءة .
ومن هنا كان ولا يزال ، الحرص الدائم للنظام المزاجي المخزني السلطاني ، هو احداث اكبر ما يمكن من الرواج السياسي ، لكن في اطار لا يتجاوز حدود الطبقة السياسية ، التي يوظفها الاقطاع الطقوسي القروسطوي ، للحفاظ على ذاته ووجوده ، سيرا على مبدأ " السياسة مع النخبة " ، أي " منهج العزل الطبقي " ، . ان النخبة التي يتحدث عنها القصر ، هي النخبة العميلة ، التي تشكل موضوع وجوهر التوظيف ، والبيع والشراء .
وهذا هو تكتيك الانفتاح الذي مارسه ، وكرره النظام المزاجي الطقوسي ، سواء خلال الستينات من القرن الماضي ، أي مباشرة بعد انقلاب القصر وتفرده لوحده بالحكم ( من 1961 – 1963 ) ، او على اثر الانتفاضات الشعبية في مارس 1965 ، وسنوات 1971 و 1972 ، على اثر ثورة الجيش الذي فشل في بناء الجمهورية .. ومرورا بالثمانينات والتسعينات ، والعشرية الأولى من الالفية الثالثة .
--- سلاح الانتخابات :
اذا كانت الانتخابات في الدول الديمقراطية ، تعني وتجسد حرية الاختيار للشعب ، وتجسد حقا السلطة للشعب ، والسيادة للشعب يمارسها بطريقة مباشرة اثناء الحملة الانتخابية ، وبطريقة شِبْه غير مباشرة من خلال الممثلين الذين اختارهم في الانتخابات .. فان للانتخابات عند النظام ، المزاجي ، المخزني ، السلطاني ، والبوليسي .. ، دور آخر ، غير الدور الذي تؤديه الانتخابات في الدول الديمقراطية ..وهذه الحقيقة تدفع بنا لنوسع تحليلنا بطرح السؤال او التساؤل ، عن المغزى من الانتخابات في الدولة الرعوية ، السلطانية ، المخزنية ، والمزاجية ، البوليسية .
اذن ما المغزى من الانتخابات في الدولة المزاجية ، السلطانية ، الطقوسية ، والبطريركية :
هناك ثلاثة اهداف رئيسية من الانتخابات في الدولة السلطانية ، هي إضفاء المشروعية على الحكم المزاجي السلطاني ، وصناعة التحالف السياسي الطبقي للسيطرة على الدولة ، وضمان استمرار الملكية ، فالمعنى الأهم من الانتخابات ، هو تقنين القمع السياسي والايديولوجي للدولة المخزنية .
1 ) الانتخابات : اذا كانت الاستفتاءات الدستورية التي عرفها المغرب ، قد استهدفت إضفاء المشروعية على طبيعة الحكم الشمولي المستبد والطاغي ، فان الانتخابات والاستفتاءات ، تعدت ذلك نحو فرض مشروعية الوضع الاستبدادي الطاغي الدكتاتوري بترتيبه الجديد . أي بتكامل الصفة المزاجية المخزنية السلطانية للحكم ، مع واجهة ليبرالية شكلية ، مركبة من برلمان الذي هو برلمان الملك ، ومجالس وهيئات موازية كالمناظرات وغيرها . وهكذا ، فبعد ان تمكن النظام المزاجي السلطاني المخزني من فك عزلته نسبيا داخليا وخارجيا ، وهي العزلة التي عادت بشكل كبير ، لتخيم على مشكل الصحراء الغربية ، والديمقراطية ، ومطالب حقوق الانسان الكونية ، ولم يتردد ، ومن دون حشمة او خجل ، في ان يضفي على نفسه طابع الوطنية ، مكان الخيانة ، خاصة اعترافه بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، ليظفر بمقعد في حضيرة " الاتحاد الافريقي " ، بعد خروجه من " منظمة الوحدة الافريقية " في سنة 1984 بسبب عضوية الجمهورية الصحراوية ، وهي نفس المكانة القانونية التي كانت سابقا قبل الخروج من ،OUA ، استطاع النظام ان يسجل بعض المكاسب التي اعطته نفسا في التحرك ، داخليا بتكوين تحالف طبقي ضد الرعايا المهمشة ، وخاصة ضد جهات تنتظر فرصة القفز ، باستعمال السلاح الاسلاموي ، عند رفضهم تزكية لقب " أمير المؤمنين " ، ورفض الاعتراف للنظام بالبيعة في طقوسها المقززة والبشعة ، والتلويح بدل " البيعة " ، ب " المبايعة " التي تجعل من الأمير رأس الدولة خاضعا لجماعة الحل والعقد ، او للمرشد ، او لولي الله ، او الفقيه ، لان تواجدهم هنا يكون سيف دمقليس مسلط على رقبة الأمير ، او الراعي ، او السلطان ، ويكونون بذلك بمن نجحوا في سحب تأييد الرعايا له . أي سنجد نفسنا امام مشروعيتين تتنافسان السيطرة ، وتتنافسان غزو الرعاع الجاهلة ، التي يجذبها الأمير بالانتماء الاسري ، ويجذبها الإسلام السياسي بوعد دخول الجنة ..
هكذا اذن ، وبعد بعض التحسن في الوضع القانوني للنظام المزاجي ، سينتقل النظام الى الدرجة الأعلى ، عندما قنن الفعل السياسي بالساحة ، بأصل وجوهر الدولة ، كدولة تقليدانية ، ثيوقراطية ، نيوبتريمونيالية ، نيوبطريركية ، مكنت من رسم العلاقة الرعوية بين الراعي الكبير ، والرعية التابعة للراعي الذي يحكمها بالسلطة الكهنوتية ، التي تمزج بين الملك العصري ، وبين الراعي ، الأمير ، الإمام الثيوقراطي الذي يستمد قوته وجبروته من الدين ، لا من الدستور الذي يخاطب به العالم الحر الديمقراطي .
ان رئيس الدولة عندما يتوجه بخطابه الى الرعية ، وفي اية مناسبة ، فانه يكون بمن يجسد ويمثل الدولة الكهنوتية ، التي تستقوي بالسيف . فتاريخ الخلفاء ، كان تاريخ غدر ، و تاريخ ثروات مجموعة ببيت المال ، الذي رغم انه مال المسلمين ، فانه مال الخليفة ، ومال اسرته الصغيرة ، وعائلته الكبيرة ..
وسيرا على خطى السابقين ، لم يتردد الحسن الثاني من توظيف الديمقراطية الغربية ، لكن المغلفة بالإرث الماضوي الرجعي ، ليتسنى له تبرير الممارسات السياسية ، بالرجوع دائما الى القرآن والدين ، أي السلطة الكهنوتية المرتبة فوق الدستور .
2 ) تجديد التحالف الحاكم : اما الوظيفة الثانية للانتخابات ، وهي تقل أهمية من الأولى ، فهي تجديد التحالف الحاكم . وهذه الغاية تبرز من خلال ظاهرتين . أولهما تذويب البرجوازية المتوسطة ، أو على الأقل الفئة العليا منها ، في اطار وضمن الطبقة الاقطاعية / الرأسمالية ، وتحريرها من كل صفات الوطنية ، ومن إمكانيات التطور المستقل المتبقية لديها . هذا يحصل في الوقت الذي اندحرت الفئات السفلى منها الى اسفل درك . وباختصار ، فان ما حدث هو تفكك البرجوازية الوطنية كطبقة ، وجود ( الاتحاد الاشتراكي ) ، وحزب ( الاستقلال ) ، و حزب ( التقدم والاشتراكية ) ، ولعب حزب الطليعة ، والحزب الاشتراكي الموحد ، دور أحزاب نيو/ مخزن ، ومحاولة بعض الاتجاهات في الدولة ، تقوية هذا الوجود الذي فشل الفشل الذريع في الوقت الحاضر .
ان المفهوم الذي عبر عنه النظام المخزني منذ انطلاق جوقة الانتخابات ، هو مفهوم تكوين اطر مخزنية ، لفتح بابا واسعا للتمييع والارتشاء ، والتدرب على أساليب الحكم المخزنية الطقوسية ، والعمل على استقطاب العناصر التي ستشترك في " التجربة " على اختلاف مشاربها ، وبناء على تصور يعتبر الأحزاب مجرد مدارس لتكوين الأطر ، ليسهل جرها واستيعابها ، ودمجها في جهاز الدولة المخزنية ، ومن استعمالها في تضبيب وتمييع المشهد السياسي الذي ينطق بما فيه .
3 ) لكن تبقى الوظيفة الحاسمة للانتخابات والاستفتاءات ، هي احتكار النظام سلطة المجال السياسي ، ومن ثم تحديد الحق السياسي المشروع ، بأفقه المخزني وطقوسه ، ورمي أي عمل او نضال ديمقراطي حقيقي غير إنتخابوي في اللاّشرعية . فعلى عكس ما يذهب اليه أصحاب الخط الانتخابي ، الذين يشاركون في انتخابات الملك السلطان ، فان الانتخابات تسمح للجماهير باقتحام الساحة السياسية ، ومن هنا برّروا رجعيتهم ، المشاركة في استحقاقات النظام المزاجي السلطاني ، التي جاءت على انقاض المقلب ( التعديل ) الذي أُدخل على دستور الملك في سنة 2011 . لكن الوقائع لشاهدة ، ان هذا المسلسل المسرحي ، لم يكن في حقيقة الامر ، الاّ نوعا من التطبيع السياسوي مع النظام ، أي الحكم المعادي للديمقراطية ، ولحقوق الانسان ، والانقلاب على الشعارات والخطابات الثورية والتقدمية ، التي شغلت الساحة السياسية من سنة 1958 ، والى مؤتمر الانقلاب على هذه الشعارات ، في المؤتمر الانقلابي على الخط الراديكالي في يناير 1975 ، حيث كان النظام يجهد في تكوين ( نخبة ) سياسية من حوله ، يوظفها في قضية الصحراء التي كان يعد العدة لاقتحامها ، لإبعاد خطر الانقلاب عليه ، سواء من قبل الجيش ، او من قبل البلانكيين ، او من قبل الديمقراطيين الذين كانوا يحلمون بممالك وملكيات الدول الاسكندنافية ..
طبعا سينتهي المسلسل المخزني بالانتصار ، عندما ابعد الجيش من العاصمة الرباط الى تخوم الصحراء ، وعندما استوعب المعارضة الجمهورية ، والمعارضة التقدمية ، والديمقراطيين ، الذي اصبحوا يكونون من حوله طوق نجاة ، من كل محاولات الاستيلاء على الحكم . وبقدر ما نجح النظام في تكتيكاته ، للحفاظ على بقاء النظام ، حين سيتحول الجميع الى مدافعين عن النظام كل من موقعه ... ، بقدر ما كان المشروع الفوقي ، انقلابا على الجماهير الشعبية ، التي منذ ان كانت وهي محرومة من حقوقها فقط الدنيا . فباسم الديمقراطية المفتري عليها ، ليصل النظام الى البقاء وحيدا في الساحة دون معارضة وازنة ، وباسم القضية الوطنية التي استعملها النظام في السيطرة على الدولة والجاه والثروة ، تم اغماض الأعين عن التجاوزات الخطيرة ، واصبح ما يسمى بعهد ( الديمقراطية وحقوق الانسان ) ، وما يسمى بالقضية الوطنية ، والنظام فشل في الديمقراطية عندما عجز عن بناء نظام ديمقراطي ، وفشل في لعبة الصحراء التي إنْ كانت في السنوات الأولى من عمرها قد حققت مكاسب ونجاحات ، فهي انتهت (العملية ) الى فشل ، عبرت عنه مواقف المجتمع الديمقراطي الغربي ، عندما تعارض أطروحة مغربية الصحراء ، وعندما لم تناصر ما يسمى ب " الديمقراطية المحمدية " ، مثل ما سمي بالأمس ب " الديمقراطية الحسنية " .
هكذا وبعد مرور اكثر من أربعة وعشرين سنة من جلوس محمد السادس على كرسي العرش ، يكون قد فشل في قضية الصحراء ، وفشل في المسلسل الديمقراطي ، خاصة تفجيرات الدارالبيضاء في 16 مايو 2003 ، التي حولت المغرب الى كابوس مرعب، سهل الانقلاب على مشروع الدولة الديمقراطية ، عندما تخندق الملك مع أعداء الديمقراطية الانقلابيين ، في مواجهة شعب اعزل ، تلاعبت به مخططات ظلامية من انجاز الجماعة البوليسية ، التي ستعرف اليوم في الساحة ب " البنية السرية " .
هكذا بقيت الجماهير مبعدة عن اللعبة الديمقراطية المغشوشة ، بحيث لا يتم اللجوء اليها الاّ بشكل ظرفي وموسمي ، سواء من طرف النظام المزاجي الذي اعترف بفشله في الحكم ، وعوض التصحيح ، يغادر الملك المغرب بدون رجعة ، باستثناء حضوره لإلزامية هذا الحضور في مواسم مصنفة باسم الوطنية ، او مصنفة باسم الدين .
اما الانتخابويون الجدد نيو-مخزن ، فمثل المخزن الذي يطرق باب المستضعفين في مناسبات الشدة ، كذلك أحزاب النيو-مخزن تتجه الى الجماهير كلما دعاها نداء الانتخابات الانتخابوية . وهذا جعل من العملية السياسية المخدومة والمزعومة ، انْ توصف ب ( النخبوية ) .
وهنا يكمن الدور الأيديولوجي للانتخابات السلطانية ، حيث اثبت القمع الجسدي لكل تحرك شعبي جماهيري حقيقي .
ان محاولة إضفاء المشروعية على حكم ، مزاجي ، مخزني ، طقوسي ، تقليداني ، نيوبطريرقي ، نيوبتريمونيالي ، رعوي ، أميري ، ثيوقراطي ، تقليداني ، مفترس لثروة المغاربة المفقرين ، ومهرب ثرواتهم الى خارج المغرب ، هو نوع من القمع الأيديولوجي والمادي ، المتعارض مع الأنظمة الديمقراطية ، وأنظمة حقوق الانسان . وهنا وللتدليل وللبرهنة ، نذكر بخطاب الحسن الثاني بعد انتفاضة الجماهير الشعبية في يناير 1984 ، وسقط فيها الضحايا بالمآت ، حين قال ، أنّ الانتفاضة كانت خروجا عن الديمقراطية . نعم ونحن بدورنا نطرح السؤال ، ونتساءل : منذ متى كان الحسن الثاني ديمقراطيا ؟ . ومنذ متى كان نظامه ديمقراطيا ؟ . فهل الديمقراطية التي تحدث عنها الحسن الثاني ، احتضنت اقبح المعتقلات والسجون السرية ، وشبه السرية ، والعلنية ك " تزمامارت " الرهيب ؟ . نعم . ان انتفاضة يناير 1984 وانتفاضة 23 مارس 1965 ، وانتفاضة يونيو 1981 ، وانتفاضة دجنبر 1990 ، كانت بحق خروجا عن الديمقراطية . لكن ما كان يجهله الحسن الثاني ، هو ان الانتفاضات التي انتفض فيها الشعب المغربي ، والجماهير المغربية ، لم تكن ضد الديمقراطية الكونية الصحيحة والحقيقية . بل كانت انتفاضات ضدا وخروجا عن مفهوم الديمقراطية الحسنية التي لم تكن ابدا في يوم من الأيام بالديمقراطية .
ان الديمقراطية الحسنية التي يريدها الحسن ، ان تكون طوق نجاته وطوق نجاة نظامه من السقوط ، وان تكون قيدا على النضال الجماهيري الحقيقي .
انه نفسه التساؤل عن نظام محمد السادس الذي لا يحكم ، وجماعة " البنية السرية " التي سرقة الدولة والمغرب هو من يحكم باسم الملك الجاهل لما اصبح عليه الوضع . فهل نسمي دولة بالدولة الديمقراطية ، وبولسيها السياسي ، يضع " ذكره " في فم ناصر الزفزافي ورفاقه ويجلسهم على القُرْعة ؟ .وهل نسمي دولة بالدولة الديمقراطية ، وطاحونة القمع ، والاختطاف ، والقتل التي قام بها ، ويقوم بها الجهاز البوليسي الفاشي واضحة للعيان ؟
هل نسمي دولة بالدولة الديمقراطية ، وبولسها السياسي ، يسهر مديره شخصيا ، وبالتنسيق مع الوزير المنتدب في الداخلية المدعو الشرقي ضريس ، وصديق ومستشار الملك ، على تزوير محضر بوليسي لإدخال الناس الى سجن الملك محمد السادس ، وللأسف صدر الحكم باسمه ، وليس باسم عصابة " البنية السرية " التي سرقة الدولة بعد ان ترك لها الملك المغرب والجمل بما فيه ؟
فعن اية ديمقراطية يتحدث او تتحدث عصابة " البنية السرية " ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب