الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالقذافي و صدام و الأسد و بدونهم ، نحن دول و شعوب فاشلة

مازن كم الماز

2024 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تتحول دولنا و مجتمعاتنا إلى دول و شعوب فاشلة تباعًا و سريعًا و لا يهتم أحد لفهم ذلك أو لتحليله و هذا مفهوم ، يقول ماركس أن البشر يطرحون على أنفسهم الأسئلة التي يمكنهم الإجابة عنها و إذا صدقنا الرجل فنحن اليوم نتهرب من السؤال لأننا لا نملك إجابة عنه أو لأن الإجابات مؤلمة و قد لا تطاق … تقدم النظرة الميتافيزيقية لواقعنا صورة عنه باللونين الأبيض و الأسود ، بالنسبة للأنظمة تكمن مشكلتنا أو مشكلتها بالأحرى في المعارضات و المشكلة هنا أن هذه المعارضات عاجزة و ضعيفة و متهالكة لدرجة أن الزعم بأنها قد تشكل مشكلة لأحد هو محض هراء ، و المعارضات أيضًا تقول نفس الشيء عن الأنظمة فهي تعدنا بجنات عدن بمجرد سقوط الأنظمة أما في الواقع فعندما تسقط الأنظمة تتبعها مجتمعاتنا إلى الحضيض : سقط القذافي ، أطيح به أو بالأصح أطاح به الناتو لكن ليبيا اليوم أفشل مما كانت في عهد الأخ القائد و سوريا الحرة الخارجة عن سيطرة الأسد ليست بأفضل حال من سوريا الأسد و التخلص من ديكتاتور كسياد بري أو صدام حسين جاء فقط بأمراء الحرب و زعماء الميليشيات مكانهم و لم تصبح الدنيا وردية ، لم تزهر الأشجار و لم تزقزق العصافير ، لا حرية و لا عدالة و لا غيرها ، لا حقوق إنسان و لا أسعار رخيصة و لا حتى كهرباء أو ماء و لا أحد يعرف لماذا أو حتى يهتم بمعرفة لماذا أو كيف أو أين ذهبت الحرية و العدالة و أين اختفت العصافير و الأزهار و أين أو كيف نجدها مرةً ثانيةً … أما الغرب فلا تفهم ماذا الذي نريده منه ، إذا أسقط صدام و القذافي نتهمه بالتدخل و العنصرية و الاستعلاء و إذا لم يسقط الأسد و السيسي نتهمه بنفس التهم لكن هذه المرة لأنه لم يتدخل ، و سواءً تدخل أم لم يتدخل فالنتيجة نفسها : استبداد عسكري أو ديني و حروب أهلية و طائفية و مذهبية و عشائرية علنية أو كامنة و انهيار دولنا و مجتمعاتنا إلى دول و شعوب فاشلة لا تستطيع شيئًا سوى الشكوى و التسول تتناهبها عصابات شتى ، إننا نرى الغرب كعدو و كمخلص في نفس الوقت و هذه مشكلة لنا أكثر مما هي مشكلة للغرب و نحن اليوم نطالبه بعبء الرجل الأبيض و بأن يتصرف كمستعمر حسن السيرة و السلوك … أما "التيار اليساري" في معارضاتنا اليوم فهو تيار حقوقي مشغول بالتنظير "لحقوقنا" المفترضة و في مقدمتها حقوقه هو أولا دون أن يحتاج للتفكير و لو للحظة بكيفية حصوله أو حصولنا أو "منحنا" هذه الحقوق ، هذه ليست مشكلته و لا تشغل هذه القضية و لا حتى دقيقة من تفكيره ، هذا ليس مستغربًا كما أعتقد أنكم تتوقعون فهذه و غيرها هي مشكلة الغرب ، نفس الغرب الاستعماري الاستشراقي العنصري الذي نتحدث عنه طوال الوقت ، إننا نتصرف و كأننا لسنا في عالم زاخر بانعدام العدالة حيث يجب فرض العدالة فرضًا ، في عالم يقوم على الصراع و النضال حيث علينا أن نناضل فيه كغيرنا من البشر لننتزع ما نعتقد أنه حق لنا بل كأننا في مطعم أو سوبر ماركت ليس علينا سوى أن نطلب و ننتظر الطلب أو نلقي باللوم على صاحب السوبرماركت … لا أعرف كم قد يعزينا أننا لسنا وحدنا في هذا المستنقع فكثير من دول امريكا الجنوبية و أفريقيا و آسيا تشاركنا هذا المصير ، استعمرنا معًا و تحررنا معًا و نفشل سوية اليوم معًا أيضًا … لا شك أن طريق أوروبا إلى ما هي عليه اليوم كان معقدًا و مليئًا بالتراجعات و الآلام و الدماء لكننا نتراجع على طول الخط و الأروع هنا أننا لم نغد نرى تخلفنا تخلفًا و لا تراجعنا تراجعًا ، إذا كنا نتقدم فإننا نتقدم إلى هاوية تبدو حتى اليوم بلا قعر … هل أدلكم على ما هو أفضل من الشكوى و البكاء و الصراخ كأطفال ، حاولوا أن تجيبونا لماذا جاء ألف قذافي بعد القذافي و ألفا أسد بدل الأسد و لماذا أصبحنا دولًا و شعوبًا فاشلة و أصبحنا أكثر عجزًا و تخلفًا و استبدادًا بعد التخلص من طغاتنا أو أين نجد طغاة مستعدين للتنازل بسهولة أو جاهزين لأن يساعدونا في رعاية منظمات المجتمع المدني و تطوير أحزاب المعارضة و تعزيز الحياة السياسية و إذا لم يكن الغرب لا مصباح علاء الدين و لا بديل الاله الذي سيحقق لنا كل ما نريد و نحن قاعدون بمجرد أن نتمناه ، فمن الأفضل ، على مستوى الجماهير على الأقل ، أن نبدأ بمواجهة واقعنا كما هو و عالمنا كما هو مهما كانت الاستنتاجات و التفسيرات مؤلمة ، أن نبدأ بالتفكير بحلول أخرى غير انتظار هبوط الحل من السماء ، من الغرب هذه المرة … كان ماركس على حق مرة أخرى : فالدين أي انتظار الحل من السماء أية سماء ، هو أفيون الشعوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلما نمت وازدهرت الراسمالية كلما تحضر المجتمع اكثر
منير كريم ( 2024 / 1 / 17 - 23:00 )
السيد مازن كم الماز المحترم
من الوقائع التجريبية على صعيد العالم تبرز الاطروحة التالية
كلما نمت وازدهرت الراسمالية كلما تحضر المجتمع اكثر
الراسمالية تضعف العلاقات ماقبل الراسمالية الى الصفر
العلاقات ماقبل الراسمالية مصدر التخلف والتفكك والاستبداد
ومهما يقال عن الاستغلال في الراسمالية فان استغلال واستبداد بيروقراطية الدولة ابشع بكثير
وكانت خطيئة ان حارب اليسار العربي الراسمالية
شكرا لك


2 - الفكر الحقوقي ليس ترفا بل معارك اجتماعية
د. لبيب سلطان ( 2024 / 1 / 18 - 10:32 )
استاذنا الكاتب
انا شخصيا اشاركك كل تساؤلاتك فهي تشخص حالنا المنكوبة سفينة وضايعة بالبحر لا احد يعرف اين تسير ويقودها براصنة ولكن من نوع خاص ..هم لايسرقون الاخرين ويجلبون لسفينتهم بل يسرقونها ويودعونها عندىالاخرين
واقع الحال كما كتب لكم استاذ منير لم يتح لمحتمعاتنا الدخول للرأسمالية وما معها من نظم ادارة وتطوير اقتصاد ودولا ديمقراطية صحيحة وصحافة برجوازية وحياة سياسية حرة ...هذه كلها تنظم المجتمع وهي وصفة متكاملة تدعى الرأسمالية ،كلمة واحدة مرحلة في التطور ان لم تدركها لا تتطور ..ولكن مشايخ السلفية الستالينية عندنا في وقتها ولليوم حاربوها لان الرفيق فلان كتب والزعيم فلان افتى انها استغلالية ..ولليوم يرددونها رغم ان العالم في كل مكان اثبت انها مرحلة البناء بعد الاقطاع لتطوير الاقتصاد ومعها بقية الوصفة الديمقراطية
اراكم لستم محقين بنقد فكر الحقوق ..فهو ليس ترفا معارك اجتماعية لايقاف هذا التردي..وتشرين بشعارها نازل اخذ حقي خاضت معركة حقيقية ادبت لوهلة السفلة القراصنة
وصراحة كما الانكليز ادخلوا نظام الدولة في العراق بعد العثمانية ربما هو امر مستبعد اليوم ولكن الناس محقين ..هم يريدون حلا


3 - لهذه الأسباب تصعب الحلول
حميد فكري ( 2024 / 1 / 18 - 21:16 )
السيد مازن كم الماز

المسألة بسيطة جدا ، على الرغم من أن هذا محرج .
الغرب المتطور ، منافق وانتهازي ، يريد لنفسه الديموقراطية والتقدم والإزدهار الإقتصادي ، لكنه لا يريد هذا لغيره ، حتى يضمن لنفسه التفوق دائما.
لذلك تجده يدعم الديكتاتورية إذا وجدها مفيدة لمصالحه .
ويحافظ على التبعية ،لأنها تزيد من إزدهاره ورفاهيته.
لهذه الاسباب ،تصعب الحلول .

اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة