الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارتدادات طوفان الأقصى.. وطبيعة وثمن الحل السياسي

سليم يونس الزريعي

2024 / 1 / 18
القضية الفلسطينية


إذا كان صحيحا أن عملية طوفان الأقصى قد أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة وفق رؤية البعض، إلا أن السؤال الأهم هو حول طبيعة هذه العودة ومآلاتها وضمن أي سقف ستجري؟ في ظل الفيتو على وجود حماس من قبل واشنطن والكيان الصهيوني، سيما وأن ارتدادات المحرقة التي جاءت ردا على عملية طوفان الأقصى، كشفت أن القضية لم تعد شأنا فلسطينيا في ظل كثرة المتدخلين وتناقض رؤاهم في النظر لهده القضية مع مصلحة الشعب الفلسطيني، الذي لا تجمع أطرافة رؤية مشتركة على ضوء التوجهات الفكرية والسياسية المتناقضة.

وما يفاقم من تعقيد المشهد، أن أي حل للقضية يشترط وجود طرف فلسطيني مقنع ومقبول في الحد الأدنى لدى قطاع واسع من الفلسطينيين والعرب، ومن غير المتوقع أن تكون حركة حماس كطرف بذاته، بسبب موقف الكيان والولايات المتحدة وبعض الأطراف العربية المعنية منها هذا أولا، وثانيا لأن المعروض سياسيا دون سقف الحد الأدنى ليس لدى حماس والقوى الأخرى، وربما حتى للسلطة الفلسطينية، التي أبرمت اتفاق أوسلو على قاعدة حل الدولتين ، التي يعتبرها زعيم حماس في الخارج خالد مشعل بضاعة قديمة، وأن حماس لا تقبل بمصطلح حل الدولتين وهو مرفوض" حسب قوله، هذا بالطبع لو سلمنا أن حماس ستكون جزءا من الحل وليس المشكلة..
ويمكن للمقاربة التي قدمها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، من أن "الدول العربية ليست حريصة على المشاركة في إعادة إعمار غزة إذا كان القطاع الفلسطيني سيُسوى بالأرض مجدداً خلال بضعة أعوام". أن تكون بمثابة رسالة رسمية عربية، تؤشر إلى جوهر صفقة التسوية التي يجب أن تضمن أمن الكيان الصهيوني في الأساس ، وترجمة ذلك هو في وجود سلطة غير معادية للكيان؛ مع أن مفهوم العداء هنا نسبي، إذا ما قرأنا كيف وصف رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو كلا من السلطة في رام الله أي حركة فتح وحركة حماس عندما ساوى بينهما في نواياهم القضاء على الكيان، وإن اختلفت في الوسائل، لذلك وصفهما بـ"فتحستان" وحماسستان" ، فأحدهما يسعى للقضاء على الكيان بسرعة ومرة واحدة والآخر ببطء .
وقد رسم وزير الخارجية الأمريكية ملامح المشهد فيما يتعلق بالمنطقة والقضية الفلسطينية، عندما قال في منتدى دافوس، هناك معادلة جديدة في الشرق الأوسط، وجيران إسرائيل كانوا مستعدين بمقتضاها لدمجها في المنطقة، لكنهم كانوا ملتزمين بالقدر ذاته بمسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية".
وأضاف أن الدول العربية وواشنطن تعتقدان بأنه "لن تنعم إسرائيل أو المنطقة بالسلام والاستقرار والأمن، حتى تُحل هذه القضية".
وكشف أن الدول العربية تقول، انظروا، لن نتدخل في أمور، منها على سبيل المثال، إعادة إعمار (قطاع) غزة إذا كان سيسوى بالأرض مجددا خلال عام أو خمسة أعوام، ثم يُطلب منّا إعادة إعماره من جديد".
هذه المقاربة تشير إلى طبيعة الحل للقضية الفلسطينية ولأطرافه الذين يجب يحفظوا أمن الكيان، يعقبها ترسيم الكيان الصهيوني كجزء من نسيج المنطقة، ولا أتصور أنه في ظل على الأقل خطاب حماس المعلن، أنه سيجري التعامل معها كطرف بذاته وإنما يمكن أن تكون جزءا من الحل في حال قبلت تسوية وضعها مع حركة فتح في إطار منظمة التحرير، وهذا يعني تخلي حماس عن مشروعها السيطرة على منظمة التحرير ارتباطا بشعورها بفرط القوة ولو مؤقتا ضمن قراءتها الأحادية لطوفان الأقصى وارتداداتها على المشهد الفلسطيني والعربي والعالمي، التي تصور فيها حماس وبعض الأطراف محرقة غزة على أنها صمود في وجه العدوان.
وضمن قراءة تصريح وزير الخارجية الأمريكي وفق مفهوم المخالفة، فإن بلينكن عندما قال " إن الدول العربية وواشنطن تعتقدان بأنه "لن تنعم إسرائيل أو المنطقة بالسلام والاستقرار والأمن، حتى تُحل هذه القضية". فهو يعني أن حل القضية الفلسطينية كما تراها واشنطن والكيان الصهيوني ستوفر الأمن للكيان، وتوفير هذا الأمن الذي سيكون بضمانات عربية وأمريكية، يعني أنه لا يمكن أن يكون من يوفر الأمن لكيان الاحتلال كيانا سياسيا معاديا، ذو أيديولوجيا معادية.
وأقدر أن الدور الفلسطيني لن يكون انعكاسا لرغبة ذاتية لهذا الطرف أو ذاك، وإنما سيكون استجابة لشرط متطلبات الدولة الفلسطينية وفق التصور الأمريكي والعربي والبعض الفلسطيني، وهو ما ترفضه حماس التي تريد دولة دون قيد أو شرط، ضمن قراءتها لنتائج المحرقة وميزان القوى الذي سيتشكل في نهاية الحرب على غزة ، وهو ميزان قوى ليس بالمعني المادي، ولكن أولا بالمعني الشعبي، ثم في الوجود السياسي الأمريكي والعربي الذي سيعمل على وضع نظام سيطرة أمنية تمنع من تكرار ما جرى، بشكل عملي. إدا ما عرفنا كيف ينظر الكيان وواشنطن للحل ، ولغزة كخطوة أولي تعقب الحرب.
من هنا تبدو صعوبة تصور وجود رؤية واحدة للدولة الفلسطينية المقترحة على ضوء تباين رؤى الأطراف الفلسطينية بالنسبة لنتائج وتقييم محرقة غزة ، خاصة حماس والجهاد وفصائل منظمة التحرير، على خلفية ما جرى من تدمير بكل هذا التوحش، ففي حين يرى البعض في التأيد الشعبي العالمي غير المسبوق بمثابة استفتاء على دورة ومكانته، هناك من يرى أن جوهر الموقف الشعبي العالمي هو الانتصار لمحنة غزة، ولا يعنيهم أمر حماس أو أي فصيل آخر ، وهو ريما ما تريده السلطة الفلسطينية ،ولن تقبله حماس وفضائل أخرى.
لكن يبدو أن الغائب عن العصف الفكري والدم والخراب الذي عاشته وتعيشه غزة بشكل غير مسبوق، على الأقل لدى بعض الفلسطينيين والعرب، جمهورا وقوى سياسية سواء بحسن نية أو بدونها. هو سؤال: كيف ولماذا وصلنا إلى هذه المرحلة؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك ؟ وأي ثمن سيدفع جراء ما جرى؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز