الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط –17

حسام علي

2024 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


لقد طورت فرنسا علاقتها بعراق البعث أكثر خاصة حين اندلعت حرب الثمان سنوات مع ايران. فنلاحظ أن فرنسا كانت واضحة تماما في تأييدها لسلطة البعث، وذلك من خلال تسريع الامدادات العسكرية، إضافة الى الأعداد الكبيرة من الفنيين والتقنيين الخبراء المتخصصين الذين حرصت فرنسا على تواجدهم في العراق بحجة تدريب نظرائهم من العراقيين.
وكانت فرنسا تنطلق في ذلك كله من موقف مشترك أمريكي أوروبي، وتأييد واضح منهما، لفرنسا، في مساعيها لتثبيت مواقع الاستكبار الغربي في العراق وربطه استراتيجيا واقتصاديا وتسليحيا مع الغرب عموما وفرنسا على وجه الخصوص، ولذلك فقد نقلت الصحف ووسائل الاعلام الغربي، وقتذاك، الارتياح الامريكي إزاء ما يحصل. وقد كتبت مجلة "الموقف العربي" تحت عنوان: واشنطن تؤيد ديستان" وتقول: إن الأمريكان ينظرون باهتمام متزايد للدور الفرنسي في العراق والمنطقة، خاصة حين اتجه الفرنسيون الى دعم العراق والذي بدوره بدأ ينفتح على الغرب من خلال العلاقة الممتازة التي تربطه بباريس.
وحين تسلم الاشتراكيون بزعامة ميتران، السلطة في فرنسا، بعد حكومة فاليري جيسكار ديستان، لم يغيروا شيئا من سياسة فرنسا التسليحية لنظام البعث في العراق، بل ساروا على نفس سياسة جيسكار ديستان القائمة على روح السياسة الديغولية، السياسة التي وضعت الأسس الثابتة لسياسات فرنسا العالمية.
وفي معرض استعراض ترابط السياسة الفرنسية مع امريكا، كتبت مجلة "الشراع" تقول: إن علاقة فرنسا ومواقفها في الشرق الاوسط، ترتبط بسياسة امريكا. والعراق منذ أول السبعينات كان يعتمد اعتمادا شبه كلي في تنمية قدراته الدفاعية على فرنسا. وعندما كان العراق الدولة التي تمتلك قوة شرائية ضخمة وطموحات تنموية واسعة، كانت فرنسا في هذه الحالة المستفيد الأول من ذلك. بعدها قام العراق بفتح أبواب الخليج بوجه الصناعات الفرنسية، حربية كانت أم تنموية، ولما اندلعت حرب العراق مع ايران، لم تتخل فرنسا عن التزاماتها مع حكومة بغداد، بل سعت الى تسليح العراق وتأمين موارده الدفاعية ومساندته سياسيا واقتصاديا وبشكل خاص، إعلاميا.
بعد تشكيل حكومة ميتران نلاحظ أنها قد ابتلعت التصريحات الفرنسية السابقة، وأظهرت نواياها الحقيقية، إذ أن الموقف والتصريحات السابقة، ما كانت تمثل سوى مسرحية دعائية للاستهلاك الانتخابي في فرنسا، وقتذاك، ولذلك فقد بادر "كلود شيسون" وزير الخارجية الفرنسي، الجديد في الحكومة الاشتراكية، بادر بالقول: إن الحكومة الجديدة تحترم جميع تعهداتها السياسية والتجارية بما فيها العقود الخاصة ببيع الاسلحة للعراق، وأن توقيع فرنسا هو مقدس. لذا أننا نلتزم بتطبيق واحترام التعهدات التي قطعتها فرنسا على نفسها.
لقد اعتبر هذا الاعلان، بمثابة رسالة رسمية تطمينية لنظام البعث في العراق، من جانب، ومن جانب آخر، كان الاعلان يمثل بحد ذاته، حالة ترسيخية أكثر، لاستمرار سياسة فرنسا في العراق. أي أنه يمكن القول، بأن الصورة قد اكتملت معالمها بشدة إزاء مواقف فرنسا المساندة للنظام البعثي في العراق، خاصة في حربه مع ايران. لذلك كتبت صحيفة "كرست انترناشيونال" الكندية تقول وتحت عنوان "مساعدات امريكية وفرنسية للعراق": إن فرنسا ليست مستعدة لمساعدة العراق عسكريا فحسب، إنما فرنسا مستعدة لإرسال قواتها فورا لو أبدى العراق رغبة أو احتياجا إلى ذلك.
هذه العلاقة الصميمية بين العراق وفرنسا، قد فتحت الابواب مشرعة أمام انفتاح آخر، تاريخي، فرنسي على دول الخليج، بعد أن كانت هذه الدول محميات انجلوأمريكية. وقد تسارعت طبيعة العلاقة الفرنسية مع العراق حتى حققت أرقاما مذهلة في الجانب الاقتصادي لأكثر من 15 مليار فرنسي عام 1982 مع تهيئة المناخات لعمل حوالي 8000 مواطن فرنسي شمال وجنوب العراق. ففي 26 نوفمبر 1982 أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران على أن فرنسا لا تتمنى أن يهزم العراق في حربه الدائرة.
// السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، من إصدارات المركز الاسلامي للأبحاث السياسية/1986م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار