الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقات والصراع الطبقي والوعي الطبقي (ج 4/4)

مرتضى العبيدي

2024 / 1 / 18
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لدى لينين عبارة لا تحتوي على حقيقة هائلة فحسب، بل تحتوي أيضًا على توجيه استراتيجي: "بدون نظرية ثورية، لا يمكن أن تكون هناك حركة ثورية." إن مقاومة العمال والشعوب ونضالهم ضد سيطرة الرأسمالية والرأسماليين مستمران.
وهم يحققون في بعض المعارك انتصارات تعود عليهم بمنافع مؤقتة، وفي أحيان أخرى ينهزمون أيضًا، لكن إذا لم يكن هذا النضال جزءًا من مشروع سياسي ثوري يهدف إلى وضع حد لنظام الاستغلال وجعل الطبقة العاملة قائدة للمجتمع، فالمقاومة ستستمر دون تحقيق التحرر الاجتماعي.
والحقيقة أنه لا يكفي أن تفهم الطليعة السياسية أن هذه الصراعات هي تعبير عن التضادّ الطبقي القائم بين الطبقات المستغلة والطبقات المستغلة؛ إن الحركة الاجتماعية التحررية للطبقة العاملة تنبني على أساس الوعي الطبقي البروليتاري، ولذلك وجب حماية الوعي الاشتراكي داخلها. قلنا سابقًا إن الوعي لا يُخلق تلقائيًا، "فالطبقة العاملة، بقواها الخاصة فقط، غير قادرة إلا على تطوير وعي نقابي، أي الاقتناع بأنه من الضروري "الاتحاد معًا في نقابات، والنضال ضد أرباب العمل أو مطالبة الحكومة بإصدار هذه القوانين الضرورية أو تلك ..." كما يقول لينين في كتاب "ما العمل؟"
ومن المؤكد أن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يصل أو ينشأ هذا الوعي بين العمال والشعب؟ لقد أوضح لينين نفسه المسألة بقوله: "لا يمكن إحضار الوعي الطبقي السياسي إلى العامل إلا من الخارج، أي من خارج النضال الاقتصادي، من خارج العلاقات بين العمال وأرباب العمل. " إذ أن المجال الوحيد الذي يمكن أن توجد فيه هذه المعرفة هو مجال علاقات جميع الطبقات والشرائح مع الدولة والحكومة، أي مجال علاقات جميع الطبقات فيما بينها. […] ولإعطاء العمال المعرفة السياسية، يجب على "الديمقراطيين الاشتراكيين" أن يخاطبوا جميع الطبقات، ويجب عليهم إرسال مفارز من جيشهم إلى كل مكان. […] يجب علينا "التواصل مع جميع فئات السكان" كمنظرين، ودعاة، ومحرضين، ومنظمين".
بالنسبة للقارئ الذي لا يعرف تاريخ الحركة العمالية والشيوعية العالمية، من الضروري توضيح أنه عندما يتحدث لينين عن " الاشتراكية الديمقراطية"، فالمقصود هي الأحزاب والحركات التي كانت تتبنّى نضال الطبقة العاملة من أجل الاشتراكية. ثم خان قادتها المبادئ الثورية وانحازوا إلى جانب البرجوازية. لذا دعا لينين وقتها إلى اعتماد اسم الشيوعيين وإطلاقه على أولئك الذين، تبنّوا نظرية ماركس وإنجلز، وواصلوا النضال من أجل الإطاحة بسلطة الرأسماليين وإقامة دكتاتورية البروليتاريا التي تؤدي إلى بناء الاشتراكية ـ الشيوعية. ولذلك، ينبغي أن يكون مفهوما أن الاقتباس المذكور أعلاه يشير إلى دور الحزب الشيوعي كعنصر واعي، ينصهر في الجماهير لرفع وعيها السياسي إلى أعلى مستوى من الوعي الثوري.
ومن الضروري أيضًا توضيح أنه عندما يقال إن "الوعي يتولد خارج النضال الاقتصادي"، فلا ينبغي اعتبار ذلك نقصًا في فهم الحزب لحاجات ومطالب الجماهير، بل هو الدعوة إلى عدم الاكتفاء بالنضال من أجل المطالب دون إعطائه أفقاً سياسياً استراتيجياً. "إن مهمة الاشتراكيين الديمقراطيين لا تقتصر فقط على التحريض السياسي في المجال الاقتصادي، فمهمتهم هي تحويل هذه السياسة النقابية إلى نضال سياسي اشتراكي ديمقراطي، للاستفادة من ومضات الوعي السياسي التي أحدثها النضال الاقتصادي والتي أحدثت اختراقا في عقول العمال لرفعهم إلى مستوى الوعي السياسي "الاشتراكي الديمقراطي"، كما يقول لينين في كتاب "ما العمل؟"
وفي مكان آخر من النص نفسه، يطور لينين تحليله بالعبارات التالية: "تقود الاشتراكية الديمقراطية نضال الطبقة العاملة ليس فقط للحصول على ظروف مواتية لبيع قوة عملها، بل أيضًا لتدمير النظام الاجتماعي الذي يفرض على المحرومين بيع قوة عملهم للأغنياء. تمثل الديمقراطية الاشتراكية الطبقة العاملة ليس فقط في علاقتها مع مجموعة محددة من أصحاب العمل، ولكن في علاقتها مع جميع طبقات المجتمع المعاصر، مع الدولة كقوة سياسية منظمة. ومن المفهوم إذن أن الاشتراكيين الديمقراطيين لا يستطيعون الاقتصار على النضال الاقتصادي فحسب، بل إنهم لا يقبلون بأن تشكّل الاحتجاجات الاقتصادية نشاطهم الرئيسي. " علينا أن نقوم بالتثقيف السياسي للطبقة العاملة، وتطوير وعيها السياسي".
على حزب الطبقة العاملة أن ينتفض بمناسبة كل مظهر ملموس من مظاهر الاضطهاد الذي تمارسه الرأسمالية على العمال وغيرهم من القطاعات المستغلة والمضطهدة، وبالتالي، بهذه المطالب المرفوعة، ومع مراكمة التجارب النضالية، تثقف الطبقة العاملة. لنعد إلى ما قيل في السطور السابقة: “الوصول إلى جميع فئات السكان كمنظرين، ودعاة، ومحرضين، ومنظمين”؛ ليس كمجرد ناشطين أو مناضلين عاديين، ولكن في ثوب طليعة سياسية، وقادة سياسيين ثوريين، ودعاة للأفكار الثورية، ومنظمي قوى الثورة. وهذه النقطة الأخيرة تشير الى عنصر آخر بالنسبة إلينا، ألا وهو "نوعية المناضل والكادر الشيوعي الماركسي اللينيني". وفي هذا الصدد، سنكتفي في الوقت الحالي باقتباس كلمات فريدريك إنجلز، المكتوبة في مقدمة (1870) لكتاب حرب الفلاحين في ألمانيا: "قبل كل شيء، يجب على القادة أن يصبحوا أكثر تعليمًا في جميع المسائل والموضوعات النظرية. عليهم التخلص من تأثير العبارات التقليدية النموذجية في النظرة إلى العالم القديم، وأن يتذكّروا دائمًا أن الاشتراكية، منذ أن أصبحت علمًا، تتطلب معاملتها على هذا النحو، أي دراستها. ويجب أن ينتشر الوعي المكتسب على هذا النحو، أكثر فأكثر، بين الجماهير العاملة بحماس أكبر من أي وقت مضى، ويجب أن يعزز بشكل متزايد تنظيم الحزب، وكذلك النقابات".
صحيفة "الى الأمام"، العدد 2071، من 1 إلى 14 نوفمبر 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد


.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي




.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ




.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا