الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل وتركيا وجهان لعملة واحدة

يوعانا جونين

2024 / 1 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


هؤلاء الأتراك مجانين تماماً! يعتقلون لاعب كرة القدم ساجيف يحزقيل فقط لمجرد أنه كتب على يده "136 مُختطَفاً، 136 حُلماً"، ثم يحققون معه بشبهة التحريض بسبب هذه العبارة البريئة؟ آه، عفواً، لم يكن هذا يحزقيل بل كانت (ت)، فنانة عربية من منطقة المثلث، قامت شرطة إسرائيل باعتقالها بشبهة التعاطف مع منظمة إرهابية لأنها نشرت منشوراً كتبت فيه: "140 طفلاً. 140 حُلماً. نُدبة في القلب" (كان هذا عدد الأطفال القتلى في غزة لحظة النشر، أمّا اليوم فقد تجاوز الـ 10,000).

قصة (ت) هذه وردت ضمن تقرير نُشر في ملحق "هآرتس" في تشرين الثاني الخير حول ملاحقة العرب في إسرائيل منذ بدء الحرب، وتضمّن أيضاً عرضاً لحالات اعتقال وفصل من العمل بحق مواطنين عقب تعابير مثل "العين تبكي على سكان غزة" أو التعبير عنى الألم على قتل أطفال من كلا الجانبين.

حالة يحزقيل مشابهة جداً: تم اعتقاله في تركيا هذا الأسبوع، لأنه خلال مباراة فريقه، أنطاليا سبور، عرَضَ ضمادة كُتب عليها "100 يوم" إلى جانب التاريخ 7.10 ونجمة دواد. جرى التحقيق معه بشبهة التحريض، ثم طُرِد من فريقه وعاد إلى إسرائيل. مراسل "هآرتس" عوزي دان أوضح أن السبب الأساسي وراء الاعتقال هو حقيقة أن الأتراك لم يكونوا على دراية بحجم الكارثة التي وقعت في إسرائيل وأن وسائل الإعلام في دولتهم نقلت إليهم القصة بصورة متحيّزة. جمهورٌ تجرفه شهوة الانتقام، غير مُدرك للواقع القاسي لدى الطرف الآخر ويتغذى على إعلام مُغرِض؟ يبدو هذا التوصيف كأنه تشابه قسري وضعه كاتب سيناريو فاشل.


على نحو غير مفاجئ، في إسرائيل لا يرون هذا التشابه قطعياً. فقد وصف يوآف غالانت اعتقال يحزقيل بأنه "فضائحيّ" و"تعبير عن النفاق"، بينما ادعى يسرائيل كاتس بأنّ "تركيا قد تحولت إلى (دولة) دكتاتورية ظلامية"، وكالعادة بزّ إيتمار بن غفير الجميع فقال إن "تركيا تتصرف بشكل نازيّ". إذا كان التحقيق على خلفية كتابة عبارة ما على ضمادة يبدو له أنه تصرف نازي، فمن المثير إذاً ماذا سيكون رأيه بشأن إلغاء المواطَنة (سحب الجنسية) بسبب عدم حمل لافتة؟ لحظة، لقد كان هذا بن غفير نفسه الذي طالب بإلغاء مواطَنة لاعب كرة القدم دانيئيل سوندغرن وبطرد أربعة لاعبين أجانب لأنهم لم يحملوا لافتة من أجل المخطوفين.

وماذا عن ضياء سبع الذي اُبعِد عن صفوف مكابي حيفا لأن زوجته كتبت في حسابها على موقع انستغرام "في غزة، أيضاً، يوجد أطفال" (بالنسبة لإسرائيل الشفقة هي دعم للإرهاب!). عطاء جابر، الذي طالب ميكي زوهَر بسحب جنسيته لأنه لعب في صفوف منتخب فلسطين في تمهيديات كأس العالم ؛ وغير ذلك عشرات الإسرائيليين الذين تم اعتقالهم، فصلهم من العمل ومعاقبتهم بسبب التعبير عن آراء قانونية؟ حقاً، هذا كما يقولون ـ يُذكِّر بفترات مُظلمة.

لقد حذر معارضو الانقلاب القضائي من تشبُّه إسرائيل المتزايد بالأنظمة الاستبدادية، كما في هنغاريا وتركيا، لكن في أعقاب الحرب انتشرت عملية "أردونة" المجتمع الإسرائيلي في دوائر أخرى جديدة وأصابت بالعدوى، أيضاً، كثيرين من أولئك الذين كانوا يعارضونها من قبل. الأشخاص أنفسهم الذين يعتقدون، وبحق، أن اعتقال يحزقيل حقير وخطير، مقتنعون أيضاً بأنّ كم الأفواه بالقوة وقمع الآراء الشاذة هما من الإجراءات المشروعة والمرغوب فيها، عندما تحصل في دولتهم. عن ذلك أجاد غالانت التعبير بالتأكيد: "تعبير عن النفاق".


يتيح اعتقال يحزقيل التأمل للحظة في كيف تبدو، من الخارج، الدولة التي يُلاحَق فيها الناس ويعاقَبون على التعبير عن التعاطف مع آلام ومعاناة المدنيين الأبرياء ـ فرصة لاستعادة رُشدنا وفهم مدى أهمية النضال ضد المكارثية القبيحة التي تنتشر في إسرائيل. بدلاً من اللفتات الحمقاء، مثل تغيير الاسم من "قهوة تركية" إلى "قهوة معاً ننتصر"، من الأفضل معارضة تحويل النظام الإسرائيلي كله إلى نظام تركي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا غالب إلا الله !
محمد بن زكري ( 2024 / 1 / 21 - 08:38 )
يُقدر للسيدة يوعانا جونين و زملائها في هآرتس ، مواقفهم النبيلة ، وهم يجدفون ضد التيار .
لكن دولة إسرائيل نسيجُ وحدها .
ففي سياساتها التمييزية العنصرية ضد الفلسطينيين ، لمجرد كونهم فلسطينيين ، حتى داخل الخط الأخضر ؛ ليس من شبيه لدولة إسرائيل على سطح الكوكب . فالديمقراطية الإسرائيلية - وهي ديمقراطية .. نَعَم - مقصورة على المواطنين اليهود وحدهم ، ولا تتعداهم بامتيازاتها إلى باقي السكان حاملي الجنسية الإسرائيلية ، وخاصة الفلسطينيون .
وإذا كان توقيف اللاعب الإسرائيلي في تركيا (لمدة وجيزة) ، إجراء تعسفيا ، فإنه حالة فردية معزولة ، بالرغم من أن المعنيّ كان فعلا قد أتى عملا يندرج تحت تصنيف (التحريض على الكراهية) .
فإن تكميم الأفواه ، والاضطهاد العنصري ؛ هو سياسة رسمية ثابتة في إسرائيل ، تطال كل مواطن إسرائيلي من الأقلية الفلسطينية (يسمونهم ’’عرب‘‘ على سبيل الاحتقار) .
ومنه على سبيل المثال ، ما تعرضت له الفنانة المغنية الفلسطينية دلال أبو آمنة (وهي أيضا طبيبة متخصصة في علوم الدماغ والأعصاب) ؛ التي اعتُقلت ، ولوحقت قضائيا ، ودُمغت بالنازية ، وهُددت بالقتل ، بسبب تدوينة : «لا غالب إلا الله» !

اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة