الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتخابات مجالس المحافظات 2023، نتائج متوقعة لقانون انتخابي غير عادل، القسم الاول

سربست مصطفى رشيد اميدي

2024 / 1 / 19
دراسات وابحاث قانونية


انتخابات مجالس المحافظات 2023، نتائج متوقعة لقانون انتخابي غير عادل

القسم الاول:
ورد في البرنامج الحكومي للسيد محمد شياع السوداني لدى التصويت على اعضاء وزارته، باجراء انتخابات مبكرة خلال سنة واحدة من عمر حكومته. وقد كان واضحا ان الانتخابات المبكرة المعنية هي لانتخابات مجلس النواب، وليس لمجالس المحافظات، التي كانت معطلة بقرار من المحكمة الاتحادية لتجاوز عملها اكثر من اربع سنوات تقويمية، وانه كان قد مضى في حينه اكثر من تسع سنوات على اجراء اخر انتخاب لاعضاء مجالس المحافظات، اي انها انتخابات متاخرة وليست مبكرة. لكن بدا واضحا ان قوى الائتلاف الحاكم لا تجازف باجراء انتخابات مبكرة لمجلس النواب قد تعيد التيار الصدري الى موقع الصدارة ويفوز بالمرتبة الاولى لعدد اعضاء مجلس النواب، مما قد يعني احتمال اعادة تحالفه السابق، والذي لو لا استقالة اعضاء مجلس النواب من التيار الصدري لكان تشكيل الحكومة العراقية بالشكل الموجود شبه مستحيل. لذلك تم التوجه بسرعة لايجاد بديل لهذه الانتخابات وهو انتخاب مجالس المحافظات، ولتكون بمثابة تمرين للقوى المشكلة للحكومة بعد انضمام قوى سنية وكردية لها، وتشكيل ما سمي بتحالف (بناء الدولة). ولكن كان هنالك تحدي اخر امام هذه الانتخابات، وهو قانون الانتخابات الذي كان يحتاج الى تعديلات ولكن بصيغة لكي تكون مضمونة نتائجه ليس لمجالس المحافظات فقط، بل ايضا لمجلس النواب القادم. لذلك كان صيغة طرح قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب بقانون واحد، وهو قانون رقم 4 لسنة 2023 (التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب وجالس المحافظات والاقضية رقم 12 لسنة 2018). هذا القانون تم صياغة احكامه بشكل يضمن الفوز للقوى التي قامت بصياغته وعملت على تشريعه، فهذا القانون يعتمد كاساس له على القانون رقم 12 لسنة 2018، وعلى الاحكام المعدلة او المضافة في قانون التعديل الثالث لسنة 2023. وكان هنالك العديد من الملاحظات على القانون رقم 12، على الرغم من عدم تنظيم اية انتخابات بموجبه، وتم بموجب قانون التعديل هذا، الغاء قانون انتخابات مجلس النواب رقم 9 لسنة 2020.
ان النتائج التي تمخضت عن انتخابات 18 كانون الاول 2023، التي كانت (على شكل مباراة لكرة القدم اجريت من قبل فريق واحد يلعب مع نفسه) حسب توصيف احدهم، نظرا لعدم مشاركة التيار الصدري في هذه االمنافسة الانتخابية. ولاجل القاء الضوء على هذه الانتخابات والقانون ونتائجها نشير الى عدد من النقاط:-
اولا: يتصف القانون الانتخابي بعدم العدالة والتحيز لصالح القوائم الحزبية وخاصة الاحزاب الكبيرة في عدد من الاحكام واهمها:
1-اعطى القانون لاي حزب يشارك في المنافسة الانتخابية تقديم قائمة مرشحين لا تقل عن اربعة ولا تزيد عن ضعفي عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية، في حين ان المنافسة تكون على نصف هذا العدد بالنسبة لجميع القوائم المنافسة معا.
2- جعل سن الترشح لعضوية مجلس المحافظة او مجلس النواب 30 سنة، يحرم فئة الشباب من الترشح لعضوية مجالس المحافظات ومجلس النواب، في حين كان المفروض ان يتم تخفيض سن الترشح الى 25 سنة، خاصة وان تقريرا لدائرة الاحصاء في وزارة التخطيط اشارت الى ان نسبة المواطنين العراقيين اللذين اعمارهم هي 25 سنة فما دون يشكلون 60% من مجموع سكان العراق.
3- ان القانون قد قرر تقديم قائمة باسماء ناخبين غير مكررة اسمائهم داعمين لترشح المرشح الفرد، وهذا الحكم يتكرر في جميع القوانين الانتخابية في العراق منذ سنة 2004 ولحد الان، في حين لا يطلب هذا الامر من المرشح ضمن القائمة الحزبية. مثل هذا الامر معناه وجود تمييز لصالح المرشح الحزبي على حساب المرشح الفردي المستقل ووضع تحديات امام ترشحهم.
4- الصيغة الحسابية المطبقة لتحويل الاصوات الى مقاعد وهو سانت ليكو المعدل، والتي تبدأ بتقسيم اصوات القوائم الانتخابية على (1.7) بدلا من 1 وفق الصيغة الاصلية، أو على الاقل (1.4)، تعطي المجال امام الاحزاب الكبيرة ان تحصل على عدد اكبر من المقاعد، وخلاف فلسفة نظام التمثيل النسبي المطبق الذي يهدف الى ان تكون المقاعد التي تحصل عليها كل حزب او قائمة مماثلة او قريبة لنسبة تمثيلها في المجتمع، لكن بشرط ان تكون فارق الاصوات بين القوائم الكبيرة وبقية القوائم كبيرا. وهنالك عوامل اخرى تؤثر في كيفية انتاج النظام الانتخابي لنتائجه، خاصة في نظم التمثيل النسبي وهي:-
أ‌-الصيغة الحسابية، كصيغة هاري او دروب أو سانت ليكو أو هوندت او غيرها.
ب‌-حجم الدائرة الانتخابية، (عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية).
ت‌-نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات.
ث‌-عدد القوائم المتنافسة في الدائرة الواحدة.
ج‌-فرق الاصوات بين القوائم المتنافسة، فيما اذا كان كبيرا ام لا.
لذلك فان الاعتماد فقط على الصيغة الحسابية في توقع نتائج انتخابات، قد لا تكون دائما وفق توقعات المشرع.
5-عدم ادراج اي نص يمنع المرشح الذي يشغل منصب مدير عام فما فوق بالابتعاد عن منصبه وموقعه الوظيفي، سواء بمنحه اجازة اجبارية او تقديم استقالته. مما تؤدي الى استغلال المرشح لموقعه ونفوذه الوظيفي، أو استغلال موارد مؤسسته المالية والخدمية والبشرية في حملته الانتخابية.
6- المادة السادسة من تعليمات الحد الاعلى للانفاق على الحملات الانتخابية رقم 5 لسنة 2023 التي اصدرتها المفوضية استنادا الى المادة 23 من قانون التعديل الثالث، قد حددت السقف الاعلى للانفاق الانتخابي للمرشح الفرد ب 250 دينارا مضروبا بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية. في حين حددت السقف الاعلى بالنسبة للقائمة الحزبية ب 250 دينارا مضروبا بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية مضروبا بعدد مرشحي القائمة. وهذه ايضا غبن وعدم عدلة بالنسبة للمرشح الفرد، وتعطي المجال واسعا للصرف على الدعاية الانتخابية من قبل القوائم الحزبية. في حين ان المفروض هو أن يكون المبلغ المخصص مضروبا في عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية وليس في عدد مرشحي القائمة. ولم تعلن المفوضية نتائج تطبيق هذه التعليمات امام الصرف الهائل للكثير من الاحزاب والمرشحين بالصرف على حملاتهم الانتخابية .
ثانيا: حيث ان المادة الرابعة من قانون التعديل الثالث لسنة 2023 التي عدلت الفقرة رابعا من المادة الرابعة من القانون رقم 12 لسنة 2018، قد اشترطت ان يكون الناخب مسجلا في سجل الناخبين ويمتلك بطاقة انتخابية بايومترية طويلة الامد، فأن نسبة المشاركة في الانتخابات 41%، احتسبت عن طريق تقسيم مجموع أصوات الناخبين المشاركين في الانتخابات وعددهم كان 6599668 ناخبا من مجموع عدد الناخبين الذين يمتلكون البطاقة الباايومترية وعددهم 16158668 مضروبا في مائة. لكن من بلغ الثامن عشر من عمره وحسب القانون نفسه في المحافظات الخمسة عشر ووفق هذا االطريقة نفسها، فأن نسبة المشاركة كانت 26.75% فقط. وهذا يعني أن النسبة الاكبر من الناخبين العراقيين لم يشاركو في هذه الانتخابات. وهذه النسبة تتكون من شرائح عديدة فقسم منهم لا يهتمون بالعملية السياسية والانتخابية وقسم اخر من الرافضين للعملية السياسية والانتخابية، وقسم اخر هم من المقاطعين لهذه العملية الانتخابية وخاصة من مؤيدي التيار الصدري، علما أن التيار الصدري كان قد شارك في أنتخابات 2021 ولكن مع ذلك نسبة المشاركة كانت متدنية. لذلك على الجهات ذات العلاقة من الاحزاب السياسية ومراكز البحوث والجامعات والمعاهد والمنظمات ذات الشأن الانتخابي، العمل على تحليل ومعرفة الاسباب الحقيقة التي تدفع بالنسبة الاكبر من الناخبين العراقيين بعدم المشاركة في الانتخابات.
ثالثا: بعد احتساب مجموع الاصوات الصحيحة التي وزعت على الاحزاب السياسية والمرشحين الافراد من اللذين حصلوا او لم يحصلوا على اية مقاعد تبين ان عددها هو 6222035 صوتا، وبعد طرح هذا العدد من مجموع عدد اوراق الناخبين اللذين شاركوا في الانتخابات وهو 6599688 صوتا تبقى هنالك 377653 صوتا، والتي من الواضح انها اوراق باطلة وبيضاء، وتشكل نسبة 5.72% من مجموع الاصوات المدلى بها في الانتخابات. وان اسباب ذلك هي عديدة كالختم امام اكثر من قائمة، او الختم في غير المكان المخصص، كأن يكون على رقم او اسم القائمة او على يمين اسم القائمة، او التاشير للمرشح فقط دون القائمة، او الختم لاكثر من مرة او الضغط عليها، بحيث تصبح اكثر منختم فتكون باطلة، لان المعروف ان برنامج جهاز العد والفرز الالكتروني يتعامل مع الرموز والارقام، وليس من الممكن ان يعرف نية الناخب. كما ان قسما من الناخبين كانوا يؤشرون بالقلم العادي، على الرغم من ان التاشير هو بختم صغير خاص منذ انتخابات مجلس النواب 2014، وللاسف فان بعضهم عند معرفته بخطأه في التاشير خاصة في التصويت الخاص، لكان لدى رجوعهم الى مسؤول التعريف فان عدد منهم لم يكن يقبل باتلافها وصرف ورقة جديدة له حسب الاجراءات، مما حدا بالمفوضية الى اصدار توجيه لموظفي الاقتراع قبل يوم التصويت باصدار ورقة اقتراع جديدة لهذه الحالات، واعتبار الورقة المرجعة تالفة بعد تثقيبها حسب الاجرائات. كما يعتقد ان نسبة كبيرة ضمن الاوراق الباطلة قد تم ابطالها بشكل متعمد من قبل الناخبين وخاصة في التصويت الخاص، على الرغم من عدم اعلان المفوضية لعدد الاوراق الباطلة على نطاق كل محافظة، وللتصويت الخاص والعام كل على حدة. لكن مع ذلك يعتقد ان هنالك نسبة من الاوراق الباطلة بالاضافة الى جميع الاسباب السابقة، فقد تم ابطالها من قبل جهاز العد والفرز الالكتروني، على الرغم من صحة تصويت الناخب، لكن لا يعرف نسبة ذلك، والتي نعتقد انها نسبة ضئيلة.
رابعا: ان مجموع الاصوات للقوائم والمرشحين الافراد الذين لم يحصلوا على اي مقعد هو 496242 صوتا في المحافظات الخمسة عشر، ويشكلون نسبة 7.5% من الاصوات المدلى بها في الانتخابات، وتشكل نسبة 7.97% من الاصوات الصحيحة. وان مجموع الاصوات الباطلة 377653 مع اصوات القوائم والمرشحين الخاسرين 496242، هو 873 895 ويشكلون نسبة 13.24% من مجموع الاصوات المدلى بها فيها الانتخابات. واذا طرحنا هذا الرقم من مجموع الاصوات المدلى بها في الانتخابات ( 6599688- 873869= 5725693). وهي الاصوات التي تحولت الى مقاعد في مجالس المحافظات الخمسة عشر، فانهم يشكلون نسبة 35.43% من مجموع الناخبين حاملي البطاقة البايومترية، وان نسبتهم من مجموع الناخبين الذين بلغوا سن الثامنة عشر وليست لديهم بطاقة بايومترية لاي سبب كان، هو 23.21% فقط. اي ان جميع اللذين فازوا في الانتخابات في مجالس المحافظات الخمسة عشر يمثلون هذه النسبة فقط من مجموع الناخبين، اي ان نسبة الناخبين الذين لا يعتبرون مجالس المحافظات المنتخبة لا تمثلهم او لاتعبر عن ارائهم وتطلعاتهم بشكل او اخر هو 76.79%، واليكم الامر يا اولى الالباب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ


.. الأمم المتحدة.. تدخل الشرطة في الجامعات الأميركية غير مناسب|




.. تهديد جاد.. مخاوف إسرائيلية من إصدار المحكمة الجنائية الدولي


.. سورية تكرس عملها لحماية النازحين واللاجئين من اعتداءات محتمل




.. قد تصدر مذكرات اعتقال لنتانياهو.. ما هي الجنائية الدولية؟