الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل باتت سياسات التخادم المتبادل الإيراني الأمريكي أكثر وضوحا في أحداث الخليج الأخيرة؟

نزار فجر بعريني

2024 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


التساؤل المُغيّب: (١)
هل باتت سياسات التخادم المتبادل الإيراني الأمريكي، لتعزيز شبكات السيطرة الإقليمية التشاركية على قلب منطقة مثلث الطاقة الإستراتيجي العالمي، أكثر وضوحا في أحداث الخليج الأخيرة ؟
لنتابع تسلسل آخر الأحداث ونتائجها العملية :
هجمات "حوثية" تستهدف مضائق وممرات التجارة العالمية الأكثر حيوية، تحت يافطة دعم الفلسطينيين في مواجهة الحرب الإجرامية الإسرائيلية على غزة، تترافق مع إطلاق طهران سلسلة من العمليات الهجومية، تستهدف موجتها الأولى بشكل غير مباشر مواقع سيطرة ونفوذ أمريكية " تشاركية "في العراق وسوريا، عبر أذرع ميليشيات " السلفية الجهادية"،( التي باتت بفعل تكامل سياسات الدعم المباشر الإيراني، واللوجستي الأمريكي، تسيطر على اليمن و لبنان وسوريا والعراق، وتتحكّم بأمن الخليج)؛ وتضرب موجتها الثانية بشكل مباشر، وغير مألوف، مواقع حليفة للولايات المتّحدة في عاصمة إقليم كردستان العراق وفي العمق الباكستاني (!!) ، تأخذ طابع فتح جبهة حرب إيرانية واسعة للسيطرة على مضائق وممرات التجارة العالمية،الأكثر أهمية في مصالح الولايات المتّحدة الحيوية؛ تستوجب توجيه الولايات المتّحدة، وكركوزها البريطاني، ضربات متتالية على مواقع سيطرة حوثية،("دفاعا عن النفس، وبما يتوافق مع الشرعية الدولية"، طالما تأتي في إطار "الدفاع عن الأرواح وحماية حرية تدفق التجارة في واحد من أهم الممرات المائية العالمية في مواجهة التهديدات المستمرة"، كما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ، صامويل ويربرغ )، يعتبرها الحوثيّ مبررا لجعل" كلّ مواقع ومصالح واشنطن أهدافا مشروعة"، و تثير تساؤلات خطيرة "بشأن مدى استمرارها خلال الفترة المقبلة، والمخاوف المرتبطة بتداعياتها على اتساع رقعة التصعيد في المنطقة، بما في ذلك تأثيرها على حركة الملاحة بالبحر الأحمر وقناة السويس.(٢)
إذ تبرّر الهجمات الإيرانية الغير مباشر عبر الحوثي هجوما أمريكيا بريطانيا على مواقع الحوثيين،( يضخّم حجمه الإعلام ، و يضعه في سياق حملة أمريكية "مشروعة " للرد الحاسم على التهديد الإيراني لسلامة الملاحة في الخليج والسويس ، ومن أجل حماية "شركاء" السيطرة الإقليمية الأمريكية على الضفة "العربية")، يواكبه تعزيز إضافي لتحشيد أمريكي اعقب طوفان الأقصى الحمساوي ، يضع الصين وروسيا واليابان وأوروبا الغربية، بشكل غير مسبوق في التاريخ ، تحت رحمة إرادة واشنطن، وسياسات تعزيز هيمنتها على العالم،( وهو ما أدركته القيادة الصينيّة، وعبّرت عن غضبها من السلوك الإيراني التصعيدي). إذا أدركنا الفاعلية المحدودة التأثير للحرب الإيرانية المُعلنة على الوجود الأمريكي المهيمن على المنطقة، لفارق موازين القوى العسكرية الغير قابلة للمقارنة والتي تجعل من الاستحالة التفكير بحرب حقيقية إيرانية أو غيرها على شبكة السيطرة الإقليمية الأمريكية، ندرك النتائج الفعلية لهذه المنازلة الكبرى التي يبالغ الإعلام في توصيف تأثيرها ومآلاتها ، عندما يضع أحداث المسرحية الأيرو أمريكية في إطار الصراع حول " مَن يفرض أجندة الشرق الأوسط؟ الغرب وتحديدا أميركا أم إيران "؟"
ثمّة جانب آخر، من الضروري الإشارة إليه ، يؤكّد إلى أية درجة وصل تشابك المصالح والسياسات:
يبدو جليا أنّ فتح إيران لجبهة حرب إقليمية بعيدة عن الصراع على غزة، ولا تستهدف مواجهة الجيش الإسرائيلي في حربه المدمّرة داخل غزة ، لاتشكّل عمليا سوى تشتيت انتباه الرأي العام الإقليمي والدولي، وإضعاف الاهتمام ومواجهة عواقب الحرب الإسرائيلية الشاملة على الشعب الفلسطيني، يخفف الضغط المتصاعد على حكومة الحرب الإجرامية الإسرائيلية، وما تتعرّض له إدارة بايدن من ضغوط داخلية !!
غني عن البيان تجيير الولايات المتّحدة لعملية طوفان الأقصى- هجوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ الذي قادته " حماس"، أحد أذرع النظامين الإيراني والقطري- لصالح سياسات تعزيز تواجدها العسكري المباشر، بالمزيد من حاملات الطائرات والغوّاصات النووية، رغم ما تملكه حتى تاريخه في سياق إجراءات متكاملة ومتساوقة منذ ١٩٨٣؛ عندما أطلقت مشروع ضمان تواجد أمريكي عسكري دائم في قلب المنطقة، عبر تشكيل "القيادة المركزية الوسطى" التي تتخذ من " قطر" مقرا دائما، ورغم ما عززه في سياسات واشنطن من مشاريع عسكرية وسياسية بعد ٢٠٢٠ في سياق مشروع "التطبيع الإقليمي"، ومثّل أبرزه ضمّ إسرائيل إلى محفل "القيادة المركزية" إلى جانب مصر والسعودية والإمارات.....واللعبة مستمرة، ويستمر معها دور أبواق الإعلام المُضلِّل، في تحويل اللعبة إلى مبارزة حقيقية بين "الحُسينيين" و"الشيطان الأكبر"!
" ما يحصل في الواقع لا يعدو عن كونه تقاطع مصالح أمريكية إيرانية،يعزز شباك النهب والسيطرة التشاركية، على حساب أمن ومصالح دول المنطقة وحلفاء وشركاء الولايات المتّحدة حول العالم؛ وهي حقائق تتجاهلها وسائل الإعلام، ويجهلها الوعي السياسي النخبوي المعارض. (٣).
----------------------------------------------
(١)-
في مقاله حول "المواجهة الأميركية لسيطرة إيران على "غلاف" الشرق  الأوسط  "، في النهار اللبنانية ، يؤكّد الإعلامي "جهاد الزين" أنّ " الشرق الأوسط يلتهب على محاور عديدة من باب المندب إلى أربيل" وأنّه لاخيار أمام الولايات ، بخلاف رأي بعض الاستراتيجيين الأميركيين "  سوى المزيد من الإنغماس العسكري الأمريكي- بعدما فتحت إيران كل جبهات الشرق الأوسط العسكرية من باب المندب إلى العراق مرورا بلبنان وسوريا  ناهيك عن المركز الغزّاوي المفتوح بعد 7 أكتوبر"- من أجل "بدء مواجهة سطوة إيران على المناخ السياسي لمنطقة الشرق الأوسط" ..،


(٢)-
لفت وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، الأربعاء ، في جلسات حوارية على هامش منتدى " دافوس"، إلى "وجود فرصة كبيرة لامتداد الحرب في أنحاء الشرق الأوسط، مؤكدا أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران كان خطأ" و " أن دولا عربية عدة أصبحت مستعدة لدمج إسرائيل في المنطقة وإقامة علاقات معها" .
(٣)-من نافل القول عدم وصول "الصراع" الايرو أمريكي إلى حالة حرب مباشرة، محدودة أو شاملة، كما هي عليه الحال منذ احتجاز رهائن السفارة الأمريكية في طهران بعد أشهر قليلة من سيطرة ميليشيات الثورة المضادة الخمينية على السلطة، في مطلع شباط ١٩٧٩. هي حالة تصعيد إعلامي ، وحروب دنكشوتية ،تأتي في إطار سياسات تطبيع شامل للعلاقات ، ولا تؤدّي عمليا سوى إلى تعزيز شباك السيطرة التشاركية الإقليمية، على حساب "شركاء" الولايات المتّحدة التاريخيين، الباكستان والسعودية وتركيا وإسرائيل، وبما يكشف طبيعة الدور الذي تمارسه ميليشيات " السلفية الجهادية المعاصرة " في خدمة أهداف وخطط وسياسات الولايات المتّحدة والنظام الإيراني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوكرانيا: حسابات روسيا في خاركيف؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بوتين يُبعد شويغو من وزارة الدفاع.. تأكيد للفتور بين الحليفي




.. كيف باتت رفح عقدة في العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية؟


.. النازحون من رفح يشكون من انعدام المواصلات أو الارتفاع الكبير




.. معلومات استخباراتية أميركية وإسرائيلية ترجح أن يحيى السنوار