الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتساع ظاهرة التحرش الجنسي بمصر

سامية ناصر خطيب

2006 / 11 / 25
العلاقات الجنسية والاسرية


استوقفني خبر نشره موقع "ميدل ايست اونلاين" حول اتساع ظاهرة التحرش الجنسي في مصر. ولانه لم يكن تحرشا عاديا، تناوله العديد من الصحف ومواقع الانترنت. يفيد الخبر بان مئات الشباب المنفلتين نزلوا الى شارع سليمان باشا وسط القاهرة في اليوم الاول والثاني من ايام عيد الفطر الاخير، وراحوا يصفّرون ويركضون باتجاه فتيات، واعتدوا عليهن بتحسس اعضائهن وخلع ملابسهن. كل هذا في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع المارّة.

بعض من رأى الاحداث اطلق عليها اسم "احداث الثلاثاء الاسود" او "السعار الجنسي في وسط البلد". وجاء في بيان "مركز الجنوب لحقوق الانسان": "ان ما حدث في وسط البلد يعتبر دليلا على مشكلات ضخمة يعاني منها المجتمع المصري بسبب الفقر والبطالة وتأخر سن الزواج وزيادة ثقافة العنف".

التحرش والانفلات هو انعكاس لواقع ينفي انسانية المواطن المصري، والدلائل على ذلك كثيرة. تفيد الاحصائيات ان عدد العوانس من رجال ونساء في مصر بلغ تسعة ملايين نسمة (على اقل تقدير). شباب ونساء تجاوزوا سن الثلاثين او الاربعين، دون ان يستطيعوا تحقيق آدميتهم، الحيوانات تعيش افضل منهم اذ تستطيع ممارسة حياة طبيعية.

38 مليون مواطن مصري (48% من الشعب) يعيشون تحت خط الفقر. وخط الفقر في مصر يبلغ 1200 جنيه سنويا، اي الف شيكل سنويا! حتى من يعمل، لا يستطيع ان يضمن قوت يومه الاساسي، الفول والطعمية، فما بالك بمن كانت البطالة نصيبه.

تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الاحصاء فى مصر الى وجود ثمانية ملايين عاطل عن العمل، 99% منهم شباب تتراوح أعمارهم بين 15-40 عاما. ويشكل المتعلمون نحو 93% من المتعطلين فى مصر، وهذا يعني ان البطالة فى مصر هي بطالة شباب ومتعلمين بالأساس.

البطالة ترمي بالشباب في احضان الادمان والتطرف والضياع. 20% من المصريين عموما اي واحد من كل خمسة مدمن على المخدرات. النسبة بين الشباب الذكور اعلى، وتبلغ اثنان او حتى ثلاثة من خمسة. يبدأ سن تعاطي المخدرات من سن تسع سنوات، ويعتبر الشباب اكبر مستهلك للمواد المخدِّرة. وبما ان الادمان احد سبل الاجرام، ومع هذا الكم من المدمنين في مصر، يمكننا ادراك ما حدث في يوم "الثلاثاء الاسود". هؤلاء الشباب كانوا تحت تأثير المخدرات ولم يكونوا واعين لما اقترفت ايديهم.

لقد غاب هؤلاء الشباب عن الوعي حتى لا يستيقظوا على واقع الفقر، البؤس البطالة الذي يمنع الزواج والحياة الطبيعية، القمع الذي تمارسه اجهزة الامن يوميا بحقهم لانه متهم حتى تثبت براءته، "حكمة مصرية شائعة". ولذا يبقى السؤال، هل في بلد فقد الانسان فيه آدميته وفقد احترامه لنفسه يمكن ان يدرك ما معنى احترام الآخر؟ هل في "امبراطورية المخدرات" كما سماها احدهم، مكان للعلاقات الانسانية والتقدم البشري وبناء اسرة؟

أعجبني من كل التعليقات ما كتبته الاديبة والناشطة النسائية، سحر الموجي، في مقال نشرته في صحيفة "المصري اليوم"، سألت فيه المسؤولين في الحكومة: "هل منحتم هؤلاء الشباب وطنا حقيقيا، فيه التعليم والرعاية الصحية ولقمة عيش كريمة ومشروع بيت وامرأة وطفل، ام ان انتهاكاتكم لحقوقهم الانسانية هي السبب في اطلاق شياطين هذه العدوانية الخارجة عن كل الاطر الاخلاقية؟".

ما حدث ان الضحية خرجت للشارع لا لتنتفض ضد النظام المجرم، الذي سامها صنوف العذاب، بل لتبحث عن ضحية تفرغ فيها حقدها وقهرها المزمن. فقط عندما غابوا عن الوعي، كسروا الخوف من النظام فلعنوه، ولعنوا فساده المستشري في كل الوزارات واجهزة الدولة، والاهمال والاستهتار المتمثل بحوادث القطارات اللامتناهية، سقوط العمارات على اصحابها بسبب الغش والسرقة، ظواهر تسول الاطفال، الملايين الذين اتخذوا المقابر بيوتا لهم، وفوق كل ذلك اجهزة الامن التي يُقال انها تبلغ 15 جهازا يتجسس على من تسول له نفسه ان يشكو او ينتفض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمرها 75 ألف عام


.. المشاركة أمال دنون




.. المشاركة رشا نصر


.. -سياسة الترهيب لن تثنينا عن الاستمرار باحتجاجاتنا المطالبة ب




.. لبنى الباسط إحدى المحتجات