الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترجمة رواية زرقة الظهيرة:جورج باتاي

بلال سمير الصدّر

2024 / 1 / 20
الادب والفن


مقدمة المترجم:
الحكاية هي حكاية زرقة الظهيرة...باتاي...لماذا باتاي...باتاي ولمسة الموت
ينطلق باتاي في مصطلحاته فوق فرويد،وهو القادم في تلك المرحلة التي تلت فرويد،أفكاره ملتبسة بالجنس والشذوذ والتحرر الجنسي...اراد أن يحفر داخل النفس البشرية ليستنبط المعنى الخفي للأيروسية.
الأمام الأول لباتاي-كما هو معروف-هو نيتشة وليس فرويد،وإن كان فرويد ألهم البشرية فكرة اللاوعي:
التصرف وما يختفي خلفه
الفعل وما يختفي من خلفه
الفكرة وما يختفي من خلفها
بحيث بات الانسان نفسه عرضة لتحليل نفسه على خلفية أفكاهر وتصرفاته وأفعاله،ولكن هذا الانسان بقي اسيرا للنموذج الفرويدي الصالح لتفسير أي شيء وكل شيء:
(الأوديبة-عقدة الاخصاء) على سبيل المثال لا الحصر
فرويد قدم الحقيقة الملموسة للتصرف،وباختصار شديد هذا ليس بالشيء المستحيل،ولكن المستحيل هو ان تلمس الموت في هذه الحياة...قدم باتاي اللمسة التي لايمكن ان تنسى
الرعشة:المعادل الحقيقي للموت
هل استطاع فرويد لمس الموت...هل استطاع ان يقدم بناءا بيولوجيا لأفكاره في مقابل تحليلاته النفسية..؟
نحن لا ننكر ان فرويد وأصالة أفكاره يتفوق شهرة على باتاي بأشواط وليس بخطوات...
الذي أردنا قوله أن باتاي قدم الفكرة الاصلية الملتبسة بالجنس والتورتر والقلق والجنون والشذوذ والاباحية المطلقة،والوصف العميق للمشهد الايروسي من زوايا معينة...من زوايا مظلمة معينة
وإذا كان نيتشة-كما يرى ميلان كونديرا-حير الفلسفة بفكرة العود الأبدي،فباتاي حير الفلسفة وعلم النفس بفكرة:الرعشة مقابل الموت
وكأن باتاي يريد الوصول الى القاع المظلم للحكاية الايروسية عند الانسان،وأدوات الوصول والتحليل بالنسبة اليه،هي التصرفات التي لاتدخل فقط داخل مفهوم الجنس وأدواته،بالاضافة الى الشذوذ في الفعل الجنسي الطبيعي،الذي لايكتفي فقط بقضاء الشهوة،بل هو يلمع هذا التصرف بتصرفات خارجة عن نطاق قضاء الشهوة،واحيانا قذرة حتى لو كانت الممارسة طبيعية...
هذه التصرفات انتقلت بالانسان من حيز الطبيعية الى حيز التعظيم،والى حيز الفهم،أو دعونا نقول حيز الرغبة المظلم غير المفهوم للقاع المظلم للرغبة الجنسية،وشخصيات جورج باتاي ليست سوى حركة(مدركة) أن هناك حكايات اخرى مختلفة...حكاية اخرى مختفية من خلف فينوس وافروديت وديونيس واوديب،وما هذه الحركة المجنونة للشخصيات ليست سوى تأكيد لمقولة:نحن ندرك ولكننا عاجزين
ما هو الشيء القابع خلف ما هو مفهوم...
الألم،الرغبة،الحركة،الجنون،التبول ف العراء،العراء والعراء المتبادل،التشاؤم،الانتحار،الموت والرغبة في الموت...شخصيات تتحرك في فضاء غريب لايفصله عن الموت سوى شعرة دقيقة للغاية:
وفي زرقة الظهيرة:النيكروفيليا أو الرغبة في جماع الجثث
لماذا زرقة الظهيرة:
زرقة الظهيرة هي رواية كتبها باتي عام 1935 ولم تنشر سوى عام 1957،ولا تتوفر هذه الرواية بأي ترجمة عربية،والشكل الظاهري لها هي الحرب الأهلية الاسبانية والماركسية،بينما المركز هو النيكروقيليا،ولكن احيانا كان يبدو لي أن(هنري تروبمان) شخصية باتاي المريضة بالنيكروفيليا تمتلك كل المعطيات المشتركة مع باقي الشخصيات بحيث،احيانا،من الممكن القول أن كل شخصيات زرقة الظهيرة نيكروفيلية ألى حد ما ومريضة الى حد تام.
رواية زرقة الظهيرة هي رواية عن الذات المتألمة من المحيط ومن الداخل،وباتاي يحاول أن يحفر في هذا الداخل بشتى الطرق،لأن موضوعه ليس هو الادراك بل التحايل والفهم.
اللغة:
يستخدم باتاي لغة في غاية الذاتية قائمة على الكلمة الظرفية((adj،التي تحاول ان تعطي تصوير مكثفا للحالة الداخلية ومفتاحها الخارجي المحسوس ويعكس هذه التصورات على بعض الشخصيات التي تبدو بشكل تام مشوهة المظهر،وبعضها يبدو مشوها ايضا ولكن من زوايا نعينة بحاجة الى لفت النظر لادراكها بحيث بدا (العالم كتلة من التشوه)...
كما قلنا،فالرواية ذاتية،ولا اريد المبالغة بالقول أن الرواية هي الأكثر ذاتية من بين الروايات التي قراتها في حياتي متفوقة في الذاتية على روايات كافكا ودوستيوفسكي،ولكن هذا الحكم قد يكون من قبيل المبالغة ةكما قلنا...
يستخدم باتاي لغة لا تعتمد على ربط الجمل ببعضها البعض،بل تبدو الرواية في الكثير من الاحيان مبنية على جمل مسردة من خلال نقاط، فهو لايتسخدم كلمة ثم او حرف العطف و للانتقال او للربط بين الجمل:
وصلت من السفر .دخلت غرفتي.خلعت ملابسي .
كما انه يستخدم لغة غاية في استخدامات المترادفات اللغوية لتفخيم وتكثيف الحالة الشخصية كم يستخدم كلمتي: منع وردع في جملة واحدة
كما ان تركيب الجمل في الكثير من الاحيان يكون غير مفهوم،كما لو ان باتاي اراد تفخيم الحالة حتى لو كانت هذه الجمل مترابطة بكلمات لاتضيف اي شيء لبعضها البعض،وهذه الحالة اللغوية لم نكتشفها من خلال فعل الترجمة فقط،بل من خلال قراءتنا السابقة لجورج باتاي المترجمة باللغة العربية-جمل على شاكلة
وحشية خارقة غير ممكنة
عيناها مثل سماء صافية موحلة
عبوس قاتم جميل لايمكن الوصول اليه
وعلى شاكلة هذه الجمل التي تحتوي المتناقضات وليست المترادفات فقط.
بالنسبة للمترادفات،فهي كثيرة جدا في الرواية،ففي جملة واحدة من الممكن أن تجد ثلاثة مترادفات لغوية لكلمة (وحشي)،وكلها تدل لفظيا على نفس الكلمة(وحشي)،دون اي اختلاف في المعنى،وهنا نقول أن مبررنا الوحيد لباتاي هو ارادته تفخيم وتكثيف الحالة الذاتية-المؤلمة بشكل أو بشكل آخر-الشخصية .
حاولنا تركيب هذه المترادفات في الجمل باقصى ما نستطيع من منطق ونعتقد ان محاولتنا باءت بالنجاح والله ولي التوفيق
18/01/2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا