الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تثق أبدا في رجل سياسي: قوة الكلام المزدوج محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2024 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لا تثق أبدا في رجل سياسي: قوة الكلام المزدوج


محمد عبد الكريم يوسف

غالبا ما يُنظر إلى السياسيين على أنهم أساتذة في اللغة المقنعة، وبارعون في التلاعب بالكلمات لخدمة أجنداتهم الخاصة. أحد الأساليب الأكثر شيوعا التي يستخدمها السياسيون هو الكلام المزدوج. يشير الكلام المزدوج إلى الاستخدام الخادع للغة، حيث يتم حجب المعنى الحقيقي للكلمات عمدا. سوف يتعمق هذا المقال في مفهوم الكلام المزدوج، ويقدم أمثلة على كيفية استخدام السياسيين لهذه التقنية للتلاعب والخداع وكسب الدعم العام.

أولا، غالبا ما ينخرط السياسيون في الأحاديث المزدوجة عند تقديم الوعود أو الالتزامات. ويستخدمون عبارات غامضة تبدو إيجابية، وتفتقر إلى المعنى الموضوعي أو الأهداف الواضحة. على سبيل المثال، يعد المرشح الذي يعد "بالتغيير" دون تحديد ما يستلزمه هذا التغيير مثالا على الكلام المزدوج. ويسمح هذا الغموض للسياسيين بجذب جمهور أوسع مع تجنب المساءلة عن نواياهم الفعلية.

ثانيا، غالبا ما يظهر الكلام المزدوج أثناء الحملات السياسية. يستخدم المرشحون شعارات جذابة قد تبدو جذابة ولكنها تفتقر إلى الجوهر. تم تصميم هذه العبارات لتأسر قلوب الجماهير، وتخلق رابطا عاطفيا بدلا من تقديم سياسات ملموسة. ومن الأمثلة الملائمة على ذلك عبارة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، التي تفتقر إلى التفاصيل ولكنها تضرب على وتر حساس لدى المواطنين المعنيين.

علاوة على ذلك، يستخدم السياسيون الكلام المزدوج لإخفاء وجهات النظر المثيرة للجدل أو التي لا تحظى بشعبية. وباستخدام لغة ملطفة، يمكنهم عرض مواقفهم بطريقة أكثر قبولا. على سبيل المثال، بدلا من الدعوة صراحة إلى زيادة الضرائب، قد يتحدث الساسة عن "تحسين الإيرادات" أو "إعادة توزيع الثروة". توضح هذه الأمثلة كيف يسمح الكلام المزدوج للسياسيين بالتعتيم على نواياهم الحقيقية، والحفاظ على صورة عامة إيجابية.

علاوة على ذلك، فإن الكلام المزدوج يمكن الساسة من صرف اللوم وتحويل المسؤولية. وعندما يواجهون انتقادات، فإنهم غالبا ما يلجأون إلى استخدام لغة معقدة لتجنب معالجة القضية بشكل مباشر. ومن خلال استخدام خطاب معقد وعبارات مراوغة، فإنهم يتهربون من المساءلة ببراعة ماهرة. ومثل هذه المناورات تمكن الساسة من الحفاظ على شعبيتهم على الرغم من تصرفاتهم المشكوك فيها.

بالإضافة إلى ذلك، غالبا ما يتسلل الكلام المزدوج إلى المناقشات السياسية والمؤتمرات الصحفية، حيث يستخدم السياسيون لغة محملة أو إحصائيات مضللة. فمن خلال انتقاء البيانات أو تقديم أنصاف الحقائق، فإنهم يتلاعبون بالرأي العام لصالحهم. وتكثر التصريحات المضللة والادعاءات المبالغ فيها في مثل هذه السيناريوهات. ومن خلال تصوير أنفسهم كمنقذين وخصومهم كأشرار، يهدف السياسيون إلى التأثير على المشاعر العامة لتعزيز أجنداتهم الخاصة.

علاوة على ذلك، غالبا ما يستخدم السياسيون الخطاب المزدوج لتبرير قرارات أو سياسات مشكوك فيها. إنهم يقدمون بمهارة مبررات مدروسة تجعل الأفعال الغامضة أخلاقيا تبدو ضرورية أو حتى فاضلة. ومن خلال إلقاء الضوء على أفعالهم في ضوء إيجابي، يحاول السياسيون إقناع الجمهور بصلاحهم. ونتيجة لهذا فإن الثقة في الساسة تتضاءل، وتتزايد الشكوك.

مظهر آخر للازدواجية يحدث من خلال تأطير القضايا بطريقة تحريف الواقع. ومن خلال استخدام لغة مختارة بعناية، يتلاعب السياسيون بالإدراك العام ويتحكمون في السرد حول المواضيع المثيرة للجدل. على سبيل المثال، يؤدي استبدال مصطلح "الاحتباس الحراري" بمصطلح "تغير المناخ" إلى تقليل الحاجة الملحة إلى معالجة هذه القضية. ومن ثم فإن ازدواجية الكلام تسهل السيطرة السياسية على الرأي العام.

علاوة على ذلك، يستطيع الساسة الماهرون في الخطاب المزدوج أن يتجنبوا بمهارة الأسئلة أثناء المقابلات أو المناقشات. وبدلاً من تقديم إجابة مباشرة، فإنهم ينخرطون في إعادة التوجيه أو تغيير الموضوع أو تحويل التركيز إلى موضوع مختلف تماما. وهم بذلك يتجنبون الكشف عن مواقفهم ونواياهم الحقيقية، ويحافظون على جو من الغموض.

الاستنتاج: لقد أصبح الكلام المزدوج جانبا راسخا في السياسة الحديثة، مما يؤثر على ثقة الجمهور والخطاب. فمن خلال الوعود الغامضة، والخطابة الجذابة، والانحراف، والتلاعب باللغة، يستغل الساسة قوة الخطاب المزدوج للحفاظ على سيطرتهم على الرأي العام. إن الاعتراف بالروايات التي يستخدمها السياسيون والتشكيك فيها أمر بالغ الأهمية لمحاسبتهم. وبدون اليقظة، فإن خداع الخطاب المزدوج سوف يستمر في خلق تآكل الثقة في النظام السياسي وإعاقة التقدم الحقيقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ