الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدى الغربة في ايران يوميات حالم

علي الحسيني

2006 / 11 / 26
سيرة ذاتية


(1)
حاول والدي (اطال الله )عمره ان يقنعني بالانصراف عن فكرة الهجرة الى ايران خوفاً منه عليّ بإعتباري الاكبر في عائلتي بين الاولاد ولانه اراد ان يقضي بقية حياته وانا بقربه لكن باءت كل محاولاته بالفشل ولم تأُتي أُكلها بسب ان فكرة السفر الى ايران التي كانت تسيطر علي اقوى من كل محاولاته.
جاء قراري بان اولي وجهي صوب ايران وانا في سن الثامنة عشر من عمري اثر التدين السلوكي والفكري الذي طرأ على حياتي في ذلك السن ونتيجة المواعظ الدينية التي كنت اسمعها ولا اسمع غيرها من قبل اصحاب والدي وكنت سريع التاثر بتلك الافكار وكان والدي شديد الفرح طروبا جدا وهو يشاهد ان ولده البكر يخطو على جادة ابيه .
عندها وبعدما عُبئت بما فيه الكفاية من ارشادات ومواعظ دينية قررت حينها وبتاثير البعض ان اكمل مسيرتي (التنويرية!!) بالتفقه والتعلم فقررت ان انظم الى صفوف اخوتي الاولياء ممن آثر الاخرة عن الدنيا وطلق الدنيا ثلاثا(!!!) في الدراسة داخل الحوزات الدينية كيما اكون مصداقا للحديث المروي(اذا مشى طالب العلم فرشت ملائكة السماء اجنحتها تحت قدميه)!وكذا قوله تعالى(انما يخشى الله من عباده العلماء)، كما كنت افهما انذلك .
أستولت علي هذه الفكرة الى حد صرت لا ارى فيه معنى لحياتي إلا بأن اكمل بقية عمري في خدمة السماء والدين ، حتى اني كنت عندما اذهب الى المدرسة كنت ابكي وأقول لماذا انا أدرس العلوم المادية(كما يسميها رجال الدين) التي لا نفع لي بها ولا ثواب وهما كانا غايتي المقدسة! وكان ذلك بفضل احد المشايخ الذي كان يلقنني بإستمرار ان الدراسة في المعاهد الدينية هي اقرب الى الله طاعة وعبودية وان ما عداها لهوٌ وضياع ومبعد عن الساحة الاحدية المقدسة لله سبحانه كما كان يقول لي !!!
وفعلا صدّقت كل ذلك الكلام ببساطة لاني لم اتلق في حياتي غير تلك المفردات الظلامية ولم اتلق سبل التعليم الصحيح والسليم لا في المدرسة ولا في البيت ولا حتى في الشارع .
بعد ان قررت الالتحاق بالدراسة الدينية ذهبت الى مدينة النجف-كان ذلك في عام 1994- واردت التسجيل فطلب مني وثيقة انهاء الخدمة العسكرية شرطا لذلك ولما اخبرتهم باني حتى هذه اللحظة لم اود الخدمة اجابوني اذا يتعذر عليك التسجيل. تألمت ورجعت الى مدينتي وانا العن نظام صدام واعوانه الذين كانوا سبب وجود مثل هذا الشرط ، اخبرت والدي بما حدث وكلمته اني اريد ان اسافر الى الجمهورية الاسلامية في ايران (دولة الامام الحجة)كما كنت اسميها ، حتى ادرس في حوزتها العلمية، استغرب والدي واحسست اني سببت له صدمة فتداركت الموقف قاصدا أيضاح قراري ، فقلت له يا ابي لست اجد خيارا اخر غير السفر الى ايران اذ اني لست راغبا ان انضم الى جيش صدام (الكافر) وانتظر حتى انهي خدمتي فيه لسببين الاول ان الانضمام محرم والثاني اني لا اتحمل ثلاث سنوات كاملة على افضل وجه وبعدها اذهب للدراسة لذا سأسافر.
ردّ علّي والدي ثمة حل – بعد ان وجدني مصرا على السفر- قلت :وما هو؟ اجابني سأدفع لك البدل النقدي وستحصل على دفتر إنهاء الخدمة وبعد ذلك سيسهل عليك الانضمام الى الحوزة في مدينة النجف.
رددت عليه لعلمي ان ذلك مستحيل إلاّ ببيع بعض ما نملكه من اثاث البيت ، فرفضت قائلا : ذلك مستحيل لاني لا اقبل ان اكون السبب في سلب راحة عائلتي وهذا مما لا يمكنني ان اوافق عليه ابدا.
دار نقاش طويل بيني وبين ابي وهو يحاول ان يقنعني بشتى الوسائل فلما عجز عن ثنيي عن عزمي ، اقتنع ان لا مجال لتراجعي واخذت تلك المحاولات من والدي قرابة السنة وانا مستمر بالبحث عن منفذ لايران.
بعد سنة كاملة وجدت منفذا على مدينة العمارة( ميسان ) عن طريق الاهوار وبمبلغ قدره 50 الف دينار عراقي . حزمت امتعتي البسيطة وخرجت يوم الجمعة المصادف(18-6-1996) مع شخص يسكن قرب منطقتي في مدينة الزبير في الساعة السادسة صباحا وبعد ان ودعت الاهل بصمت سافرنا وعند وصولنا الى قلعة صالح في العمارة استقبلتنا فيها امراة ريفية – معيدية - يناهز عمرها العقد السادس لكن خفة حركتها اوحت لنا انها لازالت في سن الشباب ، واخذتنا في السيارة بمعيتها واتجهت بنا صوب ريف (الردة) وفي منتصف الطريق انحدرت بنا السيارة الى منخفض تبين فيه قبر ومزار لأحد احفاد أئمة الشيعة ،فنزلنا هناك جميعنا وخاطبتنا سأعود اليكم عند الغروب ، وذهبت وقد اخذت الاجرة مقدما منا فبدأنا نلوم انفسنا ما الذي يضمن انها ستعود الينا مرة اخرى لكنها في النهاية عادت كما قالت وقت الغروب فإتجهنا بعد ذلك الى ريف الردة مقابل الاهوار وبعد ان وصلنا اتجهنا صوب الهور ومشينا على ضفافه الى طلوع الفجر وبعدها صعدنا قاربا وانطلق بنا قرابة ساعة ونصف ومن ثم انزلنا اهل القارب على كومة من القصب والبردي رابضة على الماء يسميها سكنة تلك المناطق بـ(الجباشة) .
وقالوا لنا : انتم الآن في الحدود الايرانية وستمر بعد قليل من هنا زوارق ايرانية وما عليكم الاّ ان تلوحوا لها لتأتي لكم وبعد ذلك انتم بإمان (والف عافية عليكم) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د