الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تتساقط أوراق الذكريات واحدة تلو الخرى

مازن الحسوني

2024 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


كان عمري اثنين وعشرين عاما يوم تركت مدينتي البصره مخافة القبض علي من قبل رجال الأمن أيام حكم البعث وكان هذا عام .1978
من هذا العمر عشت مرحلة الصبا لحد النضج أي أخر ثمانية أعوام هي أحلى سنين حياتي. كان من نصيبها الأكبر هو لعب كرة القدم في فريق شعبي بمنطقة السكن(التميمية)وأسم الفريق كان الوليد.
هذا الفريق الذي جمع العديد من الصبية والشباب في عالم خال من كل الشوائب التي يمكن أن تعكر صفوه.
جمعتنا البساطة والضحكة والمودة والرياضة وليس شيئا آخر رغم اختلاف طبيعتنا الاجتماعية وشخصياتنا التي بدأت تتبلور ملامحها شيئا بعد شيء وحتى ملامح اتجاهاتنا الفكرية والسياسية.
عشنا مع بعض بثقة واحترام ومحبة دون إفاضات أو منغصات سواء ما تتعلق بالأنانية وحب الظهورواستغلال غير مناسب .
عمري قبل هذه المرحلة تمحور حول العائلة واللعب مع بقية أفرادها سواء الأخوة أو الأقارب ولهذا أتذكر منه الشيء القليل وبه لم تزرع بداخلي الكثير من الذكريات المؤثرة مثلما حصل بالفترة التي تلت ذلك.
تركت المدينة مجبرا ولسنين طويلة تجاوزت خمسة وعشرين عاما وعودتي اليها حين في أول فرصة بعد سقوط حكم البعث نشدت أصحابي هؤلاء لتلك المرحلة من الصبا وكيف هم وما هي أحوالهم.
أصحابي هؤلاء بقدر ما كانت فرحتي كبيرة بلقاء البعض منهم والتي أعادت لي رؤيتهم تلك الأيام الجميلة في الزمن الماضي آلمني حالهم وكيف هي أوضاعهم في ظل البلد الخرب نتيجة سياسة البعث.
جلسنا مع بعض وتسامرنا وكان لطعم الذكريات مذاق حلو لم نشبع منه ورغبنا بالأستزاده من تلك الذكريات في كل مرة نلتقي.
لم نكن نشكو بعضنا ونعاتب بل نود أن تكون لقاءاتنا هي لإعادة الضحكة والبسمة وإخراج ما دفن بالقلوب من أفراح ومسرات بعد أن تراكمت عليها أحزان الوطن ولم تترك لها مجالا لتعلو سطوح أرواحنا.

*اليوم يحزنني جدا تساقط أوراق هذا الفريق وشخوصه واحدا تلو الآخر حتى بصور مفاجئة وغير متوقعة.
قبل يومين فجعني خبر وفاة أحد هؤلاء الأصدقاء (الأستاذ ميلاد صبري) وقبله كان رئيس الفريق (ستار سالم) وقبله الأستاذ والحكم المعروف (رشيد حميد) وسبقهم عادل منصور وكاظم جواد وحميد كاظم ووو..
أخشى كثيرا أن أجد نفسي فيما بعد دون أحد أذهب إليه ليعيد إلى روحي طعم تلك الأيام الجميلة وكيف مذاقها كان جميلأ وأجد الابتسامة عنوانا للحديث المشترك ولا شيء سواها
هذه الخشية مردها هو الخوف من الغربة الجديدة بالوطن لضياع من لك صلة معهم وتجدهم
. عنوانا مهما للتواصل مع الوطن مضاف إلى الأهل
يكفيني الغربة الطويلة التي أعيشها منذ سنين ولم أصدق روحي يوم أصبح بالإمكان العودة للديار من جديد واجد المبررات الجميلة والمشجعة لهذه العودة.
أشعر بفقدان هؤلاء الأحبة كاني غريق ببحر ورميت ألي شبكة لإنقاذي وبدأت أتشبث بها ولكن خيوطها بدأت تتقطع شيئا بعد شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في