الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحش الديمقراطي وولائم الدم.

شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)

2024 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



تنتشر الآن فيديوهات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي عن الحيوانات المفترسة ووحوش الغاب لكن من زاويةٍ أخرى تماماً. تعرض لنا هذه الأفلام حياة الحيوانات المفترسة من حيث علاقتها بأطفالها وصغارها وأقرانها من العائلة الواحدة. الأفلام تسلط الضوء على علاقات الحب والحنان بين اللبوة وصغارها فتداعبهم وتلعب معهم وتبدو الفرحة على وجهها والبهجة على وجوه صغارها. وعندما يحضر الأسد يركض اليه الصغار فينبطح أمامهم على الأرض ليصعد الأشبال على ظهره ويلاعبهم ثم تلتحق بهم اللبوة الأم لتلعب معهم وقد تغازل أباهم الأسد ونرى حفلة عائلية مليئةً بالسرور والغبطة. كذلك الحال مع افلام النمور والكلاب الوحشية. والشيء نفسه مع النسور التي تغطي صفارها بأجنحتها للدفء وتصطاد الفرائس كي تأكل هي وتطعم صغارها. الأسود هذه والنمور والكلاب والنسور وفي اثناء فرحتها بمداعبة صغارها نراها تقفز بسرعة فائقة ويستيقظ فيها الوحش الكامن في أعماقها حينما يمر صيد ثمين من قربها فيظهر بوضوح صارخ جانبها الحيواني لتفترس الضحية وتمزقها إرباً إربا تماماً كما يفعل القصاب مع لحم الخروف بعد ذبحه وقطع راسه وسلخ جلده. تلتحق صغار الأسود والنمور والكلاب بكبارها لينهشوا جسد الفريسة فنرى بعد لحظات وجوهها ملطخة بالدم ، دم الضحية المفترَسة. من يحاول تفسير هذا الاختلاف الهائل بين المشاعر الرقيقة واللطيفة والدافئة لهذه الحيوانات مع صغارها وبين قدرتها على الافتراس وقتل الغزال مثلاً او البقر او الثور أو أية ضحية أخرى لا يتوصل الّا الى نتيجة واحدة وهي ان الحيوانات الوحشية عندها وفي أعماق طبيعتها غريزة القتل والافتراس وتمزيق الجسد وأكله وتقديمه الى أطفالها كي يأكلوا ويشبعوا ويكونوا أقوياء ويعيشوا برخاء وسعادة. أسأل نفسي والقاريء الكريم:- ما سر هذا التشابه بين سلوكية هذه الحيوانات الوحشية المفترسة وسلوك الصهيونية وأغلب دول الغرب وفي مقدمتهم أمريكا. فهم عندهم ما يعدونها ديمقراطية وحقوق انسان. هناك انتخابات وحرية تامة للتعبير عن الرأي وعندهم الجمال والاستثمار في الطبيعة وعندهم الرخاء الاقتصادي والمستوى المعاشي العالي والانفتاح الاجتماعي والحب الجسدي غير المحدود والمباحات بأنواعها. عندهم الفن والعلم والاقتصاد وكل ما يشبه حنان الأسود والنمور على أطفالها. لكنهم هم الذين قذفوا القنبلة الذرية على هيروشيما وناكازاكي وهم الذين خلقوا دولة إسرائيل في قلب الوطن العربي وهم الذين احتلوا بلدان العالم الثالث ونهبوا خيراته وذبحوا مناضليه وأسسوا متاحف تعرض فيها جماجم المعارضين لوجودهم في الأوطان المحتلة ( في باريس إلى يومنا هذا هناك متحف لجماجم مناضلي الجزائر) . هم الذين أقاموا حربين عالميتين راح ضحيتها عشرات الملايين من البشر وآلاف المدن. واليوم هم الذين يذبحون اطفال غزّة ويسحقون رؤوسهم بجنازير الدبابات والمدرعات. هم اليوم يبيدون البشر والحجر والشجر. وأعود لسؤالي المذكور أعلاه:- ما سر هذا التناقض بين ما يجري داخل بلدانهم وما يفعلونه مع الشعوب الأخرى ؟ أسأل هكذا وانا على يقين انهم مستعدون ان يمزقوا مواطنيهم في داخل بلدانهم إذا ما بدرت منهم نشاطات معادية او معارضة لسياساتهم وتهدد إلى حدٍ ما مصالحهم. الجواب هو ذاته الذي ذكرناه في مثال الحيوانات المفترسة. انها طبيعة نظامهم الجشع والدموي والمفترس. انهم يتطابقون تماماً مع وحوش الغاب. يرتدون الزي الجميل والبدلات الانيقة وأربطة العنق الراقية ويمارسون كل الحب ويعيشون السعادة بتمامها لكن غريزتهم الوحشية وميلهم نحو الافتراس كامن في طبيعة نظامهم الرأسمالي الجشع والبشع فيستعمرون بلدان غيرهم ويمتصون خيراتها ويقتّلون رجالها ويستحيون نساءها .
انه نظام الرأسمالية المتوحشة "الديمقراطية جدا" الدموي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفارق أن الحيوانات تفترتس الفصائل الأخرى
عبدالله عطية شناوة ( 2024 / 1 / 22 - 23:39 )
الفارق أن الحيوانات تفترتس الفصائل الأخرى، فالأسود لا تفترس أسودا والنمور لا تفترس نمورا، فقط الأنسان من لديه استعداد لقتل نظيره الأنسان واستغلاله واستعباده والتلذذ بتعذيبه. ويسوق لذلك مختلف الذرائع والتبريرات. ويمكن أعتبار أفتقار الحيوانات إلى قدرة الأنسان على التفكير المعقد، عامل أيجابي أبعدها عن إمكانية أيجاد وأختلاق التبريرات لإيذاء أبناء جنسها، وقصر توحش كل منها على الفصائل الحيوانية الأخرى.


2 - مصدر التوحش الانساني مصلحة او فكر عقلي
د. لبيب سلطان ( 2024 / 1 / 24 - 12:51 )
الاستاذ شاكر كتاب المحترم
قراءة مقالتكم لاترجع التوحش والاجرام الذي شهدته المجتمعات الانسانية لغير الرأسمالية وكأنه اكتشافها واستاذ عامر محقا في تعليقه انها موجودة منذ فجر التاريخ وبكل الامبراطوريات..فهو صراع مصالح، وهو موجود حتى داخل المجتمع الواحد ويمكن تسميته توحش المصالح ...وحله بين الامم توصلت اليه الحضارة الحالية بشكل شبه مقبول ..جعل المصالح مشتركة ومقنونة ( مثل الامم المتحدة) ومنه انهاء واحدا من اهم اسباب النزاعات التي ادت لحروب متوحشة ..ولكن هناك توحش اخر مصدره العقل..فليست المصالح وحدها تؤدي للتوحش ..بل العقل ومنطلقاته وتؤيلاته المؤدلجة ..و تسميته التوحش الايديولوجي ..والا كيف تفسر ان في انظمة غير رأسمالية تم ابادة ملايين من البشر ..مثلما زمن ستالين وزمن ماو وصدام ..ربما ضحاياها اكثر مئة مرة من ناكازاكي وهيروشيما وكلاهما زمن حرب وليس سلم ..وهم من مواطينها ..ولم نسمع بمجتمع رأسمالي قام بابادة ابنائه كما قاموا به .. مقالتك يااستاذنا كعادة ماركسيينا جعل الغرب وحضارته بصورة البعبع المتخلف انسانيا..وهو ماتريده السلفيات الدينية ..ابقاء مجتمعاتنا بعيدا عن الحضارة ..فهي متوحشة


3 - وحوش على الرغم من أربطة أعناقهم الراقية
حميد فكري ( 2024 / 1 / 24 - 18:28 )
السيد شاكر كتاب

من يحاول تفسير وحشية الإنسان ،بالطبيعته الأصلية للإنسان ، إنما غرضه أن يبرر جرائم النظام الرأسمالي الإمبريالي المهيمن عالميا .
تفسيره غيبي ديني ،حتى وإن استعمل أجمل العبارات الرنانة.
والملاحظ أن وحشية إسرائيل المدعومة حاليا ،بالإمبريالية هي بربرية بدوية لا يبررها سوى البدو كما هو الحال عند عرباننا الأعراب ، وإن تغنوا بأجمل القيم، أو إرتدوا الزي الجميل والبدلات الأنيقة وأربطة العنق الراقية ومارسوا كل الحب وعاشوا السعادة بتمامها ، كما كتبتم في مقالك.
فلا شيء من هذه ،تميزهم عن الحياوانات . بل ربما تكون الحيوانات غير مذنبة ،لأنها ببساطة حيوانات .أما هؤلاء فمظهرهم شيء وجوهرهم شيء آخر.